انفجرت خلال الأيام الماضية، مجموعة من الأحداث، تكشف عن خوف خليجي من الإخوان. لكن بما أنّ قطر، بنظرهم، هي التي تدعم إخوان مصر، فهي متهمة أيضاً، وهو ما جرى التلميح إليه في أكثر من مناسبة ومكان

تكشف سلسلة من الأحداث والتصريحات والسجالات ما بين القاهرة والإمارات والكويت، إضافة الى وسائل إعلام محسوبة على السعودية، عن امتعاض خليجي واضح من إمارة قطر، بسبب دعمها لإخوان مصر والخليج، على حسب ادّعاءاتهم. وهذا الامتعاض لم يُنقل بأي حال من الأحوال بشكل مباشر، وهذا أمر طبيعي في ظل الدبلوماسية الخليجية «الصامتة»، لكنّه جاء عن طريق الغمز واللمز من قبل مسؤولين وسياسيين وإعلاميين.

تبدأ هذه الأحداث من اتهامات قطر بدعمها لإخوان مصر، وهو اتهام لم يسوّقه الخليجيون فقط، وإنما أيضاً الدول العربية الأخرى، مروراً بالكشف عن خليّة إخوانية مصرية هدفها الاستيلاء على الحكم في الإمارات، إضافة الى تصريحات لقائد شرطة دبي ضاحي خلفان ومقالات صحافيين سعوديين، وليس أخيراً مع الجلسة البرلمانية السرّية في الكويت التي تناولت بشكل مباشر دعم قطر لإخوان الخليج.

مجموعة من المعطيات، وإن جرى ربطها مع بعضها البعض، تخلص الى وجود استياء، إن لم يكن هجوماً، على قطر، وإن كانت الوحدة الخليجية قد ترفّعت عن أي خلافات من أجل حماية البيت الخليجي من عدوى الربيع العربي، وتُرجم ذلك بشكل جليّ خلال الانتفاضة البحرينية.

في البداية مع الجلسة السرّية الكويتية، حيث كشف رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك الصباح، عن تورّط كويتيين بخلية الإمارات عبر «التمويل المالي». لم يسمّ رئيس الحكومة الشخصيات أو الجهات المتورطة في هذا التمويل، لكنه أعلن أنه سيكشف عن ذلك بعد انتهاء التحقيقات في الإمارات. الجلسة السرّية لم تتناول فقط تورط كويتيين، وإنما لمّحت الى دور لدولة خليجية ورئيس حكومتها بأحداث الكويت، التي، باعتقادهم، يسببها أولئك النواب الكويتيون المدعومون من قبلها. لم تذكر الصحف هذه الدولة، لكن مصادر نيابية أكّدت لـ«الأخبار» أنها قطر. والإشارة الى قطر لم يكن من طرف رئيس الحكومة أو وزير الداخلية، بل من جهة بعض النواب في الجلسة عند الأخذ والردّ بينهم وبين الحكومة.

مصادر «الأخبار» نفسها قالت إنّ الجلسة السرّية كانت جلسة استماع محدّدة سلفاً لمناقشة الحالة الأمنية العامة في الكويت مع الحكومة ممثلة بوزير الداخلية أحمد الحمود. وأوضحت أن 24 نائباً رفضوا الجلسة السرّية، لكن الحكومة أصرت عليها، واتضح لاحقاً أنها كانت محقة، لأن النواب ناقشوا أموراً شديدة الحساسية.

ورغم إصرار رئيس الحكومة الكويتية على عدم تسمية أشخاص محدّدين متورطين في التمويل، إلا أن صحيفة «الشرق الأوسط» أشارت إلى «وضع كويتيين على قوائم الممنوعين من دخول الإمارات، ومن بينهم سياسيون وأعضاء في مجلس الأمة يشتبه في تورطهم في قضية خلية الإخوان المسلمين المصريين في مصر».

وأشارت مصادر أخرى لـ«الأخبار» الى أنّ الجلسة، التي استمرت لأكثر من 6 ساعات، كانت صاخبة، وتناولت مواضيع دقيقة وحساسة، وطرح نواب قضية «مشروع الإخوان وعلاقتهم بإخوان الخليج والكويت». وأضافت إنّ أحد النواب «وجّه بشكل مباشر اتهامات لرئيس الوزارء القطري، حمد بن جاسم، بافتعال المشاكل في الكويت»، وتحدث عن «علاقات قوية بين إسلاميين ونواب كويتيين سابقين وبين قطر؛ فبعض هؤلاء يقوم بزيارة لقطر كل أسبوع، وهناك داعية كويتي يجري زيارة كل 4 أيام لقطر»، بحسب المصادر نفسها.

المصادر لم تذكر اسم النائب الذي أثار موضوع قطر، لكن صحيفة «اليوم السابع» المصرية أوردت أن «النائب عبد الله التميمي أثار خلال الجلسة دور دولة خليجية في دعم المعارضة، محدّداً دور رئيس وزرائها في التخطيط لضرب أنظمة الخليج، وخاصة الكويت، ثم تلفّظ ضدّه بألفاظ وعبارات شديدة».

وبالنسبة إلى ردّ وموقف الحكومة ورئيسها من اتهام قطر ورئيس حكومتها، قالت مصادر «الأخبار»، التي حضرت الجلسة، إن «الحكومة لم تنف، ولم تعلّق ولم تصدّق».

إضافة الى الجلسة النيابية العاصفة، هناك موقف لقائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، في حديث إلى صحيفة «الشرق الأوسط» قبل ثلاثة أيام. هاجم فيه، كعادته، تنظيمات الإخوان، وأشار الى الخليتين اللتين جرى كشفهما أخيراً في الإمارات، («القاعدة» والإخوان)، وخلص الى أن التهديد في الاثنتين هو «الإخوان» «فعبد الله عزام بدأ إخوانياً»، بحسبه. واللافت ليس حديثه عن الإخوان، وهو ما يعيده ويكرّره ويدخل في سجالات حوله مع متتبعيه على حسابه على «تويتر» طوال ساعات اليوم، لكنه جدد هجومه على الداعية المصري يوسف القرضاوي، الذي انتقد الإمارات من على منبر قناة «الجزيرة» لطردها مواطنين سوريين، متسائلاً «لماذا لم يتحدث القرضاوي عن مواطنين في الدولة التي هو فيها تم سحب الجنسيات منهم».

مقابلة خلفان يضاف إليها ما كتبه رئيس التحرير السابق لـ«الشرق الأوسط»، طارق الحميد، تحت عنوان «سيطرة قطر على مصر» مع علامة استفهام. لم يقصد الحميد بهذه العلامة دحض الادّعاءات التي تقول إن قطر تسيطر على مصر، وهو ما وصفه حمد بن جاسم بأنه «نكتة سخيفة»، وإنما تأكيدها. واعتبر أن مصر أكبر من أن تسيطر عليها قطر. ولكن بما أن الإخوان يسيطرون على مصر، وقطر تدعم الإخوان، مع أن ذلك يحيّره ويثير استغرابه كون حكام قطر من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفي، فإن قطر تسيطر على مصر، بحسب المعادلة الرياضية، رغم أنه لم يحدد ذلك بشكل مباشر. وقال إن قطر تدعم جميع التنظيمات الإخوانية، وليس في مصر فقط، متسائلاً «هل يشرح لنا الشيخ حمد بن جاسم حكمة الدعم القطري للإخوان، مثلاً. فإما أن نفهم الحكمة من ذلك، أو قد يكون بمقدورنا شرح الخطأ القطري بتبني مشروع الإخوان ليس في مصر وحدها، بل في كل المنطقة».

تساؤل يدفع بآخر، فما سرّ الاستياء الخليجي من الدعم القطري للإخوان؟

  • فريق ماسة
  • 2013-01-11
  • 8607
  • من الأرشيف

هجوم خليجي على قطر!

انفجرت خلال الأيام الماضية، مجموعة من الأحداث، تكشف عن خوف خليجي من الإخوان. لكن بما أنّ قطر، بنظرهم، هي التي تدعم إخوان مصر، فهي متهمة أيضاً، وهو ما جرى التلميح إليه في أكثر من مناسبة ومكان تكشف سلسلة من الأحداث والتصريحات والسجالات ما بين القاهرة والإمارات والكويت، إضافة الى وسائل إعلام محسوبة على السعودية، عن امتعاض خليجي واضح من إمارة قطر، بسبب دعمها لإخوان مصر والخليج، على حسب ادّعاءاتهم. وهذا الامتعاض لم يُنقل بأي حال من الأحوال بشكل مباشر، وهذا أمر طبيعي في ظل الدبلوماسية الخليجية «الصامتة»، لكنّه جاء عن طريق الغمز واللمز من قبل مسؤولين وسياسيين وإعلاميين. تبدأ هذه الأحداث من اتهامات قطر بدعمها لإخوان مصر، وهو اتهام لم يسوّقه الخليجيون فقط، وإنما أيضاً الدول العربية الأخرى، مروراً بالكشف عن خليّة إخوانية مصرية هدفها الاستيلاء على الحكم في الإمارات، إضافة الى تصريحات لقائد شرطة دبي ضاحي خلفان ومقالات صحافيين سعوديين، وليس أخيراً مع الجلسة البرلمانية السرّية في الكويت التي تناولت بشكل مباشر دعم قطر لإخوان الخليج. مجموعة من المعطيات، وإن جرى ربطها مع بعضها البعض، تخلص الى وجود استياء، إن لم يكن هجوماً، على قطر، وإن كانت الوحدة الخليجية قد ترفّعت عن أي خلافات من أجل حماية البيت الخليجي من عدوى الربيع العربي، وتُرجم ذلك بشكل جليّ خلال الانتفاضة البحرينية. في البداية مع الجلسة السرّية الكويتية، حيث كشف رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك الصباح، عن تورّط كويتيين بخلية الإمارات عبر «التمويل المالي». لم يسمّ رئيس الحكومة الشخصيات أو الجهات المتورطة في هذا التمويل، لكنه أعلن أنه سيكشف عن ذلك بعد انتهاء التحقيقات في الإمارات. الجلسة السرّية لم تتناول فقط تورط كويتيين، وإنما لمّحت الى دور لدولة خليجية ورئيس حكومتها بأحداث الكويت، التي، باعتقادهم، يسببها أولئك النواب الكويتيون المدعومون من قبلها. لم تذكر الصحف هذه الدولة، لكن مصادر نيابية أكّدت لـ«الأخبار» أنها قطر. والإشارة الى قطر لم يكن من طرف رئيس الحكومة أو وزير الداخلية، بل من جهة بعض النواب في الجلسة عند الأخذ والردّ بينهم وبين الحكومة. مصادر «الأخبار» نفسها قالت إنّ الجلسة السرّية كانت جلسة استماع محدّدة سلفاً لمناقشة الحالة الأمنية العامة في الكويت مع الحكومة ممثلة بوزير الداخلية أحمد الحمود. وأوضحت أن 24 نائباً رفضوا الجلسة السرّية، لكن الحكومة أصرت عليها، واتضح لاحقاً أنها كانت محقة، لأن النواب ناقشوا أموراً شديدة الحساسية. ورغم إصرار رئيس الحكومة الكويتية على عدم تسمية أشخاص محدّدين متورطين في التمويل، إلا أن صحيفة «الشرق الأوسط» أشارت إلى «وضع كويتيين على قوائم الممنوعين من دخول الإمارات، ومن بينهم سياسيون وأعضاء في مجلس الأمة يشتبه في تورطهم في قضية خلية الإخوان المسلمين المصريين في مصر». وأشارت مصادر أخرى لـ«الأخبار» الى أنّ الجلسة، التي استمرت لأكثر من 6 ساعات، كانت صاخبة، وتناولت مواضيع دقيقة وحساسة، وطرح نواب قضية «مشروع الإخوان وعلاقتهم بإخوان الخليج والكويت». وأضافت إنّ أحد النواب «وجّه بشكل مباشر اتهامات لرئيس الوزارء القطري، حمد بن جاسم، بافتعال المشاكل في الكويت»، وتحدث عن «علاقات قوية بين إسلاميين ونواب كويتيين سابقين وبين قطر؛ فبعض هؤلاء يقوم بزيارة لقطر كل أسبوع، وهناك داعية كويتي يجري زيارة كل 4 أيام لقطر»، بحسب المصادر نفسها. المصادر لم تذكر اسم النائب الذي أثار موضوع قطر، لكن صحيفة «اليوم السابع» المصرية أوردت أن «النائب عبد الله التميمي أثار خلال الجلسة دور دولة خليجية في دعم المعارضة، محدّداً دور رئيس وزرائها في التخطيط لضرب أنظمة الخليج، وخاصة الكويت، ثم تلفّظ ضدّه بألفاظ وعبارات شديدة». وبالنسبة إلى ردّ وموقف الحكومة ورئيسها من اتهام قطر ورئيس حكومتها، قالت مصادر «الأخبار»، التي حضرت الجلسة، إن «الحكومة لم تنف، ولم تعلّق ولم تصدّق». إضافة الى الجلسة النيابية العاصفة، هناك موقف لقائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، في حديث إلى صحيفة «الشرق الأوسط» قبل ثلاثة أيام. هاجم فيه، كعادته، تنظيمات الإخوان، وأشار الى الخليتين اللتين جرى كشفهما أخيراً في الإمارات، («القاعدة» والإخوان)، وخلص الى أن التهديد في الاثنتين هو «الإخوان» «فعبد الله عزام بدأ إخوانياً»، بحسبه. واللافت ليس حديثه عن الإخوان، وهو ما يعيده ويكرّره ويدخل في سجالات حوله مع متتبعيه على حسابه على «تويتر» طوال ساعات اليوم، لكنه جدد هجومه على الداعية المصري يوسف القرضاوي، الذي انتقد الإمارات من على منبر قناة «الجزيرة» لطردها مواطنين سوريين، متسائلاً «لماذا لم يتحدث القرضاوي عن مواطنين في الدولة التي هو فيها تم سحب الجنسيات منهم». مقابلة خلفان يضاف إليها ما كتبه رئيس التحرير السابق لـ«الشرق الأوسط»، طارق الحميد، تحت عنوان «سيطرة قطر على مصر» مع علامة استفهام. لم يقصد الحميد بهذه العلامة دحض الادّعاءات التي تقول إن قطر تسيطر على مصر، وهو ما وصفه حمد بن جاسم بأنه «نكتة سخيفة»، وإنما تأكيدها. واعتبر أن مصر أكبر من أن تسيطر عليها قطر. ولكن بما أن الإخوان يسيطرون على مصر، وقطر تدعم الإخوان، مع أن ذلك يحيّره ويثير استغرابه كون حكام قطر من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفي، فإن قطر تسيطر على مصر، بحسب المعادلة الرياضية، رغم أنه لم يحدد ذلك بشكل مباشر. وقال إن قطر تدعم جميع التنظيمات الإخوانية، وليس في مصر فقط، متسائلاً «هل يشرح لنا الشيخ حمد بن جاسم حكمة الدعم القطري للإخوان، مثلاً. فإما أن نفهم الحكمة من ذلك، أو قد يكون بمقدورنا شرح الخطأ القطري بتبني مشروع الإخوان ليس في مصر وحدها، بل في كل المنطقة». تساؤل يدفع بآخر، فما سرّ الاستياء الخليجي من الدعم القطري للإخوان؟

المصدر : الاخبار/شهيرة سلّوم


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة