ما أن أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قراره تقديم موعد الانتخابات، حتى دخلت الحلبة السياسية في الدولة العبرية مرحلة سعار فعلي، فالجميع يريد ليس فقط أن يضمن لحزبه مكانة ومقاعد في الانتخابات، وإنما أيضاً، وهذا هو الأهم، أن يضمن لنفسه هذه المكانة وهذا المقعد. وهكذا، وبرغم تأهب الأحزاب للحملة الانتخابية سلفاً، إلا أن إعلان نتنياهو أدار جميع «التروس» دفعة واحدة.

وهكذا ارتفع الحديث عن الانتخابات التمهيدية في حزبي «الليكود» و«كديما» والعديد من الأحزاب، وبدأت المعارك الداخلية وحملات التشويه والإشاعات الرامية لتخفيض هذا ورفع ذاك.

ولا يقل أهمية عن ذلك تزايد الحديث عن ائتلافات انتخابية جديدة أو مكررة ترمي إلى التعامل مع الظروف اللاحقة للانتخابات انطلاقاً من معرفة خطوطها العامة، أو الرغبة في تغيير تلك الخطوط من أساسها.

وهكذا عادت إلى بورصة نجوم الانتخابات الإسرائيلية أسماء قديمة جديدة بينها تسيبي ليفني وإيهود أولمرت، وأخرى جديدة مثل يائير لبيد.

وهناك اعتقاد سائد بأن نتائج الانتخابات محسومة لمصلحة ائتلاف اليمين القومي والديني الذي يرى في بنيامين نتنياهو، حتى الآن وبرغم الظروف الاقتصادية السيئة، زعيماً مفضلاً له، ولديه غالبية برلمانية تسمح له بتأليف الحكومة المقبلة وحده.

ولكن هذا الاعتقاد لا يلغي المنافسة داخل هذا المعسكر، خصوصاً بين الثلاثة الكبار ـ «الليكود» و«إسرائيل بيتنا» و«شاس» ـ الذين يطمح كل

 منهم الى امتلاك القدرة على التأثير الأكبر في الحكومة المقبلة. فالليكود يريد أكبر عدد من المقاعد حتى ضمن هذا المعسكر لمنع «إسرائيل بيتنا» من الالتفاف عليه من جهة اليمين سياسياً، و«شاس» من الالتفاف عليه اجتماعياً. والعكس هو ما يريده هذان الحزبان.

وفي المعسكر اليميني هناك أحزاب حريدية تضمن قوتها في كل الظروف، لأنها كتلة شبه مستقرة وتعتبر حليفاً طبيعياً لليمين القومي. ولكن إلى جانب الأحزاب الحريدية توجد أحزاب تتوحّد على أساس برامج قومية دينية متطرفة وتنطلق من اعتبارات أيديولوجية واستيطانية بحتة وكثيراً ما شكلت عنصر إحراج لمعسكر اليمين، وهي تطمح إلى تعزيز قوتها على حساب الأحزاب اليمينية الكبيرة ليس فقط لضمان وجودها التمثيلي وإنما أيضاً للتأثير أكبر في السياسة العامة.

وقد أفلح أنصار الجناح الأخير في التغلغل في صفوف اليمين القومي والتأثير بقوة في مواقفه لدفعه لتبني أيديولوجيته. ومعروف أن موشي فايغلين في «الليكود»، وهو من هذا الجناح، تنافس ضد نتنياهو على زعامة «الليكود» ونال حوالي ربع الأصوات.

وفي مقابل المعسكر اليميني هذا ينتصب ما كان يُعرَف بالمعسكر اليساري والذي كان يضم «العمل» و«ميرتس» والأحزاب العربية. وفي الغالب فإن الكتلة العربية في الكنيست ستبقى على حالها أو أنها ستحسن مكانتها بمقعد أو اثنين، وستظل تدور حول نسبة العشرة في المئة.

وبقيت زعيمة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، وقادة الأحزاب الآخرين بعيدين عن مضاهاة نتنياهو في الشعبية التي يحظى بها. وقاد هذا إلى اعتبار ه مرشحاً مضموناً لمنصب رئيس الحكومة من دون توفر منافس حقيقي له. ولكن الحال قد يتغير إذا أفلح معارضون لنتنياهو في تشكيل قوة جاذبة تصدم المجتمع الإسرائيلي وتدفعه نحو تغيير أنماط تصويته. وهذا احتمال مستبعد جداً، لكن هناك جهود كبيرة تبذل من أجل إيجاده.

وهنا يدور الحديث عن أحزاب الوسط. وهذه الأحزاب، «كديما» برئاسة شاؤول موفاز و«المستقبل» برئاسة يائير لبيد، لا تزال بعيدة عن امتلاك القدرة حتى على لعب دور «بيضة القبان»، وهي فعلياً ليست منافساً حقيقياً لا لـ«الليكود» ولا لنتنياهو، وتتوقع لها استطلاعات الرأي في أحسن الأحوال عشرين مقعداً في الكنيست.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-10-10
  • 10292
  • من الأرشيف

إسرائيل والانتخابات المبكرة: القوى السياسية تستلّ سيوفها!

ما أن أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قراره تقديم موعد الانتخابات، حتى دخلت الحلبة السياسية في الدولة العبرية مرحلة سعار فعلي، فالجميع يريد ليس فقط أن يضمن لحزبه مكانة ومقاعد في الانتخابات، وإنما أيضاً، وهذا هو الأهم، أن يضمن لنفسه هذه المكانة وهذا المقعد. وهكذا، وبرغم تأهب الأحزاب للحملة الانتخابية سلفاً، إلا أن إعلان نتنياهو أدار جميع «التروس» دفعة واحدة. وهكذا ارتفع الحديث عن الانتخابات التمهيدية في حزبي «الليكود» و«كديما» والعديد من الأحزاب، وبدأت المعارك الداخلية وحملات التشويه والإشاعات الرامية لتخفيض هذا ورفع ذاك. ولا يقل أهمية عن ذلك تزايد الحديث عن ائتلافات انتخابية جديدة أو مكررة ترمي إلى التعامل مع الظروف اللاحقة للانتخابات انطلاقاً من معرفة خطوطها العامة، أو الرغبة في تغيير تلك الخطوط من أساسها. وهكذا عادت إلى بورصة نجوم الانتخابات الإسرائيلية أسماء قديمة جديدة بينها تسيبي ليفني وإيهود أولمرت، وأخرى جديدة مثل يائير لبيد. وهناك اعتقاد سائد بأن نتائج الانتخابات محسومة لمصلحة ائتلاف اليمين القومي والديني الذي يرى في بنيامين نتنياهو، حتى الآن وبرغم الظروف الاقتصادية السيئة، زعيماً مفضلاً له، ولديه غالبية برلمانية تسمح له بتأليف الحكومة المقبلة وحده. ولكن هذا الاعتقاد لا يلغي المنافسة داخل هذا المعسكر، خصوصاً بين الثلاثة الكبار ـ «الليكود» و«إسرائيل بيتنا» و«شاس» ـ الذين يطمح كل  منهم الى امتلاك القدرة على التأثير الأكبر في الحكومة المقبلة. فالليكود يريد أكبر عدد من المقاعد حتى ضمن هذا المعسكر لمنع «إسرائيل بيتنا» من الالتفاف عليه من جهة اليمين سياسياً، و«شاس» من الالتفاف عليه اجتماعياً. والعكس هو ما يريده هذان الحزبان. وفي المعسكر اليميني هناك أحزاب حريدية تضمن قوتها في كل الظروف، لأنها كتلة شبه مستقرة وتعتبر حليفاً طبيعياً لليمين القومي. ولكن إلى جانب الأحزاب الحريدية توجد أحزاب تتوحّد على أساس برامج قومية دينية متطرفة وتنطلق من اعتبارات أيديولوجية واستيطانية بحتة وكثيراً ما شكلت عنصر إحراج لمعسكر اليمين، وهي تطمح إلى تعزيز قوتها على حساب الأحزاب اليمينية الكبيرة ليس فقط لضمان وجودها التمثيلي وإنما أيضاً للتأثير أكبر في السياسة العامة. وقد أفلح أنصار الجناح الأخير في التغلغل في صفوف اليمين القومي والتأثير بقوة في مواقفه لدفعه لتبني أيديولوجيته. ومعروف أن موشي فايغلين في «الليكود»، وهو من هذا الجناح، تنافس ضد نتنياهو على زعامة «الليكود» ونال حوالي ربع الأصوات. وفي مقابل المعسكر اليميني هذا ينتصب ما كان يُعرَف بالمعسكر اليساري والذي كان يضم «العمل» و«ميرتس» والأحزاب العربية. وفي الغالب فإن الكتلة العربية في الكنيست ستبقى على حالها أو أنها ستحسن مكانتها بمقعد أو اثنين، وستظل تدور حول نسبة العشرة في المئة. وبقيت زعيمة حزب العمل، شيلي يحيموفيتش، وقادة الأحزاب الآخرين بعيدين عن مضاهاة نتنياهو في الشعبية التي يحظى بها. وقاد هذا إلى اعتبار ه مرشحاً مضموناً لمنصب رئيس الحكومة من دون توفر منافس حقيقي له. ولكن الحال قد يتغير إذا أفلح معارضون لنتنياهو في تشكيل قوة جاذبة تصدم المجتمع الإسرائيلي وتدفعه نحو تغيير أنماط تصويته. وهذا احتمال مستبعد جداً، لكن هناك جهود كبيرة تبذل من أجل إيجاده. وهنا يدور الحديث عن أحزاب الوسط. وهذه الأحزاب، «كديما» برئاسة شاؤول موفاز و«المستقبل» برئاسة يائير لبيد، لا تزال بعيدة عن امتلاك القدرة حتى على لعب دور «بيضة القبان»، وهي فعلياً ليست منافساً حقيقياً لا لـ«الليكود» ولا لنتنياهو، وتتوقع لها استطلاعات الرأي في أحسن الأحوال عشرين مقعداً في الكنيست.    

المصدر : السفير /حلمي موسى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة