دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يقول زوار وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي هذه الأيام أنه متفائل كثيرا بأن تكون هذه السنة الميلادية سنة إيرانية بامتياز، وينقلون عنه أنه يرى في الأفق انفراجا كبيرا على أكثر من مستوى في علاقة بلاده مع عواصم الغرب، ومن بينها واشنطن، وان ذلك سيفضي إلى تحقيق انجازات كبيرة لإيران.
قد يكون صالحي متفائلا أكثر من اللازم كما يعتقد البعض هنا في العاصمة الإيرانية، لاسيما إذا وضعت الممارسات والأفعال الأمريكية تجاه بلاده والمنطقة في الميزان قبل أقوال واشنطن!
غير أن من واكبوا محطة مفاوضات "آلما آتي" حول النووي الإيراني يكادون يقطعون بان رئيس الدبلوماسية الإيرانية لا يجافي الحقيقة كثيرا. فقد شهدت مدينة التفاح الكازاخستانية حرارة حديث غير مسبوق من جانب المندوبة الأمريكية في مجموعة الخمسة زائد واحد، لم يسبقها إليه حديث أي مسؤول غربي حتى الآن، ما أثار حفيظة بعض الغربيين الأوربيين ومنهم المندوب الفرنسي!
فماذا قالت وندي شيرمان وهي توجه خطابها لكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي؟
أولاً: نحن الإدارة الأمريكية وبعد تمحيص دقيق توصلنا إلى قناعة بان فتوى المرشد الأعلى للثورة حول تحريم صناعة السلاح النووي يمكن اعتبارها مرجعية مقبولة يمكن الاستناد إليها في إثبات حسن النوايا الإيرانية.
ثانيا: نحن الإدارة الأمريكية مستعدون للحوار مع الحكومة والنظام الإيراني ولا نريد تغييره أو إسقاطه!
ثالثا: نحن الإدارة الأمريكية نعتقد أن الحل لموضوع الملف النووي الإيراني يكون بلغة الحوار والدبلوماسية وليس بوسائل العنف أو الحرب.
رابعا: نحن الإدارة الأمريكية مستعدون لرفع العقوبات الأحادية منها والدولية (الصادرة عن مجلس الأمن الدولي) إذا ما قررت إيران التعاون معنا فعلا في إطار خارطة طريق لتجسير الثقة بين الجانبين.
خامسا: نحن الإدارة الأمريكية مستعدون للبدء فورا برفع العقوبات تدريجيا، ولنبدأ بملف الذهب والمعادن مقابل أن تخفف إيران نشاطها النووي، سواء من حيث استخدامها المكثف للأجيال الجديدة من أجهزة الطرد المركزي، أو من حيث سرعة تخصيبها بنسبة العشرين بالمائة.
سادسا: نحن الإدارة الأمريكية مستعدون للاعتراف بحق إيران في الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية على أن تساعدنا في إبراز تعاون كامل مع المجتمع الدولي، وتقبل بالتخصيب بنسبة خمسة بالمائة فقط، على أن ندرس تامين احتياجاتها للوقود النووي والذي يتطلب التخصيب بنسبة عشرين بالمائة من الخارج.
مع انتهاء حديث المندوبة الامريكية المفاجئ لبعض الأوروبيين طبعا، وليس للإيرانيين الذين يبدو أنهم تسلموا رسالة ما من سفير أوروبي بعينه إلى طرف في القيادة الإيرانية قبل شد الرحال إلى "آلما آتي" كما يؤكد دبلوماسيون عرب وغربيون مقيمون في طهران، مع انتهاء حديثها توجه السيد سعيد جليلي إلى الجمع بالقول:
يمكن اعتبار مثل هذا الكلام خطوة إيجابية يمكن البناء عليها في إطار الرد المنتظر منذ محطة مفاوضات موسكو، وأنه يمكننا ابتداء من هذه النقطة الشروع بمحادثات بناءة نحن مجموعة السبعة (أي إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد) يكون إطارها التعاون بين الأطراف.
في هذه اللحظة ينتفض الفرنسي الذي يبدو انه فوجئ بكلام المندوبة الأمريكية واستغرب من سرعة ردة فعل المفاوض الإيراني الطبيعية، ليوجه حديثه له بالقول: لا تذهب بعيدا وتخلص إلى ما هو ليس ممكنا بهذه السهولة أو البساطة!
لكن جليلي لم يتركه ينهي كلامه حتى قال له: إذا لم تكن تريد التعاون فماذا تريد؟ الحرب؟
وهنا بهت المندوب الفرنسي ولم ينبت ببنت شفة بعد أن شاهد وجوه كافة المندوبين لا سيما الألماني (الذي يبدو أنه هو ناقل الرسالة الأمريكية الخاصة الآنفة الذكر للإيرانيين) وهم ينظرون إليه بتعجب واستغراب وهنا ساد الجمع صمت مطبق!
يقول متابع جيد لتطورات المفاوضات الغربية مع طهران بأنه ومع ذلك فعلينا الانتظار حتى يتحرك الموفد الأمريكي الخاص، السيد پيكرينغ لنر منه إما الجديد من الرسائل أو التملص من تعهدات جون كيري!
يذكر أن السيد پيكرينغ هو المكلف من قبل أوباما للحوار مع إيران وسبق له أن عمل في ملف جنوب شرق آسيا، وعمل قبل ذلك مستشارا لدى الرئيس ومساعدا لوزير الخارجية وسفيرا لبلاده في الأردن والأمم المتحدة.
ولأن الأمريكيين قد عودوا العالم على التقلب في المواقف وعدم الثبات على مزاج واحد، فيجب علينا التأمل فيما قيل في بلاد التفاح الباردة على لسان مندوبتهم، والتمحيص فيما إذا كان كلامها مجرد مناجاة للخلاص!
لهذا ولغيره، من تاريخ تناقض الأقوال مع الأفعال، قال مرشد الثورة الإمام السيد علي الخامنئي: علينا الانتظار حتى الجولة الثانية من محادثات "آلما آتي"، نقلا عن ما يقوله المتابع الجيد.
ومع ذلك فإن الأمر لا يخلو من تفاؤل يجعل مثل صالحي يحدث زائريه بتلك اللغة، وإن أخذ عليه بعض مستمعيه إفراطه بالتفاؤل، والأهم أنه استعجل في إظهار تفاؤله هذا كما يقول متابعون مشاغبون!
المصدر :
الماسة السورية/ محمد صادق الحسيني
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة