نشطت التحركات الدبلوماسية الباحثة عن حل سياسي في سورية، يأتي هذا في ظل مخاوف سياسية وشعبية من مخاطر استمرار الصراع وتأثيراته على دول الجوار، وعلى مصالح الدول الكبرى بالمنطقة وخاصة روسيا والولايات المتحدة الأميركية.

وتقول مصادر دبلوماسية إن المبعوث العربي والأممي، الأخضر الإبراهيمي، هو عرّاب مبادرة جرى الإعداد لها منذ أسابيع ووافقت عليها واشنطن وموسكو خلال لقاء جرى بين وزيري الخارجية كلينتون ولافروف بحضور الإبراهيمي في دبلن.

وكانت عدة تسريبات صحفية قد أشارت إلى أن خطة روسية أميركية يعمل المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي على الترويج لها، تقوم على تشكيل حكومة توافق عليها كافة الأطراف في سوريا على أن يبقى الرئيس بشار الأسد في منصبه حتى 2014 شرط أن تكون له صلاحيات محدودة،

ويعزو المراقبون الموافقة الأميركية على خطة لـ"حل سياسي" في سوريا إلى تقارير استخباراتية حذّرت من أن استمرار دعم المعارضة بالسلاح يهدد بتحويل المعارك إلى حرب طائفية طويلة الأمد، فضلا عن مخاوف حقيقية من أن تكون سوريا نواة انطلاق جيدة لتنظيم القاعدة بعد أن تم تحجيمها في العراق وأفغانستان.

وتقول التقارير الميدانية إن التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها جبهة النصرة، تمتلك قدرات قتالية عالية وأسلحة مؤثرة في المعارك، وإنها تتفوق على "الجيش الحر"، وقد سعت واشنطن إلى محاصرتها من خلال وضعها على قائمة المجموعات الإرهابية.

ويقول هؤلاء المراقبون إن واشنطن لم تعد تهتم برحيل الأسد بقدر ما تهتم بوقف المعارك التي أبدت فيها المجموعات "الجهادية" قدرة فائقة على القتال، وعلى تدبير طرق الحصول على السلاح، واستقدام المقاتلين تحت يافطة الجهاد.

 

إلى ذلك بدأت دول غربية تراجع حماسها للإطاحة بالأسد، وخاصة فرنسا، بعد أن كشفت تقارير إعلامية أن المجازر التي تجري في سوريا لا تنسب للنظام وحده، وأن بعض المجموعات المقاتلة تخرق القوانين الدولية الخاصة بالمدنيين والأسرى، وتمارس القتل على الهوية ...

وزاد أسلوب السيارات المفخخة، التي دأبت المجموعات "الجهادية" على تفجيرها في العراق، في إثارة الرأي العام الغربي ليمارس ضغوطا على حكوماته حتى لا تكرر المأساة العراقية.

يشار إلى أن روسيا غادرت مربّع الرفض، وأصبحت تتفهم المخاوف الإقليمية والدولية من استمرار الحرب تحت شعار "لا غالب ولا مغلوب"، وهي حالة ستهدد الأمن الإقليمي وكذلك مصالح الدول الكبرى.

وفي سياق متصل بدأت الدول الإقليمية تحث على الحل السياسي للأزمة السورية خوفا من تداعياتها الأمنية والإنسانية.

وقد أعلنت الإمارات أمس عزمها "دعم تحول حكومي مستقبلي غير طائفي في سوريا لتأسيس مستقبلها على أرضية اقتصاد صلبة وقاعدة إنتاجية"، من جانبها بدأت السعودية تراجع موقفها المتصلب تجاه الأسد، وجاء البيان الختامي للقمة الخليجية التي اختتمت الثلاثاء بالمنامة عاكسا لتراجع السعودية كدولة محددة في المجلس الخليجي.

وشدد البيان الختامي للقمة على ضرورة "الإسراع في عملية الانتقال السياسي" لوقف إراقة الدماء والدمار في سوريا.

ولم يبق من دول المنطقة التي تراهن على الإطاحة بالأسد سوى تركيا وقطر اللتين تشهد العلاقة بينهما بوادر شقاق بعدما انشأت قطر مايسمى  "الائتلاف الوطني السوري" برعايتها بغية إجهاض "المؤتمر الوطني" الذي رعته تركيا وأرادت من خلاله فرض الإخوان قوةً مستقبليةً في سوريا ما بعد الأسد.

وفي سياق متصل، قالت مصادر دبلوماسية إن أنقرة ترفض الخطة الروسية الأميركية لحلّ الأزمة في سوريا، وأنها ستسعى لإفشالها ما لم تتضمن قرارا باستبعاد الأسد.

ويقول مراقبون إن تركيا وجدت نفسها في ورطة بعد مجاهرتها بالسعي للإطاحة بالأسد وفشل خطتها في ذلك، بالإضافة إلى العبء الكبير لمخلفات الأزمة السورية عليها، وخاصة استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين على أراضيها دون مساعدات غربية.

وبخصوص قطر، يشير المراقبون إلى أنها لعبت بالنار من خلال دعمها غير المحدود للمجموعات الجهادية التي أصبحت القوة الأبرز في المعارك، وأن هذا الدور أثار غضبا أميركيا على الدوحة التي عملت على توظيف مجموعات الإسلام السياسي كورقة تثبت بها دورا إقليميا يغطي ضآلة حجمها الجغرافي والديمغرافي.

  • فريق ماسة
  • 2012-12-27
  • 12998
  • من الأرشيف

سورية… الحل السياسي أقرب من أي وقت

نشطت التحركات الدبلوماسية الباحثة عن حل سياسي في سورية، يأتي هذا في ظل مخاوف سياسية وشعبية من مخاطر استمرار الصراع وتأثيراته على دول الجوار، وعلى مصالح الدول الكبرى بالمنطقة وخاصة روسيا والولايات المتحدة الأميركية. وتقول مصادر دبلوماسية إن المبعوث العربي والأممي، الأخضر الإبراهيمي، هو عرّاب مبادرة جرى الإعداد لها منذ أسابيع ووافقت عليها واشنطن وموسكو خلال لقاء جرى بين وزيري الخارجية كلينتون ولافروف بحضور الإبراهيمي في دبلن. وكانت عدة تسريبات صحفية قد أشارت إلى أن خطة روسية أميركية يعمل المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي على الترويج لها، تقوم على تشكيل حكومة توافق عليها كافة الأطراف في سوريا على أن يبقى الرئيس بشار الأسد في منصبه حتى 2014 شرط أن تكون له صلاحيات محدودة، ويعزو المراقبون الموافقة الأميركية على خطة لـ"حل سياسي" في سوريا إلى تقارير استخباراتية حذّرت من أن استمرار دعم المعارضة بالسلاح يهدد بتحويل المعارك إلى حرب طائفية طويلة الأمد، فضلا عن مخاوف حقيقية من أن تكون سوريا نواة انطلاق جيدة لتنظيم القاعدة بعد أن تم تحجيمها في العراق وأفغانستان. وتقول التقارير الميدانية إن التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها جبهة النصرة، تمتلك قدرات قتالية عالية وأسلحة مؤثرة في المعارك، وإنها تتفوق على "الجيش الحر"، وقد سعت واشنطن إلى محاصرتها من خلال وضعها على قائمة المجموعات الإرهابية. ويقول هؤلاء المراقبون إن واشنطن لم تعد تهتم برحيل الأسد بقدر ما تهتم بوقف المعارك التي أبدت فيها المجموعات "الجهادية" قدرة فائقة على القتال، وعلى تدبير طرق الحصول على السلاح، واستقدام المقاتلين تحت يافطة الجهاد.   إلى ذلك بدأت دول غربية تراجع حماسها للإطاحة بالأسد، وخاصة فرنسا، بعد أن كشفت تقارير إعلامية أن المجازر التي تجري في سوريا لا تنسب للنظام وحده، وأن بعض المجموعات المقاتلة تخرق القوانين الدولية الخاصة بالمدنيين والأسرى، وتمارس القتل على الهوية ... وزاد أسلوب السيارات المفخخة، التي دأبت المجموعات "الجهادية" على تفجيرها في العراق، في إثارة الرأي العام الغربي ليمارس ضغوطا على حكوماته حتى لا تكرر المأساة العراقية. يشار إلى أن روسيا غادرت مربّع الرفض، وأصبحت تتفهم المخاوف الإقليمية والدولية من استمرار الحرب تحت شعار "لا غالب ولا مغلوب"، وهي حالة ستهدد الأمن الإقليمي وكذلك مصالح الدول الكبرى. وفي سياق متصل بدأت الدول الإقليمية تحث على الحل السياسي للأزمة السورية خوفا من تداعياتها الأمنية والإنسانية. وقد أعلنت الإمارات أمس عزمها "دعم تحول حكومي مستقبلي غير طائفي في سوريا لتأسيس مستقبلها على أرضية اقتصاد صلبة وقاعدة إنتاجية"، من جانبها بدأت السعودية تراجع موقفها المتصلب تجاه الأسد، وجاء البيان الختامي للقمة الخليجية التي اختتمت الثلاثاء بالمنامة عاكسا لتراجع السعودية كدولة محددة في المجلس الخليجي. وشدد البيان الختامي للقمة على ضرورة "الإسراع في عملية الانتقال السياسي" لوقف إراقة الدماء والدمار في سوريا. ولم يبق من دول المنطقة التي تراهن على الإطاحة بالأسد سوى تركيا وقطر اللتين تشهد العلاقة بينهما بوادر شقاق بعدما انشأت قطر مايسمى  "الائتلاف الوطني السوري" برعايتها بغية إجهاض "المؤتمر الوطني" الذي رعته تركيا وأرادت من خلاله فرض الإخوان قوةً مستقبليةً في سوريا ما بعد الأسد. وفي سياق متصل، قالت مصادر دبلوماسية إن أنقرة ترفض الخطة الروسية الأميركية لحلّ الأزمة في سوريا، وأنها ستسعى لإفشالها ما لم تتضمن قرارا باستبعاد الأسد. ويقول مراقبون إن تركيا وجدت نفسها في ورطة بعد مجاهرتها بالسعي للإطاحة بالأسد وفشل خطتها في ذلك، بالإضافة إلى العبء الكبير لمخلفات الأزمة السورية عليها، وخاصة استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين على أراضيها دون مساعدات غربية. وبخصوص قطر، يشير المراقبون إلى أنها لعبت بالنار من خلال دعمها غير المحدود للمجموعات الجهادية التي أصبحت القوة الأبرز في المعارك، وأن هذا الدور أثار غضبا أميركيا على الدوحة التي عملت على توظيف مجموعات الإسلام السياسي كورقة تثبت بها دورا إقليميا يغطي ضآلة حجمها الجغرافي والديمغرافي.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة