"لا بديل" عن خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية كوفي أنان لحل الأزمة في سورية، أمر شدد عليه الأوروبيون، من دون أن يخفوا تبرمهم من تأخر تنفيذ حتى أول بنودها.

منهم من قال إن الوقت ليس مفتوحاً على مصراعيه أمام مهمة المبعوث، ولم يترددوا في تحميل النظام السوري مسؤولية الخروقات. بعضهم أدلى بتصريحات لافتة، مستعيداً سيناريو "الممرات الإنسانية"، حتى لو لزم لتطبيقها "بعض" الوجود العسكري. وبالتزامن مع دعم "الخطة اليتيمة" للتسوية السلمية، يواصل الأوروبيون سياسة "الضغط" على النظام السوري عبر العقوبات.

وفي اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في بروكسل أمس، أقروا الحزمة الخامسة عشرة من العقوبات. أضافوا ثلاثة أشخاص وكيانين اقتصاديين إلى قائمتهم السوداء. هكذا ارتفع عدد الأشخاص المستهدفين أوروبياً بحظر السفر وتجميد الأرصدة إلى 128 شخصية، والكيانات المعاقبة إلى 43 كياناً.

وعاود الأوروبيون التشديد على ضرورة دعم مهمة أنان: حتى آخر نفس فيها. ورداً على سؤال لـ"السفير" قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن "أنان دبلوماسي كبير"، مضيفة "سنواصل دعمنا له طالما أراد الاستمرار في مهمته، وحالياً هو يعتقد أنها أفضل وسيلة للمضي قدماً".

واعتبرت آشتون أن النتائج "المرجوة" من تطبيق مهمة أنان، تجعل دعمها مسؤولية دولية. وعللت ذلك بالقول "نظراً إلى خطة النقاط الست، فإن تنفيذها سيكون مفيداً، وستحقق فارقاً كبيراً وتقدماً حقيقياً نحو التغيير الذي نعتقد أنه يجب أن يحدث".

وعندما سألت "السفير" وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ، عن رؤيته لكيفية جعل مهمة انان "فعالة"، لفت إلى ضرورة استكمال عدد المراقبين ومواصلة الضغط على النظام السوري. وألمح إلى ضرورة وجود جدول زمني يلاحق التنفيذ. وقال "من المهم للغاية أن يتم نشر المراقبين المتبقين في أسرع وقت ممكن".

وأضاف هيغ، متحدثاً عن مهمة المراقبين، "السيد انان يقول إنهم حققوا فرقاً على أرض الواقع، لكنه كان واضحاً، مثلما نحن واضحون، حول أنه لم يتم تنفيذ وقف إطلاق النار كاملاً، وأنه لا يزال هناك قتل وتعذيب وسوء معاملة في سوريا، ولذلك فمن المهم جداً أن نواصل الضغط على نظام الرئيس الأسد".

ورغم تأكيده على ضرورة دعم مهمة أنان، لفت هيغ إلى ضرورة وجود أفق زمني يحكم تنفيذها. وقال "ليست هناك نهاية مفتوحة، بمعنى انه ليست هناك فترة زمنية غير محددة لتكون خطة انان فعالة، ولكنها الخطة الصحيحة، وهي أفضل خطة لأي نوع من الانتقال السلمي في سوريا، لذلك ينبغي أن نستمر في دعمه في عمله".

وعن رأيه بقول النظام السوري إن هناك دولاً تعمل على عرقلة خطة أنان، رد هيغ بأن السلطات السورية "لم تسحب قواتها من المناطق المأهولة بالسكان كما يتعين عليها، وهي لم تنفذ بالكامل وقف إطلاق النار، وبالتالي فإن البلد الذي لا يعمل مع خطة أنان بشكل صحيح هي سوريا نفسها".

وكرر الأوروبيون مواقفهم من دعوة الرئيس الاسد"للتنحي" والإفساح أمام انتقال سلمي وديموقراطي، ودعوتهم المعارضة السورية لإيجاد منصة موحدة لعملها.

مع ذلك، لا يزال هناك فروقات في مواقف الأوروبيين من الأزمة السورية. وكان لافتاً التفاوت بين من يقول إن خطة أنان هي "البديل الوحيد" وإن أي حل عسكري ليس بديلاً أبداً، وبين من يعتقد أن مهمة المبعوث الدولي والعربي طالت وصار يجب التفكير بحلول موازية، لم يستبعد لتطبيقها نوعاً من التواجد العسكري.

وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسلبورن قال، رداً على سؤال لـ "السفير"، إن "خطة أنان هي البديل الوحيد لدينا لمنع الفظائع التي لا تزال تستمر في سوريا. ليس هناك بديل آخر. الحل العسكري أو أي حل آخر ليس حلاً، لا لأوروبا ولا لغيرها من البلدان على هذا الكوكب، ويجب أن يكون هذا مفهوماً". وتحدث عن أن تواجد الأمم المتحدة مكسب بذاته، قائلاً "على الرغم من أن المراقبين لا يستطيعون وقف أعمال العنف، هذا صحيح، ولكن على أي حال، وجود الأمم المتحدة في الأراضي السورية مهم للغاية".

وبالنسبة لمسألة "الاستثمار" في مهمة أنان، يمول الأوروبيون تقديم 25 عربة مصفحة لتوضع تحت تصرف المراقبين الدوليين. وكان الاتحاد الأوروبي أرسل بعض هذه العربات إلى دمشق.

لكن أكثر ما لفت في تصريحات وزراء الخارجية، كان ما قاله وزير خارجية بلجيكا ديديه ريندرز، رداً على سؤال لـ"السفير" حول التشاؤم الذي صاحب إحاطة أنان الأخيرة لمجلس الأمن، إذ تطرق لمسألة وجود عسكري دولي في سوريا. ذلك لافت، خصوصا لأن بلجيكا لم تعتبر يوماً "رأس حربة" في التصدي للأزمة السورية، ووزير خارجيتها دبلوماسي يتصف بالرصانة.

وقال ريندرز "نحن نؤيد مهمة انان، ولكنها طالت جداً الآن، من دون أي وقف لإطلاق النار". وأضاف "لذلك أنا متأكد من أنه علينا بذل المزيد من الجهد، وربما سنعود إلى (فكرة) الممر الإنساني، لنكون قادرين على إرسال بعض المساعدات الإنسانية إلى سوريا. أنا واثق من أن هذا واحد من الحلول الممكنة، ولكن سنناقش ذلك، لأنه، كما قلت، فإن الوقت طال جداً الآن من دون أي وقف حقيقي لإطلاق النار".

وعن تحديد أكبر لقوله "علينا بذل المزيد"، أوضح ريندرز "لقد تحدثنا عن ممرات إنسانية، والقدرة على إرسال مساعدات إنسانية للبلد، وبالإضافة ربما بعض الوجود العسكري".

وكانت حوادث العنف التي حصلت أخيراً في لبنان، كصدى للأزمة السورية، مثار اهتمام الأوروبيين. وتحدث وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، من برلين، عن "مؤشرات أولية" تدعو للقلق من انتقال العنف الى بلدان مجاورة، مثل لبنان، كما لفت إلى مخاوف إزاء "خطر حقيقي من اندلاع حريق شامل في المنطقة".

وتحدثت "السفير" لوزير خارجية السويد كارل بيلدت حول تطورات مهمة أنان، مشيراً إلى إنه التقى بالمبعوث الدولي منذ أيام.

وحول فحوى محادثاتهما، أوضح بيلدت "تحدثنا عن المشاكل الموجودة هناك، وهي تحديات كبرى، وخطته ذات النقاط الست معقدة للغاية... علينا النضال لجعل الخطة فعالة، لأنه ليس هناك بديل".

وحول كيف يمكن جعل هذه الخطة "تعمل"، قال بيلدت "حالياً فإن المراقبين يدخلون البلد، وأنا آمل أن يتم نشرهم جميعاً بأسرع وقت ممكن. ونحن نلاحظ بالفعل أن وجودهم يؤدي إلى تقليل العنف والقمع إلى حد معين في المناطق حيث يمكنهم التواجد، ولكن الصعوبة هي الانتقال إلى المرحلة التالية، والتي عليها أن تكون الحوار السياسي".

ووجه تحذيراً صارماً من مخاطر فشل مهمة أنان، قائلاً "حتى لو أخذنا بالاعتبار كل هذه المشاكل، فإن البديل هو الانزلاق سريعاً إلى حرب أهلية طائفية، وهذا سيكون محطماً لسوريا وللمنطقة بأسرها. مهما كانت الخطة صعبة، البديل هو مرعب".

 

السفير

  • فريق ماسة
  • 2012-05-14
  • 12460
  • من الأرشيف

وزراء خارجية أوروبا : البديل عن مهمة أنان مرعب

"لا بديل" عن خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية كوفي أنان لحل الأزمة في سورية، أمر شدد عليه الأوروبيون، من دون أن يخفوا تبرمهم من تأخر تنفيذ حتى أول بنودها. منهم من قال إن الوقت ليس مفتوحاً على مصراعيه أمام مهمة المبعوث، ولم يترددوا في تحميل النظام السوري مسؤولية الخروقات. بعضهم أدلى بتصريحات لافتة، مستعيداً سيناريو "الممرات الإنسانية"، حتى لو لزم لتطبيقها "بعض" الوجود العسكري. وبالتزامن مع دعم "الخطة اليتيمة" للتسوية السلمية، يواصل الأوروبيون سياسة "الضغط" على النظام السوري عبر العقوبات. وفي اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في بروكسل أمس، أقروا الحزمة الخامسة عشرة من العقوبات. أضافوا ثلاثة أشخاص وكيانين اقتصاديين إلى قائمتهم السوداء. هكذا ارتفع عدد الأشخاص المستهدفين أوروبياً بحظر السفر وتجميد الأرصدة إلى 128 شخصية، والكيانات المعاقبة إلى 43 كياناً. وعاود الأوروبيون التشديد على ضرورة دعم مهمة أنان: حتى آخر نفس فيها. ورداً على سؤال لـ"السفير" قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إن "أنان دبلوماسي كبير"، مضيفة "سنواصل دعمنا له طالما أراد الاستمرار في مهمته، وحالياً هو يعتقد أنها أفضل وسيلة للمضي قدماً". واعتبرت آشتون أن النتائج "المرجوة" من تطبيق مهمة أنان، تجعل دعمها مسؤولية دولية. وعللت ذلك بالقول "نظراً إلى خطة النقاط الست، فإن تنفيذها سيكون مفيداً، وستحقق فارقاً كبيراً وتقدماً حقيقياً نحو التغيير الذي نعتقد أنه يجب أن يحدث". وعندما سألت "السفير" وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ، عن رؤيته لكيفية جعل مهمة انان "فعالة"، لفت إلى ضرورة استكمال عدد المراقبين ومواصلة الضغط على النظام السوري. وألمح إلى ضرورة وجود جدول زمني يلاحق التنفيذ. وقال "من المهم للغاية أن يتم نشر المراقبين المتبقين في أسرع وقت ممكن". وأضاف هيغ، متحدثاً عن مهمة المراقبين، "السيد انان يقول إنهم حققوا فرقاً على أرض الواقع، لكنه كان واضحاً، مثلما نحن واضحون، حول أنه لم يتم تنفيذ وقف إطلاق النار كاملاً، وأنه لا يزال هناك قتل وتعذيب وسوء معاملة في سوريا، ولذلك فمن المهم جداً أن نواصل الضغط على نظام الرئيس الأسد". ورغم تأكيده على ضرورة دعم مهمة أنان، لفت هيغ إلى ضرورة وجود أفق زمني يحكم تنفيذها. وقال "ليست هناك نهاية مفتوحة، بمعنى انه ليست هناك فترة زمنية غير محددة لتكون خطة انان فعالة، ولكنها الخطة الصحيحة، وهي أفضل خطة لأي نوع من الانتقال السلمي في سوريا، لذلك ينبغي أن نستمر في دعمه في عمله". وعن رأيه بقول النظام السوري إن هناك دولاً تعمل على عرقلة خطة أنان، رد هيغ بأن السلطات السورية "لم تسحب قواتها من المناطق المأهولة بالسكان كما يتعين عليها، وهي لم تنفذ بالكامل وقف إطلاق النار، وبالتالي فإن البلد الذي لا يعمل مع خطة أنان بشكل صحيح هي سوريا نفسها". وكرر الأوروبيون مواقفهم من دعوة الرئيس الاسد"للتنحي" والإفساح أمام انتقال سلمي وديموقراطي، ودعوتهم المعارضة السورية لإيجاد منصة موحدة لعملها. مع ذلك، لا يزال هناك فروقات في مواقف الأوروبيين من الأزمة السورية. وكان لافتاً التفاوت بين من يقول إن خطة أنان هي "البديل الوحيد" وإن أي حل عسكري ليس بديلاً أبداً، وبين من يعتقد أن مهمة المبعوث الدولي والعربي طالت وصار يجب التفكير بحلول موازية، لم يستبعد لتطبيقها نوعاً من التواجد العسكري. وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسلبورن قال، رداً على سؤال لـ "السفير"، إن "خطة أنان هي البديل الوحيد لدينا لمنع الفظائع التي لا تزال تستمر في سوريا. ليس هناك بديل آخر. الحل العسكري أو أي حل آخر ليس حلاً، لا لأوروبا ولا لغيرها من البلدان على هذا الكوكب، ويجب أن يكون هذا مفهوماً". وتحدث عن أن تواجد الأمم المتحدة مكسب بذاته، قائلاً "على الرغم من أن المراقبين لا يستطيعون وقف أعمال العنف، هذا صحيح، ولكن على أي حال، وجود الأمم المتحدة في الأراضي السورية مهم للغاية". وبالنسبة لمسألة "الاستثمار" في مهمة أنان، يمول الأوروبيون تقديم 25 عربة مصفحة لتوضع تحت تصرف المراقبين الدوليين. وكان الاتحاد الأوروبي أرسل بعض هذه العربات إلى دمشق. لكن أكثر ما لفت في تصريحات وزراء الخارجية، كان ما قاله وزير خارجية بلجيكا ديديه ريندرز، رداً على سؤال لـ"السفير" حول التشاؤم الذي صاحب إحاطة أنان الأخيرة لمجلس الأمن، إذ تطرق لمسألة وجود عسكري دولي في سوريا. ذلك لافت، خصوصا لأن بلجيكا لم تعتبر يوماً "رأس حربة" في التصدي للأزمة السورية، ووزير خارجيتها دبلوماسي يتصف بالرصانة. وقال ريندرز "نحن نؤيد مهمة انان، ولكنها طالت جداً الآن، من دون أي وقف لإطلاق النار". وأضاف "لذلك أنا متأكد من أنه علينا بذل المزيد من الجهد، وربما سنعود إلى (فكرة) الممر الإنساني، لنكون قادرين على إرسال بعض المساعدات الإنسانية إلى سوريا. أنا واثق من أن هذا واحد من الحلول الممكنة، ولكن سنناقش ذلك، لأنه، كما قلت، فإن الوقت طال جداً الآن من دون أي وقف حقيقي لإطلاق النار". وعن تحديد أكبر لقوله "علينا بذل المزيد"، أوضح ريندرز "لقد تحدثنا عن ممرات إنسانية، والقدرة على إرسال مساعدات إنسانية للبلد، وبالإضافة ربما بعض الوجود العسكري". وكانت حوادث العنف التي حصلت أخيراً في لبنان، كصدى للأزمة السورية، مثار اهتمام الأوروبيين. وتحدث وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، من برلين، عن "مؤشرات أولية" تدعو للقلق من انتقال العنف الى بلدان مجاورة، مثل لبنان، كما لفت إلى مخاوف إزاء "خطر حقيقي من اندلاع حريق شامل في المنطقة". وتحدثت "السفير" لوزير خارجية السويد كارل بيلدت حول تطورات مهمة أنان، مشيراً إلى إنه التقى بالمبعوث الدولي منذ أيام. وحول فحوى محادثاتهما، أوضح بيلدت "تحدثنا عن المشاكل الموجودة هناك، وهي تحديات كبرى، وخطته ذات النقاط الست معقدة للغاية... علينا النضال لجعل الخطة فعالة، لأنه ليس هناك بديل". وحول كيف يمكن جعل هذه الخطة "تعمل"، قال بيلدت "حالياً فإن المراقبين يدخلون البلد، وأنا آمل أن يتم نشرهم جميعاً بأسرع وقت ممكن. ونحن نلاحظ بالفعل أن وجودهم يؤدي إلى تقليل العنف والقمع إلى حد معين في المناطق حيث يمكنهم التواجد، ولكن الصعوبة هي الانتقال إلى المرحلة التالية، والتي عليها أن تكون الحوار السياسي". ووجه تحذيراً صارماً من مخاطر فشل مهمة أنان، قائلاً "حتى لو أخذنا بالاعتبار كل هذه المشاكل، فإن البديل هو الانزلاق سريعاً إلى حرب أهلية طائفية، وهذا سيكون محطماً لسوريا وللمنطقة بأسرها. مهما كانت الخطة صعبة، البديل هو مرعب".   السفير

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة