كشف جنود إسرائيليون سابقون أدوا خدمتهم العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن أن الانتهاكات بحق الأطفال الفلسطينيين على ايدي قوات الاحتلال أصبحت أمراً «روتينياً»، مؤكدين أنها تحدث حتى في مراحل الهدوء النسبي.

ونشرت «مجموعة كسر الصمت»، المؤلفة من جنود إسرائيليين سابقين، والتي تنتقد ممارسات جيش الاحتلال، أكثر من 30 شهادة بالانكليزية حول الانتهاكات التي ترتكب من قبل قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرة الى انه يتم استخدام العنف الجسدي الذي يكون تعسفيا في بعض الأحيان ضد الأطفال الصغار جدا.

وأشارت المجموعة، في تقرير توثيقي يقع في 72 صفحة، إلى أن «الشهادات تظهر روتيناً يعامَل فيه القاصرون الفلسطينيون الذين يكونون أحيانا اصغر من عشرة أعوام بطريقة تتجاهل أعمارهم الصغيرة».

ويتحدث التقرير عن شهادات جنود في الفترة ما بين العامين 2005 و2011 وهي الفترة ما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

ويشير التقرير الى انه «بالرغم من أن الأحداث المشار إليها هنا وقعت بعد ذروة الانتفاضة الثانية في مرحلة تعتبر هادئة وخالية من الأحداث من وجهة نظر أمنية، فان الشهادات أظهرت حقيقة أن المعاملة القاسية للأطفال الفلسطينيين مستمرة بلا هوادة».

وقال العديد من الجنود إنهم كانوا يستخدمون أسلحتهم في إرهاب وإثارة الرعب في نفوس أطفال لا تتجاوز أعمارهم الخمسة أعوام، حيث كانوا يوجهون البنادق إليهم. كما اعترفوا بأنهم كانوا يقومون بالقبض على الأطفال من أجل ضربهم والاعتداء عليهم، ثم إطلاق سراحهم مرة أخرى من دون أي أسباب.

وأكد العديد من الجنود في شهاداتهم أنهم كانوا يفعلون هذا فقط من اجل أن يثبتوا لأنفسهم وللفلسطينيين أنهم موجودون، وأنهم «أصحاب الأرض»، وأنهم قادرون على تحويل حياتهم الى جحيم.

وأقرّ عدد من الجنود بأنهم استخدموا أساليب التعذيب التي رأوها في أفلام عن الحرب الأميركية في فيتنام، من سحل للفلسطينيين، وتركيعهم على ركبهم، وضربهم، والاعتداء عليهم بوحشية، وذلك لحملهم على عدم إلقاء الحجارة على الجنود مرة أخرى.

وفي إحدى الشهادات وصف رقيب سابق لم يكشف هويته، كمعظم الجنود الذين أدلوا بشهاداتهم، حملة عقابية على حي في منطقة رام الله عقب اشتباكات مع فلسطينيين، مشيرا الى أن عشرات الجنود استخدموا هراوات خشبية «لضرب الناس، وبعدها تم اعتقال الأطفال الموجودين في المنطقة». وأضاف «كان المطلوب أن يركض الناس ليقعوا على الأرض... يتعرض كل راكض بطيء للضرب، هكذا كانت القاعدة».

وتحدث رقيب سابق آخر عن عملية في قرية عزون في شمال الضفة الغربية، حيث تم إلقاء حجارة من منعطف في الطريق على سائقي سيارات من مستوطنة «معاليه شمرون» القريبة. وقال «وصلنا الى القرية وذهبنا الى اقرب بيت عند المنعطف، وعندها رأينا مجموعة من الأطفال أعمارهم تراوح بين 9 و10 سنوات يهربون. ركضوا في بداية الأمر الى أن وصلوا الى شرفة احد البيوت، وبعدها اخذ القائد قنبلة صوتية ورماها على تلك الشرفة وانفجرت. لا اعتقد أنها ألحقت بهم الأذى لكنها جعلتهم يهربون من الشرفة».

ووصف الرقيب كيفية مطاردة الأطفال من جانب قائده، الذي رفع سلاحه الناري وصوبه في وجه احد الأطفال من مسافة قريبة قائلا: «ارتعب الطفل وكان متأكداً من انه سيُقتل، وتوسل للحفاظ على حياته». وأضاف «طفل توسل للحفاظ على حياته؟ تم توجيه بندقية الى وجهه فطلب الرحمة؟ هذه ندوب ستلاحقه لمدى الحياة».

ويروي جندي برتبة رقيب أول في كتيبة «كفير» ما حدث خلال خدمته العسكرية في بلدة سلفيت في الضفة الغربية في العام 2009، قائلاً :«سيطرنا على مدرسة وكان علينا اعتقال الجميع في القرية ما بين 17 و50 عاماً. وعندما كان المحتجزون يطلبون الذهاب الى الحمام، كان الجنود يأخذونهم ويضربونهم ضربا مبرحا ويشتمونهم من دون أي سبب». ويضيف «لم يكن هناك أي شيء يشرّع ضربهم... تم اصطحاب عربي الى الحمام ليتبول، وصفعه جندي وأسقطه أرضا بينما كان مقيدا ومعصوب العينين. حدث هذا فقط لأنه عربي. كان في الخامسة عشرة من عمره تقريبا. ولم يقترف أي شيء».

ويتحدث جندي آخر برتبة رقيب أول في وحدة الهندسة القتالية في جيش الاحتلال عن حادثة مشابهة جرت في رام الله في العام 2006، قائلاً «خلال عملية في أعقاب أحداث شغب في قلنديا، وفي منزل مهجور قرب الساحة، خرج جنود بالهراوات، وضربوا الناس ضربا مبرحا. وأخيرا تم اعتقال الأطفال الذين ظلوا في المكان. كانت الأوامر بالركض وجعل الناس يسقطون على الأرض. الفريق كان مكونا من 10-12 رجلاً، أربعة منهم ينيرون المنطقة. كان يتم جعل الناس يسقطون أرضا وكان الجنود بالهراوات يدوسون فوقهم ويضربونهم. الذي يركض بطيئا كان يتعرض للضرب... هذه كانت القاعدة». «قيل لنا ألا نستخدم الهراوات في الضرب على رؤوس الناس. لا اذكر أين قيل لنا أن نضرب، لكن عندما يسقط شخص على الأرض، فقد كان يضرب بهذه الهراوة، من الصعب تحديد ذلك».

ويروي جندي آخر لم يحدد التقرير رتبته أو وحدته، واقعة مشابهة حدثت في الخليل في العام 2007، قائلاً «في إحدى الليالي، كانت أشياء تتحرك في قرية أذنا (الخليل)، وجرى إبلاغنا بأن هناك أعمال شغب. وصلنا الى هناك، فجأة تم إمطارنا بالحجارة، ولم نعرف ما الذي كان يحدث. فجأة رأيت صبيا مقيدا ومعصوب العينين. توقف إلقاء الحجارة وخرج قائد الفرقة من السيارة، وقام بإطلاق ذخيرة مطاطية في اتجاه قاذفي الحجارة وأصاب هذا الصبي. ويضيف «عند نقطة ما تحدثوا عن ضرب وجهه وركبتيه. تجادلت معهم وقلت: اقسم لكم انه إذا سقطت نقطة من دمه أو شعرة من رأسه، فلن تناموا لثلاث ليال، وسوف أجعلكم تعساء. «لقد ضحكوا مني لكوني يساريا. جادلتهم بأن الصبي كان مقيدا ولا يستطيع القيام بأي شيء، وانه يجري نقله الى الشاباك، وأننا انهينا مهمتنا».

وطالبت «مجموعة كسر الصمت» وزارة الدفاع الإسرائيلية بضرورة تلافي مثل هذه الأخطاء في المستقبل، كما دعت الجيل الجديد من الجنود الى احترام الفلسطينيين في المستقبل والتعامل معهم بشكل لائق، والتخلي عن هذه الأساليب العدوانية.

في المقابل، قال متحدث باسم الجيش الاسرائيلي ان «مجموعة كسر الصمت» لم توفر له معلومات اساسية كافية لتمكنه من التحقيق في «ادعاءات» معينة. وأوضح الجيش في بيان «من خلال جمع الشهادات لفترات طويلة من الزمن ورفض توفير معلومات اضافية فان المؤسسة تثبت نياتها الحقيقية، فبدلا من تسهيل التحقيقات الملائمة تسعى المنظمة الى بث دعاية سلبية ضد الجيش الاسرائيلي وجنوده».

  • فريق ماسة
  • 2012-08-26
  • 7536
  • من الأرشيف

جنود إسرائيليون سابقون: الانتهاكات ضد الأطفال أمر روتيني

            كشف جنود إسرائيليون سابقون أدوا خدمتهم العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن أن الانتهاكات بحق الأطفال الفلسطينيين على ايدي قوات الاحتلال أصبحت أمراً «روتينياً»، مؤكدين أنها تحدث حتى في مراحل الهدوء النسبي. ونشرت «مجموعة كسر الصمت»، المؤلفة من جنود إسرائيليين سابقين، والتي تنتقد ممارسات جيش الاحتلال، أكثر من 30 شهادة بالانكليزية حول الانتهاكات التي ترتكب من قبل قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرة الى انه يتم استخدام العنف الجسدي الذي يكون تعسفيا في بعض الأحيان ضد الأطفال الصغار جدا. وأشارت المجموعة، في تقرير توثيقي يقع في 72 صفحة، إلى أن «الشهادات تظهر روتيناً يعامَل فيه القاصرون الفلسطينيون الذين يكونون أحيانا اصغر من عشرة أعوام بطريقة تتجاهل أعمارهم الصغيرة». ويتحدث التقرير عن شهادات جنود في الفترة ما بين العامين 2005 و2011 وهي الفترة ما بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية. ويشير التقرير الى انه «بالرغم من أن الأحداث المشار إليها هنا وقعت بعد ذروة الانتفاضة الثانية في مرحلة تعتبر هادئة وخالية من الأحداث من وجهة نظر أمنية، فان الشهادات أظهرت حقيقة أن المعاملة القاسية للأطفال الفلسطينيين مستمرة بلا هوادة». وقال العديد من الجنود إنهم كانوا يستخدمون أسلحتهم في إرهاب وإثارة الرعب في نفوس أطفال لا تتجاوز أعمارهم الخمسة أعوام، حيث كانوا يوجهون البنادق إليهم. كما اعترفوا بأنهم كانوا يقومون بالقبض على الأطفال من أجل ضربهم والاعتداء عليهم، ثم إطلاق سراحهم مرة أخرى من دون أي أسباب. وأكد العديد من الجنود في شهاداتهم أنهم كانوا يفعلون هذا فقط من اجل أن يثبتوا لأنفسهم وللفلسطينيين أنهم موجودون، وأنهم «أصحاب الأرض»، وأنهم قادرون على تحويل حياتهم الى جحيم. وأقرّ عدد من الجنود بأنهم استخدموا أساليب التعذيب التي رأوها في أفلام عن الحرب الأميركية في فيتنام، من سحل للفلسطينيين، وتركيعهم على ركبهم، وضربهم، والاعتداء عليهم بوحشية، وذلك لحملهم على عدم إلقاء الحجارة على الجنود مرة أخرى. وفي إحدى الشهادات وصف رقيب سابق لم يكشف هويته، كمعظم الجنود الذين أدلوا بشهاداتهم، حملة عقابية على حي في منطقة رام الله عقب اشتباكات مع فلسطينيين، مشيرا الى أن عشرات الجنود استخدموا هراوات خشبية «لضرب الناس، وبعدها تم اعتقال الأطفال الموجودين في المنطقة». وأضاف «كان المطلوب أن يركض الناس ليقعوا على الأرض... يتعرض كل راكض بطيء للضرب، هكذا كانت القاعدة». وتحدث رقيب سابق آخر عن عملية في قرية عزون في شمال الضفة الغربية، حيث تم إلقاء حجارة من منعطف في الطريق على سائقي سيارات من مستوطنة «معاليه شمرون» القريبة. وقال «وصلنا الى القرية وذهبنا الى اقرب بيت عند المنعطف، وعندها رأينا مجموعة من الأطفال أعمارهم تراوح بين 9 و10 سنوات يهربون. ركضوا في بداية الأمر الى أن وصلوا الى شرفة احد البيوت، وبعدها اخذ القائد قنبلة صوتية ورماها على تلك الشرفة وانفجرت. لا اعتقد أنها ألحقت بهم الأذى لكنها جعلتهم يهربون من الشرفة». ووصف الرقيب كيفية مطاردة الأطفال من جانب قائده، الذي رفع سلاحه الناري وصوبه في وجه احد الأطفال من مسافة قريبة قائلا: «ارتعب الطفل وكان متأكداً من انه سيُقتل، وتوسل للحفاظ على حياته». وأضاف «طفل توسل للحفاظ على حياته؟ تم توجيه بندقية الى وجهه فطلب الرحمة؟ هذه ندوب ستلاحقه لمدى الحياة». ويروي جندي برتبة رقيب أول في كتيبة «كفير» ما حدث خلال خدمته العسكرية في بلدة سلفيت في الضفة الغربية في العام 2009، قائلاً :«سيطرنا على مدرسة وكان علينا اعتقال الجميع في القرية ما بين 17 و50 عاماً. وعندما كان المحتجزون يطلبون الذهاب الى الحمام، كان الجنود يأخذونهم ويضربونهم ضربا مبرحا ويشتمونهم من دون أي سبب». ويضيف «لم يكن هناك أي شيء يشرّع ضربهم... تم اصطحاب عربي الى الحمام ليتبول، وصفعه جندي وأسقطه أرضا بينما كان مقيدا ومعصوب العينين. حدث هذا فقط لأنه عربي. كان في الخامسة عشرة من عمره تقريبا. ولم يقترف أي شيء». ويتحدث جندي آخر برتبة رقيب أول في وحدة الهندسة القتالية في جيش الاحتلال عن حادثة مشابهة جرت في رام الله في العام 2006، قائلاً «خلال عملية في أعقاب أحداث شغب في قلنديا، وفي منزل مهجور قرب الساحة، خرج جنود بالهراوات، وضربوا الناس ضربا مبرحا. وأخيرا تم اعتقال الأطفال الذين ظلوا في المكان. كانت الأوامر بالركض وجعل الناس يسقطون على الأرض. الفريق كان مكونا من 10-12 رجلاً، أربعة منهم ينيرون المنطقة. كان يتم جعل الناس يسقطون أرضا وكان الجنود بالهراوات يدوسون فوقهم ويضربونهم. الذي يركض بطيئا كان يتعرض للضرب... هذه كانت القاعدة». «قيل لنا ألا نستخدم الهراوات في الضرب على رؤوس الناس. لا اذكر أين قيل لنا أن نضرب، لكن عندما يسقط شخص على الأرض، فقد كان يضرب بهذه الهراوة، من الصعب تحديد ذلك». ويروي جندي آخر لم يحدد التقرير رتبته أو وحدته، واقعة مشابهة حدثت في الخليل في العام 2007، قائلاً «في إحدى الليالي، كانت أشياء تتحرك في قرية أذنا (الخليل)، وجرى إبلاغنا بأن هناك أعمال شغب. وصلنا الى هناك، فجأة تم إمطارنا بالحجارة، ولم نعرف ما الذي كان يحدث. فجأة رأيت صبيا مقيدا ومعصوب العينين. توقف إلقاء الحجارة وخرج قائد الفرقة من السيارة، وقام بإطلاق ذخيرة مطاطية في اتجاه قاذفي الحجارة وأصاب هذا الصبي. ويضيف «عند نقطة ما تحدثوا عن ضرب وجهه وركبتيه. تجادلت معهم وقلت: اقسم لكم انه إذا سقطت نقطة من دمه أو شعرة من رأسه، فلن تناموا لثلاث ليال، وسوف أجعلكم تعساء. «لقد ضحكوا مني لكوني يساريا. جادلتهم بأن الصبي كان مقيدا ولا يستطيع القيام بأي شيء، وانه يجري نقله الى الشاباك، وأننا انهينا مهمتنا». وطالبت «مجموعة كسر الصمت» وزارة الدفاع الإسرائيلية بضرورة تلافي مثل هذه الأخطاء في المستقبل، كما دعت الجيل الجديد من الجنود الى احترام الفلسطينيين في المستقبل والتعامل معهم بشكل لائق، والتخلي عن هذه الأساليب العدوانية. في المقابل، قال متحدث باسم الجيش الاسرائيلي ان «مجموعة كسر الصمت» لم توفر له معلومات اساسية كافية لتمكنه من التحقيق في «ادعاءات» معينة. وأوضح الجيش في بيان «من خلال جمع الشهادات لفترات طويلة من الزمن ورفض توفير معلومات اضافية فان المؤسسة تثبت نياتها الحقيقية، فبدلا من تسهيل التحقيقات الملائمة تسعى المنظمة الى بث دعاية سلبية ضد الجيش الاسرائيلي وجنوده».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة