في «الوقت السياسي اللبناني الضائع»، جاءت مذكرات التوقيف السورية، لتملأ الفضاء السياسي والاعلامي بمفردات سياسية قديمة ـ جديدة، فيما أرادت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضية اليس شبطيني أن تملأه بـ«ارتكاب جديد» تمثل في إطلاقها سراح واحد من أشهر المتعاملين مع العدو الاسرائيلي، وهو الموظف في شركة «ألفا» للاتصالات شربل قزي، لقاء كفالة مالية بعشرة ملايين ليرة.

وجاءت هذه الخطوة القضائية لتطرح الكثير من علامات الاستفهام حول هذا التمادي المستمر في إطلاق رموز العمالة من فايز كرم الى زياد الحمصي، الأمر الذي استوجب مشاورات بين عدد من الأسرى المحررين الذين هالهم هذا التساهل مع عميل وضع على مدى 14 سنة الشبكة الخلوية في خدمة العدو الاسرائيلي، وقرروا القيام بخطوات اعتراضية بدءًا بمؤتمر صحافي تعقده «هيئة الأسرى» اليوم.

وبالتزامن كانت المعارضة تقذف الكرة الانتخابية مجدداً الى دائرة المراوحة السلبية المفتوحة زمنياً. وفشل اجتماع عدد من نوابها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس، في الالتقاء على أرضية مشتركة تمهّد لإعادة إطلاق عجلة اللجنة النيابية الفرعية للبحث في القانون الانتخابي العتيد.

وكان لافتاً للانتباه أن المعارضة ما زالت تقدّم الهاجس الأمني على كل الاعتبارات الاخرى وتتسلح بذريعة البحث عن المكان المناسب الذي يضمن سلامة نوابها، لانعقاد اللجنة، وهو الأمر الذي قرأت فيه اوساط قيادية في الأكثرية، محاولة واضحة من المعارضة لكسب المزيد من الوقت وتقطيع المرحلة لقطع الطريق على بلورة قانون انتخابي جديد بديل لـ«قانون الستين».

وقالت اوساط نيابية معارضة لـ«السفير» إن الكرة باتت في ملعب الرئيس بري، «فنحن من حيث المبدأ مع العودة الى اللجنة، ولكن المكان هو العقدة حتى الآن، نحن لا نستطيع ان نذهب الى مكاتب نواب «8 آذار» للاجتماع، فهل هم يأتون الى مكاتبنا، هذا السؤال ما زلنا نبحث عن الجواب له».

ووصف النائب سمير الجسر الاجتماع مع بري بـ«الايجابي»، وقال لـ«السفير» ان رئيس المجلس حريص على امن النواب، «ونحن من جهتنا مع درس القانون الانتخابي، ولا يوجد لدينا أي اشكال في هذا الاطار، لكن الاساس الذي نسعى اليه هو تأمين سلامة النواب، وتأمين الإجراءات والتفاصيل التي تكفل ذلك، وهذا ما سيظهر لاحقاً». وقال النائب ايلي ماروني لـ«السفير» ان اللجنة ستجتمع مرة ثالثة بالرئيس بري في الأسبوع المقبل.

وعلمت «السفير» من مصادر الوفد أن نقطتي الخلاف تتركزان حول كيفية اختيار البدلاء للنواب الذين تمنعهم ظروفهم الأمنية من الحضور إلى مجلس النواب لحضور الجلسة الأولى، ومكان انعقاد اللجنة في الجلسات اللاحقة.

ووفق مصادر مطلعة «لم يحقق الاجتماع اختراقاً حقيقياً»، ذلك أن رئيس المجلس كان يتطلع الى تفاهم شامل وصولاً إلى اعادة تفعيل عمل اللجان النيابية ومجلس النواب، بينما بدا نواب «فريق 14 آذار» مهتمين حصراً بإعادة تفعيل اللجنة الفرعية المصغرة.

وإزاء هذا الواقع، لم يكن بري، بحسب المصادر نفسها، متحمساً لنتيجة الاجتماع، خاصة بعد أن تبلغ من الحاضرين أن «14 آذار» لم تتخذ قراراً نهائياً في ما يخص استئناف عمل اللجنة. وقال بري لأعضاء الوفد: «احسموا أمركم يا أخوان وهاتوا النتيجة وأبلغوني قراركم».

في غضون ذلك، تحضر «هيئة التنسيق النقابية» لحركة اعتراضية تواكب جلسة مجلس الوزراء في الاسبوع المقبل عبر تكرار الاعتصامات وتمدد التظاهرات من العاصمة الى باقي الأقضية والمحافظات اللبنانية.

ويعقد اليوم اجتماع مشترك بين «هيئة التنسيق» والمجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة الذي يضم رابطة قدامى القضاة ومنتدى السفراء ورابطة قدامى القوات المسلحة، للبحث في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، على ان يليه اجتماع لـ«هيئة التنسيق» لتحديد الخطوات المناسبة.

وقال عضو «الهيئة» حنا غريب لـ«السفير»: «نحن نسعى الى توسيع «بيكار» التحرّك، خاصة بعدما وسعت الحكومة دائرة المواجهة، هم ما زالوا في قمة السلبية، ونحن من جهتنا لا نستطيع إلا أن نستمر في معركتنا المفتوحة حتى ينفذوا ما سبق ووعدوا به».

وفي هذا الاطار، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حديث مع قناة «العربية»، مساء امس، «اننا عندما اجتمعنا مع «هيئة التنسيق النقابية» في شهر حزيران الفائت أعطيناهم الوعود، ولكن الوضع الاقتصادي تغيّر والظروف مختلفة، لذلك نحن نعيد درس الموضوع على قاعدة التوفيق بين حق الموظفين والعمال وبين الوضع المالي».

ورداً على سؤال آخر، كرر ميقاتي تأكيده انه مرشح للانتخابات النيابية المقبلة، وكائناً من يكون رئيس الحكومة في فترة الانتخابات، عليه العمل في الموعد المحدد قبل نهاية شهر حزيران، على إجراء الانتخابات النيابية، لأن هذا الموعد دستوري.

وأيد تشكيل حكومة جديدة، الا انه اكد في الوقت ذاته «انني لن أترك البلد في الفراغ، فهذا الأمر غير وارد».

 

  • فريق ماسة
  • 2012-12-13
  • 6889
  • من الأرشيف

القضاء اللبناني «يشرّع» العمالة لإسرائيل؟

في «الوقت السياسي اللبناني الضائع»، جاءت مذكرات التوقيف السورية، لتملأ الفضاء السياسي والاعلامي بمفردات سياسية قديمة ـ جديدة، فيما أرادت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضية اليس شبطيني أن تملأه بـ«ارتكاب جديد» تمثل في إطلاقها سراح واحد من أشهر المتعاملين مع العدو الاسرائيلي، وهو الموظف في شركة «ألفا» للاتصالات شربل قزي، لقاء كفالة مالية بعشرة ملايين ليرة. وجاءت هذه الخطوة القضائية لتطرح الكثير من علامات الاستفهام حول هذا التمادي المستمر في إطلاق رموز العمالة من فايز كرم الى زياد الحمصي، الأمر الذي استوجب مشاورات بين عدد من الأسرى المحررين الذين هالهم هذا التساهل مع عميل وضع على مدى 14 سنة الشبكة الخلوية في خدمة العدو الاسرائيلي، وقرروا القيام بخطوات اعتراضية بدءًا بمؤتمر صحافي تعقده «هيئة الأسرى» اليوم. وبالتزامن كانت المعارضة تقذف الكرة الانتخابية مجدداً الى دائرة المراوحة السلبية المفتوحة زمنياً. وفشل اجتماع عدد من نوابها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس، في الالتقاء على أرضية مشتركة تمهّد لإعادة إطلاق عجلة اللجنة النيابية الفرعية للبحث في القانون الانتخابي العتيد. وكان لافتاً للانتباه أن المعارضة ما زالت تقدّم الهاجس الأمني على كل الاعتبارات الاخرى وتتسلح بذريعة البحث عن المكان المناسب الذي يضمن سلامة نوابها، لانعقاد اللجنة، وهو الأمر الذي قرأت فيه اوساط قيادية في الأكثرية، محاولة واضحة من المعارضة لكسب المزيد من الوقت وتقطيع المرحلة لقطع الطريق على بلورة قانون انتخابي جديد بديل لـ«قانون الستين». وقالت اوساط نيابية معارضة لـ«السفير» إن الكرة باتت في ملعب الرئيس بري، «فنحن من حيث المبدأ مع العودة الى اللجنة، ولكن المكان هو العقدة حتى الآن، نحن لا نستطيع ان نذهب الى مكاتب نواب «8 آذار» للاجتماع، فهل هم يأتون الى مكاتبنا، هذا السؤال ما زلنا نبحث عن الجواب له». ووصف النائب سمير الجسر الاجتماع مع بري بـ«الايجابي»، وقال لـ«السفير» ان رئيس المجلس حريص على امن النواب، «ونحن من جهتنا مع درس القانون الانتخابي، ولا يوجد لدينا أي اشكال في هذا الاطار، لكن الاساس الذي نسعى اليه هو تأمين سلامة النواب، وتأمين الإجراءات والتفاصيل التي تكفل ذلك، وهذا ما سيظهر لاحقاً». وقال النائب ايلي ماروني لـ«السفير» ان اللجنة ستجتمع مرة ثالثة بالرئيس بري في الأسبوع المقبل. وعلمت «السفير» من مصادر الوفد أن نقطتي الخلاف تتركزان حول كيفية اختيار البدلاء للنواب الذين تمنعهم ظروفهم الأمنية من الحضور إلى مجلس النواب لحضور الجلسة الأولى، ومكان انعقاد اللجنة في الجلسات اللاحقة. ووفق مصادر مطلعة «لم يحقق الاجتماع اختراقاً حقيقياً»، ذلك أن رئيس المجلس كان يتطلع الى تفاهم شامل وصولاً إلى اعادة تفعيل عمل اللجان النيابية ومجلس النواب، بينما بدا نواب «فريق 14 آذار» مهتمين حصراً بإعادة تفعيل اللجنة الفرعية المصغرة. وإزاء هذا الواقع، لم يكن بري، بحسب المصادر نفسها، متحمساً لنتيجة الاجتماع، خاصة بعد أن تبلغ من الحاضرين أن «14 آذار» لم تتخذ قراراً نهائياً في ما يخص استئناف عمل اللجنة. وقال بري لأعضاء الوفد: «احسموا أمركم يا أخوان وهاتوا النتيجة وأبلغوني قراركم». في غضون ذلك، تحضر «هيئة التنسيق النقابية» لحركة اعتراضية تواكب جلسة مجلس الوزراء في الاسبوع المقبل عبر تكرار الاعتصامات وتمدد التظاهرات من العاصمة الى باقي الأقضية والمحافظات اللبنانية. ويعقد اليوم اجتماع مشترك بين «هيئة التنسيق» والمجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة الذي يضم رابطة قدامى القضاة ومنتدى السفراء ورابطة قدامى القوات المسلحة، للبحث في موضوع سلسلة الرتب والرواتب، على ان يليه اجتماع لـ«هيئة التنسيق» لتحديد الخطوات المناسبة. وقال عضو «الهيئة» حنا غريب لـ«السفير»: «نحن نسعى الى توسيع «بيكار» التحرّك، خاصة بعدما وسعت الحكومة دائرة المواجهة، هم ما زالوا في قمة السلبية، ونحن من جهتنا لا نستطيع إلا أن نستمر في معركتنا المفتوحة حتى ينفذوا ما سبق ووعدوا به». وفي هذا الاطار، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حديث مع قناة «العربية»، مساء امس، «اننا عندما اجتمعنا مع «هيئة التنسيق النقابية» في شهر حزيران الفائت أعطيناهم الوعود، ولكن الوضع الاقتصادي تغيّر والظروف مختلفة، لذلك نحن نعيد درس الموضوع على قاعدة التوفيق بين حق الموظفين والعمال وبين الوضع المالي». ورداً على سؤال آخر، كرر ميقاتي تأكيده انه مرشح للانتخابات النيابية المقبلة، وكائناً من يكون رئيس الحكومة في فترة الانتخابات، عليه العمل في الموعد المحدد قبل نهاية شهر حزيران، على إجراء الانتخابات النيابية، لأن هذا الموعد دستوري. وأيد تشكيل حكومة جديدة، الا انه اكد في الوقت ذاته «انني لن أترك البلد في الفراغ، فهذا الأمر غير وارد».  

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة