تعتبر "جبهة النصرة" الجماعة المسلحة الأكثر تنظيما والأكثر انتشارا في سوريا، وهي تتواجد من الحدود الشمالية مع تركيا الى الحدود اللبنانية، ومقاتلوها هم الأكثر تدريبا وتسليحا بين الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الدولة السورية، فضلا عن امتلاك هذه الجبهة لإمكانيات مالية أضعاف ما لدى الجماعات الأخرى ما يدل على حجم القوى الدولية التي تمولها، ناهيك عن ان انتشارها الواسع أكبر برهان على عدم تبعيتها لتنظيم القاعدة مثلما يثار إعلاميا لأسباب سوف نشرحها في تقريرنا الحالي.

والحقيقة أن العارفين بتأسيس "جبهة النصرة" وبالقيمين الحقيقيين عليها يسخرون من محاولة نسبها لتنظيم القاعدة رغم دخول أيمن الظواهري على خط تبنيها عبر خطاب صوتي بثته قناة الجزيرة القطرية .

أسست "جبهة النصرة" في تركيا من قبل قيادة جماعة الإخوان المسلمين تحت قيادة مجلس عسكري يقوده فاروق طيفور نائب المراقب العام للجماعة، والذي يعتبر الزعيم الفعلي للجماعة، "وهو من قيادات معركة حماه عام 1981 ضمن الطليعة المقاتلة"، بسبب ما يعرف عن ضعف محمد رياق الشقفة في المجالين السياسي والقيادي، ويأتمر مقاتلو الجبهة مباشرة بمكتب طيفور في اسطنبول وبغرفة عمليات دولية أقيمت على الحدود التركية السورية تضم ضباط فرنسيين وامريكيين وقطريين واتراك، كشفت عنها أسبوعية "لوكانارد انشينيه" الفرنسية منذ عدة اشهر.

مراجع مطلعة على الموضوع، أرجعت أسباب نسب "جبهة النصرة" الى تنظيم القاعدة الى أهداف ثلاثة تريدها جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا في هذه الفترة، منها التعمية على ارتباط "النصرة" مباشرة بها. والاهداف هي التالية:

تجزم المراجع المعارضة السورية أن جماعة الإخوان المسلمين قررت تنفيذ مذبحة بأنصار النظام السوري لسببين: الأول انتقاما من عقود الصراع السابقة والثاني تثبيتا لحكم الجماعة في البلدات والقرى التي تسيطر عليها في الأرياف السورية.

تعلم الجماعة ان نسب جبهة النصرة في هذه المرحلة الى تنظيم القاعدة يريحها من عبء تحمل المسؤولية عن الفظائع التي يرتكبها مسلحو الجبهة، خصوصا أن جماعة الإخوان تطمح لاستلام الحكم في سوريا في حال سقط نظام الرئيس الأسد.

تقول المراجع السورية المعارضة أن أي تغيير في معادلة الحكم الحالية في سورية سوف يؤدي الى إلغاء اسم "جبهة النصرة" واستبداله باسم آخر، فالاسم لا يعدو كونه يافطة تخدم سياسة الجماعة في هذا الوقت من الحرب.

وقد أتى القرار الأمريكي بوضع "جبهة النصرة" على "لائحة الإرهاب" ليدفع قيادة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا والجماعات السياسية الملحقة بها مثل "المجلس الوطني السوري" و"الائتلاف السوري" المعارضين لكشف المستور عبر حملة الاستنكار والاعتراض على هذا القرار الأمريكي، حيث صدر بيان عن رئيس المجلس الوطني جورج صبرا يعارض وضع "جبهة النصرة" على "لائحة الإرهاب"، فيما أصدر رئيس الائتلاف المعارض معاذ الخطيب بيانا شديدا ضد القرار الأمريكي، فضلا عن تصريحات كبار قادة الجماعة المستنكرين والمعترضين على هذا القرار.

 

لماذا وضعت أمريكا "جبهة النصرة" على "لائحة الإرهاب"؟

 

لا شك ان لحرب غزة دورا في هذا القرار الأمريكي كما تقول المراجع. ويبدو ان الولايات المتحدة اعتبرت ان حرب غزة أثبتت عدم التزام التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بالاتفاق المبرم بينه وبين واشنطن عبر تركيا وقطر والذي تكلم عنه وزير الخارجية الفرنسي السابق آلان جوبيه في ندوة في معهد العالم العربي في باريس يوم 16 نيسان/ابريل 2011، والذي يختصر بجملة واحدة "لكم الشريعة ولنا أمن إسرائيل والنفط".

وكانت الولايات المتحدة تريد من جماعة "الإخوان المسلمين" منع قصف تل أبيب بصواريخ فجر التي تمتلكها حركة الجهاد الإسلامي، وكان المطلوب من حركة حماس العضو في التنظيم العالمي منع الجهاد من استخدام هذه الصواريخ، وهذا ما لم يكن بمقدور حماس فعله ما أثار غضب امريكا التي لم يرقها أيضا قيام الرئيس المصري محمد مرسي بسحب سفير بلاده من تل أبيب رغم استدراك جماعة الإخوان المسلمين في مصر للموقف عبر تصريحات لأكثر من مسؤول في الجماعة حول التزام الجماعة بـ"اتفاقية كامب ديفيد"، ورغم زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ونظيره القطري حمد بن جاسم آل ثاني لمصر لإبلاغ مرسي انه ذهب بعيدا بسحب السفير، غير ان الأخير كان في وضع شعبي ضاغط فضلا عن سعيه لاستغلال الموقف في حرب غزة في عملية السيطرة على مفاصل السلطة عبر الإعلان الدستوري الذي أغضب المعارضة وانزلها للشارع بعد سنتين من سقوط نظام مبارك.

دخلت امريكا على خط الأزمة المصرية، حيدت الجيش كما فعلت في اثناء تنحية مبارك في عملية تشجيع للمعارضة وضغط على مرسي، وبدأت عملية ضغط اوسع على التنظيم العالمي من سوريا بوضع "جبهة النصرة" التابعة لجماعة الإخوان المسلمين لمعرفتها بأهمية سوريا في مشروع الجماعة الدولي، واوحت الى ملك الأردن صاحب نظرية "الهلال الشيعي" سابقا بالهجوم على ما سماه مشروع الإخوان المسلمين للسيطرة على العالم العربي صابا جام غضبه على تركيا، ولا يخفى ان ذكر ملك الردن لتركيا في بيان ديوانه الملكي يعود الى أن واشطن تعتبر ان حزب العدالة والتنمية الكفيل المباشر والأول للاتفاق المذكور.

  • فريق ماسة
  • 2012-12-22
  • 10404
  • من الأرشيف

الجذور الحقيقية لـ"جبهة النصرة"

تعتبر "جبهة النصرة" الجماعة المسلحة الأكثر تنظيما والأكثر انتشارا في سوريا، وهي تتواجد من الحدود الشمالية مع تركيا الى الحدود اللبنانية، ومقاتلوها هم الأكثر تدريبا وتسليحا بين الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الدولة السورية، فضلا عن امتلاك هذه الجبهة لإمكانيات مالية أضعاف ما لدى الجماعات الأخرى ما يدل على حجم القوى الدولية التي تمولها، ناهيك عن ان انتشارها الواسع أكبر برهان على عدم تبعيتها لتنظيم القاعدة مثلما يثار إعلاميا لأسباب سوف نشرحها في تقريرنا الحالي. والحقيقة أن العارفين بتأسيس "جبهة النصرة" وبالقيمين الحقيقيين عليها يسخرون من محاولة نسبها لتنظيم القاعدة رغم دخول أيمن الظواهري على خط تبنيها عبر خطاب صوتي بثته قناة الجزيرة القطرية . أسست "جبهة النصرة" في تركيا من قبل قيادة جماعة الإخوان المسلمين تحت قيادة مجلس عسكري يقوده فاروق طيفور نائب المراقب العام للجماعة، والذي يعتبر الزعيم الفعلي للجماعة، "وهو من قيادات معركة حماه عام 1981 ضمن الطليعة المقاتلة"، بسبب ما يعرف عن ضعف محمد رياق الشقفة في المجالين السياسي والقيادي، ويأتمر مقاتلو الجبهة مباشرة بمكتب طيفور في اسطنبول وبغرفة عمليات دولية أقيمت على الحدود التركية السورية تضم ضباط فرنسيين وامريكيين وقطريين واتراك، كشفت عنها أسبوعية "لوكانارد انشينيه" الفرنسية منذ عدة اشهر. مراجع مطلعة على الموضوع، أرجعت أسباب نسب "جبهة النصرة" الى تنظيم القاعدة الى أهداف ثلاثة تريدها جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا في هذه الفترة، منها التعمية على ارتباط "النصرة" مباشرة بها. والاهداف هي التالية: تجزم المراجع المعارضة السورية أن جماعة الإخوان المسلمين قررت تنفيذ مذبحة بأنصار النظام السوري لسببين: الأول انتقاما من عقود الصراع السابقة والثاني تثبيتا لحكم الجماعة في البلدات والقرى التي تسيطر عليها في الأرياف السورية. تعلم الجماعة ان نسب جبهة النصرة في هذه المرحلة الى تنظيم القاعدة يريحها من عبء تحمل المسؤولية عن الفظائع التي يرتكبها مسلحو الجبهة، خصوصا أن جماعة الإخوان تطمح لاستلام الحكم في سوريا في حال سقط نظام الرئيس الأسد. تقول المراجع السورية المعارضة أن أي تغيير في معادلة الحكم الحالية في سورية سوف يؤدي الى إلغاء اسم "جبهة النصرة" واستبداله باسم آخر، فالاسم لا يعدو كونه يافطة تخدم سياسة الجماعة في هذا الوقت من الحرب. وقد أتى القرار الأمريكي بوضع "جبهة النصرة" على "لائحة الإرهاب" ليدفع قيادة جماعة الإخوان المسلمين في سوريا والجماعات السياسية الملحقة بها مثل "المجلس الوطني السوري" و"الائتلاف السوري" المعارضين لكشف المستور عبر حملة الاستنكار والاعتراض على هذا القرار الأمريكي، حيث صدر بيان عن رئيس المجلس الوطني جورج صبرا يعارض وضع "جبهة النصرة" على "لائحة الإرهاب"، فيما أصدر رئيس الائتلاف المعارض معاذ الخطيب بيانا شديدا ضد القرار الأمريكي، فضلا عن تصريحات كبار قادة الجماعة المستنكرين والمعترضين على هذا القرار.   لماذا وضعت أمريكا "جبهة النصرة" على "لائحة الإرهاب"؟   لا شك ان لحرب غزة دورا في هذا القرار الأمريكي كما تقول المراجع. ويبدو ان الولايات المتحدة اعتبرت ان حرب غزة أثبتت عدم التزام التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بالاتفاق المبرم بينه وبين واشنطن عبر تركيا وقطر والذي تكلم عنه وزير الخارجية الفرنسي السابق آلان جوبيه في ندوة في معهد العالم العربي في باريس يوم 16 نيسان/ابريل 2011، والذي يختصر بجملة واحدة "لكم الشريعة ولنا أمن إسرائيل والنفط". وكانت الولايات المتحدة تريد من جماعة "الإخوان المسلمين" منع قصف تل أبيب بصواريخ فجر التي تمتلكها حركة الجهاد الإسلامي، وكان المطلوب من حركة حماس العضو في التنظيم العالمي منع الجهاد من استخدام هذه الصواريخ، وهذا ما لم يكن بمقدور حماس فعله ما أثار غضب امريكا التي لم يرقها أيضا قيام الرئيس المصري محمد مرسي بسحب سفير بلاده من تل أبيب رغم استدراك جماعة الإخوان المسلمين في مصر للموقف عبر تصريحات لأكثر من مسؤول في الجماعة حول التزام الجماعة بـ"اتفاقية كامب ديفيد"، ورغم زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ونظيره القطري حمد بن جاسم آل ثاني لمصر لإبلاغ مرسي انه ذهب بعيدا بسحب السفير، غير ان الأخير كان في وضع شعبي ضاغط فضلا عن سعيه لاستغلال الموقف في حرب غزة في عملية السيطرة على مفاصل السلطة عبر الإعلان الدستوري الذي أغضب المعارضة وانزلها للشارع بعد سنتين من سقوط نظام مبارك. دخلت امريكا على خط الأزمة المصرية، حيدت الجيش كما فعلت في اثناء تنحية مبارك في عملية تشجيع للمعارضة وضغط على مرسي، وبدأت عملية ضغط اوسع على التنظيم العالمي من سوريا بوضع "جبهة النصرة" التابعة لجماعة الإخوان المسلمين لمعرفتها بأهمية سوريا في مشروع الجماعة الدولي، واوحت الى ملك الأردن صاحب نظرية "الهلال الشيعي" سابقا بالهجوم على ما سماه مشروع الإخوان المسلمين للسيطرة على العالم العربي صابا جام غضبه على تركيا، ولا يخفى ان ذكر ملك الردن لتركيا في بيان ديوانه الملكي يعود الى أن واشطن تعتبر ان حزب العدالة والتنمية الكفيل المباشر والأول للاتفاق المذكور.

المصدر : نضال حمادة\المنار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة