دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تراجعت فجأة حدة التغطية الإعلامية العربية – الغربية للمعارك التي تدور في حلب شمال سورية، ذلك أن معظم ما يجب أن تذيعه وسائل إعلام ذلك الفريق لا تسرّ جمهوره، في حين أن عملية محاصرة «كذبه» وتلفيقه للأفلام الإعلامية بدأت تجني ثمارها على ما يبدو
. لكن المؤكد هو أن العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري في ذاك الجزء من البلاد تسير بخطى حثيثة لناحية القضاء على المجموعات المسلحة التي تم حشدها في شمال سورية بعد إخفاقها في تحقيق اي من أهدافها في دمشق وريفها، وقبلها وبعدها في بابا عمرو في حمص وإدلب وحماه، فيما ذكرت مصادر مطلعة على الوضع العسكري أن الجيش يحرز تقدمأ ملموساً، بالرغم من صعوبة المهمة بسبب العدد الكبير للمسلحين، واتخاذهم المدنيين في بعض الأحياء حيث يجري القتال في المدينة كدروع بشرية يحاول الجيش التعامل إزاءها بروية منعاً لإلحاق الضرر بهم.
وفي مجمل الأمور، فإن الدولة والقيادة العسكرية مرتاحتان لسير العمليات، من دون أن تنبري مصادرهما الى تحديد مدة زمنية للانتهاء من حلب، مشيرة الى ان الوضع في المدينة لا يمكن حسمه بالطريقة نفسها التي حسمت فيها الأمور في دمشق حيث تمت محاصرة المسلحين في منطقة أو اثنتين فيما تم قطع الإمدادات عنهم بشكل كامل، الأمر الذي لم يحصل في حلب بعد نتيجة وجود ممرات ما زالت مفتوحة على تركيا حيث تتأمن الإمدادات العسكرية واللوجستية، إضافة الى أن العديد من المقاتلين ما زالوا يتدفقون على أطراف المدينة حيث تعمل قوات الجيش على إخراج المعارك منها الى ريفها، لإبعاد التدمير عنها كونها تشكل العاصمة الاقتصادية لسورية.
وإذ تلفت المصادر الى أن الجيش استطاع قتل المئات من المسلحين ودحر العديد من المجموعات الى الوراء، تشير الى أن معلوماتها تقول إن القادمين الجدد من خارج البلاد للقتال في حلب ربما كانوا أكثر تجهيزاً بعدما اعتبر التحالف العربي – الغربي أن المعركة الدائرة هناك ربما تكون الفيصل في الحرب على سورية، وهو ما تعتبره القيادة السورية أيضاً حتى لو بقيت بعض الجيوب التي تظهر هنا وهناك، إلا أن الجانب المعنوي إضافة الى الجانب الميداني سينعكسان سلباً على المجموعات المسلحة التي ستختار بين الاختباء مع إلقاء السلاح أو الفرار من البلاد، في حين أن القيادة العسكرية تعمل على تنفيذ أوامر عليا بعدم السماح بإنشاء منطقة «عازلة» او «نقية» تشكل مرتعاً للمسلحين من أجل تنفيذ أية خطوة سياسية مرتبطة بإعلان «حكومة انتقالية» تدير شؤونها من داخل سورية، وهو ما يركز عليه ذلك التحالف الذي يريد أن يستمر بإدارة العمليات من تركيا.
وتقول المصادر إن الحديث عن تسوية للأزمة في سورية على خلفية معركة حلب ليس صحيحاً على الإطلاق، وإن الأمور لم تنضج بعد للوصول الى ذلك، علماً أن هدف التحالف العربي – الغربي من وراء تحصين المسلحين في المدينة وإقامة ولو «منيطقة» خاضعة لسيطرتهم بالكامل وتتمتع بطرق إمدادات مفتوحة قد يكون فقط من أجل تحسين موقعه قبل أن يطرح مسألة أية تسوية لتحسين شروطه في مفاوضات لم ترض القيادة السورية بها سابقا،ً وهي وضعت سقفاً عالياً لأية تسوية ممكنة، كما وضعت مواصفات محددة للجهة التي تقبل بمفاوضتها، فيما تجدر الإشارة الى أن من يعنيهم التحالف العربي – الغربي بمجملهم لا تنطبق عليهم الشروط التي تؤهلهم للجلوس الى طاولة المفاوضات.
ما يعنيه ذلك، أن الميدان سيكون صاحب الكلمة الفصل في حسم المعركة في حلب وتالياً في كل سورية، وما يحكى عن رفع مستوى تسليح الجماعات التي تقاتل لن يغيّر في مسار الأمور شيئاً، ذلك أن سورية دولة قد جهزت نفسها لمحاربة أعدائها مهما كانت جنسياتهم، ومهما كانوا يحملون من عناوين بحسب المصدر نفسه، الذي أكد أن افق معركة حلب معروف بالتحديد لدى القيادتين السياسية والعسكرية وهو لن يكون مفتوحاً الى ما لا نهاية، لكن الأداء فيها سيراعي بعض العوامل التي تلحظها الخطة الموضوعة للمدينة.
وتلفت المصادر الى أن التراجع الإعلامي عن مواكبة الحدث في حلب يعطي مؤشراً كافياً على أمرين، الأول: سيطرة الجيش على معظم مفاصل القتال بعد سقوط عدد كبير جداً من المسلحين بدأت جهات دولية تصفه بـ»المجازر» التي ترتكب هناك، مع ملاحظة أنها بالرغم من اعترافها بذلك فهي لا تبدي حتى الاستعداد الى سحب الجماعات التي تدفع بها الى «الذبح».
والثاني: هو العجز الذي تظهره الدول الراعية عن تقديم اي حل سياسي يؤدي الى تحقيق الاستقرار، وهي بالتالي لا تجد طريقاً أمامها سوى الاستمرار بإرسال المال والسلاح، الى حين تبلور الموقف على الأرض، إذ أنها عاجزة حتى عن تقديم المبررات الكافية أمام من ورّطتهم إذا ما أرادت الانسحاب والانكفاء.
فإلى من يسأل ماذا بعد حلب؟.. يقول المصدر إن مسار الأمور وما يرافقه من ظروف ومواقف سياسية إقليمية ودولية متشددة ومتصاعدة، يوجب على طرفي الصراع في سورية – الدولة من جهة، ومن يقف خلف الجماعات المسلحة من جهة ثانية – الاستمرار بالحرب الى حين الانتصار أو الانكسار.
المصدر :
محمد شمس الدين -“البناء”
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة