إذا أردت أن تعرف دفة السفينة السورية، فعليك أن تعرف ماذا يخبّئ وليد جنبلاط في جعبته من زيارته الروسية.

لم يحط الرجل رحاله في «العاصمة البيضاء»، إلا ليخرج منها محمّلاً بالمعطيات التي تسمح له بإدارة بوصلته وفق الرياح الدولية. لن يعاكسها أبداً، ولن يخالف تقلباتها إذا حصلت، أو تموجاتها إذا وقعت. المفاوضات العابرة للمحيطات هي التي ستحسم مصير الكباش الدولي على الأرض السورية. تخطّت اللعبة قواعد «الربيع العربي» وساحاته، وحتى إفرازاته.

في موسكو، الملف السوري «محشو» بـ«الداتا». معارك بلاد الأمويين صارت الخبز اليومي لفلاديمير بوتين، وممره الإلزامي من الكرملين إلى المياه الدافئة، التي لن يتخلى عنها بسهولة. أما باراك أوباما بنسخته الثانية، فيحاذر الوقوع في شرك التورط العسكري من جديد، وهو الذي لم تمض أشهر بعد على توديعه العسكري لبلاد ما بين النهرين ويستعد لتوديع جبال «تورا بورا» بعدما لاحق أسامة بن لادن حتى حتفه الأخير.

في موسكو، كان لقاء الضيف اللبناني مع المسؤولين الروس ودّياً، على خلاف الجلسات التي عقدها في المكاتب ذاتها، منذ نحو عام. يومها بدا النقاش جامداً، لا بل قاسياً كصقيع تلك البلاد. هذه المرة اختلف الوضع. طرأت ليونة ما على الحديث. الطبق السوري تصدّر قائمة النقاش. الكل متفق على الحل السياسي ومؤتمر جنيف، ولكن كيف يمكن تطبيقه؟ التوافق يشمل أيضاً المرحلة الانتقالية، ولكن من يحدد شروطها؟

وفق القراءة الجنبلاطية: بشار الأسد باق، باق، باق...

في هذه الأثناء، يلملم الرئيس الأميركي المجدّدة ولايته، إدارته الجديدة، وسط تحديات عدة، أبرزها المفاوضات مع إيران حول السلاح النووي، التحذير «التاريخي» الذي وجهه إلى بنيامين نتنياهو، وتحوّل بلاد «العم سام» في وقت غير بعيد، إلى دولة مصدّرة للنفط والغاز.

ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك، وفق نظرة جنبلاط، أنّ واشنطن قد تستغني قريباً عن النفط الخليجي، الذي تُسيّل أمواله، أسلحةً تكدّس في المخازن من دون أي وظيفة، ومشاريع «همايونية» سرعان ما تذوب في الرمال، في حين تكفي حفنة من هذه الدنانير لمحو الأمية.

يعني أيضاً، أن الإدارة الأميركية غير مبالية لما يحصل في دمشق وريفها، وفي بقية المدن والقرى السورية. كما يعني أنّ «أصدقاء سوريا»، مكتفون بالبهرجة الإعلامية، والمؤتمرات الصحافية الرنانة، التي تنقل المعارضات السورية من تجمّع إلى تحالف، إلى ائتلاف... ولكن أين الحكومة الانتقالية (المعارضة) التي يفترض أن تتحمّل مسؤولية خزانة التمويل بدلاً من توزيع المال يمنة ويسرة؟

وبينما كان الزعيم الدرزي ينزل سلّم طائرة الإياب إلى بيروت، كان صديقه نجيب ميقاتي يحل ضيفاً على قيادة المملكة العربية السعودية، رئيساً لحكومة لبنان، أو «لحكومة حزب الله»، كما يسميها هذا المحور. انعطافة فاقعة في سياسة المملكة في لبنان، قد يبني الكثيرون عليها.

بالمبدأ، هي إشارة جيدة، كما يراها رئيس «جبهة النضال الوطني»، مع العلم أنّ هناك من يقول إنّ اللقاءات كانت بروتوكولية الطابع، ما كان بالإمكان القفز فوقها، ولكنها «تعبّر بالنتيجة عن انفتاح سعودي على أمر واقع لبناني». يقرّ وليد جنبلاط أنّ الرياض عاتبة عليه وعلى رئيس الحكومة، لكنها «لطالما كانت حاضنة لكل اللبنانيين، ولكل مؤسساتهم الاجتماعية، فكيف تترك اليوم، وعلى سبيل المثال، مؤسسة «المقاصد» بكل تاريخها؟»
  • فريق ماسة
  • 2013-01-23
  • 12356
  • من الأرشيف

جنبلاط لـ«السفير»: الروس مقتنعون بأن الأسد باقٍ باقٍ باقٍ

إذا أردت أن تعرف دفة السفينة السورية، فعليك أن تعرف ماذا يخبّئ وليد جنبلاط في جعبته من زيارته الروسية. لم يحط الرجل رحاله في «العاصمة البيضاء»، إلا ليخرج منها محمّلاً بالمعطيات التي تسمح له بإدارة بوصلته وفق الرياح الدولية. لن يعاكسها أبداً، ولن يخالف تقلباتها إذا حصلت، أو تموجاتها إذا وقعت. المفاوضات العابرة للمحيطات هي التي ستحسم مصير الكباش الدولي على الأرض السورية. تخطّت اللعبة قواعد «الربيع العربي» وساحاته، وحتى إفرازاته. في موسكو، الملف السوري «محشو» بـ«الداتا». معارك بلاد الأمويين صارت الخبز اليومي لفلاديمير بوتين، وممره الإلزامي من الكرملين إلى المياه الدافئة، التي لن يتخلى عنها بسهولة. أما باراك أوباما بنسخته الثانية، فيحاذر الوقوع في شرك التورط العسكري من جديد، وهو الذي لم تمض أشهر بعد على توديعه العسكري لبلاد ما بين النهرين ويستعد لتوديع جبال «تورا بورا» بعدما لاحق أسامة بن لادن حتى حتفه الأخير. في موسكو، كان لقاء الضيف اللبناني مع المسؤولين الروس ودّياً، على خلاف الجلسات التي عقدها في المكاتب ذاتها، منذ نحو عام. يومها بدا النقاش جامداً، لا بل قاسياً كصقيع تلك البلاد. هذه المرة اختلف الوضع. طرأت ليونة ما على الحديث. الطبق السوري تصدّر قائمة النقاش. الكل متفق على الحل السياسي ومؤتمر جنيف، ولكن كيف يمكن تطبيقه؟ التوافق يشمل أيضاً المرحلة الانتقالية، ولكن من يحدد شروطها؟ وفق القراءة الجنبلاطية: بشار الأسد باق، باق، باق... في هذه الأثناء، يلملم الرئيس الأميركي المجدّدة ولايته، إدارته الجديدة، وسط تحديات عدة، أبرزها المفاوضات مع إيران حول السلاح النووي، التحذير «التاريخي» الذي وجهه إلى بنيامين نتنياهو، وتحوّل بلاد «العم سام» في وقت غير بعيد، إلى دولة مصدّرة للنفط والغاز. ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك، وفق نظرة جنبلاط، أنّ واشنطن قد تستغني قريباً عن النفط الخليجي، الذي تُسيّل أمواله، أسلحةً تكدّس في المخازن من دون أي وظيفة، ومشاريع «همايونية» سرعان ما تذوب في الرمال، في حين تكفي حفنة من هذه الدنانير لمحو الأمية. يعني أيضاً، أن الإدارة الأميركية غير مبالية لما يحصل في دمشق وريفها، وفي بقية المدن والقرى السورية. كما يعني أنّ «أصدقاء سوريا»، مكتفون بالبهرجة الإعلامية، والمؤتمرات الصحافية الرنانة، التي تنقل المعارضات السورية من تجمّع إلى تحالف، إلى ائتلاف... ولكن أين الحكومة الانتقالية (المعارضة) التي يفترض أن تتحمّل مسؤولية خزانة التمويل بدلاً من توزيع المال يمنة ويسرة؟ وبينما كان الزعيم الدرزي ينزل سلّم طائرة الإياب إلى بيروت، كان صديقه نجيب ميقاتي يحل ضيفاً على قيادة المملكة العربية السعودية، رئيساً لحكومة لبنان، أو «لحكومة حزب الله»، كما يسميها هذا المحور. انعطافة فاقعة في سياسة المملكة في لبنان، قد يبني الكثيرون عليها. بالمبدأ، هي إشارة جيدة، كما يراها رئيس «جبهة النضال الوطني»، مع العلم أنّ هناك من يقول إنّ اللقاءات كانت بروتوكولية الطابع، ما كان بالإمكان القفز فوقها، ولكنها «تعبّر بالنتيجة عن انفتاح سعودي على أمر واقع لبناني». يقرّ وليد جنبلاط أنّ الرياض عاتبة عليه وعلى رئيس الحكومة، لكنها «لطالما كانت حاضنة لكل اللبنانيين، ولكل مؤسساتهم الاجتماعية، فكيف تترك اليوم، وعلى سبيل المثال، مؤسسة «المقاصد» بكل تاريخها؟»

المصدر : الماسة السورية/ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة