سياسة فرق تسد التي شكلت العنوان البارز للسياسة الغربية وخاصة البريطانية عبر قرون وادت لاستعمار الشعوب واستنزاف ثرواتها تعود اليوم لتجد صداها في السياسة الخارجية البريطانية على المستوى العسكري اذ نجحت هذه السياسة باقناع دول الخليج بأن العدو لم يعد اسرائيل بل هو شرق الخليج العربي وبررت لبريطانيا وقبلها الولايات المتحدة توسيع امتدادهما الى المنطقة وتعزيز تواجدهما العسكري في مياه الخليج العربي كما اوردت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية أمس.

وقالت الصحيفة ان بريطانيا تفكر في تعزيز وجودها العسكري في دول الخليج لمواجهة ما تصفه بتصاعد التهديد الإيراني وذلك بعد خفض قواتها في أفغانستان في وقت يقوم به ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني بجولة للمنطقة احد اهدافها بيع طائرات (تايفون) المقاتلة .

الصحيفة البريطانية نقلت عن مصادر حكومية قولها "إن الخطط التي قد تسفر عن تعزيز بريطانيا لتواجدها العسكري في دولة الامارات العربية المتحدة هي جزء من استراتيجية تضمنتها مراجعة الاستراتيجية الدفاعية البريطانية" حيث تنظر بريطانيا في تعزيز قواتها الحالية والبالغة 70 عسكريا في الإمارات لخدمة الطائرات المقاتلة التي تطير بين بريطانيا وأفغانستان.

في هذه الاثناء أعلنت الإمارات وبريطانيا إقامة (شراكة صناعية دفاعية) تتعلق خصوصا بمقاتلات (يوروفايتر تايفون) التي تسعى لندن لبيعها لدول الخليج حسب بيان مشترك صادر عن الدولتين نقلته وكالة أنباء الإمارات الرسمية جاء فيه "إن الطرفين اتفقا على اقامة شراكة صناعية دفاعية تقوم على التعاون الوثيق بشأن مقاتلات تايفون وعدد من الصناعات التكنولوجية الجديدة".

ويتزامن هذا الاعلان مع تاكيد أبو ظبي اهتمامها بشراء 60 مقاتلة لاستبدال مقاتلات (ميراج) الفرنسية المتقادمة التي تملكها.

وفي سياق متصل ايضا أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أمس أن قطر والإمارات العربية المتحدة طلبتا منها أنظمة مضادة للصواريخ بقيمة تزيد على 7ر6 مليارات دولار.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.. إن قطر طلبت نظامين للصواريخ المضادة للصواريخ البالستية العابرة أي 12 منصة إطلاق و150 جهازا لاعتراض الصواريخ ورادارات وقطع غيار ومعدات اخرى ودورات تدريب بقيمة 5ر6 مليارات دولار أي مايعادل 1ر5 مليارات يورو فيما طلبت الإمارات العربية المتحدة 48 صاروخا مضادا للصواريخ البالستية العابرة وتسع منصات اطلاق وقطع غيار ودورات تدريب بقيمة 135ر1 مليار دولار أي ما يعادل 888 مليون يورو.

وتشكل هذه الانباء مجتمعة مؤشرا على طبيعة السياسة التي يتبعها الغرب تجاه المنطقة اذ انه نجح الى حد ما بتغييب هوية العدو الحقيقي لشعوب المنطقة المتمثل باسرائيل وحرف انظار ممالك وامارات باتجاه ايران عن طريق اثارة المخاوف منها تارة وتحريض الغرائز العقائدية والطائفية تارة اخرى حتى باتت ثروات الخليج ومقدراته النفطية مكرسة لخدمة الاهداف الاستراتيجية الغربية وحرمت الشعوب العربية من فرصة استثمارها في التنمية وبناء قاعدة صناعية وعلمية وتكنولوجية عربية تخرج المجتمعات الخليجية من عباءة السطوة الغربية وتحقق لها استقلالية القرار بمجرد الاستغناء عن الصناعات الغربية .

 

من جهة أخرى فإن الدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة وبريطانيا تعمل من خلال اثارة الصراعات في المنطقة على امتصاص الطفرة المالية النفطية وتكريسها لتكديس الاسلحة المخصصة للخراب بدل من ضخها في مشاريع انمائية للبناء.

من جانب آخر فإن صفقات السلاح الفلكية التي تعقدها ممالك وامارات النفط تسهم في انقاذ الاقتصادات الغربية المنهارة عندما تمدها بمليارات الدولارات في وقت تعاني منه من الانكماش والتراجع وتباطؤ النمو الى الحدود الدنيا.

ويبقى أن نقول بأن الغرب وقبل ان يمد الدول النفطية بأي نوع من السلاح يعمل على ضمان عدم استخدامه لصالح شعوب المنطقة بل انه يحرص على ان يكون موجها لاثارة العداوة والقلاقل بين دولها وشعوبها ولذلك فان صفقات السلاح التي يتم الحديث عنها ليست سوى عبء على الشعوب بدل ان تكون لحمايتها والدليل على ذلك ان الغرب يحافظ على وجوده العسكري كقوة احتلال شرعتها الحكومات في الخليج ولا يسمح لابناء الخليج ان يضطلعوا بمهمة الدفاع عن أوطانهم بل يقوم هو بالمهمة لانه يدافع عن مصالحه وليس عن مصالح الشعوب .

 

  • فريق ماسة
  • 2012-11-06
  • 6966
  • من الأرشيف

لندن تطمح للتوسع العسكري وواشنطن تبيع السلاح.. الخليج العربي نفوذ غربي وسيادة غائبة

سياسة فرق تسد التي شكلت العنوان البارز للسياسة الغربية وخاصة البريطانية عبر قرون وادت لاستعمار الشعوب واستنزاف ثرواتها تعود اليوم لتجد صداها في السياسة الخارجية البريطانية على المستوى العسكري اذ نجحت هذه السياسة باقناع دول الخليج بأن العدو لم يعد اسرائيل بل هو شرق الخليج العربي وبررت لبريطانيا وقبلها الولايات المتحدة توسيع امتدادهما الى المنطقة وتعزيز تواجدهما العسكري في مياه الخليج العربي كما اوردت صحيفة الديلي تلغراف البريطانية أمس. وقالت الصحيفة ان بريطانيا تفكر في تعزيز وجودها العسكري في دول الخليج لمواجهة ما تصفه بتصاعد التهديد الإيراني وذلك بعد خفض قواتها في أفغانستان في وقت يقوم به ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني بجولة للمنطقة احد اهدافها بيع طائرات (تايفون) المقاتلة . الصحيفة البريطانية نقلت عن مصادر حكومية قولها "إن الخطط التي قد تسفر عن تعزيز بريطانيا لتواجدها العسكري في دولة الامارات العربية المتحدة هي جزء من استراتيجية تضمنتها مراجعة الاستراتيجية الدفاعية البريطانية" حيث تنظر بريطانيا في تعزيز قواتها الحالية والبالغة 70 عسكريا في الإمارات لخدمة الطائرات المقاتلة التي تطير بين بريطانيا وأفغانستان. في هذه الاثناء أعلنت الإمارات وبريطانيا إقامة (شراكة صناعية دفاعية) تتعلق خصوصا بمقاتلات (يوروفايتر تايفون) التي تسعى لندن لبيعها لدول الخليج حسب بيان مشترك صادر عن الدولتين نقلته وكالة أنباء الإمارات الرسمية جاء فيه "إن الطرفين اتفقا على اقامة شراكة صناعية دفاعية تقوم على التعاون الوثيق بشأن مقاتلات تايفون وعدد من الصناعات التكنولوجية الجديدة". ويتزامن هذا الاعلان مع تاكيد أبو ظبي اهتمامها بشراء 60 مقاتلة لاستبدال مقاتلات (ميراج) الفرنسية المتقادمة التي تملكها. وفي سياق متصل ايضا أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أمس أن قطر والإمارات العربية المتحدة طلبتا منها أنظمة مضادة للصواريخ بقيمة تزيد على 7ر6 مليارات دولار. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.. إن قطر طلبت نظامين للصواريخ المضادة للصواريخ البالستية العابرة أي 12 منصة إطلاق و150 جهازا لاعتراض الصواريخ ورادارات وقطع غيار ومعدات اخرى ودورات تدريب بقيمة 5ر6 مليارات دولار أي مايعادل 1ر5 مليارات يورو فيما طلبت الإمارات العربية المتحدة 48 صاروخا مضادا للصواريخ البالستية العابرة وتسع منصات اطلاق وقطع غيار ودورات تدريب بقيمة 135ر1 مليار دولار أي ما يعادل 888 مليون يورو. وتشكل هذه الانباء مجتمعة مؤشرا على طبيعة السياسة التي يتبعها الغرب تجاه المنطقة اذ انه نجح الى حد ما بتغييب هوية العدو الحقيقي لشعوب المنطقة المتمثل باسرائيل وحرف انظار ممالك وامارات باتجاه ايران عن طريق اثارة المخاوف منها تارة وتحريض الغرائز العقائدية والطائفية تارة اخرى حتى باتت ثروات الخليج ومقدراته النفطية مكرسة لخدمة الاهداف الاستراتيجية الغربية وحرمت الشعوب العربية من فرصة استثمارها في التنمية وبناء قاعدة صناعية وعلمية وتكنولوجية عربية تخرج المجتمعات الخليجية من عباءة السطوة الغربية وتحقق لها استقلالية القرار بمجرد الاستغناء عن الصناعات الغربية .   من جهة أخرى فإن الدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة وبريطانيا تعمل من خلال اثارة الصراعات في المنطقة على امتصاص الطفرة المالية النفطية وتكريسها لتكديس الاسلحة المخصصة للخراب بدل من ضخها في مشاريع انمائية للبناء. من جانب آخر فإن صفقات السلاح الفلكية التي تعقدها ممالك وامارات النفط تسهم في انقاذ الاقتصادات الغربية المنهارة عندما تمدها بمليارات الدولارات في وقت تعاني منه من الانكماش والتراجع وتباطؤ النمو الى الحدود الدنيا. ويبقى أن نقول بأن الغرب وقبل ان يمد الدول النفطية بأي نوع من السلاح يعمل على ضمان عدم استخدامه لصالح شعوب المنطقة بل انه يحرص على ان يكون موجها لاثارة العداوة والقلاقل بين دولها وشعوبها ولذلك فان صفقات السلاح التي يتم الحديث عنها ليست سوى عبء على الشعوب بدل ان تكون لحمايتها والدليل على ذلك ان الغرب يحافظ على وجوده العسكري كقوة احتلال شرعتها الحكومات في الخليج ولا يسمح لابناء الخليج ان يضطلعوا بمهمة الدفاع عن أوطانهم بل يقوم هو بالمهمة لانه يدافع عن مصالحه وليس عن مصالح الشعوب .  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة