دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا زال المازوت يسجل غيابا قاسيا في السوق لا سيما في فصل الشتاء، ليصبح أمر الاستغناء عنه للتدفئة أمرا عاديا، لكنه على مفاصل أخرى من الحياة، لم يستطع تبرير غيابه تحديدا في قطاع النقل.
وإذا كان ثمة مبررات للغياب في بعض الأوقات، تظهر الكثير من المفارقات التي تجعل من غياب المادة التي تجاوزت في سعرها داخل السوق السوداء لسعر البنزين، أمرا غير طبيعي يحتاج للوقوف كثيرا، قبل الانصراف لتصديق جدوى الإجراءات المتخذة في هذا السياق.
تجارة.. أم أزمة محروقات
اذا كان المواطنون تأقلموا مع شح مادة المازوت، فإن ما لا يمكن التأقلم معه هو أسعارها في السوق السوداء والتي وصلت حتى 100 ليرة لليتر الواحد، وهذا دونما رقابة.
بل أن الأمر تعدى ذلك إلى حالة تحدي أمام استياء المستهلكين من سعر "السوداء"، لتغني هذه السوق على ليل "إذا ما عجبك بلط الزرقا"، ليبرز هنا تساؤل عن الدور الرقابي وحماية المستهلك.
لكن السؤال الأهم يدور حول توافر المادة في السوق السوداء، وشحها في السوق النظامية وفق السعر المدعوم حكوميا، وهو الأمر الذي حير المتسائلين بعد صمت طويل للأجوبة.
كما تنبغي الإشارة إلى أن أسعار السوق السوداء ترتفع بالتزامن مع أي تصريح بأن بواخر المشتقات النفطية وصلت إلى أحد مينائي سوريا، حيث كان تصريح المدير العام السابق لشركة المحروقات تمام السباعي قد أوضح قبل أسبوع أن 7000 متر مكعب من النفط الخام ستصل إلى سوريا، كفيلا برفع معنويات المستهلكين خاصة وأن مصفاة بانياس ستعود إلى العمل من جديد، وبالتالي فإن الضغط سيخف للنصف.
وما يثبت وجهة نظر بعض مراقبي السوق، فإن اضراب وسائل النقل في حي ضاحية الأسد بريف دمشق، دفع بناحية المنطقة إلى تأمين سيارات مختصة بالتعبئة، وتمت عملية تعبئة وسائل النقل لتعاود عملها ولكن ليس بالسعر المدعوم، وإنما بسعر السوداء أو أقل بقليل، لإن جهة حكومية تتعامل مع السوداء في هذه الحالة، ليصبح الأمر ببساطة هو أن من يتحكم حاليا هم تجار السوداء دون منازع.
وحاليا وبعد السماح للتجار في سوريا باستخدام علاقاتهم الخارجية واستحضار بواخر نفطية على حسابهم وضخها في السوق، سيصبح المازوت متوافرا وضمن ضوابط توضع لمنع التلاعب بالأسعار، كل باخرة وتكلفة إيصالها إلى سوريا، ليبدوا المشهد مشجعا من ناحية اقتراب انتهاء الأزمة، ولكن ليس اقتراب تبريد الأسعار لجعلها بالسعر النظامي المدعوم.
وسائل النقل «عملة نادرة» والمحافظة .. تدرس
بعد تأمين مادة المازوت للأفران والمتابعة التي تتلقاها من الحكومة، دعت الحاجة إلى توجه الأنظار إلى اختفاء وسائل النقل من مدينة دمشق بشكل كبير وملفت، بعد أن رفض بعضهم العمل وفقا لتعرفة الركوب القديمة المقرر على أساس السعر السابق للمازوت عندما كان متوفرا.
ليركن البعض الآخر باصاتهم بانتظار دور التعبئة أمام المحطات، حيث كان أكثر من 70 ميكرو باص يعمل على خط –مزة جبل- يقفون على إحدى المحطات، والقسم الأخير كان يحتار بين شرطة المرور التي لم تسمح له برفع الأجرة أكثر مما وضعته محافظة دمشق وبين سعر «تنكة المازوت» التي أفصح سائق سيرفيس عن شرائها ب 1200 ليرة سورية.
إجراءات محافظة دمشق.. قيد الدراسة
محافظة دمشق عقدت اجتماعا خاصا لدراسة واقع تسعيرة النقل الجديدة على كافة الخطوط في دمشق، بعد أكثر من 7 أشهر من أزمة المحروقات، لتخرج برفع سعر تأشيرة الركوب بما يتناسب مع سعر المدعوم للمازوت «المفقود»، لتعود المشكلة في تأمينه.
وقال هيثم ميداني عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق أن المحافظة تدرس موضوع رفع التأشيرة ولكن عليها أيضا أن تهتم بكامل وسائل النقل ومدى جهوزيتها وليس فقط حسب سعر المازوت، موضحا بأن المحافظة تعمل على «تذليل» العقبات في هذا المجال، لتخرج التأشيرة الجديدة بحسب رؤية المحافظة لواقع المازوت في دمشق، وليس بحسب مازوت «السوداء» المسيطر.
وبالبقاء في إجراءات المحافظة التي اتبعت للحد من تفاقم أزمة فقدان المازوت والتلاعب بالمواطنين والانتقال بهم من السوق «السوداء» إلى المحطات الحكومية الدائمة الشكوى، فإن المحافظة تدرس حاليا تشكيل لجان من المجتمع الأهلي لمراقبة آلية توزيع وبيع مادة المازوت، الأمر الذي أكده عادل علبي رئيس مجلس مدينة دمشق، معللا بأن المجتمع المحلي أقدر على مراقبة الوضع لإنه ملتصق بالمواطنين، وسيكون اتصال اللجان المشرفة مباشرا مع كل الجهات المسؤولة عن المخالفات في هذا الموضوع، وأضاف العلبي أن تجربة اللجان المحلية كانت قد نجحت في موضوع الغاز في وقت سابق، متفائلا بنجاحها في موضوع المازوت.
أولوية لمازوت وسائل النقل
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق أكد بأن المازوت الخاص بوسائل النقل وضع في المستوى الثاني بعد الخبز وبنسبة 30% من الكميات التي تأتي إلى المحافظة، ومدير المحروقات في ريف دمشق منصور طه شرح آلية توزيع المازوت المخصص لوسائل النقل وقال بأن 26 مليون ليتر خصص لمحافظة ريف دمشق هذا الشهر، وكلهم أكدوا بأن النقص في المادة هو عامل خارجي، ولم يشرح أحد آلية اختفاء المادة من المحطات، إلا المحتاجين للمازوت، والذي اتهم أحدهم المحطات ببيع المازوت لتجار السوق السوداء.
شماعة الأزمة لم تعد تستطيع تحمل أعذار وأخطاء أحد، ولكن بالانتقال إلى المواطن أصبح الجميع يرمي بالحق عليه، من حماية المستهلك إلى وزارة النفط بكافة فروعها ومؤسساتها، راجين منه أن يقتصد، وأن يراقب وأن يشتكي، مدعين بأن ثقافة الشكوى غير موجودة، ولكن وبحسب آراء المواطنين بهذا الصدد بالذات، فإن الجواب واحدا تقريبا وهو أن الشكوى لن تدفأ أحد أو تعبئ وسيلة نقل، ولكن وجود المازوت في المحطات ومراقبتها بشكل جيد وعدم تهريبها إلى دول الجوار يفيد
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة