موضوعا الأسلحة الكيميائية وتخلّي روسيا عن بشار الأسد طُرحا الصيف الماضي في الصحافة الغربية وبالزخم ذاته خلال الاسبوع الفائت. لكن البعض تحدّث الآن عن «إشارات» تؤكد أن الحلّ الدولي للأزمة السورية بات وشيكاً

أميركياً وبريطانياً، هوّل الصحافيون من استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية، ودعا بعضهم الى التدخل الفوري لقوات «الأطلسي» بغية ردع النظام وإنهائه، فيما شكك البعض الآخر في جدوى خطوة إرسال صواريخ «باتريوت» الى تركيا، في حين فضّل آخرون الاستمرار بالحرب الصُوَرية واستكمال الجهود الدبلوماسية بدل خوض حرب حقيقية.

جيفري وايت سأل على موقع «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»: «لماذا قد يلجأ النظام السوري إلى استخدام الكيميائي الآن؟». وأجاب أنه «بعد مرور عشرين شهراً على الحرب الداخلية يمرّ النظام السوري بموقف عسكري صعب. ففي تشرين الثاني، تكبّد انشقاقات موجعة وخسر أراضي ومواقع وقوات ومعدات وحتى طائرات مقاتلة. ويبدو أن قدرة قواته القتالية آخذة في التناقص، كما أن كفاءة تكتيكاته أصبحت أقل فعالية وأكثر تكلفة بسبب النيران المضادة للطائرات التي يستخدمها الثوار».

وايت، الضابط السابق في الاستخبارات الدفاعية الاميركية، أكد أن النظام يمتلك «ترسانة ضخمة من الأسلحة الكيميائية»، إضافة الى «غاز الأعصاب أو السارين وغاز الخردل» وغيرها. وعن سيناريوات استخدام تلك الاسلحة، شرح أن «النظام قد يلجأ الى شن هجمات محدودة أو استعراضية أو بطريقة هجومية أو دفاعية واسعة النطاق لقلب الوضع العسكري رأساً على عقب». لكن وايت تحدّث أيضاً عن «قيود سياسية وعسكرية قد تحول دون سلوك النظام السوري هذا المسار». وفي الخلاصة، انطلق الضابط ــ المحلل من إيمانه بأن «الدبلوماسية ليست الرد الوحيد والرئيسي على هذا الحدث»، ليدعو واشنطن الى «الاستعداد لاختبار صدقية تصريحاتها». كيف؟ «باستعدادها لإرسال قوات مسلحة للقضاء على القدرة الكيميائية السورية ومعاقبة النظام وقواته لاستخدامهم هذه الأسلحة». ويتابع «هذا يعني تخصيص مواقع عسكرية أو إعدادها للقيام بإجراءات سريعة وبقوة ساحقة والتعامل مع طبيعة البيئة بعد الهجوم».

من جهته، رأى دانيال سيكمان، في «ذي كريستيان ساينس مونيتور» ، أن «إنذار باراك أوباما الأخير للأسد بعدم استخدام الاسلحة الكيميائية هو دليل جديد على أنه حان الوقت لتدخل المجتمع الدولي في الأزمة السورية وفرض منطقة حظر جوي». سيكمان يطالب، من جهة أخرى، بـ«عدم تسليح المقاتلين وقوى المعارضة السورية، نظراً إلى انقسامها، لأن ذلك سيكون كارثياً».

افتتاحية صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية تشير الى أنه «بقدر ما يزداد يأس الأسد يصبح أخطر»، ومن هنا ينبع احتمال استخدامه للأسلحة الكيميائية «التي ليست خيالية مثل سلاح الدمار الشامل في العراق». الصحيفة، التي تقول إن «الأسد لن يهزم قريباً»، تشير الى أن المجتمع الدولي لا يزال مقسوماً حول سوريا، رغم التصعيد الكلامي الأخير، الذي لم يشرح ما هي «عواقب» استخدام الكيميائي، التي هدد بها المسؤولون الغربيون. لكن «ذي إندبندنت» تنتقد من يدعو الى تدخل عسكري «لأنه مخطئ إذا اعتقد أن هذا هو الحلّ في سوريا». «استخدام الأسد الكيميائي سيغير كل شيء، لكن في هذه الأثناء تبقى الحرب الصورية والكلامية أفضل بكثير من الحرب الحقيقية».

أما جينيفر روبن، في «ذي واشنطن بوست»، فتسأل «ما نفع إعطاء صواريخ الباتريوت للأتراك؟»، وتجيب أن تلك الخطوة «تافهة»، وأن «الأسد يدرك ذلك جيداً»، وهو «لا يرى أي إرادة أميركية لمساعدة الثوار بطرق فاعلة». روبن تنقل عن بعض المحللين قولهم إن «نشر الباتريوت لن يسرّع في سقوط النظام السوري»، وأن تلك الصواريخ «لن تستخدم أبداً لأن الأسد لن يهاجم تركيا». «قد يكون أوباما وكلينتون يمزحان، لكنهما بالتأكيد لا يخدعان الأسد وداعميه في إيران، إذ إن هؤلاء سيفكرون أن الولايات المتحدة لم تستطع اتخاذ إجراءات بسيطة مثل فرض حظر جوي أو تسليح المعارضة السورية، لذا فهي لن تقدم على مخاطرة كبيرة كضرب إيران»، تضيف روبن.

أما حول موقف روسيا، فترصد افتتاحية «ذي غارديان» البريطانية «إشارات على تغيير ما» في قرارات موسكو حيال نظام الأسد، منطلقة من كلام الرئيس فلاديمير بوتين في أنقرة أخيراً. الصحيفة تصف كلام بوتين بأنه «الأقرب له حتى الآن لأخذ مسافة مع حليفه السابق». «ذي غارديان»، التي تحسم أن سقوط الأسد بات لا مفرّ منه وهو وشيك، تقول إن «خيار روسيا دعم سوريا عسكرياً كان مكتوباً له الفشل منذ البداية، وإن وضع موسكو بات أضعف، فيما تزداد المعارضة السورية تسلحاً». الافتتاحية البريطانية تتحدث أيضاً عن «معركة ضارية وربما حاسمة ستخاض في دمشق قريباً».

وحول الموقف الروسي، كتب إبراهيم كالين، في «توداي زمان» التركية ، عن معاني زيارة الرئيس الروسي الأخيرة للبلاد وأهميتها بالنسبة إلى الأزمة السورية. كالين ذكّر بما قاله رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي عن أن «روسيا تمتلك مفتاح الشأن السوري»، شارحاً أن السبب في ذلك ليس «استخدامها الفيتو في مجلس الأمن، بل انها الوحيدة التي ستقنع الأسد بالرحيل وستحضّر لمرحلة انتقالية سياسية». لكن هل ستغيّر فعلاً روسيا موقفها من سوريا ومن الأسد؟ سأل الكاتب وأجاب: «لا أستطيع التكلم عن الروس، لكن من الواضح أنهم غير مسرورين بالوضع السوري المتردي، وهم لا يريدون أن يُلاموا عليه»

 

  • فريق ماسة
  • 2012-12-07
  • 9474
  • من الأرشيف

كيوسك | سورية: بين «الباتريوت» والكيميائــي وسرّ بوتين

موضوعا الأسلحة الكيميائية وتخلّي روسيا عن بشار الأسد طُرحا الصيف الماضي في الصحافة الغربية وبالزخم ذاته خلال الاسبوع الفائت. لكن البعض تحدّث الآن عن «إشارات» تؤكد أن الحلّ الدولي للأزمة السورية بات وشيكاً أميركياً وبريطانياً، هوّل الصحافيون من استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية، ودعا بعضهم الى التدخل الفوري لقوات «الأطلسي» بغية ردع النظام وإنهائه، فيما شكك البعض الآخر في جدوى خطوة إرسال صواريخ «باتريوت» الى تركيا، في حين فضّل آخرون الاستمرار بالحرب الصُوَرية واستكمال الجهود الدبلوماسية بدل خوض حرب حقيقية. جيفري وايت سأل على موقع «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»: «لماذا قد يلجأ النظام السوري إلى استخدام الكيميائي الآن؟». وأجاب أنه «بعد مرور عشرين شهراً على الحرب الداخلية يمرّ النظام السوري بموقف عسكري صعب. ففي تشرين الثاني، تكبّد انشقاقات موجعة وخسر أراضي ومواقع وقوات ومعدات وحتى طائرات مقاتلة. ويبدو أن قدرة قواته القتالية آخذة في التناقص، كما أن كفاءة تكتيكاته أصبحت أقل فعالية وأكثر تكلفة بسبب النيران المضادة للطائرات التي يستخدمها الثوار». وايت، الضابط السابق في الاستخبارات الدفاعية الاميركية، أكد أن النظام يمتلك «ترسانة ضخمة من الأسلحة الكيميائية»، إضافة الى «غاز الأعصاب أو السارين وغاز الخردل» وغيرها. وعن سيناريوات استخدام تلك الاسلحة، شرح أن «النظام قد يلجأ الى شن هجمات محدودة أو استعراضية أو بطريقة هجومية أو دفاعية واسعة النطاق لقلب الوضع العسكري رأساً على عقب». لكن وايت تحدّث أيضاً عن «قيود سياسية وعسكرية قد تحول دون سلوك النظام السوري هذا المسار». وفي الخلاصة، انطلق الضابط ــ المحلل من إيمانه بأن «الدبلوماسية ليست الرد الوحيد والرئيسي على هذا الحدث»، ليدعو واشنطن الى «الاستعداد لاختبار صدقية تصريحاتها». كيف؟ «باستعدادها لإرسال قوات مسلحة للقضاء على القدرة الكيميائية السورية ومعاقبة النظام وقواته لاستخدامهم هذه الأسلحة». ويتابع «هذا يعني تخصيص مواقع عسكرية أو إعدادها للقيام بإجراءات سريعة وبقوة ساحقة والتعامل مع طبيعة البيئة بعد الهجوم». من جهته، رأى دانيال سيكمان، في «ذي كريستيان ساينس مونيتور» ، أن «إنذار باراك أوباما الأخير للأسد بعدم استخدام الاسلحة الكيميائية هو دليل جديد على أنه حان الوقت لتدخل المجتمع الدولي في الأزمة السورية وفرض منطقة حظر جوي». سيكمان يطالب، من جهة أخرى، بـ«عدم تسليح المقاتلين وقوى المعارضة السورية، نظراً إلى انقسامها، لأن ذلك سيكون كارثياً». افتتاحية صحيفة «ذي إندبندنت» البريطانية تشير الى أنه «بقدر ما يزداد يأس الأسد يصبح أخطر»، ومن هنا ينبع احتمال استخدامه للأسلحة الكيميائية «التي ليست خيالية مثل سلاح الدمار الشامل في العراق». الصحيفة، التي تقول إن «الأسد لن يهزم قريباً»، تشير الى أن المجتمع الدولي لا يزال مقسوماً حول سوريا، رغم التصعيد الكلامي الأخير، الذي لم يشرح ما هي «عواقب» استخدام الكيميائي، التي هدد بها المسؤولون الغربيون. لكن «ذي إندبندنت» تنتقد من يدعو الى تدخل عسكري «لأنه مخطئ إذا اعتقد أن هذا هو الحلّ في سوريا». «استخدام الأسد الكيميائي سيغير كل شيء، لكن في هذه الأثناء تبقى الحرب الصورية والكلامية أفضل بكثير من الحرب الحقيقية». أما جينيفر روبن، في «ذي واشنطن بوست»، فتسأل «ما نفع إعطاء صواريخ الباتريوت للأتراك؟»، وتجيب أن تلك الخطوة «تافهة»، وأن «الأسد يدرك ذلك جيداً»، وهو «لا يرى أي إرادة أميركية لمساعدة الثوار بطرق فاعلة». روبن تنقل عن بعض المحللين قولهم إن «نشر الباتريوت لن يسرّع في سقوط النظام السوري»، وأن تلك الصواريخ «لن تستخدم أبداً لأن الأسد لن يهاجم تركيا». «قد يكون أوباما وكلينتون يمزحان، لكنهما بالتأكيد لا يخدعان الأسد وداعميه في إيران، إذ إن هؤلاء سيفكرون أن الولايات المتحدة لم تستطع اتخاذ إجراءات بسيطة مثل فرض حظر جوي أو تسليح المعارضة السورية، لذا فهي لن تقدم على مخاطرة كبيرة كضرب إيران»، تضيف روبن. أما حول موقف روسيا، فترصد افتتاحية «ذي غارديان» البريطانية «إشارات على تغيير ما» في قرارات موسكو حيال نظام الأسد، منطلقة من كلام الرئيس فلاديمير بوتين في أنقرة أخيراً. الصحيفة تصف كلام بوتين بأنه «الأقرب له حتى الآن لأخذ مسافة مع حليفه السابق». «ذي غارديان»، التي تحسم أن سقوط الأسد بات لا مفرّ منه وهو وشيك، تقول إن «خيار روسيا دعم سوريا عسكرياً كان مكتوباً له الفشل منذ البداية، وإن وضع موسكو بات أضعف، فيما تزداد المعارضة السورية تسلحاً». الافتتاحية البريطانية تتحدث أيضاً عن «معركة ضارية وربما حاسمة ستخاض في دمشق قريباً». وحول الموقف الروسي، كتب إبراهيم كالين، في «توداي زمان» التركية ، عن معاني زيارة الرئيس الروسي الأخيرة للبلاد وأهميتها بالنسبة إلى الأزمة السورية. كالين ذكّر بما قاله رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي عن أن «روسيا تمتلك مفتاح الشأن السوري»، شارحاً أن السبب في ذلك ليس «استخدامها الفيتو في مجلس الأمن، بل انها الوحيدة التي ستقنع الأسد بالرحيل وستحضّر لمرحلة انتقالية سياسية». لكن هل ستغيّر فعلاً روسيا موقفها من سوريا ومن الأسد؟ سأل الكاتب وأجاب: «لا أستطيع التكلم عن الروس، لكن من الواضح أنهم غير مسرورين بالوضع السوري المتردي، وهم لا يريدون أن يُلاموا عليه»  

المصدر : الاخبار/صباح أيوب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة