الوضع في سورية مقلق جدا. وكل يوم يمر هو خطوة اخرى نحو الانحلال الذي يبدو اليوم غير ممتنع.

وقد أُبلغنا هذا الاسبوع ان زعيم الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب الذي يعتبر قائد المعارضة وشخصا مقبولا بل موحِّدا قد استقال وأعلن جيش المتمردين السوري في نفس الوقت تقريبا أنه لا يعترف بغسان هيتو رئيسا لحكومة المتمردين. وقد انتخب رؤساء فصائل معارضة سورية هيتو قبل بضعة ايام فقط.

تُقوي هاتان الواقعتان بصورة أكبر الخوف من انتقاض مطلق للدولة السورية. فالمتمردون في سوريا بخلاف الثورة في مصر مثلا حيث برز الاسلاميون من جهة والجيش والعلمانيون من جهة اخرى، مُقسمون الى عشرات الفصائل ويجري هناك حرب الجميع للجميع في الواقع. ولا يوجد بعد استقالة الخطيب، من يُجرى معه تباحث جدي في مستقبل سوريا في اليوم الذي يلي سقوط الاسد.

إن هذا اليوم هو بمنزلة كابوس غير صغير بالنسبة لكل جارات سوريا وللعالم كله في واقع الامر. فهناك قوى غير معلومة وليس لها أي التزام دولي ستضع يدها على سلاح غير تقليدي، وعلى سلاح كيميائي في الأساس يملكه نظام الاسد بل استعمله بحسب بعض التقارير الصحفية. ومن غير اتفاق بين الفصائل المعارضة قد تغرق الدولة في حرب أهلية دامية قد يُستعمل فيها هذا السلاح، وقد يُطلق خطأ أو من غير خطأ كما شهدنا في الاسبوع الاخير الى ما وراء الحدود، أي علينا ايضا.

وهناك سيناريو آخر وهو ان سوريا من غير قيادة متفق عليها قد تقع مثل ثمرة ناضجة في يد الجهاد العالمي، أعني القاعدة.

ويثور بالضرورة سؤال مبدئي: لا شك في ان تحليل أخطار سقوط نظام الاسد في سوريا قد اطلع عليه رئيس الولايات المتحدة ايضا. فلماذا يتعجل اوباما نهاية الاسد وهو الذي أعلن ذلك بفم مليء بل كرر التصريح هنا في القدس؟ إن التدخل في الطريق القومي لكل شعب خطير جدا ويفضي في الأكثر الى نتائج تُضاد تلك التي أملها المتدخلون (هل تحدثنا عن بشير الجميل؟).

إن دولة القاعدة على حدود اسرائيل التي لها حدود مشتركة ايضا مع حزب الله في لبنان هي واقع لا يريده أي زعيم اسرائيلي سوّي.

ويشهد على خطر التقديرات الاسرائيلية للوضع المصالحة مع تركيا مثل ألف شاهد. وكان رئيس الوزراء مستعدا من اجل ان ينشئ من جديد تفاهما مع صديقتنا السابقة، لأن يتهاون بكرامتنا القومية ويعتذر وهذا ثمن ضئيل جدا للتعاون الضروري.

يبدو في هذه المرحلة ان تركيا هي الدولة الوحيدة في المنطقة القادرة على فعل شيء ما أو على تعويق الاحداث في سوريا الى ان توجد تسوية، على الأقل. وقد تكون القوة الدولية الوحيدة التي تملك شرعية ما للتدخل. فيبدو تفويض تركيا في سوريا الى ان يستقر الوضع والى ان تُنتخب حكومة جديدة يقبلها الشعب، يبدو امكانا غير سئ ألبتة.

  • فريق ماسة
  • 2013-03-27
  • 8699
  • من الأرشيف

الأزمة في سورية: اعطوا تركيا تفويضا

الوضع في سورية مقلق جدا. وكل يوم يمر هو خطوة اخرى نحو الانحلال الذي يبدو اليوم غير ممتنع. وقد أُبلغنا هذا الاسبوع ان زعيم الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب الذي يعتبر قائد المعارضة وشخصا مقبولا بل موحِّدا قد استقال وأعلن جيش المتمردين السوري في نفس الوقت تقريبا أنه لا يعترف بغسان هيتو رئيسا لحكومة المتمردين. وقد انتخب رؤساء فصائل معارضة سورية هيتو قبل بضعة ايام فقط. تُقوي هاتان الواقعتان بصورة أكبر الخوف من انتقاض مطلق للدولة السورية. فالمتمردون في سوريا بخلاف الثورة في مصر مثلا حيث برز الاسلاميون من جهة والجيش والعلمانيون من جهة اخرى، مُقسمون الى عشرات الفصائل ويجري هناك حرب الجميع للجميع في الواقع. ولا يوجد بعد استقالة الخطيب، من يُجرى معه تباحث جدي في مستقبل سوريا في اليوم الذي يلي سقوط الاسد. إن هذا اليوم هو بمنزلة كابوس غير صغير بالنسبة لكل جارات سوريا وللعالم كله في واقع الامر. فهناك قوى غير معلومة وليس لها أي التزام دولي ستضع يدها على سلاح غير تقليدي، وعلى سلاح كيميائي في الأساس يملكه نظام الاسد بل استعمله بحسب بعض التقارير الصحفية. ومن غير اتفاق بين الفصائل المعارضة قد تغرق الدولة في حرب أهلية دامية قد يُستعمل فيها هذا السلاح، وقد يُطلق خطأ أو من غير خطأ كما شهدنا في الاسبوع الاخير الى ما وراء الحدود، أي علينا ايضا. وهناك سيناريو آخر وهو ان سوريا من غير قيادة متفق عليها قد تقع مثل ثمرة ناضجة في يد الجهاد العالمي، أعني القاعدة. ويثور بالضرورة سؤال مبدئي: لا شك في ان تحليل أخطار سقوط نظام الاسد في سوريا قد اطلع عليه رئيس الولايات المتحدة ايضا. فلماذا يتعجل اوباما نهاية الاسد وهو الذي أعلن ذلك بفم مليء بل كرر التصريح هنا في القدس؟ إن التدخل في الطريق القومي لكل شعب خطير جدا ويفضي في الأكثر الى نتائج تُضاد تلك التي أملها المتدخلون (هل تحدثنا عن بشير الجميل؟). إن دولة القاعدة على حدود اسرائيل التي لها حدود مشتركة ايضا مع حزب الله في لبنان هي واقع لا يريده أي زعيم اسرائيلي سوّي. ويشهد على خطر التقديرات الاسرائيلية للوضع المصالحة مع تركيا مثل ألف شاهد. وكان رئيس الوزراء مستعدا من اجل ان ينشئ من جديد تفاهما مع صديقتنا السابقة، لأن يتهاون بكرامتنا القومية ويعتذر وهذا ثمن ضئيل جدا للتعاون الضروري. يبدو في هذه المرحلة ان تركيا هي الدولة الوحيدة في المنطقة القادرة على فعل شيء ما أو على تعويق الاحداث في سوريا الى ان توجد تسوية، على الأقل. وقد تكون القوة الدولية الوحيدة التي تملك شرعية ما للتدخل. فيبدو تفويض تركيا في سوريا الى ان يستقر الوضع والى ان تُنتخب حكومة جديدة يقبلها الشعب، يبدو امكانا غير سئ ألبتة.

المصدر : صحف عبرية / أهارون لبيدوت


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة