تنبأ الأمير طلال بن عبد العزيز شقيق الملك وولي العهد، المقيم خارج السعودية بسبب خلافات مع دوائر الحكم العليا، بعد موت شقيقه الأمير نايف أن تنهار المملكة كما انهار الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من عشرين عاماً،
  ودعا لأجل تلافي هذا المصير إلى "جعل النظام السياسي نظاماً ملكياً دستورياً مقيد الصلاحيات والوظائف والأدوار، كما هو الحال مع الكثير من الأنظمة الملكية الدستورية في الغرب، وفي مقدمها النظام الملكي البريطاني، وأن يتم تشكيل مجلس برلماني منتخب، وحكومة منتخبة"، ويضيف أن هيئة البيعة لفظت أنفاسها حينما تجاوزها الملك بتعيين نايف ثم سلمان ولياً للعهد.
دعم الملوك والأمراء العرب "الديمقراطية المسلحة" في ليبيا وسورية خصوصاً، وضجت قنواتهم بمصطلحات التغيير والحرية، وواكبت المسلحين في مسيرتهم، ونقلت فتاوى وعاظ السلاطين، (وللمناسبة، فكل هؤلاء المعمّمين، وعلى رأسهم الشيخ القرضاوي، لم نسمع لهم كلمة أو فتوى بدعم وتسليح غزة، بل ابتلعوا ألسنتهم أو سُدّت أفواههم بحوالات مصرفية وغيرها من ملذات الحياة)!
تسابق الملوك والأمراء في الوعظ بضرورة التغيير وتداول السلطة والوقوف ضد "ديكتاتورية" الأسد، ونسوا أنهم ما زالوا في السلطة منذ تأسيس ممالكهم وإماراتهم من قبل الإنكليز، حتى أن بعضهم صادر الأرض والشعب وسميت البلاد باسم عائلته، وأصبح المواطنون رعايا وعبيداً.
لكن هؤلاء الملوك والأمراء، نسوا أو لم يفهموا سيدهم الأميركي الذي يبيعهم في لحظات الضرورة للإبقاء على مصالحه، ولم يعرفوا أن النار ستصل إلى ديارهم عاجلا أم آجلاً والسعودية والأردن بداية الطريق.
وفي السعودية بدأت النار تعلو فوق الرماد، بعدما هبت الرياح المحيطة والداخلية فكانت المعارضة المتعددة المذاهب والأطياف، التي جعلت السعودية تحت وطأة إرهاصات بشائر الزلزال الآتي من الخارج والداخل، وفي قراءة هادئة، فإن المسكنات التي بدأتها العائلة المالكة لم تؤت ثمارها، ولن تنتج في إسكات المظلومين، ولقد كتب عبد الرحمن الراشد الذي يشغل منصب مدير عام قناة العربية في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية قائلاً: "في تصوري أن بلداً مثل السعودية، على الرغم من إمكانياته لا يحتمل ارتكاب الأخطاء، ولم يعد بلداً تحت التمرين، وليس صحيحاً أن المال هو حلاّل المشاكل، وليس صحيحاً أن الوقت أيضاً يحل المشاكل، والتحديات أمام الحكم السعودي لا تقل صعوبة عن غيرها، وهذا ما يجعلنا نبحث عن الحكمة والتجربة والمسؤولية والإحساس بالتاريخ والحاضر"، والأزمات الداخلية في السعودية تتلخص بالتالي:
- إن معدل البطالة في السعودية تجاوز نسبة 36 % من مجموع الأيدي العاملة، وبما يساوي 11 % من مجموع السكان، بالإشارة إلى أن عدد السكان في السعودية 18 مليون سعودي وعشرة ملايين أجنبي من المقيمين؛ ثلاثة ملايين من فلسطين واليمن، ثلاثة ملايين من بنغلادش والهند، مليون باكستاني،وثلاثة ملايين من جنسيات مختلفة.
- إن المعدل الوسطي لعمر السكان يتراوح بين 18-24 سنة، بينما وصل معدل عمر الوزراء إلى 65 سنة، والمعدل الوسطي في العمر للعائلة المالكة بحدود 80 سنة.
- إلغاء المرأة السعودية من المشاركة بالإنتاج والحياة الاجتماعية، وتعرضها للإعدام الناعم، مما يعني إلغاء نصف المجتمع السعودي.
- التشدد الديني الظاهري، ومحاولة فرض السلوك الديني دون نقاش أو حوار أو موعظة حسنة، بل بالإكراه، مما استولد نفوراً من الجمهور وخلق ظواهر سلوكية منحرفة أخلاقياً ودينياً بشكل يتناقض مع المظهر الخارجي.
- عدم توزيع "الثروة" النفطية لتأمين حاجة السكان، حيث نجد أن المناطق البعيدة عن المدن في الصحارى لا تصلها الكهرباء أو الماء أو الطرق، حتى أفتى بعض الوعاظ بجواز الإفطار في رمضان إذا انقطعت الكهرباء، بدل دعوة الدولة لإنماء هذه المناطق!
- التصحر السياسي الذي أصاب المملكة على الصعيد الأقليمي، فلقد سحبت الورقة الفلسطينية من يدها لصالح مصر بشكل أساسي وتركيا بشكل رديف، وخسرت الورقة اللبنانية بعد إسقاط سعد الحريري، وخسرت الورقة العراقية بعد الانسحاب الأميركي، ولم تربح حتى الآن الساحة اليمنية، ولم تنتصر في الساحة السورية، وانشغلت بأحداث البحرين التي دخلتها منذ أكثر من عام ولم تستطع حسم الأمور، بل وصلت الشرارة إلى المناطق الشرقية والرياض وجدة وغيرها من المناطق.
تعيش السعودية حالة "الكوما" السياسية والشلل الدبلوماسي، متزامناً مع "الكوما والشلل" الصحي للعائلة المالكة، ففي عام واحد توفي اثنان من أولياء العهد (نايف وسلطان) وولي العهد الثالث (سلمان) خارج إطار التأثير أو المتابعة، ووزير الخارجية سعود الفاصل يقيم في المستشفى، والملك عبد الله في المستشفى، أي أن العائلة المالكة في غرفة (العناية الفائقة) وينتظر الأبناء والأحفاد، الخبر الأخير لتبدأ مناوشات النزاع على السلطة وتبدأ فوض الحكم وتغيير النظام.
لقد بدأ شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" في شوارع الأردن، ويتردد صداه في السعودية، فهل يتغير النظام في الأردن والسعودية قبل استكمال مخطط تغيير النظام في سورية؟
  • فريق ماسة
  • 2012-11-21
  • 10795
  • من الأرشيف

هل تسقط أنظمة الخليج بعد الفشل في سورية؟

تنبأ الأمير طلال بن عبد العزيز شقيق الملك وولي العهد، المقيم خارج السعودية بسبب خلافات مع دوائر الحكم العليا، بعد موت شقيقه الأمير نايف أن تنهار المملكة كما انهار الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من عشرين عاماً،   ودعا لأجل تلافي هذا المصير إلى "جعل النظام السياسي نظاماً ملكياً دستورياً مقيد الصلاحيات والوظائف والأدوار، كما هو الحال مع الكثير من الأنظمة الملكية الدستورية في الغرب، وفي مقدمها النظام الملكي البريطاني، وأن يتم تشكيل مجلس برلماني منتخب، وحكومة منتخبة"، ويضيف أن هيئة البيعة لفظت أنفاسها حينما تجاوزها الملك بتعيين نايف ثم سلمان ولياً للعهد. دعم الملوك والأمراء العرب "الديمقراطية المسلحة" في ليبيا وسورية خصوصاً، وضجت قنواتهم بمصطلحات التغيير والحرية، وواكبت المسلحين في مسيرتهم، ونقلت فتاوى وعاظ السلاطين، (وللمناسبة، فكل هؤلاء المعمّمين، وعلى رأسهم الشيخ القرضاوي، لم نسمع لهم كلمة أو فتوى بدعم وتسليح غزة، بل ابتلعوا ألسنتهم أو سُدّت أفواههم بحوالات مصرفية وغيرها من ملذات الحياة)! تسابق الملوك والأمراء في الوعظ بضرورة التغيير وتداول السلطة والوقوف ضد "ديكتاتورية" الأسد، ونسوا أنهم ما زالوا في السلطة منذ تأسيس ممالكهم وإماراتهم من قبل الإنكليز، حتى أن بعضهم صادر الأرض والشعب وسميت البلاد باسم عائلته، وأصبح المواطنون رعايا وعبيداً. لكن هؤلاء الملوك والأمراء، نسوا أو لم يفهموا سيدهم الأميركي الذي يبيعهم في لحظات الضرورة للإبقاء على مصالحه، ولم يعرفوا أن النار ستصل إلى ديارهم عاجلا أم آجلاً والسعودية والأردن بداية الطريق. وفي السعودية بدأت النار تعلو فوق الرماد، بعدما هبت الرياح المحيطة والداخلية فكانت المعارضة المتعددة المذاهب والأطياف، التي جعلت السعودية تحت وطأة إرهاصات بشائر الزلزال الآتي من الخارج والداخل، وفي قراءة هادئة، فإن المسكنات التي بدأتها العائلة المالكة لم تؤت ثمارها، ولن تنتج في إسكات المظلومين، ولقد كتب عبد الرحمن الراشد الذي يشغل منصب مدير عام قناة العربية في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية قائلاً: "في تصوري أن بلداً مثل السعودية، على الرغم من إمكانياته لا يحتمل ارتكاب الأخطاء، ولم يعد بلداً تحت التمرين، وليس صحيحاً أن المال هو حلاّل المشاكل، وليس صحيحاً أن الوقت أيضاً يحل المشاكل، والتحديات أمام الحكم السعودي لا تقل صعوبة عن غيرها، وهذا ما يجعلنا نبحث عن الحكمة والتجربة والمسؤولية والإحساس بالتاريخ والحاضر"، والأزمات الداخلية في السعودية تتلخص بالتالي: - إن معدل البطالة في السعودية تجاوز نسبة 36 % من مجموع الأيدي العاملة، وبما يساوي 11 % من مجموع السكان، بالإشارة إلى أن عدد السكان في السعودية 18 مليون سعودي وعشرة ملايين أجنبي من المقيمين؛ ثلاثة ملايين من فلسطين واليمن، ثلاثة ملايين من بنغلادش والهند، مليون باكستاني،وثلاثة ملايين من جنسيات مختلفة. - إن المعدل الوسطي لعمر السكان يتراوح بين 18-24 سنة، بينما وصل معدل عمر الوزراء إلى 65 سنة، والمعدل الوسطي في العمر للعائلة المالكة بحدود 80 سنة. - إلغاء المرأة السعودية من المشاركة بالإنتاج والحياة الاجتماعية، وتعرضها للإعدام الناعم، مما يعني إلغاء نصف المجتمع السعودي. - التشدد الديني الظاهري، ومحاولة فرض السلوك الديني دون نقاش أو حوار أو موعظة حسنة، بل بالإكراه، مما استولد نفوراً من الجمهور وخلق ظواهر سلوكية منحرفة أخلاقياً ودينياً بشكل يتناقض مع المظهر الخارجي. - عدم توزيع "الثروة" النفطية لتأمين حاجة السكان، حيث نجد أن المناطق البعيدة عن المدن في الصحارى لا تصلها الكهرباء أو الماء أو الطرق، حتى أفتى بعض الوعاظ بجواز الإفطار في رمضان إذا انقطعت الكهرباء، بدل دعوة الدولة لإنماء هذه المناطق! - التصحر السياسي الذي أصاب المملكة على الصعيد الأقليمي، فلقد سحبت الورقة الفلسطينية من يدها لصالح مصر بشكل أساسي وتركيا بشكل رديف، وخسرت الورقة اللبنانية بعد إسقاط سعد الحريري، وخسرت الورقة العراقية بعد الانسحاب الأميركي، ولم تربح حتى الآن الساحة اليمنية، ولم تنتصر في الساحة السورية، وانشغلت بأحداث البحرين التي دخلتها منذ أكثر من عام ولم تستطع حسم الأمور، بل وصلت الشرارة إلى المناطق الشرقية والرياض وجدة وغيرها من المناطق. تعيش السعودية حالة "الكوما" السياسية والشلل الدبلوماسي، متزامناً مع "الكوما والشلل" الصحي للعائلة المالكة، ففي عام واحد توفي اثنان من أولياء العهد (نايف وسلطان) وولي العهد الثالث (سلمان) خارج إطار التأثير أو المتابعة، ووزير الخارجية سعود الفاصل يقيم في المستشفى، والملك عبد الله في المستشفى، أي أن العائلة المالكة في غرفة (العناية الفائقة) وينتظر الأبناء والأحفاد، الخبر الأخير لتبدأ مناوشات النزاع على السلطة وتبدأ فوض الحكم وتغيير النظام. لقد بدأ شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" في شوارع الأردن، ويتردد صداه في السعودية، فهل يتغير النظام في الأردن والسعودية قبل استكمال مخطط تغيير النظام في سورية؟

المصدر : الثبات/ د.نسيب حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة