من الممكن القول إن حدثين يشغلان بال السلطات الإسرائيلية اليوم: تشكيل الحكومة الائتلافية التي لا تنفك تواجه صعوبات حيث تحل مشكلة وتظهر أخرى، وزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المرتقبة في 20 آذار الحالي. المستوطنون يخيطون الأعلام الأميركية لاستقباله، والحكومة توجد تطبيقا جديدا للهواتف لمتابعة الزيارة بتفاصيلها، أما الفلسطينيون فيعلقون اليافطات الساخرة من «هدفها الإسرائيلي». فما الهدف من هذه الزيارة أصلاً، إن كان البيت الأبيض لا ينفك يؤكد أن رئيسه لا يحمل خطة سلام أو انه فعلاً لا يعنيه الموضوع. ومن الممكن أن يكون الملف الإيراني هو الأبرز، فبحسب المعلومات سيطلب أوباما من الإسرائيليين عدم إطلاق التهديدات العسكرية وإن كان لعدة أشهر فقط.

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس سوى «هواية للديبلوماسيين الأميركيين»، هذا ما خلص إليه توماس فريدمان في صحيفة «نيويورك تايمز»، خلال عرضه للزيارة المرتقبة. وبالنسبة للكاتب، يبدو أن الأميركيين لا يعيرون أي اهتمام لتلك الرحلة، فهو يقول: «من الصعب علي أن أتذكر زيارة أقل إحباطاً لرئيس أميركي إلى إسرائيل»، والرسالة واضحة، «لا يتوقع سوى القليل منها، ليس فقط لأن القليل ممكن (على صعيد النتائج)، بل لأنه من وجهة نظر أميركية، القليل فقط ضروري». ومن هنا يبدو واضحاً، «تحول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من ضرورة إلى هواية للديبلوماسيين الأميركيين، مثل أي هواية أخرى - بناء نماذج طائرات أو حياكة سترة - أحياناً تعمل عليها، وفي أيام أخرى لا تعمل... كله يتعلق بمزاجك، ولكن ليس من المهم متى تنتهي السترة».

أوباما فعلاً انشغل بتلك الهواية خلال ولايته الأولى، ولكن وفقاً لفريدمان، إسرائيل والفلسطينيون ردوه خائباً، ولذلك، فإنه لجأ إلى «موقف التجاهل البسيط». ومن هنا يشرح الكاتب، ما يراه من أسباب كانت وراء التحول من «الضرورة إلى الهواية»، وقد برزت بالنسبة له مع انتهاء الحرب الباردة. ففي ذلك الوقت كان فعلاً هناك خوف من أن هذا الصراع سيشعل حرباً بين القوى العظمى، وذلك كان في الماضي واضحاً في حرب تشرين في العام 1973. إلا أنه «من الصعب حدوث ذلك اليوم، بسبب سكوت القوى العظمى عن الصراع في الشرق الأوسط». وذلك ربما يعود، «لاكتشاف كميات كبيرة من الغاز في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ما يجعل أميركا الشمالية، سعودية جديدة».

وأكثر من ذلك، وبالرغم من أن انقطاع الغاز والنفط من الشرق الأوسط سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، إلا أنه لا يوجد خوفا أميركيا اليوم من موقف عربي بقطع الإمدادات لمجرد الغضب من أجل فلسطين. وتبين مؤخراً أن الصين حلت محل الولايات المتحدة، لتصبح أول مستورد للنفط في العالم، إلا أنه نقلاً عن مجلة «فورين بوليسي» في 8 آذار الحالي فإنه «من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم بحلول العام 2017».

وفضلاً عن ذلك كله، بحسب فريدمان، فإن القضية الأساس في الشرق الأوسط اليوم هي الصراع المتصاعد والمتمثل بـ«الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة» والتي تخض لبنان، وسوريا، والعراق، والكويت، والبحرين واليمن». وبالرغم من أنه من الجيد إقامة دولة فلسطينية بسلام مع إسرائيل، إلا أن القضية اليوم هي هل سيكون هناك دولة سورية، دولة ليبية ودولة مصرية؟»، يكتب فريدمان. ويخلص إلى أن «أوباما قد يكون الرئيس الأميركي الأول الذي يزور إسرائيل كسائح».

وتصر إدارة أوباما على التأكيد أن الرئيس لا يحمل خطة سلام بالرغم من كل المعلومات التي تم تداولها في الصحافة الإسرائيلية تحديداً. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن مصدر وصفته بالمقرب من عملية التحضير للزيارة، أن الرئيس الأميركي سيشدد بالطبع على أن إسرائيل ستضمن أمنها ومصالحها أكثر إذا توصلت إلى اتفاق مع الفلسطينيين يقضي بإقامة دولة على حدود العام 1967، كما انه من شأن هذا الاتفاق أن يحث العديد من الدول العربية على إقامة علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل.

ونقلت الصحيفة أيضاً عن السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورن، أن «الهدف الرئيس من الزيارة هو توجيه رسالة إلى الإسرائيليين، وإلى شعوب المنطقة، ان التحالف القائم بين إسرائيل والولايات المتحدة وثيق للغاية، وان واشنطن لا تقف وراء إسرائيل فحسب، بل إلى جانبها أيضاً».

وكانت «يديعوت» كتبت في وقت سابق انه على أوباما المجيء بخطة سلام الآن، لأن الحكومة الإسرائيلية ستتشكل قريباً ولن «تكون مشجعة له»، فرئيسها بنيامين نتنياهو سيتسلم ملف الخارجية لعام واحد قبل إعادة تسليمه إلى أفيغدور ليبرمان بعدما ينتهي من القضايا المرفوعة ضده. كما أن موشي يعلون سيتسلم وزارة الدفاع وهو المعارض لأي اتفاق مع الفلسطينيين، ويرفض أي خطوة لتجميد الاستيطان.

وبالطبع، فإن الملف النووي لن يغيب عن الزيارة الأميركية، فطهران تشغل بال إسرائيل، بالرغم من أن الأخيرة، وكما هو معروف أول قوة نووية في المنطقة، وإن اعتمد قياديوها على سياسة «الغموض» للردع بمساعدة أميركية، لتصبح مقولة «إسرائيل لن تكون أول دولة تدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط» الإجابة الإسرائيلية الوحيدة على أي سؤال له علاقة بترسانتها النووية، والمقدرة بحوالى 200 رأس نووي، فضلاً عن الصواريخ البالستية والغواصات الحاملة للرؤوس النووية.

إلا أن إدارة أوباما تصر على اعتماد الديبلوماسية والعقوبات في مقاربتها للملف النووي الإيراني. وقد نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، أن الرئيس الأميركي يعتزم أن يكرس قسماً كبيراً من محادثاته حول النووي الإيراني، فهو سيطلب من الإسرائيليين عدم إطلاق تهديدات ضد إيران ما دام المسار الديبلوماسي قائماً، وعدم مهاجمتها قبل الانتخابات الرئاسية في إيران في حزيران المقبل.

ونقلت الصحيفة عن مصدر في الإدارة الأميركية انه «لا يمكن إجراء تقويم لهذا المسار، والتأكد من إمكانية إيجاد حل ديبلوماسي لهذا الملف قبل تشرين الأول المقبل». وبالتالي، يبدو أن أوباما سيطلب من الإسرائيليين إمهاله حتى ذلك الشهر، لدراسة إمكانية شن هجوم عسكري يستهدف المنشآت النووية الإيرانية، فهو قد تعهد لهم بمنع طهران من امتلاك الأسلحة النووية.

وتجدر الإشارة إلى أن «التهديد باستخدام القوة» ضد دولة سيادية يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي، بحسب المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة، الذي يطلب من الدول الأعضاء عدم اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة، كما نقل محامي القانون الدولي رضا ناصري في صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور».

  • فريق ماسة
  • 2013-03-13
  • 9296
  • من الأرشيف

أوبـامـا «سـائح» أميركي فـي إسـرائيل: السلام ليس أولوية... ومهلة بشأن إيران

من الممكن القول إن حدثين يشغلان بال السلطات الإسرائيلية اليوم: تشكيل الحكومة الائتلافية التي لا تنفك تواجه صعوبات حيث تحل مشكلة وتظهر أخرى، وزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما المرتقبة في 20 آذار الحالي. المستوطنون يخيطون الأعلام الأميركية لاستقباله، والحكومة توجد تطبيقا جديدا للهواتف لمتابعة الزيارة بتفاصيلها، أما الفلسطينيون فيعلقون اليافطات الساخرة من «هدفها الإسرائيلي». فما الهدف من هذه الزيارة أصلاً، إن كان البيت الأبيض لا ينفك يؤكد أن رئيسه لا يحمل خطة سلام أو انه فعلاً لا يعنيه الموضوع. ومن الممكن أن يكون الملف الإيراني هو الأبرز، فبحسب المعلومات سيطلب أوباما من الإسرائيليين عدم إطلاق التهديدات العسكرية وإن كان لعدة أشهر فقط. الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس سوى «هواية للديبلوماسيين الأميركيين»، هذا ما خلص إليه توماس فريدمان في صحيفة «نيويورك تايمز»، خلال عرضه للزيارة المرتقبة. وبالنسبة للكاتب، يبدو أن الأميركيين لا يعيرون أي اهتمام لتلك الرحلة، فهو يقول: «من الصعب علي أن أتذكر زيارة أقل إحباطاً لرئيس أميركي إلى إسرائيل»، والرسالة واضحة، «لا يتوقع سوى القليل منها، ليس فقط لأن القليل ممكن (على صعيد النتائج)، بل لأنه من وجهة نظر أميركية، القليل فقط ضروري». ومن هنا يبدو واضحاً، «تحول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من ضرورة إلى هواية للديبلوماسيين الأميركيين، مثل أي هواية أخرى - بناء نماذج طائرات أو حياكة سترة - أحياناً تعمل عليها، وفي أيام أخرى لا تعمل... كله يتعلق بمزاجك، ولكن ليس من المهم متى تنتهي السترة». أوباما فعلاً انشغل بتلك الهواية خلال ولايته الأولى، ولكن وفقاً لفريدمان، إسرائيل والفلسطينيون ردوه خائباً، ولذلك، فإنه لجأ إلى «موقف التجاهل البسيط». ومن هنا يشرح الكاتب، ما يراه من أسباب كانت وراء التحول من «الضرورة إلى الهواية»، وقد برزت بالنسبة له مع انتهاء الحرب الباردة. ففي ذلك الوقت كان فعلاً هناك خوف من أن هذا الصراع سيشعل حرباً بين القوى العظمى، وذلك كان في الماضي واضحاً في حرب تشرين في العام 1973. إلا أنه «من الصعب حدوث ذلك اليوم، بسبب سكوت القوى العظمى عن الصراع في الشرق الأوسط». وذلك ربما يعود، «لاكتشاف كميات كبيرة من الغاز في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ما يجعل أميركا الشمالية، سعودية جديدة». وأكثر من ذلك، وبالرغم من أن انقطاع الغاز والنفط من الشرق الأوسط سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، إلا أنه لا يوجد خوفا أميركيا اليوم من موقف عربي بقطع الإمدادات لمجرد الغضب من أجل فلسطين. وتبين مؤخراً أن الصين حلت محل الولايات المتحدة، لتصبح أول مستورد للنفط في العالم، إلا أنه نقلاً عن مجلة «فورين بوليسي» في 8 آذار الحالي فإنه «من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العالم بحلول العام 2017». وفضلاً عن ذلك كله، بحسب فريدمان، فإن القضية الأساس في الشرق الأوسط اليوم هي الصراع المتصاعد والمتمثل بـ«الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة» والتي تخض لبنان، وسوريا، والعراق، والكويت، والبحرين واليمن». وبالرغم من أنه من الجيد إقامة دولة فلسطينية بسلام مع إسرائيل، إلا أن القضية اليوم هي هل سيكون هناك دولة سورية، دولة ليبية ودولة مصرية؟»، يكتب فريدمان. ويخلص إلى أن «أوباما قد يكون الرئيس الأميركي الأول الذي يزور إسرائيل كسائح». وتصر إدارة أوباما على التأكيد أن الرئيس لا يحمل خطة سلام بالرغم من كل المعلومات التي تم تداولها في الصحافة الإسرائيلية تحديداً. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن مصدر وصفته بالمقرب من عملية التحضير للزيارة، أن الرئيس الأميركي سيشدد بالطبع على أن إسرائيل ستضمن أمنها ومصالحها أكثر إذا توصلت إلى اتفاق مع الفلسطينيين يقضي بإقامة دولة على حدود العام 1967، كما انه من شأن هذا الاتفاق أن يحث العديد من الدول العربية على إقامة علاقات ديبلوماسية مع إسرائيل. ونقلت الصحيفة أيضاً عن السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل أورن، أن «الهدف الرئيس من الزيارة هو توجيه رسالة إلى الإسرائيليين، وإلى شعوب المنطقة، ان التحالف القائم بين إسرائيل والولايات المتحدة وثيق للغاية، وان واشنطن لا تقف وراء إسرائيل فحسب، بل إلى جانبها أيضاً». وكانت «يديعوت» كتبت في وقت سابق انه على أوباما المجيء بخطة سلام الآن، لأن الحكومة الإسرائيلية ستتشكل قريباً ولن «تكون مشجعة له»، فرئيسها بنيامين نتنياهو سيتسلم ملف الخارجية لعام واحد قبل إعادة تسليمه إلى أفيغدور ليبرمان بعدما ينتهي من القضايا المرفوعة ضده. كما أن موشي يعلون سيتسلم وزارة الدفاع وهو المعارض لأي اتفاق مع الفلسطينيين، ويرفض أي خطوة لتجميد الاستيطان. وبالطبع، فإن الملف النووي لن يغيب عن الزيارة الأميركية، فطهران تشغل بال إسرائيل، بالرغم من أن الأخيرة، وكما هو معروف أول قوة نووية في المنطقة، وإن اعتمد قياديوها على سياسة «الغموض» للردع بمساعدة أميركية، لتصبح مقولة «إسرائيل لن تكون أول دولة تدخل السلاح النووي إلى الشرق الأوسط» الإجابة الإسرائيلية الوحيدة على أي سؤال له علاقة بترسانتها النووية، والمقدرة بحوالى 200 رأس نووي، فضلاً عن الصواريخ البالستية والغواصات الحاملة للرؤوس النووية. إلا أن إدارة أوباما تصر على اعتماد الديبلوماسية والعقوبات في مقاربتها للملف النووي الإيراني. وقد نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، أن الرئيس الأميركي يعتزم أن يكرس قسماً كبيراً من محادثاته حول النووي الإيراني، فهو سيطلب من الإسرائيليين عدم إطلاق تهديدات ضد إيران ما دام المسار الديبلوماسي قائماً، وعدم مهاجمتها قبل الانتخابات الرئاسية في إيران في حزيران المقبل. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الإدارة الأميركية انه «لا يمكن إجراء تقويم لهذا المسار، والتأكد من إمكانية إيجاد حل ديبلوماسي لهذا الملف قبل تشرين الأول المقبل». وبالتالي، يبدو أن أوباما سيطلب من الإسرائيليين إمهاله حتى ذلك الشهر، لدراسة إمكانية شن هجوم عسكري يستهدف المنشآت النووية الإيرانية، فهو قد تعهد لهم بمنع طهران من امتلاك الأسلحة النووية. وتجدر الإشارة إلى أن «التهديد باستخدام القوة» ضد دولة سيادية يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي، بحسب المادة الثانية لميثاق الأمم المتحدة، الذي يطلب من الدول الأعضاء عدم اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة، كما نقل محامي القانون الدولي رضا ناصري في صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور».

المصدر : السفير/ ربى الحسيني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة