اعتبر المفكر الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي أن الولايات المتحدة تخشى قيام ديمقراطية حقيقية تعبر عن رأي الشعوب في الشرق الأوسط وتخاف من التحركات تجاه تحقيق استقلالية القرار الوطني وتسعى جاهدة لإعادة انتاج الأنظمة الديكتاتورية وخاصة مع تداعي هيمنتها على العالم.

ونقلت رويترز عن تشومسكي قوله في محاضرة بعنوان (النظام العالمي الناشئ والربيع العربي) في الجامعة الأمريكية في القاهرة اليوم أن الأمر الأخطر بالنسبة للولايات المتحدة سيكون هو التحركات تجاه استقلالية القرار في منطقة الشرق الأوسط مؤكدا أن مخططين أدركوا منذ الأربعينيات من القرن الماضي أن السيطرة على مناطق مخزونات الطاقة في الشرق الأوسط له علاقة كبيرة بالسيطرة على العالم أجمع.

وقال تشومسكي أن هناك أمرا آخر يخيف الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط يتمثل في احتمال أن تتحرك المنطقة صوب استقلالية لها وهذا يمثل تهديدا خطيرا لها مشيرا إلى أن هناك دراسات كثيرة للرأي العام في العالم العربي أجرتها وكالات أمريكية وتوصلت إلى نتائج تفيد بأن الولايات المتحدة لا تريد حقا أن تعبر السياسات في الدول العربية عن الرأي العام لشعوب المنطقة.

وأضاف تشومسكي أنه بالنسبة للغرب فان الدول الأهم هي الدول النفطية الدكتاتورية في منطقة الخليج لكن هذه الدول قمعت الانتفاضات التي طالبت بالديمقراطية فيها بعنف وبدعم من الغرب مبينا أن المناطق التي شهدت تغييرا بقيت الهياكل الرئيسية للدكتاتوريات القديمة كما هي على الرغم من تعرضها للتهديد من قوى شعبية تمثل قلقا خطيرا للغرب.

وحذر تشومسكي من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة بناء النظم القديمة في الدول التي شهدت تغيرات تتجه صوب الديمقراطية في المنطقة لأنها بقيت تدعم الأنظمة الدكتاتورية السابقة وكذلك فعلت فرنسا مع تونس قبل الانتفاضة التونسية إلى أن أصبح من المستحيل الاستمرار في دعمها.

ووضع تشومسكي خوف الولايات المتحدة من أي ديمقراطية حقيقية في الشرق الأوسط في سياق أشمل ورصد تداعي قوى الهيمنة الأمريكية في العالم والذي وصفه بأنه حقيقي لكنه ليس حديث العهد فهو مستمر منذ الحرب العالمية الثانية حيث وصلت الولايات المتحدة إلى ذروة قوتها.

وبعدما رصد تشومسكي تداعي القوة الأمريكية تحدث عن التغيير الحقيقي الذي طرأ على المجتمع العالمي في الوقت الحالي معتبرا انه تغير اقتصادي.. مقتبسا من محللين في البنوك أشاروا إلى أن العالم منقسم إلى كتلتين إحداهما يمثلها الأثرياء جدا والثانية هي باقي الناس الذين يعيشون حياة غير مستقرة وأن كتلة الأثرياء جدا تتمركز في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غنية أخرى بل وفي مناطق أخرى حتى في أفريقيا جنوب الصحراء.

وأضاف تشومسكي أن التأثير العالمي للشركات المالية أصبح سلبيا والنجاحات التي تحققها لا تضيف شيئا إلى كفاءة الاقتصاد الحقيقي إلا أن الكوارث والأزمات تنقل الثروة من دافعي الضرائب إلى الأثرياء مشيرا إلى أن الوضع سيستمر على هذا النحو طالما بقي من سماهم بعبيد هذا النظام صامتين.

وتحدث تشومسكي أيضا عن العالم الذي سيتركه هذا الجيل للأجيال القادمة وقال إن الصورة قاتمة ولا تدعو للفخر وهناك ظلال داكنة تخيم على هذا الإرث وأهمها الحرب النووية والكوارث البيئية لأنها تتعلق ببقاء النوع مؤكدا أنه لا تبذل أي جهود جدية حيال هذين الأمرين.

وأضاف تشومسكي أن الخطر الاكبر من الناحية النووية في الوقت الحالي ينبع من الشرق الأوسط مشيرا إلى أن السبب الحقيقي للقلق صاغه الجنرال لي باتلر القائد السابق للقيادة الاستراتيجية الأمريكية عندما قال إن تسلح دولة في منطقة الشرق الأوسط بالأسلحة النووية أمر خطير لأنه قد يدفع دولا أخرى لفعل الشيء نفسه موضحا أن باتلر كان يشير إلى إسرائيل لكن الأوروبيين والأمريكيين حولوه إلى إيران.

وأعاد تشومسكي إلى الأذهان أن مشاركين في استطلاعات للرأي بين الاوروبيين قالوا إنهم يرون أن اسرائيل هي أخطر "دولة" في العالم مشيرا إلى أن ايران لا تعتبر تهديدا كبيرا بين المواطنين العاديين وفقا لاستطلاعات الرأي في الغرب لكن وسائل الإعلام تلتزم بآراء الأنظمة الدكتاتورية لذا نسمع دائما أن العرب يريدون تحركا حاسما تجاه إيران لكن الحقيقة هي أن الشعوب لا تريد هذا وانما آراء الحكام المستبدين هي المهمة بالنسبة لأفكار الغرب عن الديمقراطية.

وقال تشومسكي إن هناك "دولتين" مارقتين تنتهكان ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عدم استخدام القوة في النزاعات الدولية ألا وهما الولايات المتحدة واسرائيل لافتا إلى أن التهديدات التي تتعرض لها إيران ليست شفوية فحسب فهناك حروب دائرة تشمل الاغتيالات واقتصادية والكترونية ضد إيران.

وأكد تشومسكي أن هناك طريقة مباشرة لإنهاء أي خطر نووي يمكن أن تمثله إيران وهو إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط لافتا إلى أهمية وجود ضغط شعبي كبير في الولايات المتحدة بهذا الاتجاه ولكن هذا الضغط لن يحدث ببساطة لأن وسائل الإعلام الأمريكية لن تتحدث عن الموضوع.

وقال أن هذا يشير إلى نوع آخر أكثر تعقيدا من القمع في المجتمعات التي تتمتع بالحرية مثل الولايات المتحدة.

ويعرف تشومسكي المفكر الأمريكي المولود في عام 1928 بإنتاجه اللغوي والفلسفي والنقدي في مجال اللغة والأدب والسياسة والفلسفة والاجتماع ويشتهر بنشاطه الفكري ومعارضته لسياسة الهيمنة الأمريكية وانتقاده للاحتلال الإسرائيلي.

 

ويعتبر تشومسكي مؤسس علم اللغويات الحديث وله أكثر من مئة كتاب تتنوع موضوعاتها بين اللغويات والعلوم السياسية ومن أشهر كتبه الهيمنة أم البقاء والنظام العالمي الجديد والقديم والدول المارقة و11/9 هل كان هناك بديل واحتلوا بروكلين.

 

  • فريق ماسة
  • 2012-10-23
  • 8482
  • من الأرشيف

المفكر الأمريكي تشومسكي: الولايات المتحدة تخشى القرار المستقل والديمقراطية الحقيقية في الشرق الأوسط

اعتبر المفكر الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي أن الولايات المتحدة تخشى قيام ديمقراطية حقيقية تعبر عن رأي الشعوب في الشرق الأوسط وتخاف من التحركات تجاه تحقيق استقلالية القرار الوطني وتسعى جاهدة لإعادة انتاج الأنظمة الديكتاتورية وخاصة مع تداعي هيمنتها على العالم. ونقلت رويترز عن تشومسكي قوله في محاضرة بعنوان (النظام العالمي الناشئ والربيع العربي) في الجامعة الأمريكية في القاهرة اليوم أن الأمر الأخطر بالنسبة للولايات المتحدة سيكون هو التحركات تجاه استقلالية القرار في منطقة الشرق الأوسط مؤكدا أن مخططين أدركوا منذ الأربعينيات من القرن الماضي أن السيطرة على مناطق مخزونات الطاقة في الشرق الأوسط له علاقة كبيرة بالسيطرة على العالم أجمع. وقال تشومسكي أن هناك أمرا آخر يخيف الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط يتمثل في احتمال أن تتحرك المنطقة صوب استقلالية لها وهذا يمثل تهديدا خطيرا لها مشيرا إلى أن هناك دراسات كثيرة للرأي العام في العالم العربي أجرتها وكالات أمريكية وتوصلت إلى نتائج تفيد بأن الولايات المتحدة لا تريد حقا أن تعبر السياسات في الدول العربية عن الرأي العام لشعوب المنطقة. وأضاف تشومسكي أنه بالنسبة للغرب فان الدول الأهم هي الدول النفطية الدكتاتورية في منطقة الخليج لكن هذه الدول قمعت الانتفاضات التي طالبت بالديمقراطية فيها بعنف وبدعم من الغرب مبينا أن المناطق التي شهدت تغييرا بقيت الهياكل الرئيسية للدكتاتوريات القديمة كما هي على الرغم من تعرضها للتهديد من قوى شعبية تمثل قلقا خطيرا للغرب. وحذر تشومسكي من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة بناء النظم القديمة في الدول التي شهدت تغيرات تتجه صوب الديمقراطية في المنطقة لأنها بقيت تدعم الأنظمة الدكتاتورية السابقة وكذلك فعلت فرنسا مع تونس قبل الانتفاضة التونسية إلى أن أصبح من المستحيل الاستمرار في دعمها. ووضع تشومسكي خوف الولايات المتحدة من أي ديمقراطية حقيقية في الشرق الأوسط في سياق أشمل ورصد تداعي قوى الهيمنة الأمريكية في العالم والذي وصفه بأنه حقيقي لكنه ليس حديث العهد فهو مستمر منذ الحرب العالمية الثانية حيث وصلت الولايات المتحدة إلى ذروة قوتها. وبعدما رصد تشومسكي تداعي القوة الأمريكية تحدث عن التغيير الحقيقي الذي طرأ على المجتمع العالمي في الوقت الحالي معتبرا انه تغير اقتصادي.. مقتبسا من محللين في البنوك أشاروا إلى أن العالم منقسم إلى كتلتين إحداهما يمثلها الأثرياء جدا والثانية هي باقي الناس الذين يعيشون حياة غير مستقرة وأن كتلة الأثرياء جدا تتمركز في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول غنية أخرى بل وفي مناطق أخرى حتى في أفريقيا جنوب الصحراء. وأضاف تشومسكي أن التأثير العالمي للشركات المالية أصبح سلبيا والنجاحات التي تحققها لا تضيف شيئا إلى كفاءة الاقتصاد الحقيقي إلا أن الكوارث والأزمات تنقل الثروة من دافعي الضرائب إلى الأثرياء مشيرا إلى أن الوضع سيستمر على هذا النحو طالما بقي من سماهم بعبيد هذا النظام صامتين. وتحدث تشومسكي أيضا عن العالم الذي سيتركه هذا الجيل للأجيال القادمة وقال إن الصورة قاتمة ولا تدعو للفخر وهناك ظلال داكنة تخيم على هذا الإرث وأهمها الحرب النووية والكوارث البيئية لأنها تتعلق ببقاء النوع مؤكدا أنه لا تبذل أي جهود جدية حيال هذين الأمرين. وأضاف تشومسكي أن الخطر الاكبر من الناحية النووية في الوقت الحالي ينبع من الشرق الأوسط مشيرا إلى أن السبب الحقيقي للقلق صاغه الجنرال لي باتلر القائد السابق للقيادة الاستراتيجية الأمريكية عندما قال إن تسلح دولة في منطقة الشرق الأوسط بالأسلحة النووية أمر خطير لأنه قد يدفع دولا أخرى لفعل الشيء نفسه موضحا أن باتلر كان يشير إلى إسرائيل لكن الأوروبيين والأمريكيين حولوه إلى إيران. وأعاد تشومسكي إلى الأذهان أن مشاركين في استطلاعات للرأي بين الاوروبيين قالوا إنهم يرون أن اسرائيل هي أخطر "دولة" في العالم مشيرا إلى أن ايران لا تعتبر تهديدا كبيرا بين المواطنين العاديين وفقا لاستطلاعات الرأي في الغرب لكن وسائل الإعلام تلتزم بآراء الأنظمة الدكتاتورية لذا نسمع دائما أن العرب يريدون تحركا حاسما تجاه إيران لكن الحقيقة هي أن الشعوب لا تريد هذا وانما آراء الحكام المستبدين هي المهمة بالنسبة لأفكار الغرب عن الديمقراطية. وقال تشومسكي إن هناك "دولتين" مارقتين تنتهكان ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على عدم استخدام القوة في النزاعات الدولية ألا وهما الولايات المتحدة واسرائيل لافتا إلى أن التهديدات التي تتعرض لها إيران ليست شفوية فحسب فهناك حروب دائرة تشمل الاغتيالات واقتصادية والكترونية ضد إيران. وأكد تشومسكي أن هناك طريقة مباشرة لإنهاء أي خطر نووي يمكن أن تمثله إيران وهو إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط لافتا إلى أهمية وجود ضغط شعبي كبير في الولايات المتحدة بهذا الاتجاه ولكن هذا الضغط لن يحدث ببساطة لأن وسائل الإعلام الأمريكية لن تتحدث عن الموضوع. وقال أن هذا يشير إلى نوع آخر أكثر تعقيدا من القمع في المجتمعات التي تتمتع بالحرية مثل الولايات المتحدة. ويعرف تشومسكي المفكر الأمريكي المولود في عام 1928 بإنتاجه اللغوي والفلسفي والنقدي في مجال اللغة والأدب والسياسة والفلسفة والاجتماع ويشتهر بنشاطه الفكري ومعارضته لسياسة الهيمنة الأمريكية وانتقاده للاحتلال الإسرائيلي.   ويعتبر تشومسكي مؤسس علم اللغويات الحديث وله أكثر من مئة كتاب تتنوع موضوعاتها بين اللغويات والعلوم السياسية ومن أشهر كتبه الهيمنة أم البقاء والنظام العالمي الجديد والقديم والدول المارقة و11/9 هل كان هناك بديل واحتلوا بروكلين.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة