«الإيديولوجيا السياسية لا المصلحة المادية هي الدافع الأساسي وراء استمرار روسيا في تسليح النظام السوري». هذا ما قاله المحلل الروسي المستقل ألكسندر غولتز، وهو ذاته ما حاول تقرير «التايم» تسليط الضوء عليه، عبر مقاربته لتسليح روسيا للسوريين، من وجهة نظر روسية لا غربية تهويلية، كما جرت العادة. كلام كثير تناول دعم موسكو لدمشق، وحاول تفنيد أسبابه بين الحرص على المصالح المادية والإستراتيجية وبين استعادة النفوذ في المنطقة وصولاً إلى التصدي للدور الأميركي الذي يحاول تخريب المصالح الروسية. في المقابل، يؤكد الروس أن بوتين ما زال يرى العالم من منظار السياسة الواقعية التي طغت على فكر الحرب الباردة، حيث كان يجلس الطرفان على رقعة الشطرنج ويحركان القطع كما يشاءان.

وفي هذا السياق، يستعيد التقرير ما حصل في المعرض الروسي الأول للأسلحة في مطار جوكوفسكي. هناك كان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يتجول برفقة بوتين أمام دبابة «تي 90» حينما قال له الأخير «هذا ما عليك أن تبتاعه». يستشهد التقرير بهذا المثال لتأكيد أن الهدف من الكلام لم يكن تحقيق مكسب مادي، بل تعزيز النفوذ الروسي في المنطقة والتصدي للمخططات الأميركية، وهنا يعلّق غولتز قائلاً إن «صفقة الأسلحة ليست مجرّد عملية بيع وشراء. هي تتطلّب من الشاري والبائع نسج علاقات متماسكة وثابتة، تتضمن الحفاظ على الأسلحة وإصلاحها وتوفير الذخيرة والتدريب... وهو ما يعدّ دعماً جدياً».

في التقرير، يؤكد المسؤولون أن روسيا متمسكة بدعمها للأسد، لا سيما بعد الضربتين اللتين وجهتهما لها أميركا في اليمن وليبيا، وتنتقل المجلة لتنقل مشهداً من داخل معرض للسلاح الروسي، حيث يتجول وفد من السوريين ليعاين الأسلحة التي يود أن يحملها معه عائداً إلى بلاده. هناك يتم تعريف الوفد بخصائص كل سلاح، حيث يقول البائع مثالاً إن «هذا السلاح مثالي للمعارك داخل الأزقة الضيقة وفي البيوت». يمضي الوفد السوري، المؤلف من ثلاثة أشخاص، ساعات في الحديث مع بائع الكلاشنكوف أندريه فيشنياكوف، وهو مدير التسويق في الشركة التي اخترعت «أك 47». جولة الوفد كانت في معرض الأسلحة الروسي الذي افتتح الأسبوع الماضي، بحضور ممثلين عن إيران وزمبابوي والبحرين وباكستان وأوغندا، أما الحضور السوري فكان الأكثر بروزاً. ومع ذلك، وفقاً للمجلة، يبدو من الصعب معرفة الصفقات التي تخرج عن زيارات مماثلة، فهي تتم في ظروف من السريّة التامة. يُذكر أن التكنولوجيات الروسية موزعة اليوم على 600 شركة وآلاف المصانع، حيث تنتج كل شيء من السيارات إلى الطائرات وصولاً إلى المعدات العسكرية، ولكن أهمها هي «روزوبورون اكسبورت»: الشركة الوحيدة المخولة إتمام صفقات بيع الأسلحة بطريقة شرعية. يُذكر أنه خلال العام الماضي، باعت الشركة أكثر من 11 مليار دولار من الأسلحة حول العالم، من بينها أسلحة لسوريا بـ4 مليارات دولار، ما جعل روسيا ثاني أكبر مصدر للأسلحة بعد الولايات المتحدة.

وتنقل المجلة عن المدير المسؤول في الشركة أناتولي إزايكين، وهو صديق قديم لبوتين وضابط سابق في الاستخبارات الروسية، قوله إن محاولات الغرب تصوير شركته على أنها شريكة في الدم الروسي ليس سوى جزء من اللعبة السياسية، وكل المحاولات لإيقاف روسيا عن بيع الأسلحة لسوريا، ليست إلا تنافسا غير عادل.. فخسارة روسيا لسوق معينة، تعني فوزا تلقائيا لمنافسيها.. وهذا ما قد تكون عليه الحال في سوريا لو تراجعنا».

السفير»)

  • فريق ماسة
  • 2012-07-02
  • 9005
  • من الأرشيف

تسلح النظام السوري من وجهة نظر روسية

«الإيديولوجيا السياسية لا المصلحة المادية هي الدافع الأساسي وراء استمرار روسيا في تسليح النظام السوري». هذا ما قاله المحلل الروسي المستقل ألكسندر غولتز، وهو ذاته ما حاول تقرير «التايم» تسليط الضوء عليه، عبر مقاربته لتسليح روسيا للسوريين، من وجهة نظر روسية لا غربية تهويلية، كما جرت العادة. كلام كثير تناول دعم موسكو لدمشق، وحاول تفنيد أسبابه بين الحرص على المصالح المادية والإستراتيجية وبين استعادة النفوذ في المنطقة وصولاً إلى التصدي للدور الأميركي الذي يحاول تخريب المصالح الروسية. في المقابل، يؤكد الروس أن بوتين ما زال يرى العالم من منظار السياسة الواقعية التي طغت على فكر الحرب الباردة، حيث كان يجلس الطرفان على رقعة الشطرنج ويحركان القطع كما يشاءان. وفي هذا السياق، يستعيد التقرير ما حصل في المعرض الروسي الأول للأسلحة في مطار جوكوفسكي. هناك كان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يتجول برفقة بوتين أمام دبابة «تي 90» حينما قال له الأخير «هذا ما عليك أن تبتاعه». يستشهد التقرير بهذا المثال لتأكيد أن الهدف من الكلام لم يكن تحقيق مكسب مادي، بل تعزيز النفوذ الروسي في المنطقة والتصدي للمخططات الأميركية، وهنا يعلّق غولتز قائلاً إن «صفقة الأسلحة ليست مجرّد عملية بيع وشراء. هي تتطلّب من الشاري والبائع نسج علاقات متماسكة وثابتة، تتضمن الحفاظ على الأسلحة وإصلاحها وتوفير الذخيرة والتدريب... وهو ما يعدّ دعماً جدياً». في التقرير، يؤكد المسؤولون أن روسيا متمسكة بدعمها للأسد، لا سيما بعد الضربتين اللتين وجهتهما لها أميركا في اليمن وليبيا، وتنتقل المجلة لتنقل مشهداً من داخل معرض للسلاح الروسي، حيث يتجول وفد من السوريين ليعاين الأسلحة التي يود أن يحملها معه عائداً إلى بلاده. هناك يتم تعريف الوفد بخصائص كل سلاح، حيث يقول البائع مثالاً إن «هذا السلاح مثالي للمعارك داخل الأزقة الضيقة وفي البيوت». يمضي الوفد السوري، المؤلف من ثلاثة أشخاص، ساعات في الحديث مع بائع الكلاشنكوف أندريه فيشنياكوف، وهو مدير التسويق في الشركة التي اخترعت «أك 47». جولة الوفد كانت في معرض الأسلحة الروسي الذي افتتح الأسبوع الماضي، بحضور ممثلين عن إيران وزمبابوي والبحرين وباكستان وأوغندا، أما الحضور السوري فكان الأكثر بروزاً. ومع ذلك، وفقاً للمجلة، يبدو من الصعب معرفة الصفقات التي تخرج عن زيارات مماثلة، فهي تتم في ظروف من السريّة التامة. يُذكر أن التكنولوجيات الروسية موزعة اليوم على 600 شركة وآلاف المصانع، حيث تنتج كل شيء من السيارات إلى الطائرات وصولاً إلى المعدات العسكرية، ولكن أهمها هي «روزوبورون اكسبورت»: الشركة الوحيدة المخولة إتمام صفقات بيع الأسلحة بطريقة شرعية. يُذكر أنه خلال العام الماضي، باعت الشركة أكثر من 11 مليار دولار من الأسلحة حول العالم، من بينها أسلحة لسوريا بـ4 مليارات دولار، ما جعل روسيا ثاني أكبر مصدر للأسلحة بعد الولايات المتحدة. وتنقل المجلة عن المدير المسؤول في الشركة أناتولي إزايكين، وهو صديق قديم لبوتين وضابط سابق في الاستخبارات الروسية، قوله إن محاولات الغرب تصوير شركته على أنها شريكة في الدم الروسي ليس سوى جزء من اللعبة السياسية، وكل المحاولات لإيقاف روسيا عن بيع الأسلحة لسوريا، ليست إلا تنافسا غير عادل.. فخسارة روسيا لسوق معينة، تعني فوزا تلقائيا لمنافسيها.. وهذا ما قد تكون عليه الحال في سوريا لو تراجعنا». («السفير»)

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة