فيما تستمر الاشتباكات في مدينة بني وليد المتهمة بالتعاطف مع نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، تخيم على ليبيا من جديد أجواء حرب أهلية، مع مرور سنة على إعلان «انتهاء المعارك».

وبالرغم من إعلان متحدث عسكري ليبي سيطرة السلطات على 85 في المئة من مدينة بني وليد، إلا أن الأنباء الواردة من هناك تشير إلى استمرار المعارك الضارية، وتواصل عمليات نزوح السكان في قوافل من عشرات السيارات والشاحنات الصغيرة، تحمل عائلات وأفرشة ومواد غذائية، في مشاهد تعيد الحرب الأهلية إلى الأذهان.

ويعتبر المتمردون السابقون أن بني وليد «لم يتم تحريرها» ويدعون إلى «تطهيرها من المجرمين الذين تحصنوا داخلها».

وحاول المجلس الانتقالي مرارا تهدئة المتمردين، لكن بعد تعدد الحوادث، اضطر للخضوع لضغوطهم، لا سيما أنهم منظَّمون في مجموعات مسلحة تملك أسلحة ثقيلة، فمنحهم الغطاء «الشرعي» للهجوم على بني وليد، وذلك بعدما خطف فيها أحد متمردي مصراته السابقين المتورطين في قتل القذافي، وتوفي عقب إطلاق سراحه، لتؤجج وفاته التوتر بين المدينتين الجارتين اللتين اختارتا صفين متعارضين إبان نزاع العام 2011.

ومنذ نهاية أيلول الماضي، تخضع بني وليد لحصار مليشيات المتمردين السابقين خصوصا من مصراته، وذلك تحت راية «الجيش الوطني» الذي يجري تشكيله.

ولتبرير الهجوم كان رئيس المؤتمر العام محمد المقريف أكد السبت أن بني وليد «غدت ملجأ لأعداد كبيرة من الخارجين عن القانون والمعادين جهاراً للثورة».

وأشار إلى «عدم استكمال عملية التحرير بشكل حاسم في جميع المناطق».

وأوقعت معارك بني وليد عشرات القتلى والجرحى في الأيام الأخيرة، ما تسبب أيضا في هجرة الآلاف.

ويتهم سكان بني وليد «مليشيات مصراته الخارجة عن القانون» بالسعي إلى تدمير المدينة وطرد سكانها، بسبب خصومات تاريخية يعيدها بعضهم إلى بداية القرن العشرين أيام الاستعمار الايطالي. ويقولون إن المجلس الانتقالي ليس له أي سلطة على هذه المليشيات.

وتنذر أعمال العنف هذه بتأجيج الصراع القبلي والمناطقي، ما دفع بعض المراقبين إلى التحذير من احتمال نشوب حرب أهلية جديدة في البلاد.

وذكرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية أن أصداء الحرب الأهلية عادت لتجلجل من جديد في ليبيا، وأضافت الصحيفة ـ على موقعها الإلكتروني ـ أن البلاد تشهد صراعاً على النفوذ بين القبائل التي لا تحترم إلا قانون رشاش «الكلاشينكوف».

وقالت المحللة في مجموعة الأزمات الدولية لليبيا كلاوديا غازيني «منذ الاعلان الرسمي لنهاية المعارك، أصبحت ليبيا فريسة النزاعات الداخلية».

وأضافت أن «تصرفت السلطات المركزية أساساً، تصرف المتفرج، تاركة أمر الأمن لمجموعات مسلحة (متمردين سابقين) يتمتعون باستقلالية كبيرة وهي تحت سلطة الدولة بصفة شكلية فقط».

 

  • فريق ماسة
  • 2012-10-23
  • 7522
  • من الأرشيف

شبح الحرب الأهلية يحوم فوق ليبيا: استمرار المعارك في بني وليد

            فيما تستمر الاشتباكات في مدينة بني وليد المتهمة بالتعاطف مع نظام الزعيم الراحل معمر القذافي، تخيم على ليبيا من جديد أجواء حرب أهلية، مع مرور سنة على إعلان «انتهاء المعارك». وبالرغم من إعلان متحدث عسكري ليبي سيطرة السلطات على 85 في المئة من مدينة بني وليد، إلا أن الأنباء الواردة من هناك تشير إلى استمرار المعارك الضارية، وتواصل عمليات نزوح السكان في قوافل من عشرات السيارات والشاحنات الصغيرة، تحمل عائلات وأفرشة ومواد غذائية، في مشاهد تعيد الحرب الأهلية إلى الأذهان. ويعتبر المتمردون السابقون أن بني وليد «لم يتم تحريرها» ويدعون إلى «تطهيرها من المجرمين الذين تحصنوا داخلها». وحاول المجلس الانتقالي مرارا تهدئة المتمردين، لكن بعد تعدد الحوادث، اضطر للخضوع لضغوطهم، لا سيما أنهم منظَّمون في مجموعات مسلحة تملك أسلحة ثقيلة، فمنحهم الغطاء «الشرعي» للهجوم على بني وليد، وذلك بعدما خطف فيها أحد متمردي مصراته السابقين المتورطين في قتل القذافي، وتوفي عقب إطلاق سراحه، لتؤجج وفاته التوتر بين المدينتين الجارتين اللتين اختارتا صفين متعارضين إبان نزاع العام 2011. ومنذ نهاية أيلول الماضي، تخضع بني وليد لحصار مليشيات المتمردين السابقين خصوصا من مصراته، وذلك تحت راية «الجيش الوطني» الذي يجري تشكيله. ولتبرير الهجوم كان رئيس المؤتمر العام محمد المقريف أكد السبت أن بني وليد «غدت ملجأ لأعداد كبيرة من الخارجين عن القانون والمعادين جهاراً للثورة». وأشار إلى «عدم استكمال عملية التحرير بشكل حاسم في جميع المناطق». وأوقعت معارك بني وليد عشرات القتلى والجرحى في الأيام الأخيرة، ما تسبب أيضا في هجرة الآلاف. ويتهم سكان بني وليد «مليشيات مصراته الخارجة عن القانون» بالسعي إلى تدمير المدينة وطرد سكانها، بسبب خصومات تاريخية يعيدها بعضهم إلى بداية القرن العشرين أيام الاستعمار الايطالي. ويقولون إن المجلس الانتقالي ليس له أي سلطة على هذه المليشيات. وتنذر أعمال العنف هذه بتأجيج الصراع القبلي والمناطقي، ما دفع بعض المراقبين إلى التحذير من احتمال نشوب حرب أهلية جديدة في البلاد. وذكرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية أن أصداء الحرب الأهلية عادت لتجلجل من جديد في ليبيا، وأضافت الصحيفة ـ على موقعها الإلكتروني ـ أن البلاد تشهد صراعاً على النفوذ بين القبائل التي لا تحترم إلا قانون رشاش «الكلاشينكوف». وقالت المحللة في مجموعة الأزمات الدولية لليبيا كلاوديا غازيني «منذ الاعلان الرسمي لنهاية المعارك، أصبحت ليبيا فريسة النزاعات الداخلية». وأضافت أن «تصرفت السلطات المركزية أساساً، تصرف المتفرج، تاركة أمر الأمن لمجموعات مسلحة (متمردين سابقين) يتمتعون باستقلالية كبيرة وهي تحت سلطة الدولة بصفة شكلية فقط».  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة