استمر الحدث السوري متصدرا في ظل غياب التطورات الداخلية المؤثرة من جهة، ولخطورته وانزلاقاته السريعة من جهة ثانية، بحيث يصحّ القول أنّ كلّ ساعة تحمل معها جديداً ميدانيا وسياسيا ودبلوماسيا، وذلك نظرا إلى اشتداد الكباش الاميركي الروسي الذي تظهر معالمه بشكل مضطرد. بيد أنّ الرسائل المتبادلة بين العاصمتين باتت أكثر من واضحة يغلب عليها الطابع الاستفزازي اذا ما جاز التعبير، لاسيما أنّ موسكو تعتبر أنّ المتغيرات الدولية وسقوط الاحادية الاميركية في ادارة الازمات العالمية يبدأ من دمشق وينتهي فيها.

ويرخي تسارع التطورات الميدانية بظلاله الثقيلة على الارض، بحيث يكشف هاربون من مدينة حمص عن معارك عنيفة للغاية بدأت تتخذ طابع التصفيات والاقتحامات في شوارع واحياء المدينة المنكوبة بحسب الوصف لاسيما ان المسلحين يعمدون إلى استخدام المنازل المأهولة لمراكز قتالية بينما يعمد الجيش السوري إلى تنفيذ سياسة الارض المحروقة التي تأكل الاخضر واليابس.

وبعيدا عن الجبهات المشتعلة، برز اكثر من تطور لافت تمثل بخروج سلاح الطيران السوري عن صمته مسجلا حالة "انشقاق" لافتة أرخت بظلالها الثقيلة على الشارع كما طرحت أكثر من علامة استفهام حول مستقبل العلاقات الاردنية السورية، خصوصاً أنّ الطيار السوري الفار بطائرته العسكرية إلى الاردن حصل على أسرع وأسهل لجوء سياسي، ما أعطى انطباعا لدى القيادة السورية بأنّ المخابرات الاردنية لم تكن بعيدة عن كل ما جرى، بحيث يبقى القول أنّ المفاوضات على استعادة الطائرة هي التي ستحدد مسار الامور المستقبلية وما اذا كانت عمان ستدخل فريقاً في الصراع بعد أن نجحت في تحييد نفسها ولو إعلاميا عن الازمة السورية وتداعياتها.

في المقلب السياسي، سجّل وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف موقفا لافتا باعتباره أنّ كلّ حلّ يعتمد على "سقوط "الرئيس بشار الاسد لن ينجح لأنّ الرئيس الاسد باق، وذلك عشية لقائه المرتقب مع نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون في سان بطرسبورغ، في ما يشبه الاستباق للموقف الاميركي الداعي إلى رحيل الاسد. غير أنّ علامة الاستفهام الاكبر تتمحور حول مدى صحة المهلة الزمنية المعطاة للرئيس الاسد لتغيير الواقع الميداني مع نهاية الشهر الجاري، بما يفسح في المجال امام موسكو بمقارعة واشنطن في عقر دارها، وهذا ما يبرر عرض العضلات المتبادل بين العاصمتين والذي يتخذ من المتوسط مسرحا له عبر الحديث عن سفن حربية روسية متوجهة إلى طرطوس وحاملات طائرات اميركية باتجاه المتوسط.

في الموازاة، ينقل المتصلون بالعاصمة السورية عن قياداتها العسكرية ان موضوع الحسم العسكري اصبح من الثوابت بعد الضوء الاخضر الروسي المقرون بالتمني على الرئيس الاسد بالاسراع في حسم الموقف، خصوصا ان الوقت بات يلعب إلى جانب الغرب الذي يسعى بكل ما اوتي من قوة إلى تعديل موازين القوى داخل سورية، مع الاشارة إلى ان موسكو تدرك في قرارة نفسها ان حرب الاستنزاف الدائرة سترتد عليها عاجلا ام آجلا، كما تعرف حق المعرفة ان "سقوط" الرئيس الاسد يعني اضعاف المحور الايراني الذي باتت موسكو تشكل واحدة من حلقاته الصلبة.

  • فريق ماسة
  • 2012-06-22
  • 4528
  • من الأرشيف

هل تقحم الرسائل الاميركية الروسية المتبادلة الاردن في اتون الازمة السورية؟

استمر الحدث السوري متصدرا في ظل غياب التطورات الداخلية المؤثرة من جهة، ولخطورته وانزلاقاته السريعة من جهة ثانية، بحيث يصحّ القول أنّ كلّ ساعة تحمل معها جديداً ميدانيا وسياسيا ودبلوماسيا، وذلك نظرا إلى اشتداد الكباش الاميركي الروسي الذي تظهر معالمه بشكل مضطرد. بيد أنّ الرسائل المتبادلة بين العاصمتين باتت أكثر من واضحة يغلب عليها الطابع الاستفزازي اذا ما جاز التعبير، لاسيما أنّ موسكو تعتبر أنّ المتغيرات الدولية وسقوط الاحادية الاميركية في ادارة الازمات العالمية يبدأ من دمشق وينتهي فيها. ويرخي تسارع التطورات الميدانية بظلاله الثقيلة على الارض، بحيث يكشف هاربون من مدينة حمص عن معارك عنيفة للغاية بدأت تتخذ طابع التصفيات والاقتحامات في شوارع واحياء المدينة المنكوبة بحسب الوصف لاسيما ان المسلحين يعمدون إلى استخدام المنازل المأهولة لمراكز قتالية بينما يعمد الجيش السوري إلى تنفيذ سياسة الارض المحروقة التي تأكل الاخضر واليابس. وبعيدا عن الجبهات المشتعلة، برز اكثر من تطور لافت تمثل بخروج سلاح الطيران السوري عن صمته مسجلا حالة "انشقاق" لافتة أرخت بظلالها الثقيلة على الشارع كما طرحت أكثر من علامة استفهام حول مستقبل العلاقات الاردنية السورية، خصوصاً أنّ الطيار السوري الفار بطائرته العسكرية إلى الاردن حصل على أسرع وأسهل لجوء سياسي، ما أعطى انطباعا لدى القيادة السورية بأنّ المخابرات الاردنية لم تكن بعيدة عن كل ما جرى، بحيث يبقى القول أنّ المفاوضات على استعادة الطائرة هي التي ستحدد مسار الامور المستقبلية وما اذا كانت عمان ستدخل فريقاً في الصراع بعد أن نجحت في تحييد نفسها ولو إعلاميا عن الازمة السورية وتداعياتها. في المقلب السياسي، سجّل وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف موقفا لافتا باعتباره أنّ كلّ حلّ يعتمد على "سقوط "الرئيس بشار الاسد لن ينجح لأنّ الرئيس الاسد باق، وذلك عشية لقائه المرتقب مع نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون في سان بطرسبورغ، في ما يشبه الاستباق للموقف الاميركي الداعي إلى رحيل الاسد. غير أنّ علامة الاستفهام الاكبر تتمحور حول مدى صحة المهلة الزمنية المعطاة للرئيس الاسد لتغيير الواقع الميداني مع نهاية الشهر الجاري، بما يفسح في المجال امام موسكو بمقارعة واشنطن في عقر دارها، وهذا ما يبرر عرض العضلات المتبادل بين العاصمتين والذي يتخذ من المتوسط مسرحا له عبر الحديث عن سفن حربية روسية متوجهة إلى طرطوس وحاملات طائرات اميركية باتجاه المتوسط. في الموازاة، ينقل المتصلون بالعاصمة السورية عن قياداتها العسكرية ان موضوع الحسم العسكري اصبح من الثوابت بعد الضوء الاخضر الروسي المقرون بالتمني على الرئيس الاسد بالاسراع في حسم الموقف، خصوصا ان الوقت بات يلعب إلى جانب الغرب الذي يسعى بكل ما اوتي من قوة إلى تعديل موازين القوى داخل سورية، مع الاشارة إلى ان موسكو تدرك في قرارة نفسها ان حرب الاستنزاف الدائرة سترتد عليها عاجلا ام آجلا، كما تعرف حق المعرفة ان "سقوط" الرئيس الاسد يعني اضعاف المحور الايراني الذي باتت موسكو تشكل واحدة من حلقاته الصلبة.

المصدر : النشرة / انطوان حايك


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة