نشرت مجلة «إسرائيل ديفنس» تقريراً للباحث في الشؤون الأمنية العسكرية الإسرائيلية ايهود عيليم تناول سيناريوهات حرب محتملة بين مصر وإسرائيل.

ويعتبر عيليم، في مطلع التقرير، أن «الثورة المصرية وتزايد القوة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر قد يتسببان بمناوشات بين مصر وإسرائيل». ويوضح أن «ثمة أسباباً عدة لذلك، ومن بينها العلاقة الوثيقة بين حركة حماس والإخوان المسلمين عبر شبه جزيرة سيناء المنزوعة السلاح». ويرى أنه «في ظل ظروف خطيرة، قد تندلع مواجهة تقليدية بين الدولتين، أقله على نطاق محدود».

ويضيف أنه «في أي نزاع مستقبلي بين مصر وإسرائيل فإن عناصر من النزاعات السابقة بين الدولتين سيكون لها وزن كبير»، لافتاً إلى أن من أهم هذه العناصر هو أن «ميدان المعركة سيكون في سيناء مرّة أخرى».

ويشير عيليم إلى أنه «برغم التغيرات التي نشأت خلال العقود الأخيرة في ما يتعلق بالجيشين المصري والإسرائيلي، فإن جزءاً من أنماط القتال خلال الحروب التي خاضها الجيشان بين العامين 1948 و1973 يكتسب أهمية في أي مواجهة جديدة محتملة مع بعض التعديلات التي تتناسب مع الواقع الحالي».

ويوضح «سيبقى السعي لتحقيق التفوق الجوي عنصراً مركزياً في دعم الوحدات البرية والبحرية، وذلك عن طريق عمليات القصف وتأمين الإمدادات، وتوفير المعلومات الاستخبارية، خصوصاً أن عمليات القصف فعالة جداً في منطقة مكشوفة مثل سيناء، حيث يسهل استهداف الوحدات البرية بضربات جوية، وهو ما أثبتته حرب العام 1967».

في المقابل، يشير عيليم إلى ان «سلاح الجو المصري قوي جداً، فهو يمتلك أكثر من 200 طائرة من طراز (أف-16). كما أن الجيش الإسرائيلي قد يجد نفسه منشغلاً بجبهات أخرى، بما في ذلك إيران وحزب الله، وربما ينشغل بمعركة ضد حماس وسوريا، وهو ما سيعيق تركيز قوته الجوية ضد مصر. ولذلك، فإن إسرائيل لن تكون قادرة على الاحتفاظ بسيطرة جوية كاملة، على الأقل في المرحلة الأولى من الحرب بين إسرائيل ومصر». ويضيف عيليم إلى نقاط الضعف في القدرات العسكرية الإسرائيلية أن «الدفاعات الجوية المصرية قد تعيق عمليات القصف الإسرائيلي».

وانطلاقاً من ذلك، يرى عيليم انه «يجب الأخذ في الحسبان أن إسرائيل لن تتمكن من حسم المعركة في سيناء عبر الضربات الجوية فقط، ما يعني أنها ستكون في حاجة إلى شن هجمات برية. ولذلك، فإن كلا الطرفين يملكان هامشاً كبيراً من المناورة».

ويشير عيليم إلى أن «الهدف العملياتي لكل طرف، سيكون تدمير قوات العدو وإبعاده عن سيناء». ويضيف أن «هذه المواجهة ستشمل عناصر لم يتدرب عليها الجيش الإسرائيلي منذ العام 1982، بما في ذلك المعارك ضد المدرعات، والتصدي للهجمات الجوية، والمواجهة المباشرة بين جيشين. وعلاوة على ذلك، فإن سلاح البحرية الإسرائيلي، وللمرة الأولى منذ العام 1973، سيضطر للدخول في معارك ضد البحرية المصرية في البحر الأحمر والبحر المتوسط».

بالإضافة إلى كل ما سبق، يرى عيليم أن «استخدام الجيشين لآلاف منظومات السلاح الأميركية المماثلة مثل طائرات (أف 16) وملالات (أم 113)، يشكل عنصراً جديداً، ذلك أنه سيزيد من احتمالات التعرّض لـ«نيران صديقة».

ويتوقع عيليم أن «يكون الجيش المصري أكثر حذراً في تحديد الأماكن التي لا يمكن أن تمر فيها المركبات المدرعة في سيناء بسبب خبرته في هذا المجال، بالنظر إلى وجود حالات سابقة نجح فيها الجيش الإسرائيلي في اختراق القوات المصرية مثلما حدث في العام 1967».

ويشير عيليم إلى أن «الجانبين قد ينفذان عمليات إنزال جوية عمودية للاستحواذ على مناطق حيوية، على غرار ما قام به الجيش الإسرائيلي في العام 1956، أو لنصب أكمنة وإغلاق خطوط الإمداد، على غرار ما قامت به القوات الخاصة المصرية في حرب العام 1973».

وبحسب عيليم فإن «القوات الإسرائيلية ستتمكن من التوغل إلى عمق سيناء خلال فترة قصيرة، وذلك بسبب عدم وجود مناطق محصنة للجيش المصري هناك، خلافاً لما كانت عليه الحال في العامين 1956 و1967، حين اضطر الجيش الإسرائيلي لاختراق قطاعي رفح وام كاتف (ابو عجيلة). وفي المقابل، وخلافاً لما حدث في حرب العام 1973، فإن الجيش المصري لن يكون مضطراً للتعامل مع حاجز قناة السويس بهدف الوصول إلى شمال سيناء».

ويرى الكاتب أنه «من وجهة نظر عسكرية، فإن المصريين قد يفضلون الاعتماد على خط المعابر أو التقدم باتجاه الحدود الإسرائيلية والانسحاب عند الضرورة وتأمين العمق، وهو أمر يستلزم قوة مناورة كبيرة». لكنه يضيف أنه «من المحتمل أن يتلقى الجيش المصري أوامر بمنع الجيش الإسرائيلي من تحقيق أي إنجاز بري، ما يعني تعزيز دفاعاته بالقرب من الحدود مع إسرائيل، لكن ذلك سيكلف المصريين ثمناً باهظاً على غرار ما حدث في العامين 1956 و1967».

في المقابل، يشير عيليم إلى ان «الجيش الإسرائيلي سيواجه معضلة مماثلة إذا اخترق عمق سيناء». ويوضح أنه «في حال استمر القتال سيؤدي التواجد الإسرائيلي في قلب سيناء إلى إقامة بنية تحتية عسكرية هناك، مثلما حدث في أواخر عقد الستينيات». ولهذا الحل، يقترح الكاتب خيارين، الأول هو «الانتقال التدريجي لقواعد الجيش الإسرائيلي إلى النقب لدعم التشكيلات الحالية هناك، والمساعدة في دعم الانتشار الإسرائيلي في سيناء». والخيار الثاني هو «تبني التكتيك الدفاعي المتحرك في أنحاء شبه جزيرة سيناء أو البقاء في النقب والإغارة على سيناء لتنفيذ عمليات فقط، أي الاختراق من أجل تحقيق أكبر قدر من التدمير للقوات المصرية ثم الانسحاب والعودة إلى النقب».

ويرى الكاتب أنه «بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي تضعها الحرب أمام الجيشين المصري والإسرائيلي، فإن ثمة أسباباً كثيرة تجعل كلا الجانبين يتراجعان عن الاستفزاز الآن»، لكنه، برغم ذلك، يرى أن «المواجهة بين مصر وإسرائيل قد تندلع خلافاً لرغبة الدولتين». ولهذا يشدد عيليم على ضرورة أن تستعد إسرائيل للمواجهة المحتملة مع مصر، من دون إهمال الجبهات الأخرى.

  • فريق ماسة
  • 2012-07-08
  • 4020
  • من الأرشيف

سيناريوهات إسرائيلية لحرب محتملة مع مصر:سيناء ميدان المعركة.. والتفوق الجوي غير مضمون

  نشرت مجلة «إسرائيل ديفنس» تقريراً للباحث في الشؤون الأمنية العسكرية الإسرائيلية ايهود عيليم تناول سيناريوهات حرب محتملة بين مصر وإسرائيل. ويعتبر عيليم، في مطلع التقرير، أن «الثورة المصرية وتزايد القوة السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر قد يتسببان بمناوشات بين مصر وإسرائيل». ويوضح أن «ثمة أسباباً عدة لذلك، ومن بينها العلاقة الوثيقة بين حركة حماس والإخوان المسلمين عبر شبه جزيرة سيناء المنزوعة السلاح». ويرى أنه «في ظل ظروف خطيرة، قد تندلع مواجهة تقليدية بين الدولتين، أقله على نطاق محدود». ويضيف أنه «في أي نزاع مستقبلي بين مصر وإسرائيل فإن عناصر من النزاعات السابقة بين الدولتين سيكون لها وزن كبير»، لافتاً إلى أن من أهم هذه العناصر هو أن «ميدان المعركة سيكون في سيناء مرّة أخرى». ويشير عيليم إلى أنه «برغم التغيرات التي نشأت خلال العقود الأخيرة في ما يتعلق بالجيشين المصري والإسرائيلي، فإن جزءاً من أنماط القتال خلال الحروب التي خاضها الجيشان بين العامين 1948 و1973 يكتسب أهمية في أي مواجهة جديدة محتملة مع بعض التعديلات التي تتناسب مع الواقع الحالي». ويوضح «سيبقى السعي لتحقيق التفوق الجوي عنصراً مركزياً في دعم الوحدات البرية والبحرية، وذلك عن طريق عمليات القصف وتأمين الإمدادات، وتوفير المعلومات الاستخبارية، خصوصاً أن عمليات القصف فعالة جداً في منطقة مكشوفة مثل سيناء، حيث يسهل استهداف الوحدات البرية بضربات جوية، وهو ما أثبتته حرب العام 1967». في المقابل، يشير عيليم إلى ان «سلاح الجو المصري قوي جداً، فهو يمتلك أكثر من 200 طائرة من طراز (أف-16). كما أن الجيش الإسرائيلي قد يجد نفسه منشغلاً بجبهات أخرى، بما في ذلك إيران وحزب الله، وربما ينشغل بمعركة ضد حماس وسوريا، وهو ما سيعيق تركيز قوته الجوية ضد مصر. ولذلك، فإن إسرائيل لن تكون قادرة على الاحتفاظ بسيطرة جوية كاملة، على الأقل في المرحلة الأولى من الحرب بين إسرائيل ومصر». ويضيف عيليم إلى نقاط الضعف في القدرات العسكرية الإسرائيلية أن «الدفاعات الجوية المصرية قد تعيق عمليات القصف الإسرائيلي». وانطلاقاً من ذلك، يرى عيليم انه «يجب الأخذ في الحسبان أن إسرائيل لن تتمكن من حسم المعركة في سيناء عبر الضربات الجوية فقط، ما يعني أنها ستكون في حاجة إلى شن هجمات برية. ولذلك، فإن كلا الطرفين يملكان هامشاً كبيراً من المناورة». ويشير عيليم إلى أن «الهدف العملياتي لكل طرف، سيكون تدمير قوات العدو وإبعاده عن سيناء». ويضيف أن «هذه المواجهة ستشمل عناصر لم يتدرب عليها الجيش الإسرائيلي منذ العام 1982، بما في ذلك المعارك ضد المدرعات، والتصدي للهجمات الجوية، والمواجهة المباشرة بين جيشين. وعلاوة على ذلك، فإن سلاح البحرية الإسرائيلي، وللمرة الأولى منذ العام 1973، سيضطر للدخول في معارك ضد البحرية المصرية في البحر الأحمر والبحر المتوسط». بالإضافة إلى كل ما سبق، يرى عيليم أن «استخدام الجيشين لآلاف منظومات السلاح الأميركية المماثلة مثل طائرات (أف 16) وملالات (أم 113)، يشكل عنصراً جديداً، ذلك أنه سيزيد من احتمالات التعرّض لـ«نيران صديقة». ويتوقع عيليم أن «يكون الجيش المصري أكثر حذراً في تحديد الأماكن التي لا يمكن أن تمر فيها المركبات المدرعة في سيناء بسبب خبرته في هذا المجال، بالنظر إلى وجود حالات سابقة نجح فيها الجيش الإسرائيلي في اختراق القوات المصرية مثلما حدث في العام 1967». ويشير عيليم إلى أن «الجانبين قد ينفذان عمليات إنزال جوية عمودية للاستحواذ على مناطق حيوية، على غرار ما قام به الجيش الإسرائيلي في العام 1956، أو لنصب أكمنة وإغلاق خطوط الإمداد، على غرار ما قامت به القوات الخاصة المصرية في حرب العام 1973». وبحسب عيليم فإن «القوات الإسرائيلية ستتمكن من التوغل إلى عمق سيناء خلال فترة قصيرة، وذلك بسبب عدم وجود مناطق محصنة للجيش المصري هناك، خلافاً لما كانت عليه الحال في العامين 1956 و1967، حين اضطر الجيش الإسرائيلي لاختراق قطاعي رفح وام كاتف (ابو عجيلة). وفي المقابل، وخلافاً لما حدث في حرب العام 1973، فإن الجيش المصري لن يكون مضطراً للتعامل مع حاجز قناة السويس بهدف الوصول إلى شمال سيناء». ويرى الكاتب أنه «من وجهة نظر عسكرية، فإن المصريين قد يفضلون الاعتماد على خط المعابر أو التقدم باتجاه الحدود الإسرائيلية والانسحاب عند الضرورة وتأمين العمق، وهو أمر يستلزم قوة مناورة كبيرة». لكنه يضيف أنه «من المحتمل أن يتلقى الجيش المصري أوامر بمنع الجيش الإسرائيلي من تحقيق أي إنجاز بري، ما يعني تعزيز دفاعاته بالقرب من الحدود مع إسرائيل، لكن ذلك سيكلف المصريين ثمناً باهظاً على غرار ما حدث في العامين 1956 و1967». في المقابل، يشير عيليم إلى ان «الجيش الإسرائيلي سيواجه معضلة مماثلة إذا اخترق عمق سيناء». ويوضح أنه «في حال استمر القتال سيؤدي التواجد الإسرائيلي في قلب سيناء إلى إقامة بنية تحتية عسكرية هناك، مثلما حدث في أواخر عقد الستينيات». ولهذا الحل، يقترح الكاتب خيارين، الأول هو «الانتقال التدريجي لقواعد الجيش الإسرائيلي إلى النقب لدعم التشكيلات الحالية هناك، والمساعدة في دعم الانتشار الإسرائيلي في سيناء». والخيار الثاني هو «تبني التكتيك الدفاعي المتحرك في أنحاء شبه جزيرة سيناء أو البقاء في النقب والإغارة على سيناء لتنفيذ عمليات فقط، أي الاختراق من أجل تحقيق أكبر قدر من التدمير للقوات المصرية ثم الانسحاب والعودة إلى النقب». ويرى الكاتب أنه «بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي تضعها الحرب أمام الجيشين المصري والإسرائيلي، فإن ثمة أسباباً كثيرة تجعل كلا الجانبين يتراجعان عن الاستفزاز الآن»، لكنه، برغم ذلك، يرى أن «المواجهة بين مصر وإسرائيل قد تندلع خلافاً لرغبة الدولتين». ولهذا يشدد عيليم على ضرورة أن تستعد إسرائيل للمواجهة المحتملة مع مصر، من دون إهمال الجبهات الأخرى.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة