اجل، سورية سورية كما قال الرئيس محمد مرسي. كلنا نرفع الصوت من اجلها. ولكن امام من كان الرئيس المصري يتحدث عن التغيير كخيار لا بديل منه؟ امام العرب؟ اي عرب؟

دائما كنا نراهن على يقظة مصر، وثورة مصر، لاننا نرفض اي دور اقليمي لاي دولة اقليمية ندرك بدقة كيف تنظر داروينياً الى العرب الآتين، لا ريب، من كوكب آخر، الذاهبين الى كوكب آخر، بل وندرك مدى رغباتها الجيوبوليتيكية وكيف تحدد شكل وجوهنا، وشكل ثيابنا، وحتى شكل احاسيسنا

الى من كان يتحدث الرئيس مرسي قائلا انه في الميدان، فهل هناك دولة عربية من الدول التي تدعو او تعمل على ازالة النظام في سورية تعرف ما هي الديموقراطية، وما هي نكهتها، وتعرف ما هي العدالة وكيف تطبق على من يمتلك يختاً بمليار دولار وعلى من لا يملك شروى نقير

اجل سورية التي كفاها دم.(...) .. معارضة لا علاقة لها البتة بالناس، ولا بصرخاتهم العارية، فأي مجلس وطني ذاك الذي لا يعدو كونه متحفا من الدرجة الثالثة لمومياءات من الدرجة الثالثة؟ واي جيش حر يضع نفسه بتصرف السلاطين، واجهزة الاستخبارات، والقناصل ويراهن على القاذفات الآتية من أزمنة غابرة او من امكنة غابرة لاستعادة ايام اندثرت مع الايام

اجل سورية التي ينبغي ان تقلب في الحال صفحة الدم، وان تغتسل من ثقافة الالم، فأي عرب اولئك الذين يريدون لسورية دورها؟ أليست هي التي تستضيف عظام صلاح الدين الايوبي، وقد تذكره رجب طيب اردوغان الذي لم يخرج آباؤه السلاجقة والعثمانيون، وقد فاخر بهم امام الملأ، من سوريا الا اشلاء تلو اشلاء

اردوغان الذي تذكّر ايضا الجامع الاموي وبلهجة تضج بالحنين، فهل يتجرأ، وباللهجة نفسها، ان يتذكر المسجد الاقصى، واين صلّى عمر بن الخطاب ليعطي المثال الفذ على عظمة الاسلام والمسلمين

يعلم الرئيس مرسي ان العرب عاجزون حتى عن الوقوف على اقدامهم، وان انظمتهم تعود الى عهود بائدة، وان المجتمعات لا تزال تؤدي رقصة القبائل، فالحداثة ممنوعة، ومحاولة تهريبها الى الداخل عقوبتها حبل المشنقة لان نقل الحداثة او تعاطيها لا يقل هولاً عن نقل الوثنية او تعاطيها.

قال الرئيس محمد مرسي بالتغيير. كيف يمكن لاحدنا ان يكون ضد التغيير وقد اعترانا جميعا الصدأ، والاجترار، واللامعنى. نحن مجتمعات، شعوب، مذاهب، لا معنى لها كما لو انها ولدت خارج اللغة. تحديدا على تخوم العدم، والا كيف ترسو الاساطيل عند شواطئنا، وبين ضلوعنا، لتحمينا من بعضنا البعض؟ هل يستطيع احد ان يقول لنا ماذا تغير فينا منذ القرن التاسع عشر وحتى الآن؟ وهل يستطيع احد ان يقول لنا اين هم ملايين خريجي الجامعات الكبرى، وماذا يفعلون الآن لنقل بلادهم الى العصر؟

واين نحن، المجتمعات المستهلِكة والمستهلكة، من التكنولوجيا العالية، فهل ثمة من مصنع واحد، مركز ابحاث واحد، في ارجاء هذا العالم العربي الذي يقول بالتغيير في سورية، مع اقتناعنا، وهو اقتناع لا معنى له، بأن التغيير ينبغي ان يكون جراحيا وجارحا (لا دمويا بطبيعة الحال) لكيلا نبقى تحت قبعات القناصل او تحت وصاية سلاطين ايام زمان وهذا الزمان

وكنا نتمنى لو ان الرئيس مرسي الذي تمنى على كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، ان تنظر في احوال مصر، ان يقلب الدنيا، وليس الطاولة، في وجه العرب الذين تتكدس اموالهم بالتريليونات، وليس بالمليارات، في صناديق او اسواق الغرب، فيما يتوسل عرب آخرون الفتات في اروقة العالم

ليست سورية وحدها التي بحاجة الى تغيير، اذ من لا يعرف ان ثقافة الاوثان، وسواء كان الوثن فردا ام عائلة ام قبيلة ام ايديولوجيا، هي الداء العظيم الذي يستشري في اصقاع ذلك الهيكل العظمي الذي يدعى العالم العربي، وحيث يلاحق الانسان اذا فكر واذا نطق واذا» غرّد» على الشاشة.

من ذاك الذي قال انهم يقفلون حتى افواه العصافير؟

ولعلنا نسأل الرئيس مرسي الذي لا بد من ان تهزه انهار الدم في سورية ما اذا كانت هذه الانهار ستجف اذا ما حصل التغيير طبقا للنموذج العربي إياه وحيث طبول طالبان تقرع في كل مكان، وحيث الخليفة المنتظر يجلس القرفصاء على حجر من حجارة العصر الحجري..

قال الرئيس المصري للعرب قرروا( اي ادفعوا) ونحن جاهزون. اولئك الذين يستغيثون بتركيا، وقد خذلتهم، وبالغرب الذي ما برح يلعب على ظهورهم، هل يمتلكون القرار لكي يطلب منهم الرئيس مرسي ما طلبه؟..

اجل، سورية سورية التي هي سيدة غرناطة مثلما هي سيدة سمرقند. اجل دمشق دمشق التي تعرف كيف ان موسى بن نصير انتهى متسولا في مساجدها. هذه حالنا منذ الف عام. تغيير؟ حتى افلاطون، حتى ابو ذر الغفاري، نصنع منه ديكتاتورا

تغيير. من هو الديكتاتور الذي يطرق الباب؟

  • فريق ماسة
  • 2012-09-06
  • 7778
  • من الأرشيف

الديكتاتور يطرق الباب

اجل، سورية سورية كما قال الرئيس محمد مرسي. كلنا نرفع الصوت من اجلها. ولكن امام من كان الرئيس المصري يتحدث عن التغيير كخيار لا بديل منه؟ امام العرب؟ اي عرب؟ دائما كنا نراهن على يقظة مصر، وثورة مصر، لاننا نرفض اي دور اقليمي لاي دولة اقليمية ندرك بدقة كيف تنظر داروينياً الى العرب الآتين، لا ريب، من كوكب آخر، الذاهبين الى كوكب آخر، بل وندرك مدى رغباتها الجيوبوليتيكية وكيف تحدد شكل وجوهنا، وشكل ثيابنا، وحتى شكل احاسيسنا… الى من كان يتحدث الرئيس مرسي قائلا انه في الميدان، فهل هناك دولة عربية من الدول التي تدعو او تعمل على ازالة النظام في سورية تعرف ما هي الديموقراطية، وما هي نكهتها، وتعرف ما هي العدالة وكيف تطبق على من يمتلك يختاً بمليار دولار وعلى من لا يملك شروى نقير… اجل سورية التي كفاها دم.(...) .. معارضة لا علاقة لها البتة بالناس، ولا بصرخاتهم العارية، فأي مجلس وطني ذاك الذي لا يعدو كونه متحفا من الدرجة الثالثة لمومياءات من الدرجة الثالثة؟ واي جيش حر يضع نفسه بتصرف السلاطين، واجهزة الاستخبارات، والقناصل ويراهن على القاذفات الآتية من أزمنة غابرة او من امكنة غابرة لاستعادة ايام اندثرت مع الايام… اجل سورية التي ينبغي ان تقلب في الحال صفحة الدم، وان تغتسل من ثقافة الالم، فأي عرب اولئك الذين يريدون لسورية دورها؟ أليست هي التي تستضيف عظام صلاح الدين الايوبي، وقد تذكره رجب طيب اردوغان الذي لم يخرج آباؤه السلاجقة والعثمانيون، وقد فاخر بهم امام الملأ، من سوريا الا اشلاء تلو اشلاء… اردوغان الذي تذكّر ايضا الجامع الاموي وبلهجة تضج بالحنين، فهل يتجرأ، وباللهجة نفسها، ان يتذكر المسجد الاقصى، واين صلّى عمر بن الخطاب ليعطي المثال الفذ على عظمة الاسلام والمسلمين… يعلم الرئيس مرسي ان العرب عاجزون حتى عن الوقوف على اقدامهم، وان انظمتهم تعود الى عهود بائدة، وان المجتمعات لا تزال تؤدي رقصة القبائل، فالحداثة ممنوعة، ومحاولة تهريبها الى الداخل عقوبتها حبل المشنقة لان نقل الحداثة او تعاطيها لا يقل هولاً عن نقل الوثنية او تعاطيها. قال الرئيس محمد مرسي بالتغيير. كيف يمكن لاحدنا ان يكون ضد التغيير وقد اعترانا جميعا الصدأ، والاجترار، واللامعنى. نحن مجتمعات، شعوب، مذاهب، لا معنى لها كما لو انها ولدت خارج اللغة. تحديدا على تخوم العدم، والا كيف ترسو الاساطيل عند شواطئنا، وبين ضلوعنا، لتحمينا من بعضنا البعض؟ هل يستطيع احد ان يقول لنا ماذا تغير فينا منذ القرن التاسع عشر وحتى الآن؟ وهل يستطيع احد ان يقول لنا اين هم ملايين خريجي الجامعات الكبرى، وماذا يفعلون الآن لنقل بلادهم الى العصر؟ واين نحن، المجتمعات المستهلِكة والمستهلكة، من التكنولوجيا العالية، فهل ثمة من مصنع واحد، مركز ابحاث واحد، في ارجاء هذا العالم العربي الذي يقول بالتغيير في سورية، مع اقتناعنا، وهو اقتناع لا معنى له، بأن التغيير ينبغي ان يكون جراحيا وجارحا (لا دمويا بطبيعة الحال) لكيلا نبقى تحت قبعات القناصل او تحت وصاية سلاطين ايام زمان وهذا الزمان… وكنا نتمنى لو ان الرئيس مرسي الذي تمنى على كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، ان تنظر في احوال مصر، ان يقلب الدنيا، وليس الطاولة، في وجه العرب الذين تتكدس اموالهم بالتريليونات، وليس بالمليارات، في صناديق او اسواق الغرب، فيما يتوسل عرب آخرون الفتات في اروقة العالم… ليست سورية وحدها التي بحاجة الى تغيير، اذ من لا يعرف ان ثقافة الاوثان، وسواء كان الوثن فردا ام عائلة ام قبيلة ام ايديولوجيا، هي الداء العظيم الذي يستشري في اصقاع ذلك الهيكل العظمي الذي يدعى العالم العربي، وحيث يلاحق الانسان اذا فكر واذا نطق واذا» غرّد» على الشاشة. من ذاك الذي قال انهم يقفلون حتى افواه العصافير؟ ولعلنا نسأل الرئيس مرسي الذي لا بد من ان تهزه انهار الدم في سورية ما اذا كانت هذه الانهار ستجف اذا ما حصل التغيير طبقا للنموذج العربي إياه وحيث طبول طالبان تقرع في كل مكان، وحيث الخليفة المنتظر يجلس القرفصاء على حجر من حجارة العصر الحجري.. قال الرئيس المصري للعرب قرروا( اي ادفعوا) ونحن جاهزون. اولئك الذين يستغيثون بتركيا، وقد خذلتهم، وبالغرب الذي ما برح يلعب على ظهورهم، هل يمتلكون القرار لكي يطلب منهم الرئيس مرسي ما طلبه؟.. اجل، سورية سورية التي هي سيدة غرناطة مثلما هي سيدة سمرقند. اجل دمشق دمشق التي تعرف كيف ان موسى بن نصير انتهى متسولا في مساجدها. هذه حالنا منذ الف عام. تغيير؟ حتى افلاطون، حتى ابو ذر الغفاري، نصنع منه ديكتاتورا… تغيير. من هو الديكتاتور الذي يطرق الباب؟

المصدر : الديار/ نبيه برجي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة