مسألة تعيين سفير جديد لأميركا في سورية بدأت تتخذ منحى تصعيدياً في الكونغرس بمجلسيه بعدما عارض النواب والشيوخ الجمهوريون في لجنتيه للشؤون الخارجية قرار الرئيس باراك اوباما رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين بلادهم وسورية على مستوى السفير وذلك بعد نحو خمس سنوات من خفضه وقد ظهر ذلك واضحاً بعد إقدام 12 سيناتوراً جمهورياً قبل ستة أيام على توجيه رسالة إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هددوا فيها بتعليق أو عرقلة إيفاد السفير الأميركي المعين في دمشق روبيرت فورد لتسلم منصبه إذا لم يحصلوا على رد مقنع ومباشر منها عن التقارير والاتهامات لسورية بتزويد "حزب الله" أسلحة متطورة من صواريخ "سكود".

أما سبب التصعيد ، فكان انزعاج "الشيوخ الجمهوريين من كلينتون لأنها لم تتعامل مع موقفهم بالجدية اللازمة الذي عبّروا عنه في رسالة أولى وجهوها إليها في شهر آذار الماضي. ذلك أنها كلفت مساعداً لها الرد عليها بالإبلاغ إليهم أن إرسال سفير أميركي إلى دمشق ليس تنازلاً أو ضعفاً أو مكافأة لحكامها بل هو في مصلحة أميركا التي تحتاج إلى التواصل معهم.

طبعاً لم تردّ كلينتون بعد على الرسالة الثانية. لكنها تدرس طريقة أخرى للرد تُرضي الشيوخ الجمهوريين المعترضين.

لكن ما هي أسباب الموقف الجمهوري المتشدد من قرار اوباما إرسال سفير أميركي إلى دمشق؟

يعزو متابعون للأوضاع السياسية الأميركية هذا الموقف إلى النفوذ الذي تمتلكه قوى الضغط  المؤيدة لإسرائيل في الكونغرس وخارجه. ويعزونه   أيضاً الى ما تشعر به إسرائيل من انزعاج لتدفق السلاح على "حزب الله" عبر سورية. ويعزونه ثالثاً إلى حاجة الحزب الجمهوري في هذه المرحلة إلى تأييد اليهود الأميركيين وحلفائهم أثناء إعادة بنائه لنفسه في أعقاب خسائره الكبيرة الرئاسية والتشريعية أواخر العام 2008 وخصوصاً بعدما ابتعد عنه مؤيدون كثر جراء سيطرة المحافظين الجدد" على مقدراته. ويعزونه رابعاً إلى خوف قادة الحزب الجمهوري من نجاح اوباما في تجديد ولايته وتالياً إلى قرار عندهم بالوقوف ضده تقريباً في كل شيء بغض النظر عن آثار ذلك على بلادهم.

فهل من أسباب أخرى لموقف الجمهوريين المعرقل إرسال سفير أميركي جديد إلى دمشق؟

يؤكد المتابعون الأميركيون أنفسهم وجود سبب آخر غير أميركي هو إقدام جهة حزبية لبنانية لها تاريخ حافل من العداء مع سورية بسبب خوفها من طموحاتها اللبنانية المزمنة ولها أيضاً "سفير" في واشنطن على تحريض الجمهوريين في الكونغرس على سورية وعلى إقناعهم بأنها خطر ليس على لبنان فقط بل أيضاً على أميركا وحلفائها. وقد اعتمدت الجهة المذكورة للنجاح على اكتسابها قوة تأثير في الكونغرس حُرِمت منها عقوداً وعلى قرار الحزب الجمهوري التخلص من اوباما وحزبه.

أليس في "السبب اللبناني" المذكور أعلاه مبالغة ما؟ المبالغة، يجيب المتابعون ليست في المعلومة نفسها. ذلك أنها صحيحة. لكن المبالغة من أميركيي الإدارة تكمن في اعتبار تحرك الجهة اللبنانية المشار إليها حاسماً في الموقف "الجمهوري". علماً أن ذلك لا يعني على الإطلاق عدم تكوّن جو على مدى الأعوام الخمسة الماضية جمهوري وديموقراطي في أميركا وتحديداً داخل الكونغرس مؤيد للبنان. أما المبالغة الأكبر فهي الموجودة لدى الجهة اللبنانية المشار إليها. ذلك أن الرسائل الاعتراضية "الكونغرسية" قد تعطيها شعوراً بالثقة بالنفس، وبالموقف الأميركي مخالفاً للواقع والحقيقة. ومن شأن ذك أن يوقعها في خطأ التحليل والتقويم. وقد سبق أن وقعت في ذلك أكثر من مرة. وكذلك فعلت الجهات المعادية لها من لبنانية وغير لبنانية. والخطأ قد يجر إلى استهداف، هو موجود أساساً. وقد يجر إلى خلافات مع الحلفاء الذين "اضطرتهم" ظروفهم الإقليمية وتحوّل ميزان القوى الداخلي الى الانفتاح "غير المشروط" على سورية. فضلاً عن أن لبنان يستفيد من علاقة أميركية – سورية متحسنة أو جيدة، ولكنه لا يستفيد من علاقة سيئة، لأن أميركا ليست في وارد ضرب سورية وتغيير نظامها كما ظهر واضحاً في السنوات "الجمهورية" الخمس الماضية. وفضلاً أيضاً عن أن استعداء إدارة أميركية قد تستمر 8 سنوات ليس في مصلحة لبنان أبداً. وقد تأكد اللبنانيون من ذلك، ومنهم الجهة "صاحبة الفضل" في رسالتي الـ12 سيناتوراً أميركياً، عام 2004، وذلك عندما هبت أميركا الى مساعدتهم في وجه سورية رغم أنها كانت وعلى مدى 15 سنة مغطية عملياً دورها الواسع والمتنوع في لبنان.

 

  • فريق ماسة
  • 2010-05-20
  • 11436
  • من الأرشيف

حقيقة تأخر وصول السفير الأمريكي إلى دمشق؟؟!!

مسألة تعيين سفير جديد لأميركا في سورية بدأت تتخذ منحى تصعيدياً في الكونغرس بمجلسيه بعدما عارض النواب والشيوخ الجمهوريون في لجنتيه للشؤون الخارجية قرار الرئيس باراك اوباما رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين بلادهم وسورية على مستوى السفير وذلك بعد نحو خمس سنوات من خفضه وقد ظهر ذلك واضحاً بعد إقدام 12 سيناتوراً جمهورياً قبل ستة أيام على توجيه رسالة إلى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هددوا فيها بتعليق أو عرقلة إيفاد السفير الأميركي المعين في دمشق روبيرت فورد لتسلم منصبه إذا لم يحصلوا على رد مقنع ومباشر منها عن التقارير والاتهامات لسورية بتزويد "حزب الله" أسلحة متطورة من صواريخ "سكود". أما سبب التصعيد ، فكان انزعاج "الشيوخ الجمهوريين من كلينتون لأنها لم تتعامل مع موقفهم بالجدية اللازمة الذي عبّروا عنه في رسالة أولى وجهوها إليها في شهر آذار الماضي. ذلك أنها كلفت مساعداً لها الرد عليها بالإبلاغ إليهم أن إرسال سفير أميركي إلى دمشق ليس تنازلاً أو ضعفاً أو مكافأة لحكامها بل هو في مصلحة أميركا التي تحتاج إلى التواصل معهم. طبعاً لم تردّ كلينتون بعد على الرسالة الثانية. لكنها تدرس طريقة أخرى للرد تُرضي الشيوخ الجمهوريين المعترضين. لكن ما هي أسباب الموقف الجمهوري المتشدد من قرار اوباما إرسال سفير أميركي إلى دمشق؟ يعزو متابعون للأوضاع السياسية الأميركية هذا الموقف إلى النفوذ الذي تمتلكه قوى الضغط  المؤيدة لإسرائيل في الكونغرس وخارجه. ويعزونه   أيضاً الى ما تشعر به إسرائيل من انزعاج لتدفق السلاح على "حزب الله" عبر سورية. ويعزونه ثالثاً إلى حاجة الحزب الجمهوري في هذه المرحلة إلى تأييد اليهود الأميركيين وحلفائهم أثناء إعادة بنائه لنفسه في أعقاب خسائره الكبيرة الرئاسية والتشريعية أواخر العام 2008 وخصوصاً بعدما ابتعد عنه مؤيدون كثر جراء سيطرة المحافظين الجدد" على مقدراته. ويعزونه رابعاً إلى خوف قادة الحزب الجمهوري من نجاح اوباما في تجديد ولايته وتالياً إلى قرار عندهم بالوقوف ضده تقريباً في كل شيء بغض النظر عن آثار ذلك على بلادهم. فهل من أسباب أخرى لموقف الجمهوريين المعرقل إرسال سفير أميركي جديد إلى دمشق؟ يؤكد المتابعون الأميركيون أنفسهم وجود سبب آخر غير أميركي هو إقدام جهة حزبية لبنانية لها تاريخ حافل من العداء مع سورية بسبب خوفها من طموحاتها اللبنانية المزمنة ولها أيضاً "سفير" في واشنطن على تحريض الجمهوريين في الكونغرس على سورية وعلى إقناعهم بأنها خطر ليس على لبنان فقط بل أيضاً على أميركا وحلفائها. وقد اعتمدت الجهة المذكورة للنجاح على اكتسابها قوة تأثير في الكونغرس حُرِمت منها عقوداً وعلى قرار الحزب الجمهوري التخلص من اوباما وحزبه. أليس في "السبب اللبناني" المذكور أعلاه مبالغة ما؟ المبالغة، يجيب المتابعون ليست في المعلومة نفسها. ذلك أنها صحيحة. لكن المبالغة من أميركيي الإدارة تكمن في اعتبار تحرك الجهة اللبنانية المشار إليها حاسماً في الموقف "الجمهوري". علماً أن ذلك لا يعني على الإطلاق عدم تكوّن جو على مدى الأعوام الخمسة الماضية جمهوري وديموقراطي في أميركا وتحديداً داخل الكونغرس مؤيد للبنان. أما المبالغة الأكبر فهي الموجودة لدى الجهة اللبنانية المشار إليها. ذلك أن الرسائل الاعتراضية "الكونغرسية" قد تعطيها شعوراً بالثقة بالنفس، وبالموقف الأميركي مخالفاً للواقع والحقيقة. ومن شأن ذك أن يوقعها في خطأ التحليل والتقويم. وقد سبق أن وقعت في ذلك أكثر من مرة. وكذلك فعلت الجهات المعادية لها من لبنانية وغير لبنانية. والخطأ قد يجر إلى استهداف، هو موجود أساساً. وقد يجر إلى خلافات مع الحلفاء الذين "اضطرتهم" ظروفهم الإقليمية وتحوّل ميزان القوى الداخلي الى الانفتاح "غير المشروط" على سورية. فضلاً عن أن لبنان يستفيد من علاقة أميركية – سورية متحسنة أو جيدة، ولكنه لا يستفيد من علاقة سيئة، لأن أميركا ليست في وارد ضرب سورية وتغيير نظامها كما ظهر واضحاً في السنوات "الجمهورية" الخمس الماضية. وفضلاً أيضاً عن أن استعداء إدارة أميركية قد تستمر 8 سنوات ليس في مصلحة لبنان أبداً. وقد تأكد اللبنانيون من ذلك، ومنهم الجهة "صاحبة الفضل" في رسالتي الـ12 سيناتوراً أميركياً، عام 2004، وذلك عندما هبت أميركا الى مساعدتهم في وجه سورية رغم أنها كانت وعلى مدى 15 سنة مغطية عملياً دورها الواسع والمتنوع في لبنان.  

المصدر : النهار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة