تعرضت السياسة التركية في العراق إلى انتقادات، خصوصا بعدما حذر وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو من نشوب حرب أهلية بين العرب والأكراد وانتقال شرارة الحرب في سوريا إلى هناك.

لكن الحادث الذي منعت فيه السلطات العراقية طائرة وزير الطاقة التركي تانر يلديز من الهبوط في اربيل، وعودته من الجو إلى أنقرة، اعتبر الكاتب في صحيفة "ميللييت" سامي كوهين انه يقلل من قيمة تركيا كقوة إقليمية.

وكانت صحيفة "حرييت" قد أجرت حوارا مطولا مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعرب فيه عن رغبته بفتح صفحة جديدة في العلاقات مع أنقرة، شرط التزام تركيا بعدم التدخل بالشأن العراقي الداخلي، متهما من جديد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بأنه يتبع سياسات تمييزية ومذهبية تجاه العراق، متسائلا ما الذي سيكون عليه موقف اردوغان إذا ما استقبل رئيس الحكومة العراقية زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، في إشارة إلى احتضان تركيا نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي حكم عليه بالإعدام في العراق مؤخرا.

ويقول كوهين ان "أمر منع طائرة يلديز من الهبوط في اربيل جاء مباشرة من المالكي. وهي رسالة ضد سياسة تركيا إزاء العراق، وتعكس الغضب من بعض التصرفات التركية".

ويضيف الكاتب انه "ليس من الصعوبة تفسير الغضب العراقي من تركيا، إذ تأتي قضية طارق الهاشمي في رأسها، حيث تعتبر بغداد حماية أنقرة للهاشمي تدخلا مذهبيا في الشأن الداخلي للعراق".

السبب الثاني هو الاتفاقات التي وقعتها تركيا مباشرة مع إقليم كردستان العراق، ولا سيما في مجال الطاقة. وما يقلق بغداد أن أنقرة تتصرف مع اربيل على أنها دولة مستقلة متجاهلة بغداد بالكامل، وفي هذا الإطار يذكّر كوهين بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي سابقا لكركوك من دون علم ولا إذن السلطات العراقية.

 

لكن الكاتب يشير إلى أن "تركيا تتصرف بازدواجية معايير تجاه بغداد، إذ كانت أثناء الاحتلال الأميركي للعراق تشدد على وحدة الأراضي العراقية، وتعمل على التوفيق بين المجموعات الدينية والمذهبية، لكن أنقرة بعد ذلك بدأت باتخاذ مواقف مختلفة ضد المالكي الذي تدعمه إيران، وتحولت تركيا إلى طرف في الصراع الداخلي العراقي. لكن التطور الأهم كان في تعامل تركيا مع شمال العراق على انه دولة مستقلة، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع الإقليم الكردي وهو ما فاقم التوتر مع بغداد".

ويقول كوهين ان تركيا أمام خيار صعب في العلاقة مع العراق، فتركيا تولي أهمية للعلاقة مع إقليم كردستان لأسباب نفطية ولإمكان قيام مسعود البرزاني بدور في الضغط على حزب العمال الكردستاني، لكن هذا الخيار لا يعير أي اهتمام لوحدة الأراضي العراقية. ويرى أن انقطاع الحبل بين تركيا والحكومة العراقية ليس من مصلحة أنقرة، داعيا الحكومة التركية إلى قبول دعوة المالكي للحوار، وهي بحاجة لتستعيد دورها التوفيقي السابق.

  • فريق ماسة
  • 2012-12-07
  • 10776
  • من الأرشيف

ازدواجية تركية في العراق

تعرضت السياسة التركية في العراق إلى انتقادات، خصوصا بعدما حذر وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو من نشوب حرب أهلية بين العرب والأكراد وانتقال شرارة الحرب في سوريا إلى هناك. لكن الحادث الذي منعت فيه السلطات العراقية طائرة وزير الطاقة التركي تانر يلديز من الهبوط في اربيل، وعودته من الجو إلى أنقرة، اعتبر الكاتب في صحيفة "ميللييت" سامي كوهين انه يقلل من قيمة تركيا كقوة إقليمية. وكانت صحيفة "حرييت" قد أجرت حوارا مطولا مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعرب فيه عن رغبته بفتح صفحة جديدة في العلاقات مع أنقرة، شرط التزام تركيا بعدم التدخل بالشأن العراقي الداخلي، متهما من جديد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بأنه يتبع سياسات تمييزية ومذهبية تجاه العراق، متسائلا ما الذي سيكون عليه موقف اردوغان إذا ما استقبل رئيس الحكومة العراقية زعيم "حزب العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، في إشارة إلى احتضان تركيا نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي حكم عليه بالإعدام في العراق مؤخرا. ويقول كوهين ان "أمر منع طائرة يلديز من الهبوط في اربيل جاء مباشرة من المالكي. وهي رسالة ضد سياسة تركيا إزاء العراق، وتعكس الغضب من بعض التصرفات التركية". ويضيف الكاتب انه "ليس من الصعوبة تفسير الغضب العراقي من تركيا، إذ تأتي قضية طارق الهاشمي في رأسها، حيث تعتبر بغداد حماية أنقرة للهاشمي تدخلا مذهبيا في الشأن الداخلي للعراق". السبب الثاني هو الاتفاقات التي وقعتها تركيا مباشرة مع إقليم كردستان العراق، ولا سيما في مجال الطاقة. وما يقلق بغداد أن أنقرة تتصرف مع اربيل على أنها دولة مستقلة متجاهلة بغداد بالكامل، وفي هذا الإطار يذكّر كوهين بالزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي سابقا لكركوك من دون علم ولا إذن السلطات العراقية.   لكن الكاتب يشير إلى أن "تركيا تتصرف بازدواجية معايير تجاه بغداد، إذ كانت أثناء الاحتلال الأميركي للعراق تشدد على وحدة الأراضي العراقية، وتعمل على التوفيق بين المجموعات الدينية والمذهبية، لكن أنقرة بعد ذلك بدأت باتخاذ مواقف مختلفة ضد المالكي الذي تدعمه إيران، وتحولت تركيا إلى طرف في الصراع الداخلي العراقي. لكن التطور الأهم كان في تعامل تركيا مع شمال العراق على انه دولة مستقلة، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع الإقليم الكردي وهو ما فاقم التوتر مع بغداد". ويقول كوهين ان تركيا أمام خيار صعب في العلاقة مع العراق، فتركيا تولي أهمية للعلاقة مع إقليم كردستان لأسباب نفطية ولإمكان قيام مسعود البرزاني بدور في الضغط على حزب العمال الكردستاني، لكن هذا الخيار لا يعير أي اهتمام لوحدة الأراضي العراقية. ويرى أن انقطاع الحبل بين تركيا والحكومة العراقية ليس من مصلحة أنقرة، داعيا الحكومة التركية إلى قبول دعوة المالكي للحوار، وهي بحاجة لتستعيد دورها التوفيقي السابق.

المصدر : محمد نور الدين\ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة