يستعر الكباش السياسي بين المعسكرين المتناقضين سوريا واقليميا ودوليا بشكل غير مسبوق يؤسس إلى جولات جديدة من الضغوط المتبادلة، خصوصا بعد أن بات المعسكر الأميركي العربي المتحالف عضويا يشهد تناقضات في الشكل وتصدعات في المضمون لجهة كيفية التعاطي مع الازمة السورية

بعد ان شارف الوقت المستقطع على الانتهاء في ظل تحولات تبدو وكأنها جاءت للتوفيق بين المصالح العليا للدول الكبرى المعنية ليس فقط بالازمة السورية، إنما بخريطة الشرق الاوسط الجيوسياسية.

وترصد الدبلوماسية الشرقية باهتمام بالغ التناقضات المتصاعدة بين دول المحور الغربي العربي، خصوصا بعد ان تميزت المواقف الاميركية والاوروبية الاخيرة بالكثير من العقلانية تجاه سوريا وازمتها.

 ففي وقت المحت فيه ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما إلى استحالة القيام بعمل عسكري يسقط نظام الرئيس السوري بشار الاسد بعدما كانت قد رفضت تزويد المعارضة السورية باسلحة استراتيجية كاسرة للتوازن الراهن، ولاقتها فرنسا في هذا الموقف بعد ان اجرت ادارة الرئيس فرنسوا هولاند جردة حساب حددت بموجبها نقاط القوة والضعف لدى المحور الداعم للدولة السورية واستندت اليها لاعادة تقييم سياساتها الخارجية تجاه ازمة الشرق الاوسط عموما وتلك العاصفة بدول الربيع العربي خصوصا، عمدت كل من المملكة العربية السعودية وقطر، بحسب قراءة الدبلوماسية نفسها، على تسعير القتال داخل سوريا في محاولة جادة وقد تكون الاخيرة لاسقاط النظام  من خلال الايعاز إلى المعارضة المدعومة منها لتوسيع رقعة التوتر واقحام المزيد من المسلحين في المعركة، وبالتالي تكثيف عمليات التفجير الانتحاري والدفع بمخيم اليرموك المحازي للعاصمة السورية إلى دخول المعركة في عملية خلط اوراق جديدة تصرف الانظار عن كل ما يجري في مدينة حلب وشوارعها وريفها.

في هذا السياق، يعرب دبلوماسي شرقي عن قلقه البالغ من عمليات الابتزاز المتبادلة بين الدول العربية والاقليمية التي تشكل رأس حربة اسقاط النظام من جهة وواشنطن وباريس من جهة ثانية، خصوصا بعد ان شعرت الاولى ان انسحاب الحليف الغربي التكتيكي يعني التسليم ببقاء الاسد مع ما يعنيه ذلك من خطر داهم على دول منظومة التعاون الخليجي وتهديدا لمصالحها النفطية اذا لم يكن لعروشها بحسب التعبير. فخشية الغرب من اتساع نفوذ الاسلاميين ليلامس القارة الاوروبية انطلاقا من دول الربيع العربي جدية للغاية، وتصل إلى حدود القلق الفعلي لاسيما ان الامتداد الجيوسياسي الممتد من مصر إلى ليبيا فتونس والسودان واليمن لامس الخطوط الحمراء التي رسمتها واشنطن منذ ان عزمت على الانسحاب من المستنقع الافغاني. وبالتالي يصح القول ان مصالح الغرب الحيوية باتت تتعارض إلى حد ما مع مصالح الدول الخليجية الداعمة للتنظيمات الاصولية والوهابية والسلفية على حد سواء.

ولا يستبعد الدبلوماسي الشرقي أن تتقاطع مصالح الدول الكبرى المؤثرة في القرار الدولي والاممي مع المصالح الروسية السورية الايرانية المشتركة، فما يقوم به الرئيس الاسد من عمليات واسعة النطاق ضد تلك التنظيمات السلفية والاسلامية لا يزعج واشنطن، بل على العكس تماما، كما ان الترهل البطيء الذي يصيب النظام هو مطلب اساسي للغرب يمكن توظيفه عاجلا ام آجلا.

 

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-11-10
  • 10447
  • من الأرشيف

تناقضات وتضارب مصالح بين دول المحور الداعي إلى اسقاط الدولة السورية

يستعر الكباش السياسي بين المعسكرين المتناقضين سوريا واقليميا ودوليا بشكل غير مسبوق يؤسس إلى جولات جديدة من الضغوط المتبادلة، خصوصا بعد أن بات المعسكر الأميركي العربي المتحالف عضويا يشهد تناقضات في الشكل وتصدعات في المضمون لجهة كيفية التعاطي مع الازمة السورية بعد ان شارف الوقت المستقطع على الانتهاء في ظل تحولات تبدو وكأنها جاءت للتوفيق بين المصالح العليا للدول الكبرى المعنية ليس فقط بالازمة السورية، إنما بخريطة الشرق الاوسط الجيوسياسية. وترصد الدبلوماسية الشرقية باهتمام بالغ التناقضات المتصاعدة بين دول المحور الغربي العربي، خصوصا بعد ان تميزت المواقف الاميركية والاوروبية الاخيرة بالكثير من العقلانية تجاه سوريا وازمتها.  ففي وقت المحت فيه ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما إلى استحالة القيام بعمل عسكري يسقط نظام الرئيس السوري بشار الاسد بعدما كانت قد رفضت تزويد المعارضة السورية باسلحة استراتيجية كاسرة للتوازن الراهن، ولاقتها فرنسا في هذا الموقف بعد ان اجرت ادارة الرئيس فرنسوا هولاند جردة حساب حددت بموجبها نقاط القوة والضعف لدى المحور الداعم للدولة السورية واستندت اليها لاعادة تقييم سياساتها الخارجية تجاه ازمة الشرق الاوسط عموما وتلك العاصفة بدول الربيع العربي خصوصا، عمدت كل من المملكة العربية السعودية وقطر، بحسب قراءة الدبلوماسية نفسها، على تسعير القتال داخل سوريا في محاولة جادة وقد تكون الاخيرة لاسقاط النظام  من خلال الايعاز إلى المعارضة المدعومة منها لتوسيع رقعة التوتر واقحام المزيد من المسلحين في المعركة، وبالتالي تكثيف عمليات التفجير الانتحاري والدفع بمخيم اليرموك المحازي للعاصمة السورية إلى دخول المعركة في عملية خلط اوراق جديدة تصرف الانظار عن كل ما يجري في مدينة حلب وشوارعها وريفها. في هذا السياق، يعرب دبلوماسي شرقي عن قلقه البالغ من عمليات الابتزاز المتبادلة بين الدول العربية والاقليمية التي تشكل رأس حربة اسقاط النظام من جهة وواشنطن وباريس من جهة ثانية، خصوصا بعد ان شعرت الاولى ان انسحاب الحليف الغربي التكتيكي يعني التسليم ببقاء الاسد مع ما يعنيه ذلك من خطر داهم على دول منظومة التعاون الخليجي وتهديدا لمصالحها النفطية اذا لم يكن لعروشها بحسب التعبير. فخشية الغرب من اتساع نفوذ الاسلاميين ليلامس القارة الاوروبية انطلاقا من دول الربيع العربي جدية للغاية، وتصل إلى حدود القلق الفعلي لاسيما ان الامتداد الجيوسياسي الممتد من مصر إلى ليبيا فتونس والسودان واليمن لامس الخطوط الحمراء التي رسمتها واشنطن منذ ان عزمت على الانسحاب من المستنقع الافغاني. وبالتالي يصح القول ان مصالح الغرب الحيوية باتت تتعارض إلى حد ما مع مصالح الدول الخليجية الداعمة للتنظيمات الاصولية والوهابية والسلفية على حد سواء. ولا يستبعد الدبلوماسي الشرقي أن تتقاطع مصالح الدول الكبرى المؤثرة في القرار الدولي والاممي مع المصالح الروسية السورية الايرانية المشتركة، فما يقوم به الرئيس الاسد من عمليات واسعة النطاق ضد تلك التنظيمات السلفية والاسلامية لا يزعج واشنطن، بل على العكس تماما، كما ان الترهل البطيء الذي يصيب النظام هو مطلب اساسي للغرب يمكن توظيفه عاجلا ام آجلا.      

المصدر : انطوان الحايك


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة