أنقرة | اعتقلت السلطات التركية خلال اليومين الماضيين 85 شخصاً، بينهم 15 محامياً، على خلفية اتهامات بالتجسس لصالح سوريا واليونان، إضافة الى انتمائهم إلى منظمة يسارية محظورة، لكن أحد المتهمين قال إنهم قيد الاعتقال بسبب دفاعهم عن حقوق الشعب السوري، وعن كل الأشخاص المقموعين في تركيا.

ويُتهم المحامون «بنقل معدات من قادة المنظمة المعتقلين في السجن الى المسلحين، فيما اتهم 9 من أصل 15 محامياً بأنهم أعضاء في جمعية المحامين التقدمية التي يرأسها سيلسوك كوزاسلي». واعتبرت الجمعية في بيانها أن المداهمات التي جرت يوم الجمعة كانت عبارة عن «إرهاب شرطة ضد محامي الدفاع». وأضافت إن «الدولة في حالة هجوم متكامل ضد الشعب والمؤسسات التي تعارض النظام وتناضل من أجل الديموقراطية والحرية». وقالت إن الترتيبات والإجراءات القانونية المناقضة للديموقراطية تهدف الى «تقويض المجتمع وتدمير المعارضة»، مشددة في الوقت نفسه على أن جمعية المحامين سوف تواصل عملها الحالي من أجل «الدفاع عن الحق، والدفاع حتى النهاية».

ومساء السبت عقب المداهمات، جرت تظاهرة في ساحة «تقسيم» في اسطنبول للاحتجاج على العملية الأمنية، وشارك فيها عدد من نواب حزب «السلام والديموقراطية» الموالي للأكراد، اضافة الى العديد من المحامين وناشطي اليسار.

وعندما انتقد المدافعون عن حقوق الإنسان هذه الاعتقالات، ولا سيما تلك التي استهدفت المحامين، أصدرت الشرطة بياناً قالت فيه إن هؤلاء لم يعتقلوا على خلفية نشاطهم كمحامين، وإنما لأنهم أعضاء في منظمة محظورة تعمل على «نقل معلومات سرية للغاية حول بلادنا والتجسس لصالح دول أخرى، ولهذا السبب أنشأوا مراكز تواصل سرية». وأضافت إن المعتقلين لم يفتحوا الأبواب للقوات الأمنية، وقاموا بتلف وإحراق العديد من الديسكات والوثائق، الى أن تمكنت الشرطة من كسر الأبواب. وذكرت صحيفة «حرييت» أن الدول الأخرى التي أشار إليها بيان الشرطة هي سوريا واليونان.

بدوره، قال رئيس جمعية المحامين التقدمية، سيلسوك كوزاسلي في بيان «لقد برهنا ووثقنا مرافق هؤلاء الأشخاص الذي فتحوا الحدود التركية من أجل تسليح المهاجمين الذي يغتصبون وينهبون الشعب السوري. نحن محامو الشعب السوري».

وكوزاسلي على لائحة المطلوبين للاعتقال في هذه القضية، لكن الشرطة لم تتمكن من العثور عليه إلا يوم أمس، لأنه كان في الخارج. وكانت صحيفة «حرييت» التركية قد ذكرت أنه في سوريا، لكنه قال للطبعة الإنكليزية للصحيفة نفسها إنه في بيروت، وسوف يعود الى تركيا. وفور دخوله الأراضي التركية صباح أمس، أُلقي القبض عليه في مطار اسطنبول.

وأضاف كوزاسلي في بيانه إن اتهامات التجسس سخيفة، وخصوصاً عندما تأتي من قبل اشخاص لا يستطيعون الذهاب الى المراحيض من دون إذن الولايات المتحدة، وغير قادرين على الدخول الى قواعد حلف شمالي الأطلسي الموجودة فوق أراضيهم.

وقبيل اعتقاله، قال لتلفزيون «آي أم سي»، إنهم كانوا في دمشق قبل الانتقال الى بيروت، وإنه تسنى لهم جمع وثائق تثبت الأفعال الخاطئة لتركيا في ما يتعلق بسوريا، لكنه لم يعط تفاصيل حول هذه الإثباتات. وأضاف «كل هذه الادّعاءات غير منطقية. منذ 1974، ونحن كجمعية حقوقية نناضل ضد كل أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان. لم نستسلم حتى إبان الحكم العسكري. ليس بإمكان أحد أن يتدخل في مهمتنا المتعلقة بالدفاع، ولكن يبدو جلياً أنه بالنسبة الى الحكومة مجرد وجود الجمعية غير قابل للاحتمال».

وقال كوزاسلي إنه التقى نائب رئيس الحكومة السورية قدري جميل ووزير المصالحة الوطنية علي حيدر عندما زار سوريا، إضافة الى مسؤولين آخرين ورؤساء جمعيات التجارة والصناعة. وأوضح «تحدثنا مع الشعب السوري. أخبرونا عن النهب والقتل اللذين يمارسهما المسلحون، وخصوصاً في حلب. ووعدناهم بأن نكون محامي الشعب السوري كي نلاحق الأفعال غير القانونية التي مورست ضدهم. وعدناهم بأن نواصل عملنا كمحامين للأتراك والعرب والأكراد».

ويتمتع كوزاسلي وجمعيته بشهرة واسعة بسبب حساسية دفاعهم عن حقوق الإنسان، ويمثلون الضحايا في العديد من قضايا التعذيب وتلك المتعلقة بالعنف المستخدم من قبل الشرطة، وفي الآونة الأخيرة، أنشأوا خطاً ساخناً يسمى «النجدة، الشرطة». والهدف منه جمع الشكاوى من المواطنين حول وحشية عناصر الشرطة. وهذا المصطلح «النجدة، الشرطة» هو تعبير معاكس للمصطلح المعروف في الخط الساخن «الشرطة، النجدة»، الرقم الطارئ الذي يلجأ من خلاله المواطنون الى القوات الأمنية.

وبدأت الحملة ضد كوزاسلي ورفاقه صباح يوم الجمعة، بحيث أطلقت الشرطة حملات مداهمة في سبع محافظات، وأُعلن أن العملية تستهدف أعضاء في جبهة التحرير الشعبية الثورية المحظورة.

وينتقد اليسار التركي السياسة الحكومية تجاه سوريا، ويتهمون حكومتهم بأن لديها طموحات امبريالية في سوريا وتسمح للجماعات السلفية بأن تستخدم الحدود التركية السورية لنقل السلاح.

  • فريق ماسة
  • 2013-01-20
  • 11296
  • من الأرشيف

عشرات المعتقلين في تركيا بتهمة التجسّس لصالح سوريا

أنقرة | اعتقلت السلطات التركية خلال اليومين الماضيين 85 شخصاً، بينهم 15 محامياً، على خلفية اتهامات بالتجسس لصالح سوريا واليونان، إضافة الى انتمائهم إلى منظمة يسارية محظورة، لكن أحد المتهمين قال إنهم قيد الاعتقال بسبب دفاعهم عن حقوق الشعب السوري، وعن كل الأشخاص المقموعين في تركيا. ويُتهم المحامون «بنقل معدات من قادة المنظمة المعتقلين في السجن الى المسلحين، فيما اتهم 9 من أصل 15 محامياً بأنهم أعضاء في جمعية المحامين التقدمية التي يرأسها سيلسوك كوزاسلي». واعتبرت الجمعية في بيانها أن المداهمات التي جرت يوم الجمعة كانت عبارة عن «إرهاب شرطة ضد محامي الدفاع». وأضافت إن «الدولة في حالة هجوم متكامل ضد الشعب والمؤسسات التي تعارض النظام وتناضل من أجل الديموقراطية والحرية». وقالت إن الترتيبات والإجراءات القانونية المناقضة للديموقراطية تهدف الى «تقويض المجتمع وتدمير المعارضة»، مشددة في الوقت نفسه على أن جمعية المحامين سوف تواصل عملها الحالي من أجل «الدفاع عن الحق، والدفاع حتى النهاية». ومساء السبت عقب المداهمات، جرت تظاهرة في ساحة «تقسيم» في اسطنبول للاحتجاج على العملية الأمنية، وشارك فيها عدد من نواب حزب «السلام والديموقراطية» الموالي للأكراد، اضافة الى العديد من المحامين وناشطي اليسار. وعندما انتقد المدافعون عن حقوق الإنسان هذه الاعتقالات، ولا سيما تلك التي استهدفت المحامين، أصدرت الشرطة بياناً قالت فيه إن هؤلاء لم يعتقلوا على خلفية نشاطهم كمحامين، وإنما لأنهم أعضاء في منظمة محظورة تعمل على «نقل معلومات سرية للغاية حول بلادنا والتجسس لصالح دول أخرى، ولهذا السبب أنشأوا مراكز تواصل سرية». وأضافت إن المعتقلين لم يفتحوا الأبواب للقوات الأمنية، وقاموا بتلف وإحراق العديد من الديسكات والوثائق، الى أن تمكنت الشرطة من كسر الأبواب. وذكرت صحيفة «حرييت» أن الدول الأخرى التي أشار إليها بيان الشرطة هي سوريا واليونان. بدوره، قال رئيس جمعية المحامين التقدمية، سيلسوك كوزاسلي في بيان «لقد برهنا ووثقنا مرافق هؤلاء الأشخاص الذي فتحوا الحدود التركية من أجل تسليح المهاجمين الذي يغتصبون وينهبون الشعب السوري. نحن محامو الشعب السوري». وكوزاسلي على لائحة المطلوبين للاعتقال في هذه القضية، لكن الشرطة لم تتمكن من العثور عليه إلا يوم أمس، لأنه كان في الخارج. وكانت صحيفة «حرييت» التركية قد ذكرت أنه في سوريا، لكنه قال للطبعة الإنكليزية للصحيفة نفسها إنه في بيروت، وسوف يعود الى تركيا. وفور دخوله الأراضي التركية صباح أمس، أُلقي القبض عليه في مطار اسطنبول. وأضاف كوزاسلي في بيانه إن اتهامات التجسس سخيفة، وخصوصاً عندما تأتي من قبل اشخاص لا يستطيعون الذهاب الى المراحيض من دون إذن الولايات المتحدة، وغير قادرين على الدخول الى قواعد حلف شمالي الأطلسي الموجودة فوق أراضيهم. وقبيل اعتقاله، قال لتلفزيون «آي أم سي»، إنهم كانوا في دمشق قبل الانتقال الى بيروت، وإنه تسنى لهم جمع وثائق تثبت الأفعال الخاطئة لتركيا في ما يتعلق بسوريا، لكنه لم يعط تفاصيل حول هذه الإثباتات. وأضاف «كل هذه الادّعاءات غير منطقية. منذ 1974، ونحن كجمعية حقوقية نناضل ضد كل أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان. لم نستسلم حتى إبان الحكم العسكري. ليس بإمكان أحد أن يتدخل في مهمتنا المتعلقة بالدفاع، ولكن يبدو جلياً أنه بالنسبة الى الحكومة مجرد وجود الجمعية غير قابل للاحتمال». وقال كوزاسلي إنه التقى نائب رئيس الحكومة السورية قدري جميل ووزير المصالحة الوطنية علي حيدر عندما زار سوريا، إضافة الى مسؤولين آخرين ورؤساء جمعيات التجارة والصناعة. وأوضح «تحدثنا مع الشعب السوري. أخبرونا عن النهب والقتل اللذين يمارسهما المسلحون، وخصوصاً في حلب. ووعدناهم بأن نكون محامي الشعب السوري كي نلاحق الأفعال غير القانونية التي مورست ضدهم. وعدناهم بأن نواصل عملنا كمحامين للأتراك والعرب والأكراد». ويتمتع كوزاسلي وجمعيته بشهرة واسعة بسبب حساسية دفاعهم عن حقوق الإنسان، ويمثلون الضحايا في العديد من قضايا التعذيب وتلك المتعلقة بالعنف المستخدم من قبل الشرطة، وفي الآونة الأخيرة، أنشأوا خطاً ساخناً يسمى «النجدة، الشرطة». والهدف منه جمع الشكاوى من المواطنين حول وحشية عناصر الشرطة. وهذا المصطلح «النجدة، الشرطة» هو تعبير معاكس للمصطلح المعروف في الخط الساخن «الشرطة، النجدة»، الرقم الطارئ الذي يلجأ من خلاله المواطنون الى القوات الأمنية. وبدأت الحملة ضد كوزاسلي ورفاقه صباح يوم الجمعة، بحيث أطلقت الشرطة حملات مداهمة في سبع محافظات، وأُعلن أن العملية تستهدف أعضاء في جبهة التحرير الشعبية الثورية المحظورة. وينتقد اليسار التركي السياسة الحكومية تجاه سوريا، ويتهمون حكومتهم بأن لديها طموحات امبريالية في سوريا وتسمح للجماعات السلفية بأن تستخدم الحدود التركية السورية لنقل السلاح.

المصدر : فاطمة كايابال\ الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة