يتناثر لحم سوريا إرباً. ينهش منه «الخارج» كثيراً.... يتوافد أشتات «المجاهدين» و«الناذرات أنفسهن للترفيه عنهم» من أنحاء بعيدة، فيهم المتحدرون والمتحدرات من أصول عربية، وفيهم من استقدمهم مال النفط من ديار الإسلام البعيدة للقتال ضد «الكفار».

تعمل الخناجر والسكاكين «العربية» في تمزيق «قلب العروبة النابض».

لا مجال لأن تصير «المشيخات» دولاً ذات وزن وذات دور إلا إذا هيمنت على الدول ذات الشرعية في الوجود، وفي القيادة، وقطر تفترض أنها تغني عن الجامعة ودولها، بل عن الأمة جميعاً.

... وفي بيروت، يتسلى أهل السياسة بالمناكفات حول حكومة لن تحكم، وحول قوانين لانتخابات لن تجري في موعدها، وحول أزمة اقتصادية تتفاقم خطورة يوماً بعد يوم.

يتدفق اللاجئون السوريون يومياً، ويتوزعون على العاصمة وضواحيها وأنحاء لبنان التي عرفوا أهلها في الماضي، هنا كما في بيوتهم في حمص وحماه، في دمشق وريفها، في اللاذقية ووادي النصارى، في جبل الدروز وحوران وسائر أنحاء «بلاد الخير»، وقد فتحوها لاستضافة من ألجأتهم إليها الحرب الإسرائيلية، فحق لهم أن يكونوا شركاء في نصرها.

يصير اللاجئون استثماراً سياسياً مجزياً، ويصيرون مصدراً للثراء العاجل، فالإغاثة قد تدرّ أكثر مما يدرّ السلاح المهرّب وتأمين المأوى «للمجاهدين» الأغراب في «دار النصرة».

لا تهتم الطبقة السياسية بالنار السورية التي تطاول ألسنتها شمال لبنان وشرقه إلا بوصفها مصدراً للزعامة والوجاهة وجسراً إلى «المشيخات» التي تنذر الذهب لتوسيع دائرة الحرب الأهلية بحيث تشمل دول المشرق جميعاً، في حين تغرق مصر ـ ثورة الميدان في خيبة «الإخوان» وعجزهم عن حفظ أعرق دولة في التاريخ عبر الاعتراف بالقوى الحية والمشاركة معها في جبهة لحماية الثورة والدولة والغد العربي.

لا تهتم الطبقة السياسية إلا بمصالحها ولو عن طريق تقسيم اللبنانيين بحسب طوائفهم وليس أديانهم، وتثبيت هذا التقسيم بالقانون و... الديموقراطية!

لا تنتبه هذه الطبقة المتوحشة إلى أنها تسرّع في امتداد النار السورية إلى هذا الوطن الصغير الذي يعيش بوحدة أبنائه أو يتشقق دولاً شتى.. محتربة إلى يوم الدين.

الزعامة أهم من الوطن. والطائفة أهم من الشعب. أما الدولة فلا أحد يحتاجها، حتى أولئك الذين لولاها لما كان أحد يتذكر أسماءهم.

أبطال الحرب الأهلية يتقدمون الصفوف وصيحاتهم تملأ الأفق.

حمى الله لبنان.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-03
  • 9386
  • من الأرشيف

النار السورية كاستثمار لبناني

يتناثر لحم سوريا إرباً. ينهش منه «الخارج» كثيراً.... يتوافد أشتات «المجاهدين» و«الناذرات أنفسهن للترفيه عنهم» من أنحاء بعيدة، فيهم المتحدرون والمتحدرات من أصول عربية، وفيهم من استقدمهم مال النفط من ديار الإسلام البعيدة للقتال ضد «الكفار». تعمل الخناجر والسكاكين «العربية» في تمزيق «قلب العروبة النابض». لا مجال لأن تصير «المشيخات» دولاً ذات وزن وذات دور إلا إذا هيمنت على الدول ذات الشرعية في الوجود، وفي القيادة، وقطر تفترض أنها تغني عن الجامعة ودولها، بل عن الأمة جميعاً. ... وفي بيروت، يتسلى أهل السياسة بالمناكفات حول حكومة لن تحكم، وحول قوانين لانتخابات لن تجري في موعدها، وحول أزمة اقتصادية تتفاقم خطورة يوماً بعد يوم. يتدفق اللاجئون السوريون يومياً، ويتوزعون على العاصمة وضواحيها وأنحاء لبنان التي عرفوا أهلها في الماضي، هنا كما في بيوتهم في حمص وحماه، في دمشق وريفها، في اللاذقية ووادي النصارى، في جبل الدروز وحوران وسائر أنحاء «بلاد الخير»، وقد فتحوها لاستضافة من ألجأتهم إليها الحرب الإسرائيلية، فحق لهم أن يكونوا شركاء في نصرها. يصير اللاجئون استثماراً سياسياً مجزياً، ويصيرون مصدراً للثراء العاجل، فالإغاثة قد تدرّ أكثر مما يدرّ السلاح المهرّب وتأمين المأوى «للمجاهدين» الأغراب في «دار النصرة». لا تهتم الطبقة السياسية بالنار السورية التي تطاول ألسنتها شمال لبنان وشرقه إلا بوصفها مصدراً للزعامة والوجاهة وجسراً إلى «المشيخات» التي تنذر الذهب لتوسيع دائرة الحرب الأهلية بحيث تشمل دول المشرق جميعاً، في حين تغرق مصر ـ ثورة الميدان في خيبة «الإخوان» وعجزهم عن حفظ أعرق دولة في التاريخ عبر الاعتراف بالقوى الحية والمشاركة معها في جبهة لحماية الثورة والدولة والغد العربي. لا تهتم الطبقة السياسية إلا بمصالحها ولو عن طريق تقسيم اللبنانيين بحسب طوائفهم وليس أديانهم، وتثبيت هذا التقسيم بالقانون و... الديموقراطية! لا تنتبه هذه الطبقة المتوحشة إلى أنها تسرّع في امتداد النار السورية إلى هذا الوطن الصغير الذي يعيش بوحدة أبنائه أو يتشقق دولاً شتى.. محتربة إلى يوم الدين. الزعامة أهم من الوطن. والطائفة أهم من الشعب. أما الدولة فلا أحد يحتاجها، حتى أولئك الذين لولاها لما كان أحد يتذكر أسماءهم. أبطال الحرب الأهلية يتقدمون الصفوف وصيحاتهم تملأ الأفق. حمى الله لبنان.

المصدر : السفير \طلال سلمان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة