تحدّث دبلوماسي عربي مطلع على مجريات الأزمة السورية وتفاصيلها عن قطبة مخفية تتحكم بها بعد أن ثبت بما لا يقبل الشك أنّ هناك ممنوعات كثيرة تؤسس بدورها إلى استمرار القتال لحين الجلوس إلى طاولة المفاوضات التي يبدو أنها ستجري على نار حامية للغاية. فالواقع يشير إلى أنّ هناك ما يحول دون إتمام الجيش النظامي للحسم العسكري، وفي الوقت ذاته يحول دون تقدم المعارضة المسلحة على أيّ من المسارات العسكرية والسياسية، وذلك في ظل حرب اعلامية غير مسبوقة تحقق نوعا من التوازن المعنوي والعسكري مع النظام الذي يملك اوراقا عسكرية يمكن أن تكون رابحة في حال حسّن استخدامها باعتباره مالكا لأسلحة نوعية تفوق تلك المستخدمة من قبل الجيش الحر بفصائله مجتمعة.

ويلفت الدبلوماسي المذكور أيضا إلى محظورات من نوع آخر تخضع لها المعارضة السورية على غرار الاتفاق في ما بينها على توحيد القدرات العسكرية والسياسية وبالتالي الاجتماع في اي دولة مناهضة للنظام السوري والاعلان عن تشكيل حكومة انتقالية او ما يعادلها باللغة السياسية والدبلوماسية، بحيث يسجل المراقبون أنّ الخطوات الجدية اقتصرت على نزع المقعد السوري في جامعة الدول العربية وتسليمه الى الائتلاف المعارض، وكأن المطلوب من هذه المرحلة تصفية من يصفهم الغرب بالارهاب التكفيري وفي الوقت ذاته تقليم اظافر النظام فقط دون الوصول الى اسقاطه، وبالتالي إدخال سوريا في أزمة اقتصادية خانقة تمنعها من لعب أيّ دور اقليمي مؤثر، بل تدخلها في دوامة الاعمار وإعادة الهيكلة لسنوات طويلة كفيلة بترتيب خريطة جيوسياسية للمنطقة.

وبعيدا عن التطورات العسكرية وما يرافقها من تضارب في المعلومات حول نتائجها الميدانية على غرار تقدم من هنا وتراجع من هناك سرعان ما يبادر الفريق الثاني إلى نفيه جملة وتفصيلا أو التخفيف من وقعه، يكشف الدبلوماسي عن جملة معلومات متصلة بالمسار التفاوضي، لا سيما أنّ أيّ حلّ لن يكون على حساب واشنطن ولا موسكو وسلة مصالحهما المشتركة، بل على حساب الدول العربية والخليجية التي شكلت بوقت من الاوقات رأس حربة الحرب العسكرية على سوريا. فأوروبا مجتمعة حصلت على مبتغاها من خلال تنشيط صناعاتها العسكرية للتعويض على الخسائر الكبيرة التي يقدرها الخبراء بمليارات اليورو والناجمة عن مشاركة القوات الفرنسية في الحرب على ليبيا ومن ثم تورطها العسكري في مالي، وبالتالي وقوع منظمة اليورو في المزيد من العجز الاقتصادي، بحيث يشكل مبيع السلاح رقما لا يستهان به لرفده في الدورة الاقتصادية. ومن جهة ثانية فانها حصلت على وعود جدية من موسكو بخفض فاتورة الغاز الروسي بنسبة تصل الى حدود الثلاثين بالمئة في مقابل تنازلها عن دعم مشروع خط الغاز القطري المفترض عبوره داخل الاراضي السورية مرورا بتركيا وصولا الى القارة العجوز.

في المقابل، تبرز مصلحة اسرائيل والدول الغربية المتعاطفة معها باعتبار أنّ النظام السوري لا يزعج الجارة الاسرائيلية في حال كان منهكا ومنزوع الاظافر على حد التعبيراضافة الى انشغالاته الداخلية لمدة كافية لاعادة التوازن لعقود مقبولة، وهذا يقود الى الاعتقاد، وفق المصدر نفسه، إلى أنّ أيّ حلّ سياسي افتراضي سيأتي على حساب الدول الخليجية خصوصا دولة قطر التي تبتعد شيئا فشيئا عن حليفتها النفطية المملكة العربية السعودية، خصوصا أنّ الغرب، بحسب المصدر، يملك تقارير ومعلومات تؤكد أنّ الدعم القطري لمسلحي سوريا يقتصر على جبهة النصرة وفروع القاعدة اي التيارات السلفية وذلك بالرغم من إدراج الجبهة المذكورة على لائحة الارهاب الدولي، فيما تتولى المملكة دعم التيارات الوهابية وإن كان بشكل أقل مما كان عليه في الاشهر الماضية.

ويخلص الدبلوماسي إلى طرح علامة استفهام كبيرة حول الثمن الذي قد يدفعه الخليج العربي للصفقة الروسية الاميركية التي يعد لها وزيرا خارجية البلدين جون كيري وسيرغي لافروف.

  • فريق ماسة
  • 2013-03-11
  • 9491
  • من الأرشيف

هل تدفع قطر والسعودية ثمن تسوية أميركية روسية يتم الاعداد لها؟

تحدّث دبلوماسي عربي مطلع على مجريات الأزمة السورية وتفاصيلها عن قطبة مخفية تتحكم بها بعد أن ثبت بما لا يقبل الشك أنّ هناك ممنوعات كثيرة تؤسس بدورها إلى استمرار القتال لحين الجلوس إلى طاولة المفاوضات التي يبدو أنها ستجري على نار حامية للغاية. فالواقع يشير إلى أنّ هناك ما يحول دون إتمام الجيش النظامي للحسم العسكري، وفي الوقت ذاته يحول دون تقدم المعارضة المسلحة على أيّ من المسارات العسكرية والسياسية، وذلك في ظل حرب اعلامية غير مسبوقة تحقق نوعا من التوازن المعنوي والعسكري مع النظام الذي يملك اوراقا عسكرية يمكن أن تكون رابحة في حال حسّن استخدامها باعتباره مالكا لأسلحة نوعية تفوق تلك المستخدمة من قبل الجيش الحر بفصائله مجتمعة. ويلفت الدبلوماسي المذكور أيضا إلى محظورات من نوع آخر تخضع لها المعارضة السورية على غرار الاتفاق في ما بينها على توحيد القدرات العسكرية والسياسية وبالتالي الاجتماع في اي دولة مناهضة للنظام السوري والاعلان عن تشكيل حكومة انتقالية او ما يعادلها باللغة السياسية والدبلوماسية، بحيث يسجل المراقبون أنّ الخطوات الجدية اقتصرت على نزع المقعد السوري في جامعة الدول العربية وتسليمه الى الائتلاف المعارض، وكأن المطلوب من هذه المرحلة تصفية من يصفهم الغرب بالارهاب التكفيري وفي الوقت ذاته تقليم اظافر النظام فقط دون الوصول الى اسقاطه، وبالتالي إدخال سوريا في أزمة اقتصادية خانقة تمنعها من لعب أيّ دور اقليمي مؤثر، بل تدخلها في دوامة الاعمار وإعادة الهيكلة لسنوات طويلة كفيلة بترتيب خريطة جيوسياسية للمنطقة. وبعيدا عن التطورات العسكرية وما يرافقها من تضارب في المعلومات حول نتائجها الميدانية على غرار تقدم من هنا وتراجع من هناك سرعان ما يبادر الفريق الثاني إلى نفيه جملة وتفصيلا أو التخفيف من وقعه، يكشف الدبلوماسي عن جملة معلومات متصلة بالمسار التفاوضي، لا سيما أنّ أيّ حلّ لن يكون على حساب واشنطن ولا موسكو وسلة مصالحهما المشتركة، بل على حساب الدول العربية والخليجية التي شكلت بوقت من الاوقات رأس حربة الحرب العسكرية على سوريا. فأوروبا مجتمعة حصلت على مبتغاها من خلال تنشيط صناعاتها العسكرية للتعويض على الخسائر الكبيرة التي يقدرها الخبراء بمليارات اليورو والناجمة عن مشاركة القوات الفرنسية في الحرب على ليبيا ومن ثم تورطها العسكري في مالي، وبالتالي وقوع منظمة اليورو في المزيد من العجز الاقتصادي، بحيث يشكل مبيع السلاح رقما لا يستهان به لرفده في الدورة الاقتصادية. ومن جهة ثانية فانها حصلت على وعود جدية من موسكو بخفض فاتورة الغاز الروسي بنسبة تصل الى حدود الثلاثين بالمئة في مقابل تنازلها عن دعم مشروع خط الغاز القطري المفترض عبوره داخل الاراضي السورية مرورا بتركيا وصولا الى القارة العجوز. في المقابل، تبرز مصلحة اسرائيل والدول الغربية المتعاطفة معها باعتبار أنّ النظام السوري لا يزعج الجارة الاسرائيلية في حال كان منهكا ومنزوع الاظافر على حد التعبيراضافة الى انشغالاته الداخلية لمدة كافية لاعادة التوازن لعقود مقبولة، وهذا يقود الى الاعتقاد، وفق المصدر نفسه، إلى أنّ أيّ حلّ سياسي افتراضي سيأتي على حساب الدول الخليجية خصوصا دولة قطر التي تبتعد شيئا فشيئا عن حليفتها النفطية المملكة العربية السعودية، خصوصا أنّ الغرب، بحسب المصدر، يملك تقارير ومعلومات تؤكد أنّ الدعم القطري لمسلحي سوريا يقتصر على جبهة النصرة وفروع القاعدة اي التيارات السلفية وذلك بالرغم من إدراج الجبهة المذكورة على لائحة الارهاب الدولي، فيما تتولى المملكة دعم التيارات الوهابية وإن كان بشكل أقل مما كان عليه في الاشهر الماضية. ويخلص الدبلوماسي إلى طرح علامة استفهام كبيرة حول الثمن الذي قد يدفعه الخليج العربي للصفقة الروسية الاميركية التي يعد لها وزيرا خارجية البلدين جون كيري وسيرغي لافروف.

المصدر : أنطوان الحايك - مقالات النشرة


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة