المجلس الوطني السوري قد ينهار إذا لم يخرج برئيس جديد في روما، بعد انتهاء الرئاسة الثانية لبرهان غليون رسمياً غدا الثلاثاء.

الاجتماع في العاصمة الإيطالية، الذي بدأ أمس الأول وينتهي غداً، مكرس لمناقشة الأزمة التي تعصف بالمجلس حول بقاء أو خروج رئيسه الحالي برهان غليون من منصبه. وحتى الأمس لم يكن قد اكتمل عديد الأمانة العامة والمكتب التنفيذي. ومن بين 43 عضواً في الهيئتين الانتخابيتين، لم يتوجه إلى روما سوى 31 عضواً.

ويقول مصدر في المجلس إنه إذا لم يتوصل المجتمعون إلى استبدال غليون برئيس آخر، فإنه سينفجر بكل تأكيد. ولا يمانع غليون في البقاء على رأس المجلس، الذي يقوده منذ الإعلان عن تأسيسه في اسطنبول في تشرين الأول الماضي. وينقل مقربون عنه أنه يردد أنه لن يقبل أن يكون مجرد عضو في مجلسهم. ويطالب «إعلان دمشق» وكتل أخرى داخل المجلس باحترام قاعدة التداول في رئاسته.

وأعلن غليون، من روما، انه لا يستبعد احتمال عدم التجديد له على رأس المجلس الوطني وانتخاب شخصية أخرى لرئاسة المجلس. وقال «قد لا يتم اختياري مجدداً رئيساً للمجلس الوطني السوري. وبرأيي يمكن أن ينتخب رئيس جديد لإفساح المجال أمام الجميع لخدمة المعارضة».

وليس سراً أن إدارة غليون للمجلس الوطني تعرضت لانتقادات من قبل بعض أطرافه، لكن أشدها جاء بعد التمديد له ثلاثة أشهر إضافية في شباط الماضي. وبالرغم من أن القوة الأساسية في المجلس هي للتيار الإسلامي، ونواته جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن هؤلاء تفادوا الظهور علناً في قيادة المجلس الوطني، وفضلوا البقاء في الظل، خلف الوجه الليبرالي للمثقف والأكاديمي برهان غليون.

ورغم أن جورج صبرا يبدو المرشح الأوفر حظاً في خلافة غليون، إلا أن الأكاديمي الباريسي لا يزال يحتفظ بأوراق كبيرة، ويفرض ترشيح جورج صبرا نفسه باسم "طمأنة الأقليات". ولا يزال تمثيل المجلس الوطني للأقليات عقدة خلافات كبيرة، وأحد إخفاقاته الأساسية.

ويقول مصدر في المجلس إن جورج صبرا قد يسعى إلى تأجيل عملية الانتخاب إلى القاهرة لتفادي انقسام كبير في صفوف المجلس.

ولكن غليون لا يزال يتمتع بدعم جماعة الإخوان المسلمين في الهيئة الناخبة، التي تضم 9 من الأخوان المسلمين أو المقربين منهم من أصل 43. ورغم أن كثراً في المجلس الوطني يتحدثون عن ضرورة طي صفحة غليون، محملين إياه مسؤولية الفشل في تحقيق وحدة المعارضة وتنسيق العمل مع الداخل، إلا أن المعارضة الداخلية لغليون في المجلس لم تستطع التوصل إلى اتفاق على أسم بديل.

وكان التمديد لغليون في شباط الماضي قد أصبح أمراً واقعاً، بعد أن اخفق منافسوه في التوصل إلى إجماع على رئيس آخر، ووجود دعم قطري وتركي و«إخواني» قوي للإبقاء عليه. ويقول مصدر معارض إن القطريين يعملون على تهدئة الخلافات في المجلس حول غليون، وتحدث عن احتمال تخلي الدوحة عن دعمه تفادياً لانهيار المجلس. وقال إن الدوحة قد توقفت عن دفع مساهمتها في ميزانيته، وهو أمر فسره بأنه محاولة لثني غليون عن الترشح إلى رئاسة ثالثة.

ونقل معارض سوري عن مسؤول عربي رفيع المستوى، مقرب من المجلس الوطني، قوله إن القطريين سيحاولون بقوة أن يستضيفوا في الدوحة اجتماع القاهرة لتوحيد المعارضة، وهو اجتماع من المقرر عقده الأربعاء في مقر الجامعة العربية. وقال المعارض إن القطريين يسعون إلى الإبقاء على دور بارز لغليون في المعارضة السورية، وتأييد وصوله إلى رئاسة المؤتمر العام للمعارضة السورية، وهو الإطار الذي تحاول الجامعة العربية جمع كافة أطراف المعارضة السورية، في الداخل والخارج، تحت مظلته.

وللمجلس الوطني السوري انقسامات أخرى تعقد التوصل إلى رئاسة بديلة لغليون. إذ تعاني الكتلة الوطنية المعروفة بكتلة 74 (عضواً في المجلس من أصل 311) من خلافات بين أطرافها. ولم يحسم أمر من يمثل منهم الكتلة الأكبر في الهيئتين الأساسيتين: الأمانة العامة والمكتب التنفيذي. وكانت انتخابات داخلية قد أفضت إلى تعيين ممثلين جدد عن الكتلة، هم رضوان زيادة، وعماد الدين رشيد، ومحمد العبد الله، وحنان البلخي، وعبد الرحمن الحاج، وعزل أحمد رمضان، الرجل القوي للكتلة، وبسمة قضماني ووائل ميرزا ونجيب الغضبان. ولكن عملية التغيير المفترضة لم تجر حتى الأمس. كما أن قضماني لم تخرج من المكتب التنفيذي كما يفترض بها.

وبحسب مصدر في المجلس فقد جرى الاحتفاظ بها ممثلة «وحيدة» للمرأة. وكان المجلس قد أجرى استطلاعاً داخلياً لمعرفة ما إذا كان يجدر الاحتفاظ بها في صفوفه أم لا. ومن أصل 311 عضواً اقترع 7 منهم على بقائها، بعد موجة الامتعاض التي سادت من الأشرطة التي وزعت عن لقاء متلفز، قبل 3 أعوام، ضمها إلى مثقفين إسرائيليين، في الذكرى الستين لقيام الدولة العبرية. ويحاول أحمد رمضان، بعد انقلاب كتلته عليه، البقاء في المكتب التنفيذي، عبر تمثيله لكتلة أخرى، يعمل على تكوينها.

ويقع الاجتماع أيضاً في سياق أزمة مفتوحة مع أطراف المعارضة السورية الأخرى. إذ ذهب المجلس الوطني إلى روما ويذهب إلى اجتماع توحيد المعارضة في القاهرة الأربعاء، من دون أن يكون قد أنهى خطة ضرورية لإعادة هيكلته، استعداداً لاستقبال أطراف من المعارضة تقبل بالانضمام إليه. فقد اخفق اجتماع اللجنة التحضيرية في جنيف في التوصل إلى اتفاق لإعادة هيكلته بين نصفها الممثل للمجلس ونصف أعضائها الممثلين للمعارضة من خارجه. وفيما قال مصدر في المجلس إن الاجتماع لم يفشل وإن البحث قد تأجل فيها إلى القاهرة، نعى أعضاء اللجنة التحضيرية اجتماع جنيف برمته.

وحمل بيان لهم المجلس وممثليه مسؤولية الفشل. ووقع البيان عبد الرزاق عيد، ونواف البشير، ووليد البني، وعمار القربي، وعماد الدين رشيد. وقال هؤلاء إن الخلاف تركز على رفض المجلس مبدأ الانتخاب أسلوباً في اختيار أعضائه في جميع الهيئات. كما أن المجلس طلب خفض عدد المكونات التي ستدخل هيئاته، وهو ما اعتبره الموقعون على البيان، نذيراً بتكرار أخطاء الماضي وانهيار المجلس الوطني، وأن المجلس لا يريد إعادة هيكلة وإنما توسعة لاسترضاء بعض المعارضة.

  • فريق ماسة
  • 2012-05-13
  • 10926
  • من الأرشيف

هل ينهار «المجلس الوطني السوري» إذا جدد لبرهـان غليون؟

المجلس الوطني السوري قد ينهار إذا لم يخرج برئيس جديد في روما، بعد انتهاء الرئاسة الثانية لبرهان غليون رسمياً غدا الثلاثاء. الاجتماع في العاصمة الإيطالية، الذي بدأ أمس الأول وينتهي غداً، مكرس لمناقشة الأزمة التي تعصف بالمجلس حول بقاء أو خروج رئيسه الحالي برهان غليون من منصبه. وحتى الأمس لم يكن قد اكتمل عديد الأمانة العامة والمكتب التنفيذي. ومن بين 43 عضواً في الهيئتين الانتخابيتين، لم يتوجه إلى روما سوى 31 عضواً. ويقول مصدر في المجلس إنه إذا لم يتوصل المجتمعون إلى استبدال غليون برئيس آخر، فإنه سينفجر بكل تأكيد. ولا يمانع غليون في البقاء على رأس المجلس، الذي يقوده منذ الإعلان عن تأسيسه في اسطنبول في تشرين الأول الماضي. وينقل مقربون عنه أنه يردد أنه لن يقبل أن يكون مجرد عضو في مجلسهم. ويطالب «إعلان دمشق» وكتل أخرى داخل المجلس باحترام قاعدة التداول في رئاسته. وأعلن غليون، من روما، انه لا يستبعد احتمال عدم التجديد له على رأس المجلس الوطني وانتخاب شخصية أخرى لرئاسة المجلس. وقال «قد لا يتم اختياري مجدداً رئيساً للمجلس الوطني السوري. وبرأيي يمكن أن ينتخب رئيس جديد لإفساح المجال أمام الجميع لخدمة المعارضة». وليس سراً أن إدارة غليون للمجلس الوطني تعرضت لانتقادات من قبل بعض أطرافه، لكن أشدها جاء بعد التمديد له ثلاثة أشهر إضافية في شباط الماضي. وبالرغم من أن القوة الأساسية في المجلس هي للتيار الإسلامي، ونواته جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن هؤلاء تفادوا الظهور علناً في قيادة المجلس الوطني، وفضلوا البقاء في الظل، خلف الوجه الليبرالي للمثقف والأكاديمي برهان غليون. ورغم أن جورج صبرا يبدو المرشح الأوفر حظاً في خلافة غليون، إلا أن الأكاديمي الباريسي لا يزال يحتفظ بأوراق كبيرة، ويفرض ترشيح جورج صبرا نفسه باسم "طمأنة الأقليات". ولا يزال تمثيل المجلس الوطني للأقليات عقدة خلافات كبيرة، وأحد إخفاقاته الأساسية. ويقول مصدر في المجلس إن جورج صبرا قد يسعى إلى تأجيل عملية الانتخاب إلى القاهرة لتفادي انقسام كبير في صفوف المجلس. ولكن غليون لا يزال يتمتع بدعم جماعة الإخوان المسلمين في الهيئة الناخبة، التي تضم 9 من الأخوان المسلمين أو المقربين منهم من أصل 43. ورغم أن كثراً في المجلس الوطني يتحدثون عن ضرورة طي صفحة غليون، محملين إياه مسؤولية الفشل في تحقيق وحدة المعارضة وتنسيق العمل مع الداخل، إلا أن المعارضة الداخلية لغليون في المجلس لم تستطع التوصل إلى اتفاق على أسم بديل. وكان التمديد لغليون في شباط الماضي قد أصبح أمراً واقعاً، بعد أن اخفق منافسوه في التوصل إلى إجماع على رئيس آخر، ووجود دعم قطري وتركي و«إخواني» قوي للإبقاء عليه. ويقول مصدر معارض إن القطريين يعملون على تهدئة الخلافات في المجلس حول غليون، وتحدث عن احتمال تخلي الدوحة عن دعمه تفادياً لانهيار المجلس. وقال إن الدوحة قد توقفت عن دفع مساهمتها في ميزانيته، وهو أمر فسره بأنه محاولة لثني غليون عن الترشح إلى رئاسة ثالثة. ونقل معارض سوري عن مسؤول عربي رفيع المستوى، مقرب من المجلس الوطني، قوله إن القطريين سيحاولون بقوة أن يستضيفوا في الدوحة اجتماع القاهرة لتوحيد المعارضة، وهو اجتماع من المقرر عقده الأربعاء في مقر الجامعة العربية. وقال المعارض إن القطريين يسعون إلى الإبقاء على دور بارز لغليون في المعارضة السورية، وتأييد وصوله إلى رئاسة المؤتمر العام للمعارضة السورية، وهو الإطار الذي تحاول الجامعة العربية جمع كافة أطراف المعارضة السورية، في الداخل والخارج، تحت مظلته. وللمجلس الوطني السوري انقسامات أخرى تعقد التوصل إلى رئاسة بديلة لغليون. إذ تعاني الكتلة الوطنية المعروفة بكتلة 74 (عضواً في المجلس من أصل 311) من خلافات بين أطرافها. ولم يحسم أمر من يمثل منهم الكتلة الأكبر في الهيئتين الأساسيتين: الأمانة العامة والمكتب التنفيذي. وكانت انتخابات داخلية قد أفضت إلى تعيين ممثلين جدد عن الكتلة، هم رضوان زيادة، وعماد الدين رشيد، ومحمد العبد الله، وحنان البلخي، وعبد الرحمن الحاج، وعزل أحمد رمضان، الرجل القوي للكتلة، وبسمة قضماني ووائل ميرزا ونجيب الغضبان. ولكن عملية التغيير المفترضة لم تجر حتى الأمس. كما أن قضماني لم تخرج من المكتب التنفيذي كما يفترض بها. وبحسب مصدر في المجلس فقد جرى الاحتفاظ بها ممثلة «وحيدة» للمرأة. وكان المجلس قد أجرى استطلاعاً داخلياً لمعرفة ما إذا كان يجدر الاحتفاظ بها في صفوفه أم لا. ومن أصل 311 عضواً اقترع 7 منهم على بقائها، بعد موجة الامتعاض التي سادت من الأشرطة التي وزعت عن لقاء متلفز، قبل 3 أعوام، ضمها إلى مثقفين إسرائيليين، في الذكرى الستين لقيام الدولة العبرية. ويحاول أحمد رمضان، بعد انقلاب كتلته عليه، البقاء في المكتب التنفيذي، عبر تمثيله لكتلة أخرى، يعمل على تكوينها. ويقع الاجتماع أيضاً في سياق أزمة مفتوحة مع أطراف المعارضة السورية الأخرى. إذ ذهب المجلس الوطني إلى روما ويذهب إلى اجتماع توحيد المعارضة في القاهرة الأربعاء، من دون أن يكون قد أنهى خطة ضرورية لإعادة هيكلته، استعداداً لاستقبال أطراف من المعارضة تقبل بالانضمام إليه. فقد اخفق اجتماع اللجنة التحضيرية في جنيف في التوصل إلى اتفاق لإعادة هيكلته بين نصفها الممثل للمجلس ونصف أعضائها الممثلين للمعارضة من خارجه. وفيما قال مصدر في المجلس إن الاجتماع لم يفشل وإن البحث قد تأجل فيها إلى القاهرة، نعى أعضاء اللجنة التحضيرية اجتماع جنيف برمته. وحمل بيان لهم المجلس وممثليه مسؤولية الفشل. ووقع البيان عبد الرزاق عيد، ونواف البشير، ووليد البني، وعمار القربي، وعماد الدين رشيد. وقال هؤلاء إن الخلاف تركز على رفض المجلس مبدأ الانتخاب أسلوباً في اختيار أعضائه في جميع الهيئات. كما أن المجلس طلب خفض عدد المكونات التي ستدخل هيئاته، وهو ما اعتبره الموقعون على البيان، نذيراً بتكرار أخطاء الماضي وانهيار المجلس الوطني، وأن المجلس لا يريد إعادة هيكلة وإنما توسعة لاسترضاء بعض المعارضة.

المصدر : السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة