دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ألقت العملية العسكرية التي نفذها حزب العمال الكردستاني في منطقة الاسكندرون عند الحدود السورية، قبل يومين، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أتراك، الضوء من جديد على تداعيات الوضع السوري، وانفلات الوضع في المنطقة على الاستقرار في الداخل التركي.
ومع أن عمليات «الكردستاني» تنتشر في كل أنحاء تركيا القريبة أو البعيدة عن الحدود السورية والعراقية، غير أن تصريح وزير الداخلية التركي إدريس نعيم شاهين شكل انعطافة في الموقف التركي المعلن من سورية. ففي السابق كان المسؤولون الأتراك يحذرون النظام السوري من مغبة تداعيات أي دعم لحزب العمال الكردستاني، لكن شاهين أعلن أمس بوضوح أن أنقرة تثبتت من أن دمشق تقدم الدعم لحزب العمال الكردستاني، في أول اتهام تركي رسمي منذ اتفاقية أضنة في خريف العام 1998 في هذا الاتجاه.
وقال شاهين إن «الدلائل والاستخبارات التي بين أيدينا تثبت للأسف أن سوريا تدعم المنظمة الإرهابية كا جي كا» في إشارة إلى «اتحاد المجتمعات الكردية»، وهو الاسم الذي يطلق على المنظمة التابعة لحزب العمال الكردستاني، وتعتبر مسؤولة عن الأكراد في تركيا والعراق وسوريا وإيران.
ويأتي الموقف التركي بمثابة «تفسير فوري» تركي لقول الرئيس السوري بشار الأسد في حوار مع قناة «روسيا 24» إن الدول التي تدعم الفوضى في سوريا قد ترتدّ عليها هذه الفوضى.
وبدا مثيراً التحليل الذي قدّمه الخبير التركي ايمري اوسلو في صحيفة «طرف»، والذي قال فيه إن حزب العمال الكردستاني يسعى لإقامة قوس عسكري، يُعرَف بالخط الغربي، ويمتد من الاسكندرون جنوباً، ويمر عبر محافظات عثمانية وسيواس وتوقات، وصولاً إلى البحر الأسود.
وهذا الخط للعمليات العسكرية ليس جديداً، وكان في صلب استراتيجية الحزب في العام 1993، ولكن أهم ميزة في هذا الخط هو انه يمر في مناطق ذات غالبية علوية.
ويقول اوسلو إن المعلومات التي بلغته من داخل «الكردستاني» تشير إلى أن الحزب بصدد تفعيل عملياته على هذا الخط. ويضيف إن حزب العمال الكردستاني يكثف وجوده في المناطق القريبة من البحر الأسود وفي المناطق الجنوبية على «الخط العلوي».
ويقول اوسلو إن في نيسان الماضي تحدثت الصحافة عن ظهور لمسلحي «الكردستاني» في منطقة عثمانية. كما قتل 3 مسلحين من الحزب في منطقة نورهاك. وفي 15 نيسان الماضي جرح جنديان تركيان في عملية للحزب في قضاء الاسكندرون في محافظة هاتاي. ويوضح أن رسم مسار العمليات الكردية يشير الى إعادة تنشيط الخط الغربي، والاستخبارات التركية تؤيد هذه النظرة.
ما معنى ذلك؟
يقول اوسلو إن ذلك يؤشر إلى استراتيجية لحزب العمال الكردستاني وردت بعض تفاصيلها في منشوراته.
1- انه من دون إفشال حزب العدالة والتنمية وكسر إرادته، فلن ينفتح الأفق أمام حل المشكلة الكردية. لذا يجب كسر إرادته.
2- من دون إطلاق سراح زعيم «الكردستاني» عبد الله أوجلان وكل معتقلي «كا جي كا» فإن حزب العدالة والتنمية لن يبادر إلى أي خطوة لمنح الأكراد الحكم الذاتي، ولا تلبية مطالبهم السياسية والثقافية، بما فيها التعلم باللغة الأم.
3- في حال إضعاف حزب العدالة والتنمية فإن حزب الشعب الجمهوري سيكون مضطراً للتوصل إلى حل للمشكلة الكردية.
4- يجب تفعيل التحالفات الشعبية الديموقراطية، وتوسيع قاعدتها لتشمل الجميع.
5- إن موقف المنظمات العلوية وممثليها مهم في هذه المرحلة. وهم يرون أنه في حال لم يتعاونوا مع الأكراد، فلن يستطيعوا أن يحصلوا على حرية معتقدهم. لذا تجب رؤية هذا الوضع والعمل على جذبهم أكثر إلى داخل المعركة، من أجل الحريات والديموقراطية.
6- ما دامت ذهنية الدولة وسياستها لم تتغيرا، فإن رافضي الحل سيبقون. والمجتمع التركي، لا تزال نسبة كبيرة منه حتى الآن مرتبطة بالدولة، لذلك فإن إرغام الدولة على الحل سيسهل استعداد المجتمع والقوى السياسية للسير به. وفي حال أجبرنا الدولة، وهي الآن في عهدة حزب العدالة والتنمية، على السير في حل، فإن المناخ السياسي في تركيا سيتغير في وقت قصير.
7- يجب تعزيز الشعور بأهمية الصراع وتبجيل الشهادة، ولجم النظرة القائلة بأنه حان الوقت لوقف الموت بين الأكراد.
8- إن وضع أوجلان لا يرتبط بلقاء محامين معه أو ما شابه، بل إن حريته جزء من مقاومة الشعب الكردي.
9- يجب الحؤول دون أن يفرض حزب العدالة والتنمية الدستور الذي يريد، وأن نظهر مع كل القوى الديموقراطية عدم ديموقراطيته.
ويعتبر اوسلو أن أهم ما في هذه الخطة هما البندان الرابع والخامس، والعمل على تشكيل تحالف كردي - علوي عبر أشكال مختلفة. ويقول إنه تم مؤخراً رصد مجموعات مسلحة لا علاقة لها بحزب العمال الكردستاني في منطقة تونجيلي (العلوية الكردية). ويتوقع، في المرحلة المقبلة، ان تتصاعد حركة حزب العمال الكردستاني على قوسي تحريك العلويين، والقيام بعمليات ضد عناصر من حزب العدالة والتنمية وجماعة فتح الله غولين الإسلامية المؤيدة له.
المصدر :
السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة