دشّنت تركيا وإسرائيل قبل يومين مباحثات تسوية مسألة تعويضات ضحايا سفينة «مرمرة»، التي كانت بين شروط حكومة رجب طيب أردوغان لإنهاء الخلاف مع الحكومة الإسرائيلية.

وقد تحادث في هذا الشأن كل من وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ووزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني بهدف تشكيل هيئة مشتركة للاتفاق على التعويضات. غير أن الإسرائيليين ينظرون بغضب إلى محاولات رئيس الحكومة التركي استخدام الاعتذار الإسرائيلي رافعة لتعزيز مكانته في المجتمع التركي.

وكان نائب الرئيس التركي، بولنت أرينتش، قد أبلغ الصحافيين بأمر تشكيل اللجنة التي سيرأسها من الجانب التركي نائب وزير الخارجية، فريدون سينيرلولو، وهو قد عمل في الماضي سفيراً لبلاده في تل أبيب.

ولم تعلن إسرائيل بعد عمن سيرأس طاقمها إلى المفاوضات الرسمية التي ستبدأ خلال أيام قليلة، ولكن يُعتقد أن رئيس مجلس الأمن القومي الجنرال يعقوب عاميدرور هو من سيدير المفاوضات بمساعدة مبعوث رئيس الحكومة إلى تركيا المحامي يوسف تشاخنوفر. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن تفاهماً أولياً كان قد تحقق قبل حوالي عام بين طواقم إسرائيلية وتركية حول التعويضات، وتقديمها إلى صندوق خيري خاص تؤسسه الحكومة التركية لمنع مفاوضات مباشرة حول التعويض بين إسرائيل وعائلات الضحايا.

ونقلت «هآرتس» عن مسؤولين أتراك قولهم إن التعويضات الإسرائيلية للضحايا الأتراك لن تقل عن عشرات ملايين الدولارات، وأن تركيا هي من سيقرر مبلغ التعويض. وأضاف هؤلاء أن التعويضات كانت طوال فترة المفاوضات وجهود الوساطة الأميركية العنصر الأقل تعقيداً، لكنها قد تغدو الآن العنصر الأكثر تعقيداً بسبب ربط إسرائيل الأمر بإلغاء كل لوائح الاتهام التي قدمت في تركيا ضد ضباط إسرائيليين.

ويشدد المسؤولين على أنه بوسع الحكومة التركية التعهد بعدم رفع دعاوى ضد الإسرائيليين، ولكنها لا تستطيع إلغاء الإجراءات التي شرع بها أفراد ضدهم. وأوضحوا أن الأمر يتعلق بمدى نجاح المسؤولين في إقناع العائلات التركية بسحب الدعاوى.

من جهتها، نشرت صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من حكومة بنيامين نتنياهو يوم أمس، أن الأتراك يطلبون مليون دولار كتعويض لأهالي كل ضحية من ضحايا سفينة «مرمرة» التسعة، فضلاً عن تعويضات للجرحى وأخرى للأضرار. وبحسب الصحيفة فإن إسرائيل أبدت استعدادها لدفع 100 ألف دولار فقط تعويضاً لكل عائلة من عائلات الضحايا.

عموماً، نشرت الصحف التركية تصريحات أدلى بها أردوغان أمام أعضاء حزبه شدد فيها على أن مكالمة الاعتذار التي تلقاها من نتنياهو تم تسجيلها بالكامل. وأوضح أردوغان أن المكالمة الهاتفية هذه التي جرت قبل حوالي أسبوع تمت تحت إشراف وبوساطة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وشدد على أنه تحادث مع أوباما «وفحصنا النص ووافقنا على العملية. وقد أكملنا العملية فيما كان أوباما هو الشاهد». وأكد الرئيس الأميركي أن الأطراف الثلاثة الضالعة في الاتفاق، تركيا وأميركا وإسرائيل، نشرت بالتزامن تصريحات مكتوبة متفقاً عليها سلفاً، وقال «لقد جعلنا العملية مضمونة».

وقال أردوغان، بحسب ما نشرت صحيفة «حرييت» التركية، إن الاتفاق الذي تبلور يوم الجمعة الماضي يلزم إسرائيل بالتعاون مع تركيا لإنجاح المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وأشار إلى أن «النقطة التي وصلنا إليها ـ في أعقاب محادثاتنا مع كل إخوتنا في فلسطين ودول الجوار ـ تعزز مسؤوليتنا بشأن حل المسألة الفلسطينية، ولذلك فإنها تخلق معادلة جديدة». وخلص أردوغان إلى التأكيد أنه سيعمل شخصياً على متابعة تنفيذ الاتفاق والتفاهمات ميدانياً، بما في ذلك خلال زيارته الشهر المقبل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. وشدد على أنه تحادث مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي بارك الاتفاق، كما ينوي مرافقته في زيارته إلى غزة.

ونقلت «هآرتس» عن مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى قوله إن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً مكثفة على أردوغان لثنيه عن زيارة قطاع غزة في الآونة القريبة، خصوصاً أن العلاقات الإسرائيلية ـ التركية وضعت على مسار الترميم. وأشار المصدر إلى أن تركيا تدرس «إمكانية التخطيط لإرسال وفد رفيع المستوى إلى إسرائيل، ربما برئاسة وزير الخارجية داوود أوغلو قبل زيارة أردوغان إلى الضفة وغزة. وهناك إمكانية أن تدعو تركيا شخصية إسرائيلية كبيرة لزيارتها إذا نجحت مفاوضات دفع التعويضات».

وكان أردوغان قد أعلن أن حكومته رفضت عدة اقتراحات مصالحة تقدمت بها إسرائيل في السابق، لأن هذه الاقتراحات لم تستجب للشروط التركية الأساسية الثلاثة، وفي مقدمتها استخدام كلمة «الاعتذار». وقال إن إسرائيل حاولت نيل قبول تركيا لتعبير «إبداء الأسف، لكننا أصررنا على كلمة الاعتذار». وكان الشرطان الآخران هما إدخال تسهيلات على طريق إزالة الحصار المفروض على قطاع غزة وتقديم تعويضات لعائلات ضحايا سفينة «مرمرة». وأشار إلى أن إسرائيل طوال الوقت أبدت استعدادها لتقديم تعويضات، لكنها ظلت ترفض الشرطين الآخرين. وبحسب قوله، «كانوا يسألوننا: ألا يكفيكم أننا سندفع لكم تعويضات؟ وكنا نجيب: لا».

ونقلت «هآرتس» عن مصادر تركية تقديرها بأن الموضوع المركزي في العلاقة بين الدولتين هو فلسطين وليس سوريا. وقالت إن الخلاف بين تركيا وإسرائيل بشأن سوريا كبير، فوصول قوة إسلامية إلى الحكم في سوريا لا يضير تركيا، إلا أنه مزعج جداً لإسرائيل. وتركيا التي بدأت مصالحة مع الأكراد تعتقد أن ذلك سينعكس على علاقاتها مع الأقلية الكردية في سوريا أيضاً. عموما لا ترى تركيا في إسرائيل عنصر حل للأزمة في سوريا، و«أهمية إسرائيل في هذا الموضوع تكمن في التعاون الاستخباري وليس في الإدارة المشتركة للمعركة في سوريا».

  • فريق ماسة
  • 2013-03-27
  • 5650
  • من الأرشيف

إسـرائيــل وتـركيــا: مفاوضات لتسوية تعويضات «مرمرة»

دشّنت تركيا وإسرائيل قبل يومين مباحثات تسوية مسألة تعويضات ضحايا سفينة «مرمرة»، التي كانت بين شروط حكومة رجب طيب أردوغان لإنهاء الخلاف مع الحكومة الإسرائيلية. وقد تحادث في هذا الشأن كل من وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ووزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني بهدف تشكيل هيئة مشتركة للاتفاق على التعويضات. غير أن الإسرائيليين ينظرون بغضب إلى محاولات رئيس الحكومة التركي استخدام الاعتذار الإسرائيلي رافعة لتعزيز مكانته في المجتمع التركي. وكان نائب الرئيس التركي، بولنت أرينتش، قد أبلغ الصحافيين بأمر تشكيل اللجنة التي سيرأسها من الجانب التركي نائب وزير الخارجية، فريدون سينيرلولو، وهو قد عمل في الماضي سفيراً لبلاده في تل أبيب. ولم تعلن إسرائيل بعد عمن سيرأس طاقمها إلى المفاوضات الرسمية التي ستبدأ خلال أيام قليلة، ولكن يُعتقد أن رئيس مجلس الأمن القومي الجنرال يعقوب عاميدرور هو من سيدير المفاوضات بمساعدة مبعوث رئيس الحكومة إلى تركيا المحامي يوسف تشاخنوفر. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن تفاهماً أولياً كان قد تحقق قبل حوالي عام بين طواقم إسرائيلية وتركية حول التعويضات، وتقديمها إلى صندوق خيري خاص تؤسسه الحكومة التركية لمنع مفاوضات مباشرة حول التعويض بين إسرائيل وعائلات الضحايا. ونقلت «هآرتس» عن مسؤولين أتراك قولهم إن التعويضات الإسرائيلية للضحايا الأتراك لن تقل عن عشرات ملايين الدولارات، وأن تركيا هي من سيقرر مبلغ التعويض. وأضاف هؤلاء أن التعويضات كانت طوال فترة المفاوضات وجهود الوساطة الأميركية العنصر الأقل تعقيداً، لكنها قد تغدو الآن العنصر الأكثر تعقيداً بسبب ربط إسرائيل الأمر بإلغاء كل لوائح الاتهام التي قدمت في تركيا ضد ضباط إسرائيليين. ويشدد المسؤولين على أنه بوسع الحكومة التركية التعهد بعدم رفع دعاوى ضد الإسرائيليين، ولكنها لا تستطيع إلغاء الإجراءات التي شرع بها أفراد ضدهم. وأوضحوا أن الأمر يتعلق بمدى نجاح المسؤولين في إقناع العائلات التركية بسحب الدعاوى. من جهتها، نشرت صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من حكومة بنيامين نتنياهو يوم أمس، أن الأتراك يطلبون مليون دولار كتعويض لأهالي كل ضحية من ضحايا سفينة «مرمرة» التسعة، فضلاً عن تعويضات للجرحى وأخرى للأضرار. وبحسب الصحيفة فإن إسرائيل أبدت استعدادها لدفع 100 ألف دولار فقط تعويضاً لكل عائلة من عائلات الضحايا. عموماً، نشرت الصحف التركية تصريحات أدلى بها أردوغان أمام أعضاء حزبه شدد فيها على أن مكالمة الاعتذار التي تلقاها من نتنياهو تم تسجيلها بالكامل. وأوضح أردوغان أن المكالمة الهاتفية هذه التي جرت قبل حوالي أسبوع تمت تحت إشراف وبوساطة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وشدد على أنه تحادث مع أوباما «وفحصنا النص ووافقنا على العملية. وقد أكملنا العملية فيما كان أوباما هو الشاهد». وأكد الرئيس الأميركي أن الأطراف الثلاثة الضالعة في الاتفاق، تركيا وأميركا وإسرائيل، نشرت بالتزامن تصريحات مكتوبة متفقاً عليها سلفاً، وقال «لقد جعلنا العملية مضمونة». وقال أردوغان، بحسب ما نشرت صحيفة «حرييت» التركية، إن الاتفاق الذي تبلور يوم الجمعة الماضي يلزم إسرائيل بالتعاون مع تركيا لإنجاح المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. وأشار إلى أن «النقطة التي وصلنا إليها ـ في أعقاب محادثاتنا مع كل إخوتنا في فلسطين ودول الجوار ـ تعزز مسؤوليتنا بشأن حل المسألة الفلسطينية، ولذلك فإنها تخلق معادلة جديدة». وخلص أردوغان إلى التأكيد أنه سيعمل شخصياً على متابعة تنفيذ الاتفاق والتفاهمات ميدانياً، بما في ذلك خلال زيارته الشهر المقبل إلى الضفة الغربية وقطاع غزة. وشدد على أنه تحادث مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي بارك الاتفاق، كما ينوي مرافقته في زيارته إلى غزة. ونقلت «هآرتس» عن مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى قوله إن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً مكثفة على أردوغان لثنيه عن زيارة قطاع غزة في الآونة القريبة، خصوصاً أن العلاقات الإسرائيلية ـ التركية وضعت على مسار الترميم. وأشار المصدر إلى أن تركيا تدرس «إمكانية التخطيط لإرسال وفد رفيع المستوى إلى إسرائيل، ربما برئاسة وزير الخارجية داوود أوغلو قبل زيارة أردوغان إلى الضفة وغزة. وهناك إمكانية أن تدعو تركيا شخصية إسرائيلية كبيرة لزيارتها إذا نجحت مفاوضات دفع التعويضات». وكان أردوغان قد أعلن أن حكومته رفضت عدة اقتراحات مصالحة تقدمت بها إسرائيل في السابق، لأن هذه الاقتراحات لم تستجب للشروط التركية الأساسية الثلاثة، وفي مقدمتها استخدام كلمة «الاعتذار». وقال إن إسرائيل حاولت نيل قبول تركيا لتعبير «إبداء الأسف، لكننا أصررنا على كلمة الاعتذار». وكان الشرطان الآخران هما إدخال تسهيلات على طريق إزالة الحصار المفروض على قطاع غزة وتقديم تعويضات لعائلات ضحايا سفينة «مرمرة». وأشار إلى أن إسرائيل طوال الوقت أبدت استعدادها لتقديم تعويضات، لكنها ظلت ترفض الشرطين الآخرين. وبحسب قوله، «كانوا يسألوننا: ألا يكفيكم أننا سندفع لكم تعويضات؟ وكنا نجيب: لا». ونقلت «هآرتس» عن مصادر تركية تقديرها بأن الموضوع المركزي في العلاقة بين الدولتين هو فلسطين وليس سوريا. وقالت إن الخلاف بين تركيا وإسرائيل بشأن سوريا كبير، فوصول قوة إسلامية إلى الحكم في سوريا لا يضير تركيا، إلا أنه مزعج جداً لإسرائيل. وتركيا التي بدأت مصالحة مع الأكراد تعتقد أن ذلك سينعكس على علاقاتها مع الأقلية الكردية في سوريا أيضاً. عموما لا ترى تركيا في إسرائيل عنصر حل للأزمة في سوريا، و«أهمية إسرائيل في هذا الموضوع تكمن في التعاون الاستخباري وليس في الإدارة المشتركة للمعركة في سوريا».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة