دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كسر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الصمت الرسمي لحكومته بشأن العدوان الجوي الأخير على سوريا، معلناً أن ما حصل يثبت ترابط أفعال إسرائيل مع أقوالها. وفي وقت كشفت فيه صحيفة «صانداي تايمز» البريطانية النقاب عن تفكير إسرائيل بإنشاء «حزام أمني» بعرض 16 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، كشفت صحيفة «معاريف» هي الأخرى عن إقامة «العائق الحدودي الأكثر تطوراً في العالم» في هضبة الجولان السورية المحتلة مؤخراً.
وبدّد وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في اجتماع أمني أوروبي في ألمانيا، أمس، الغموض الرسمي بشأن الغارة على سوريا. وقال بالحرف إن «ما جرى في سوريا قبل بضعة أيام، يثبت أننا عندما نقول شيئاً، فإننا نقصده. ونحن نقول إننا لا نظن بوجوب السماح بنقل منظومات سلاح متقدمة إلى لبنان». وهذا أول إقرار إسرائيلي بالمسؤولية عن الغارة التي لا تزال تتضارب الأنباء بشأن ما استهدفته، وهل كانت في موضع واحد أم مواضع عدة.
وتوقع باراك، في حديثه أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ، سقوط النظام السوري «في أي لحظة» بعدم كان توقع قبل أكثر من عام سقوط هذا النظام «خلال أسابيع». وشدد على أن إيران و«حزب الله» سيتضرران من دعمهما المتواصل للنظام السوري، وأنهما «سوف يدفعان الثمن». وطالب الأسرة الدولية بالضغط على إيران لوقف مشروعها النووي، مبدياً شكوكه بصدق نياتها التفاوضية، ومطالباً بعدم «استبعاد أي خيار عن الطاولة» في مواجهتها.
وكانت سوريا قد أقرّت بأن الغارة استهدفت مركز البحوث العلمية التابع لوزارة الدفاع في جمرايا، وأن الصواريخ استهدفت المبنى ومرأب السيارات. غير أن تحليلاً إسرائيلياً للصور التي نشرها التلفزيون السوري عن آثار الغارة، أظهر تدمير آليات كالتي تحمل منظومة صواريخ «سام 17» التي تحدّثت الأنباء عن أنها كانت الهدف. وأشار التحليل الإسرائيلي إلى أن نشر الصور هذه يعني إقرار سوريا باستهداف قافلة سواء أكانت في الطريق إلى لبنان أم قبل انطلاقها.
ونقلت مجلة «تايم» الأميركية عن «مصدر استخباري غربي كبير» قوله إن الطائرات الإسرائيلية هاجمت في الأسبوع الماضي أهدافاً عدة في سوريا عدا مركز البحوث وقافلة صواريخ «سام 17». وأشارت المجلة إلى أن «هدفاً واحداً أو هدفين إضافيين هوجما في تلك الليلة». وكتبت أنه في الغارة على المنشأة قرب دمشق، والتي تحوي، بحسب المجلة، أسلحة غير تقليدية، تضررت أعتدة متطورة «ضرورية لنشر سلاح كيميائي وبيولوجي». وشددت على أن إسرائيل حصلت من واشنطن على «ضوء أخضر»، وأن الهجوم تم بالتعاون بين الدولتين.
وقد أشار المراسل الأمني لصحيفة «صانداي تايمز» البريطانية عوزي محنايمي، إلى أن اسرائيل تفكر بإنشاء حزام أمني بعرض حوالي 16 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، لحماية نفسها من الأصوليين في الجانب الآخر من الحدود. وكتب أن الاقتراح الذي بلوره الجيش الإسرائيلي رفع الى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ويفترض أن يحمي حدوداً تمتد على مسافة 75 كيلومتراً في ضوء خطر الإسلاميين، في حال فقدان نظام الرئيس بشار الاسد السيطرة على المنطقة.
وبحسب «صانداي تايمز»، ستكون المنطقة الفاصلة مشابهة للحزام الأمني في لبنان، الذي كان بعرض حوالي 25 كيلومتراً. ونقلت عن مصدر مقرب من معدي الخطة العسكرية قوله، «عرضنا على رئيس الوزراء خطة شاملة لحماية حدود اسرائيل بعد، أو ربما قبل، سقوط نظام الأسد»، مضيفاً «في قلب الخطة يوجد حزام أمني سيقام في ظل التعاون مع القرى المحلية. اذا بقيت سوريا غير مستقرة، فلعلنا نحتاج الى البقاء هناك لسنوات».
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن منشأة استخبارات ايرانية قرب مدينة درعا، وتبعد نحو 11 كيلومتراً عن الحدود، باتت أيضاً ضمن قائمة الأهداف المستقبلية لإسرائيل. وتقع هذه المنشأة على مسافة 16 كيلومتراً من منشأة إسرائيلية مشابهة في جبل مقابل.
من جهة ثانية، أشارت «معاريف» إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ بإقامة «العائق الحدودي الاكثر تطوراً في العالم» في هضبة الجولان. وبحسب الصحيفة فإن كلفة المشروع، الذي تنفذه شركة «البيت» للمنظومات، يقدر بنحو ربع مليار شيكل. وتدّعي أوساط جهاز الأمن بأنه لا يتعلق بالتوتر الأخير في الشمال، وتشير الى أن إقامته تقررت السنة الماضية، في ضوء ضعف الحكم المركزي في سوريا، والتخوف من ترسيخ قوة «الجهاد العالمي» بجوار الحدود.
وفي إطار إنشاء العائق الجديد، أقيمت في العام 2012 تسعة كيلومترات من السياج «الذكي»، وتم تجديد حقول الألغام على طول الحدود. وحتى منتصف السنة الحالية سيستكمل عائق متطور على طول حوالي 60 كيلومتراً. وبذلك ستصبح الحدود الاسرائيلية ـ السورية قريباً أول حدود في العالم تعمل فيها كاشفات ومجسات تبث كل الوقت كميات كبيرة من المعطيات الى مركز تحكم محوسب، يعرف كيف يحللها تلقائياً ويشخص كل مؤشر مشبوه استثنائي. وتبث المعلومات أيضاً حتى في الظروف الجوية القاسية التي تتميز بها هضبة الجولان. وستوفر المنظومة التلقائية الحاجة الى تشغيل عشرات المجندات من سلاح الاستخبارات في أعمال الرقابة.
وعلى صعيد آخر، سيجري رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بني غانتس لقاءت مع نظيره الأميركي مارتن ديمبسي في واشنطن. وكان غانتس وصل إلى الولايات المتحدة أمس في زيارة رسمية تستغرق خمسة أيام تلبية لدعوة من ديمبسي. وجاء في بيان للجيش الإٍسرائيلي أنه سيتم بحث «التحديات الأمنية الراهنة والوضع الأمني العام في الشرق الأوسط والتعاون العسكري بين البلدين».
المصدر :
حلمي موسى
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة