دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كشفت صحيفة هآرتس العبرية على موقعها الالكتروني، بعضا من خفايا وأسرار الدور الأمريكي، وتدخل الرئيس باراك اوباما في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة. ونقلت الصحيفة عن ديبلوماسي أمريكي، تفاصيل مهمة عن الدور الأمريكي والاتصالات السياسية والأمنية التي أجراها الرئيس اوباما مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس المصري محمد مرسي وبقية الإطراف.
وقالت الصحيفة أن السفير الأمريكي لدى اسرائيل، دان شابيرو، شارك في المداولات السياسية والأمنية التي أجراها كبار مسؤولي البيت الأبيض والخارجة والبنتاغون، مع وفد إسرائيلي رفيع المستوى برئاسة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب عميدرور. كما تلقى السفير شابيرو، مكالمة هاتفية تم خلالها إبلاغه باغتيال قائد الذراع العسكري لحركة حماس، احمد الجعبري، من قبل من سلاح الجو الإسرائيلي. وأوضحت الصحيفة انه رغم تأكيد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي في محادثات واشنطن على نية إسرائيل الرد على إطلاق الصواريخ من غزة، لكنه لم يكشف عن نيتها اغتيال الجعبري.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى قوله، أن نتنياهو وضع الرئيس الأمريكي خلال المكالمة الهاتفية الأولى التي جرت بينهما في 14/11، بصورة الوضع، وأطلعه على أهداف العملية ومخططات الجيش الإسرائيلي، موضحا أن إسرائيل ستنفذ عملية برية إذا لم يتوقف إطلاق الصواريخ من غزة.
وبحسب المسؤول الأمريكي، أوضح الرئيس اوباما لـ نتنياهو، موقفه الداعم "لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" واتفاقه معه على ضرورة وقف حماس لإطلاق الصواريخ. وأضاف المسؤول الأمريكي، أن واشنطن لم تمارس ضغوطا على إسرائيل لمنعها من تنفيذ عملية برية، لكن اوباما اتفق مع نتنياهو في جميع المكالمات الهاتفية التي جرت بينهما على ضرورة إيجاد حل دبلوماسي يحول دون القيام بعملية برية في غزة، لان ثمن هذه العملية سيكون باهظا جدا، وعلى هذا الأساس فقد نظر اوباما ونتنياهو إلى الموضوع من نفس الزاوية، لكن الأمريكيين كانوا يدركون أن خيار التحرك العسكري البري، يبقى خيارا مطروحا بالنسبة للإسرائيليين، خصوصا في ظل استدعاء قوات الاحتياط.
في المقابل، كشف المسوؤل الأمريكي أن اوباما مارس ضغوطا كبيرة على الرئيس المصري محمد مرسي، الذي وصفه بأنه مفتاح حل الأزمة، وأجرى معه ست مكالمات هاتفية، خلال الحرب، كرر فيها الرئيس الأمريكي نفس الرسالة، محملا حركة حماس مسؤولة التصعيد، وطالب الرئيس مرسي بالضغط على الحركة لدفعها إلى وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل.
واستنادا للمسؤول الأمريكي، فان الدعم والغطاء الأمريكيين لإسرائيل، لم يتوقف عند حدود الاتصالات الهاتفية، وصل أيضا إلى الأمم المتحدة، حيث أحبطت السفيرة الأمريكية، سوزان رايس مبادرات تقدمن بها روسيا ودول أخرى، كانت تسعى لتوجيه نداء لوقف إطلاق النار. حيث أوضحت رايس منذ اليوم الأول للحرب، أمام مجلس الأمن، موقف بلادها الداعم للعملية الإسرائيلية، وحددت المسار الذي يجب على الدول الغربية إتباعه في تعاملها مع الأزمة.
وفي اليوم الرابع للهجوم الإسرائيلي على غزة- السابع عشر من تشرين الثاني- توجه الرئيس الأمريكي، ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، بجولة سياسية في منطقة جنوب شرق أسيا، واستغلت كلينتون أوقات فراغها لإجراء مزيد من الاتصالات الهاتفية مع نظرائها في كل من مصر وتركيا وفرنسا وقطر، بهدف زيادة حدة الضغوط على حماس، لإجبارها على وقف إطلاق الصواريخ.
وفي الثامن عشر من الشهر ذاته، عقد نتنياهو اجتماعا ليليا ضم وزير الحرب ايهود باراك ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان، تم فيه بحث الاتصالات التي جرت في القاهرة، حيث أطلعهم رئيس الموساد تمير بارودو، العائد للتو من القاهرة بعد لقائه رئيس المخابرات المصرية رأفت شحاتة، ورئيس المخابرات التركية، على مجريات المفاوضات ونتائج الاتصالات التي أجراها في القاهرة، وصيغة الاقتراح المصري لوقف إطلاق النار.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاجتماع الليلي انتهى في الساعة الرابعة فجرا، وان نتنياهو وباراك وليبرمان ابدوا عدم قبولهم بالصيغة المصرية، وعدم رضاهم مما سمعوه من رئيس الموساد، وانتابهم شعورا بأن مصر تحاول تحقيق انجازات لصالح حماس، الأمر الذي دفع احد مستشاري نتنياهو لاجراء اتصال هاتفي مع السفير الأمريكي، طالبا منه الحضور فورا إلى مقر وزارة الحرب الإسرائيلية، حيث تم وضعه لأول مرة في فحوى وتفاصيل الاتصالات مع مصر، وعرضت عليه صيغة المقترح المصري لوقف النار، حيث تضمن الطلب الإسرائيلي ان تمارس واشنطن ضغوطها على الطرف المصري .
عندها، غادر السفير الأمريكي مقر وزارة الحرب الإسرائيلية على وجه السرعة، متوجها إلى مقر السفارة الأمريكية، ونقل تفاصيل محادثاته مع الإسرائيليين للرئيس اوباما ولوزيرة الخارجية وكبار المستشارين الأمريكيين. وبعد ذلك اتصل اوباما مع نتنياهو باحثا معه تفاصيل الاقتراح المصري، واقترح عليه إيفاد هيلاري كلينتون إلى المنطقة، للمساعدة في المفاوضات والاتصالات الجارية. كما اجري الرئيس الأمريكي ثلاثة اتصالات هاتفية بالرئيس المصري، محمد مرسي، مشددا على ضرورة عرض صيغة حل أكثر توازنا.
وأوضحت الصحيفة، ان كلينتون التي وصلت إلى إسرائيل في العشرين من تشرين الثاني، عقدت أول اجتماع مع نتنياهو وليبرمان وباراك، تم خلاله بحث الاقتراح المصري. لكن الاجتماع انتهى دون تحقيق نتائج تذكر. وفي الصباح، اتصل مستشارو نتنياهو مع مساعدي كلينتون، وطلبوا عقد اجتماع آخر مع الوزيرة قبل سفرها إلى مصر.
وبحسب المسؤول الأمريكي، فقد سلّم نتنياهو، الوزيرة الأمريكية ملخصا يتضمن النقاط التي يعارضها، وتلك التي يوافق عليها. وشدد على أن يتم وقف إطلاق الصواريخ قبل كل شيء، على ان يوافق بعد ذلك على بحث كل النقاط التي تطرحها حماس.
وأشارت الصحيفة إلى إن احد مساعدي الوزيرة كلينتون، اتصل بمكتب نتنياهو قبل وقت قصير من إقلاع طائرة كلينتون من مطار بن غوريون متوجهة إلى القاهرة، متسائلا عما إذا كانت التفاهمات التي تم التوصل إليها لا تزال قائمة أم لا، فرد مكتب نتنياهو بان شيئا لم يتغير.
وبعد وصولها إلى القاهرة، التقت كلينتون الرئيس مرسي، وأكدت أمامه تأييد بلادها لصيغة الحل الإسرائيلية. وبعد ساعات طويلة وتعديلات كثيرة وإعادة صياغات، تم التوصل إلى أاتفاق، وإرسال ورقة التفاهمات عبر الفاكس إلى إسرائيل، كما اتصلت كلينتون بـ نتنياهو، حاملة له بشرى التوصل لاتفاق لوقف النار. كما اتصلت بالرئيس اوباما ووضعته في صورة التطورات، وأوصت بأن يتصل اوباما بكل من مرسي ونتنياهو، وهذا ما تم فعلا بعد وقت قصير.
وأشار المسؤول الأمريكي، إلى ثلاثة دروس يمكن استخلاصها من عملية "عمود السحاب"، أولها أن الدعم الأمريكي الكبير "لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" هو من ساعد وساهم في التوصل إلى وقف إطلاق النار.
والثاني، يتمثل بالتعاون الأمريكي - الإسرائيلي في بلورة تفاهمات وقف إطلاق النار، إذ لم يكن ممكنا لولا التنسيق بين كلينتون ونتنياهو وباراك وليبرمان، التوصل إلى وقف إطلاق النار، خلال زيارة كلينتون للقاهرة.
أما الدرس الثالث، فيتعلق بالعلاقات الأمريكية – المصرية، حيث أدركت الولايات المتحدة، منذ اللحظة الأولى، أن بإمكان المصريين التأثير على حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، وإجبارها على الموافقة على أمور كانوا يرفضون قبولها في بداية الأمر، وهذا ما قام به المصريون في النهاية، حسب المسؤول الأمريكي.
وأشار المسؤول الأمريكي إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى حاليا لاستغلال الدروس الثلاثة السابقة، لتعزيز العلاقات المصرية – الإسرائيلية، ومعالجة مسألة تهريب السلاح إلى غزة، التي تعتبر القضية المركزية من وجهة النظر الأمريكية، خصوصا وان مصر أعربت عن تفهمها للموقف الأمريكي، والتزمت أمام الأمريكيين بمعالجة القضية.
المصدر :
الماسة السوية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة