اتفقت القوى العالمية في اجتماع جنيف، أول من أمس، على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية في سوريا، لكنّ المعنيين بالقضية، أي السوريين، خرجوا بتصريحات «تنسف» الاتفاق فيما لم يصدر موقف رسمي صريح من دمشق للتعليق على الاتفاق الذي خرج بعد اجتماع جنيف أول من أمس، تكفّل مقرّبون من السلطة بإعلان موقف رافض للاتفاق. وقال عضو البرلمان السوري خالد العبود «إن الاتفاق الذي تم التوصل اليه، وعملية اتخاذ القرار، لا يعنيان السوريين». ولفت، في حديثه لوكالة «رويترز»، إلى أنّ الصراع «لا يمكن حله الا بين السوريين، لا من خلال تدخل قوى خارجية».

بدورها، عنونت صحيفة «البعث» السورية «اجتماع مجموعة العمل ينتهي الى الفشل». وقالت الصحيفة «لم يخرج اجتماع جنيف عن كونه اطاراً موسعاً لجلسات مجلس الامن، حيث مواقف المشاركين بقيت على حالها». أما صحيفة «الوطن»، المقربة من السلطات، فأشارت الى أن البيان الختامي لاجتماع جنيف «خلا من أي إشارة الى سيناريوهات ليبية أو يمنية جرى الترويج لها عبر وسائل اعلام عربية وغربية في الأيام الاخيرة»، معتبرة أنّ ذلك «شكل حالة احباط لدى معارضة الخارج».

بالمقابل، قالت المتحدثة باسم «المجلس الوطني السوري» بسمة قضماني، أمس، إنّ البيان الختامي لاجتماع جنيف يتضمن «بعض العناصر الايجابية»، رغم أنّ الخطة بمجملها «غامضة جداً». وأشارت الى «عنصرين ايجابيين»، «الاول هو أنّ البيان الختامي يشير الى أن المشاركين اتفقوا على القول إن عائلة (الرئيس السوري بشار) الاسد لم يعد بإمكانها أن تحكم البلاد، وإنها بالتالي لا يمكنها قيادة الفترة الانتقالية». والنقطة الثانية الايجابية هي أن «هناك اتفاقاً على القول إن الانتقال يجب أن يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري. وهذا التعبير بالنسبة الينا يعني رحيل الأسد».

لكن الرئيس السابق للمجلس، عضو مكتبه التنفيذي، برهان غليون، قال إن المجلس سيصدر موقفاً رسمياً من الاتفاق، معتبراً ما حصل في جنيف «مهزلة». واعتبر غليون، في حديث لقناة «العربية»، أن تصريحات قضماني لا تمثل الموقف الرسمي للمجلس، قائلاً إن اتفاق جنيف «يشكل أسوأ موقف دولي يعلن حتى الان خلال محادثات حول سوريا».

الرفض لم يقتصر على السوريين، بل امتد إلى الإيرانيين أيضاً. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، للتلفزيون الرسمي الإيراني، إنّه «حصلت توترات شديدة بين روسيا والولايات المتحدة خلال اجتماع الخبراء، ولم يكن اجتماع جنيف ناجحاً، على غرار الاجتماعات السابقة، نظراً لغياب الحكومة السورية والدول التي تؤثر على الاحداث في ذلك البلد». واعتبر أن «أي قرار يفرض من الخارج بدون مشاركة الحكومة والشعب السوري وبدون حوار وطني لن يأتي بأي نتيجة».

أما وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي فاعتبر، في بيان الأمس، أن لقاء جنيف حول سوريا يشكل «دليلاً واضحاً» على الرغبة في التوصل على المستوى الدولي الى حل سياسي للنزاع. وأشاد فسترفيلي بجهود كوفي أنان لوقف العنف في سوريا، وتمهيد الطرق أمام عملية انتقال سياسي. وقال وزير الخارجية الالماني إن «مخاطر تصعيد جديد للوضع في سوريا، وانتقال عدوى الازمة في المنطقة، تزايدت بشكل إضافي في الأيام الماضية».

بدوره، أعلن وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي، أول من أمس، أنّ الخطة الانتقالية لسوريا يجب أن تحظى بموافقة جميع الاطراف السوريين، من دون أن تفرض من الخارج. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي عقده في جنيف، إن الخطة الانتقالية «لا يمكن إلا أن تكون بقيادة سوريين، وبموافقة كل الاطراف المهمين في سوريا. ولا يمكن لاشخاص من الخارج أن يتخذوا قرارات تتعلق بالشعب السوري».

من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، عقب انتهاء المؤتمر، أن الولايات المتحدة ستنقل خطة مؤتمر جنيف إلى مجلس الأمن الدولي. واعتبرت أن المؤتمر يمهّد لمرحلة ما بعد الأسد. وأشارت المسؤولة الأميركية إلى أن حالة عدم الاستقرار سوف تنتقل إلى الدول المجاورة، «إذا لم نتمكن من السيطرة على الأزمة السورية». ولفتت كلينتون إلى أنه «طالما الرئيس السوري بشار الأسد يستمر في شنّ حروب على شعبه فعلى الأسرة الدولية زيادة الضغط على نظامه»، موضحةً أنّ «نظام الأسد يدرك أن أيامه باتت معدودة». وأضافت «إننا سنعمل أيضاً بسرعة في مجلس الأمن الدولي من أجل استصدار قرار يدعم خطة أنان، ويلزم النظام السوري بوقف الهجمات على المدنيين وبسحب قواته، ويجعله يدرك أن عواقب عدم امتثاله لذلك ستتضمن فرض عقوبات عليه».

بدوره، اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس، أن «السوريين أنفسهم هم الذين سيقررون الطريقة المحددة لسير المرحلة الانتقالية»، مؤكداً أن «هذا الأمر مشار اليه بوضوح في الوثيقة»، التي تم التوافق عليها. وأضاف «لقد تأكدنا من أن هذه الوثيقة لا تتضمن شروطاً مسبقة في بداية العملية الانتقالية في اطار حوار وطني واسع». وقال ايضاً «طبعاً، بالتأكيد، الرئيس بشار الاسد يرتكب عدداً هائلاً من الأخطاء، لكن الرئيس الاسد يقبل الآراء الاخرى. لست واثقاً بأن هذا الامر ينطبق على المعارضة».

فيما، اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنّ الحكومة الانتقالية السورية، التي جرى الاتفاق على تشكيلها في جنيف، «سيتم اختيار أعضائها بتوافق متبادل، ما يستبعد منها مرتكبي المجازر». وتابع فابيوس، أنه في هذه الظروف «لا مجال للشك في أن على الأسد مغادرة السلطة». وأضاف الوزير الفرنسي «لا يمكن لأحد أن يتصور للحظة أنّ الأسد سيكون في عداد هذه الحكومة، كما لا يمكن بالمقدار نفسه لأحد أن يتصور أن الاسد سيكون قادراً على تأمين أجواء محايدة»، كما هو وارد في الاتفاق. من جهته، اعتبر المبعوث الدولي كوفي أنان أن الحكومة يجب أن تضمّ أعضاءً في إدارة الأسد والمعارضة السورية، وأنها لا بد أن تدعو إلى إجراء انتخابات حرة. وقال أنان «نحتاج إلى خطوات سريعة للتوصل إلى اتفاق، يجب حل الصراع من خلال الحوار السلمي والمفاوضات 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-07-01
  • 12933
  • من الأرشيف

دمشق: اتفاق جنيف لا يعنينا

  اتفقت القوى العالمية في اجتماع جنيف، أول من أمس، على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية في سوريا، لكنّ المعنيين بالقضية، أي السوريين، خرجوا بتصريحات «تنسف» الاتفاق فيما لم يصدر موقف رسمي صريح من دمشق للتعليق على الاتفاق الذي خرج بعد اجتماع جنيف أول من أمس، تكفّل مقرّبون من السلطة بإعلان موقف رافض للاتفاق. وقال عضو البرلمان السوري خالد العبود «إن الاتفاق الذي تم التوصل اليه، وعملية اتخاذ القرار، لا يعنيان السوريين». ولفت، في حديثه لوكالة «رويترز»، إلى أنّ الصراع «لا يمكن حله الا بين السوريين، لا من خلال تدخل قوى خارجية». بدورها، عنونت صحيفة «البعث» السورية «اجتماع مجموعة العمل ينتهي الى الفشل». وقالت الصحيفة «لم يخرج اجتماع جنيف عن كونه اطاراً موسعاً لجلسات مجلس الامن، حيث مواقف المشاركين بقيت على حالها». أما صحيفة «الوطن»، المقربة من السلطات، فأشارت الى أن البيان الختامي لاجتماع جنيف «خلا من أي إشارة الى سيناريوهات ليبية أو يمنية جرى الترويج لها عبر وسائل اعلام عربية وغربية في الأيام الاخيرة»، معتبرة أنّ ذلك «شكل حالة احباط لدى معارضة الخارج». بالمقابل، قالت المتحدثة باسم «المجلس الوطني السوري» بسمة قضماني، أمس، إنّ البيان الختامي لاجتماع جنيف يتضمن «بعض العناصر الايجابية»، رغم أنّ الخطة بمجملها «غامضة جداً». وأشارت الى «عنصرين ايجابيين»، «الاول هو أنّ البيان الختامي يشير الى أن المشاركين اتفقوا على القول إن عائلة (الرئيس السوري بشار) الاسد لم يعد بإمكانها أن تحكم البلاد، وإنها بالتالي لا يمكنها قيادة الفترة الانتقالية». والنقطة الثانية الايجابية هي أن «هناك اتفاقاً على القول إن الانتقال يجب أن يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري. وهذا التعبير بالنسبة الينا يعني رحيل الأسد». لكن الرئيس السابق للمجلس، عضو مكتبه التنفيذي، برهان غليون، قال إن المجلس سيصدر موقفاً رسمياً من الاتفاق، معتبراً ما حصل في جنيف «مهزلة». واعتبر غليون، في حديث لقناة «العربية»، أن تصريحات قضماني لا تمثل الموقف الرسمي للمجلس، قائلاً إن اتفاق جنيف «يشكل أسوأ موقف دولي يعلن حتى الان خلال محادثات حول سوريا». الرفض لم يقتصر على السوريين، بل امتد إلى الإيرانيين أيضاً. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، للتلفزيون الرسمي الإيراني، إنّه «حصلت توترات شديدة بين روسيا والولايات المتحدة خلال اجتماع الخبراء، ولم يكن اجتماع جنيف ناجحاً، على غرار الاجتماعات السابقة، نظراً لغياب الحكومة السورية والدول التي تؤثر على الاحداث في ذلك البلد». واعتبر أن «أي قرار يفرض من الخارج بدون مشاركة الحكومة والشعب السوري وبدون حوار وطني لن يأتي بأي نتيجة». أما وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي فاعتبر، في بيان الأمس، أن لقاء جنيف حول سوريا يشكل «دليلاً واضحاً» على الرغبة في التوصل على المستوى الدولي الى حل سياسي للنزاع. وأشاد فسترفيلي بجهود كوفي أنان لوقف العنف في سوريا، وتمهيد الطرق أمام عملية انتقال سياسي. وقال وزير الخارجية الالماني إن «مخاطر تصعيد جديد للوضع في سوريا، وانتقال عدوى الازمة في المنطقة، تزايدت بشكل إضافي في الأيام الماضية». بدوره، أعلن وزير الخارجية الصيني يانغ جيشي، أول من أمس، أنّ الخطة الانتقالية لسوريا يجب أن تحظى بموافقة جميع الاطراف السوريين، من دون أن تفرض من الخارج. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي عقده في جنيف، إن الخطة الانتقالية «لا يمكن إلا أن تكون بقيادة سوريين، وبموافقة كل الاطراف المهمين في سوريا. ولا يمكن لاشخاص من الخارج أن يتخذوا قرارات تتعلق بالشعب السوري». من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، عقب انتهاء المؤتمر، أن الولايات المتحدة ستنقل خطة مؤتمر جنيف إلى مجلس الأمن الدولي. واعتبرت أن المؤتمر يمهّد لمرحلة ما بعد الأسد. وأشارت المسؤولة الأميركية إلى أن حالة عدم الاستقرار سوف تنتقل إلى الدول المجاورة، «إذا لم نتمكن من السيطرة على الأزمة السورية». ولفتت كلينتون إلى أنه «طالما الرئيس السوري بشار الأسد يستمر في شنّ حروب على شعبه فعلى الأسرة الدولية زيادة الضغط على نظامه»، موضحةً أنّ «نظام الأسد يدرك أن أيامه باتت معدودة». وأضافت «إننا سنعمل أيضاً بسرعة في مجلس الأمن الدولي من أجل استصدار قرار يدعم خطة أنان، ويلزم النظام السوري بوقف الهجمات على المدنيين وبسحب قواته، ويجعله يدرك أن عواقب عدم امتثاله لذلك ستتضمن فرض عقوبات عليه». بدوره، اعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس، أن «السوريين أنفسهم هم الذين سيقررون الطريقة المحددة لسير المرحلة الانتقالية»، مؤكداً أن «هذا الأمر مشار اليه بوضوح في الوثيقة»، التي تم التوافق عليها. وأضاف «لقد تأكدنا من أن هذه الوثيقة لا تتضمن شروطاً مسبقة في بداية العملية الانتقالية في اطار حوار وطني واسع». وقال ايضاً «طبعاً، بالتأكيد، الرئيس بشار الاسد يرتكب عدداً هائلاً من الأخطاء، لكن الرئيس الاسد يقبل الآراء الاخرى. لست واثقاً بأن هذا الامر ينطبق على المعارضة». فيما، اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أنّ الحكومة الانتقالية السورية، التي جرى الاتفاق على تشكيلها في جنيف، «سيتم اختيار أعضائها بتوافق متبادل، ما يستبعد منها مرتكبي المجازر». وتابع فابيوس، أنه في هذه الظروف «لا مجال للشك في أن على الأسد مغادرة السلطة». وأضاف الوزير الفرنسي «لا يمكن لأحد أن يتصور للحظة أنّ الأسد سيكون في عداد هذه الحكومة، كما لا يمكن بالمقدار نفسه لأحد أن يتصور أن الاسد سيكون قادراً على تأمين أجواء محايدة»، كما هو وارد في الاتفاق. من جهته، اعتبر المبعوث الدولي كوفي أنان أن الحكومة يجب أن تضمّ أعضاءً في إدارة الأسد والمعارضة السورية، وأنها لا بد أن تدعو إلى إجراء انتخابات حرة. وقال أنان «نحتاج إلى خطوات سريعة للتوصل إلى اتفاق، يجب حل الصراع من خلال الحوار السلمي والمفاوضات   

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة