بينما يُنتظر أن يناقش الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الأردني الملك عبد الله الثاني اليوم توسع الحرب السورية والجهود للعودة إلى طاولة المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، إلا إن الأحداث الأخيرة في المملكة تفرض إدراج الأوضاع الداخلية في البلاد على رأس جدول المحادثات.

ربما يكون الملك الأردني، وهو أفضل حلفاء أميركا العرب وآخر شريك سلام يمكن أن تعتمد عليه إسرائيل، قد استطاع التأقلم مع الانقلابات الحاصلة في المنطقة، لكن الأخيرة يبدو أنها ستكون طويلة الأمد. فعندما بدأ الربيع العربي في العام 2011، انضم الأردنيون بحذر إلى الموجة، فاحتشدوا في تظاهرات محدودة احتجت ضدّ الفساد والركود الاقتصادي وطالبت بالإصلاح السياسي. وقد ردّ الملك على هذه التظاهرات بقرار تخفيض الدعم على النفط ومواد الغذاء.

لم يكن للملك عبد الله خيار. ففي العام 2012، تسببت الاضطرابات في أنابيب الغاز المصرية بخسارة الأردن ثلاثة مليارات دولار من ميزانية 9.7 مليارات دولار. لكن في ظلّ ارتفاع منسوب البطالة وغلاء الأسعار وُوجه قرار الملك بسخط شعبي كبير.

أما التظاهرات الأخيرة التي حصلت، فبدت مختلفة عن سابقاتها. لقد برز الإسلاميون أو ما يُعرف بـ«الحراك»، حيث انضموا للتظاهرات إلى جانب الأردنيين من أصول قبلية والذين كانوا يعتبرون من الأنصار التاريخيين للملك. وفي إحدى التظاهرات، وصف هؤلاء الملك بعلي بابا السارق.

وإن لم يستطع الملك عبد الله أن يتعامل مع الاضطرابات المتصاعدة، فإن الائتلاف الإسلامي – القبلي سيكتسب نفوذاً قبل أن ينجح في إسقاط الملكية.

في تلك المرحلة، سيكون أمام واشنطن القليل لتفعله كي تعكس صورة البلاط المتدهورة. قد يكون ممكناً أمام الملك حماية نفسه عبر دعم إصلاحات، محدودة لكن حقيقية، لكن واشنطن لا يمكنها ترك هذه المصلحة الحيوية للصدف. ففي ظلّ تدهور العلاقات الأميركية – المصرية، وفي وقت قد يعوّل الإسلاميون أو الفلسطينيون على الاضطرابات في الأردن، يصبح بقاء النظام الهاشمي مصلحة أميركية حيوية.

التحدي الأول يتمثل في مساعدة الأردن على أزمته المالية. ففي العام الماضي، دعمت أميركا البلاد بمساعدة اقتصادية قدرها 460 مليون دولار، بينها 284 مليون دولار دعماً للميزانية. كما أرسلت 300 مليون دولار على شكل مساعدات عسكرية. هذا قد يكون جزءاً، لكن المطلوب اليوم هو حماية الملك المحاصر. وعليه يتعيّن على أميركا أن تؤمن 200 مليون دولار كمساعدات مالية بحسب طلبه، وتدعم قرضاً مالياً ينقذ المملكة من عجز المليار دولار، وتحشد المجتمع الدولي لتحمل تكلفة اللاجئين السوريين في الأردن.

وأكثر من ذلك، ينبغي لواشنطن أن تضغط على الأصدقاء في مجلس التعاون الخليجي، ممن وعدوا بمدّ المملكة بخمسة مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، ببذل جهد أكبر. خلال الأشهر الماضية، دفعت كل من الكويت والإمارات حوالي مليار دولار لمشاريع تنمية، لكن السيولة اليوم ضرورية. السعوديون قدموا للمملكة في العام 2011 1.45 مليار دولار، إلا إنهم لم يكونوا بهذا السخاء بعدها، مع أنهم حرروا شيكاً للأردن الشهر الماضي بـ200 مليون دولار. لكن نظراً لخطورة الأزمة يجب أن يضغط أكثر على الرياض للتحرك.

ومع وقوع مصر اليوم تحت سلطة «الإخوان المسلمين» وتزعزع النظام في سوريا، فإن النتائج الكارثية للاضطرابات في الأردن لا يمكن أن تكون مبالغة. أهمية عمّان كحليف أميركي تمكن رؤيتها في القوات الخاصة الموجودة في الأردن للتنسيق مع القوات الأردنية بخصوص السلاح الكيميائي في سوريا في حال سقوط الأسد.

وفي النهاية، لطالما كان الأردن بزعامة الملك عبد الله حليفاً استراتيجياً ممتازاً لواشنطن. ومع تدهور الوضع، بالتزامن مع ما يحصل في مصر، لن يكون هناك شك بأن النتيجة ستصبّ بشكل سلبي في مصالح أميركا الحيوية.

  • فريق ماسة
  • 2013-03-21
  • 14709
  • من الأرشيف

أميركا تبحث إنقاذ ملك الأردن: أفضـل حليـف عربـي!

بينما يُنتظر أن يناقش الرئيس الأميركي باراك أوباما مع نظيره الأردني الملك عبد الله الثاني اليوم توسع الحرب السورية والجهود للعودة إلى طاولة المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية، إلا إن الأحداث الأخيرة في المملكة تفرض إدراج الأوضاع الداخلية في البلاد على رأس جدول المحادثات. ربما يكون الملك الأردني، وهو أفضل حلفاء أميركا العرب وآخر شريك سلام يمكن أن تعتمد عليه إسرائيل، قد استطاع التأقلم مع الانقلابات الحاصلة في المنطقة، لكن الأخيرة يبدو أنها ستكون طويلة الأمد. فعندما بدأ الربيع العربي في العام 2011، انضم الأردنيون بحذر إلى الموجة، فاحتشدوا في تظاهرات محدودة احتجت ضدّ الفساد والركود الاقتصادي وطالبت بالإصلاح السياسي. وقد ردّ الملك على هذه التظاهرات بقرار تخفيض الدعم على النفط ومواد الغذاء. لم يكن للملك عبد الله خيار. ففي العام 2012، تسببت الاضطرابات في أنابيب الغاز المصرية بخسارة الأردن ثلاثة مليارات دولار من ميزانية 9.7 مليارات دولار. لكن في ظلّ ارتفاع منسوب البطالة وغلاء الأسعار وُوجه قرار الملك بسخط شعبي كبير. أما التظاهرات الأخيرة التي حصلت، فبدت مختلفة عن سابقاتها. لقد برز الإسلاميون أو ما يُعرف بـ«الحراك»، حيث انضموا للتظاهرات إلى جانب الأردنيين من أصول قبلية والذين كانوا يعتبرون من الأنصار التاريخيين للملك. وفي إحدى التظاهرات، وصف هؤلاء الملك بعلي بابا السارق. وإن لم يستطع الملك عبد الله أن يتعامل مع الاضطرابات المتصاعدة، فإن الائتلاف الإسلامي – القبلي سيكتسب نفوذاً قبل أن ينجح في إسقاط الملكية. في تلك المرحلة، سيكون أمام واشنطن القليل لتفعله كي تعكس صورة البلاط المتدهورة. قد يكون ممكناً أمام الملك حماية نفسه عبر دعم إصلاحات، محدودة لكن حقيقية، لكن واشنطن لا يمكنها ترك هذه المصلحة الحيوية للصدف. ففي ظلّ تدهور العلاقات الأميركية – المصرية، وفي وقت قد يعوّل الإسلاميون أو الفلسطينيون على الاضطرابات في الأردن، يصبح بقاء النظام الهاشمي مصلحة أميركية حيوية. التحدي الأول يتمثل في مساعدة الأردن على أزمته المالية. ففي العام الماضي، دعمت أميركا البلاد بمساعدة اقتصادية قدرها 460 مليون دولار، بينها 284 مليون دولار دعماً للميزانية. كما أرسلت 300 مليون دولار على شكل مساعدات عسكرية. هذا قد يكون جزءاً، لكن المطلوب اليوم هو حماية الملك المحاصر. وعليه يتعيّن على أميركا أن تؤمن 200 مليون دولار كمساعدات مالية بحسب طلبه، وتدعم قرضاً مالياً ينقذ المملكة من عجز المليار دولار، وتحشد المجتمع الدولي لتحمل تكلفة اللاجئين السوريين في الأردن. وأكثر من ذلك، ينبغي لواشنطن أن تضغط على الأصدقاء في مجلس التعاون الخليجي، ممن وعدوا بمدّ المملكة بخمسة مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، ببذل جهد أكبر. خلال الأشهر الماضية، دفعت كل من الكويت والإمارات حوالي مليار دولار لمشاريع تنمية، لكن السيولة اليوم ضرورية. السعوديون قدموا للمملكة في العام 2011 1.45 مليار دولار، إلا إنهم لم يكونوا بهذا السخاء بعدها، مع أنهم حرروا شيكاً للأردن الشهر الماضي بـ200 مليون دولار. لكن نظراً لخطورة الأزمة يجب أن يضغط أكثر على الرياض للتحرك. ومع وقوع مصر اليوم تحت سلطة «الإخوان المسلمين» وتزعزع النظام في سوريا، فإن النتائج الكارثية للاضطرابات في الأردن لا يمكن أن تكون مبالغة. أهمية عمّان كحليف أميركي تمكن رؤيتها في القوات الخاصة الموجودة في الأردن للتنسيق مع القوات الأردنية بخصوص السلاح الكيميائي في سوريا في حال سقوط الأسد. وفي النهاية، لطالما كان الأردن بزعامة الملك عبد الله حليفاً استراتيجياً ممتازاً لواشنطن. ومع تدهور الوضع، بالتزامن مع ما يحصل في مصر، لن يكون هناك شك بأن النتيجة ستصبّ بشكل سلبي في مصالح أميركا الحيوية.

المصدر : ديفيد شنكر\ وول ستريت جورنال


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة