تبخّرت الآمال الغربية في إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في سورية في حين ان التقديرات بشأن المستقبل، تقلل من فرص إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد. هذا ما تنقله صحيفة «واشنطن بوست» عن دبلوماسيين ومسؤولين استخباريين غربيين يؤكدون انه في الوقت الذي يتوافد فيه المراقبون الدوليون الى سورية تدريجياً، «ترد تقارير من الداخل تشير الى الجهد الذي يخصصه الأسد - ولو بوطأة اقل - لسحق ما تبقى من جيوب معارضة في تحد للاتفاق الدولي».

اما عن مدى التزام الاسد بتنفيذ الخطوات الست لخطة الامم المتحدة التي كان على الحكومة السورية بموجبها سحب القوات والاسلحة الثقيلة من المدن والسماح بوصول المساعدات الانسانية الى المدنيين في المناطق الاكثر تضررا، فينقل كاتب المقال جوبي ووريك عن مسؤول كبير في الادارة الاميركية، ان الاسد «لا يحترم ايا من النقاط الست.. الحقيقة هي ان عدد القتلى تراجع في الأيام الأخيرة، وهذا شيء جيد، لكن الامر حتى الآن أبعد ما يكون عن النجاح».

ليس سراً انتقاد الغرب لأسلوب الأسد في معالجة الازمة في سورية إلا ان هذا الانتقاد بات يحمل بُعداً آخر، إذ يستند المسؤولون الاميركيون الى ما يسمونه «عدم التزام الأسد بالاتفاق الدولي» لكي يحثوا الادارة الاميركية على اعتماد مقاربة جديدة حيال الازمة.

ولعل ما قاله المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني قبل ايام عن انه «في حال واصل الاسد نهجه فعلى المجتمع الدولي الاقرار بالهزيمة»، دليل على ذلك، لا بل يلتقي مع ما اعلنه احمد فوزي، المتحدث باسم مبعوث الامم المتحدة الى سورية كوفي انان، عن ان «لا مؤشرات واضحة على الارض على اتفاق في سورية».

تعتبر «واشنطن بوست» التي تحدثت عن «تحوّل» في التعاطي الاميركي مع الازمة في سورية، ان تطورات الاوضاع هناك و«ثبات» الاسد في مكانه بالرغم من العقوبات الاقتصادية الدولية على البلاد، دفعت الوكالات الاستخبارية الغربية والعربية الى مراجعة تقديراتها بشأن مدة بقاء الاسد في السلطة، كما دفعت المحللين الى توقع ثبات الرئيس السوري في منصبه حتى العام 2013. كما تشير تقديرات أكثر تشاؤما الى ان «المعارضة المنقسمة في البلاد لن تُمدّ بأي مساعدة كبيرة من الخارج، باستثناء بعض الاموال والمساعدات الطارئة وربما الأسلحة الخفيفة من الدول العربية المجاورة».

وينقل ووريك عن اثنين من المسؤولين الاستخباريين «من بلدين مسلمين مجاورين» لسورية، ان الاسد يُظهر ثقة اكبر بالنفس. وفيما يرى المسؤول الاول ان «الاسد باقٍ في السلطة في العام 2012 الا في حال حدوث مفاجأة كبرى .. خصوصا انه نجح في تنظيف حمص وحماة وحقق الهدوء في دمشق وحافظ على دعم الدروز والمسيحيين الذين لم ينقلبوا ضده»، فيما يقول المسؤول الثاني ان «الاسد اكثر ثقة بنفسه لانه يشعر بالسيطرة على كل شيء».

يشير بعض المراقبين الى انه كان بالامكان تلافي بقاء الاسد في الحكم حتى اللحظة، لو اتبع الرئيس الاميركي باراك اوباما سياسة اكثر صرامة ولجأ للتدخل في سورية على غرار تجربة «الناتو» في ليبيا، غير ان اوباما ادى دور رئيسٍ شعاره «ليس الآن»، بحسب توصيف آيرون ديفيد ميلر، الكاتب في «لوس انجليس تايمز»، والذي اشار الى اعتماد الرئيس الاميركي مقاربات «حذرة» في ما يتعلق بالملفات الساخنة للسياسة الخارجية وعلى رأسها سورية وإيران.

ويقول ميلر، الذي يرى ان اميركا لا تحتاج الآن الى دبلوماسية غير حكيمة او الى التدخل عسكريا في دولة جديدة، انه يمكن قراءة سياسة «ليس الآن» الخاصة بأوباما من خلال سياسته الخارجية تجاه ايران وسورية والصراع العربي - الاسرائيلي وكوريا الشمالية، حيث «الهدف هو الآلية وليس النتيجة. التخطيط وليس المبادرات الجريئة. العمل المتعدد الأطراف، وليس الفردي.. اذ قد تكون الادارة على استعداد لفعل شيء تجاه هذه القضايا، ولكن بعد تشرين الثاني المقبل، وليس الآن».

وفيما يفضل اوباما خيار العقوبات على ايران، رافضا ضربة اسرائيلية عليها في الوقت الحاضر (اذ يعتبر ان الضربة تؤخر البرنامج النووي الايراني ولا تلغيه، كما تؤثر على اسعار النفط والاسواق المالية)، يخطو الرئيس الاميركي بتروٍّ وحذر تجاه الأسد، فضلا عن اعتماده نهجاً غير أحادي، «ففي وقت يشجعه بعض المحافظين الجدد على اتباع خطوات اكثر شراسة في سورية وبالتالي التدخل عسكريا، يتجنب اوباما إظهار اي انزلاق لمثل هذا التدخل... قد يتبدل الامر إذا ما وصل عدد القتلى الى مستويات جديدة، لكن الرئيس سيجهد لتفادي التزام عسكري جديد... ومفتوح».

  • فريق ماسة
  • 2012-05-07
  • 6061
  • من الأرشيف

إحباط في الغرب.. ودمشق «أكثر ثقة بالنفس»

  تبخّرت الآمال الغربية في إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في سورية في حين ان التقديرات بشأن المستقبل، تقلل من فرص إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد. هذا ما تنقله صحيفة «واشنطن بوست» عن دبلوماسيين ومسؤولين استخباريين غربيين يؤكدون انه في الوقت الذي يتوافد فيه المراقبون الدوليون الى سورية تدريجياً، «ترد تقارير من الداخل تشير الى الجهد الذي يخصصه الأسد - ولو بوطأة اقل - لسحق ما تبقى من جيوب معارضة في تحد للاتفاق الدولي». اما عن مدى التزام الاسد بتنفيذ الخطوات الست لخطة الامم المتحدة التي كان على الحكومة السورية بموجبها سحب القوات والاسلحة الثقيلة من المدن والسماح بوصول المساعدات الانسانية الى المدنيين في المناطق الاكثر تضررا، فينقل كاتب المقال جوبي ووريك عن مسؤول كبير في الادارة الاميركية، ان الاسد «لا يحترم ايا من النقاط الست.. الحقيقة هي ان عدد القتلى تراجع في الأيام الأخيرة، وهذا شيء جيد، لكن الامر حتى الآن أبعد ما يكون عن النجاح». ليس سراً انتقاد الغرب لأسلوب الأسد في معالجة الازمة في سورية إلا ان هذا الانتقاد بات يحمل بُعداً آخر، إذ يستند المسؤولون الاميركيون الى ما يسمونه «عدم التزام الأسد بالاتفاق الدولي» لكي يحثوا الادارة الاميركية على اعتماد مقاربة جديدة حيال الازمة. ولعل ما قاله المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني قبل ايام عن انه «في حال واصل الاسد نهجه فعلى المجتمع الدولي الاقرار بالهزيمة»، دليل على ذلك، لا بل يلتقي مع ما اعلنه احمد فوزي، المتحدث باسم مبعوث الامم المتحدة الى سورية كوفي انان، عن ان «لا مؤشرات واضحة على الارض على اتفاق في سورية». تعتبر «واشنطن بوست» التي تحدثت عن «تحوّل» في التعاطي الاميركي مع الازمة في سورية، ان تطورات الاوضاع هناك و«ثبات» الاسد في مكانه بالرغم من العقوبات الاقتصادية الدولية على البلاد، دفعت الوكالات الاستخبارية الغربية والعربية الى مراجعة تقديراتها بشأن مدة بقاء الاسد في السلطة، كما دفعت المحللين الى توقع ثبات الرئيس السوري في منصبه حتى العام 2013. كما تشير تقديرات أكثر تشاؤما الى ان «المعارضة المنقسمة في البلاد لن تُمدّ بأي مساعدة كبيرة من الخارج، باستثناء بعض الاموال والمساعدات الطارئة وربما الأسلحة الخفيفة من الدول العربية المجاورة». وينقل ووريك عن اثنين من المسؤولين الاستخباريين «من بلدين مسلمين مجاورين» لسورية، ان الاسد يُظهر ثقة اكبر بالنفس. وفيما يرى المسؤول الاول ان «الاسد باقٍ في السلطة في العام 2012 الا في حال حدوث مفاجأة كبرى .. خصوصا انه نجح في تنظيف حمص وحماة وحقق الهدوء في دمشق وحافظ على دعم الدروز والمسيحيين الذين لم ينقلبوا ضده»، فيما يقول المسؤول الثاني ان «الاسد اكثر ثقة بنفسه لانه يشعر بالسيطرة على كل شيء». يشير بعض المراقبين الى انه كان بالامكان تلافي بقاء الاسد في الحكم حتى اللحظة، لو اتبع الرئيس الاميركي باراك اوباما سياسة اكثر صرامة ولجأ للتدخل في سورية على غرار تجربة «الناتو» في ليبيا، غير ان اوباما ادى دور رئيسٍ شعاره «ليس الآن»، بحسب توصيف آيرون ديفيد ميلر، الكاتب في «لوس انجليس تايمز»، والذي اشار الى اعتماد الرئيس الاميركي مقاربات «حذرة» في ما يتعلق بالملفات الساخنة للسياسة الخارجية وعلى رأسها سورية وإيران. ويقول ميلر، الذي يرى ان اميركا لا تحتاج الآن الى دبلوماسية غير حكيمة او الى التدخل عسكريا في دولة جديدة، انه يمكن قراءة سياسة «ليس الآن» الخاصة بأوباما من خلال سياسته الخارجية تجاه ايران وسورية والصراع العربي - الاسرائيلي وكوريا الشمالية، حيث «الهدف هو الآلية وليس النتيجة. التخطيط وليس المبادرات الجريئة. العمل المتعدد الأطراف، وليس الفردي.. اذ قد تكون الادارة على استعداد لفعل شيء تجاه هذه القضايا، ولكن بعد تشرين الثاني المقبل، وليس الآن». وفيما يفضل اوباما خيار العقوبات على ايران، رافضا ضربة اسرائيلية عليها في الوقت الحاضر (اذ يعتبر ان الضربة تؤخر البرنامج النووي الايراني ولا تلغيه، كما تؤثر على اسعار النفط والاسواق المالية)، يخطو الرئيس الاميركي بتروٍّ وحذر تجاه الأسد، فضلا عن اعتماده نهجاً غير أحادي، «ففي وقت يشجعه بعض المحافظين الجدد على اتباع خطوات اكثر شراسة في سورية وبالتالي التدخل عسكريا، يتجنب اوباما إظهار اي انزلاق لمثل هذا التدخل... قد يتبدل الامر إذا ما وصل عدد القتلى الى مستويات جديدة، لكن الرئيس سيجهد لتفادي التزام عسكري جديد... ومفتوح».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة