وزراء الخارجية العرب يقررون الطلب من مجلس الأمن اتخاذ قرار لحماية المدنيين تحت الفصل السابع، ثمّ يتراجعون عنه. هكذا يمكن اختصار الجلسة المسائية التي شهدتها القاهرة أمس، والتي قررت محاولة توحيد المعارضة مجدداً ظهر الارتباك واضحاً ليل أمس، على قرار وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ الذي عقدوه في القاهرة، حول عناوين ساخنة، أبرزها الملف السوري والحرب بين السودان وجنوب السودان، وقضية الجزر المتنازَع عليها بين إيران ودولة الامارات. الأبرز كان على الصعيد السوري، إذ إنّ البيان الختامي الذي عُمِّم على وكالات الأنباء عند منتصف الليل، أشار إلى تكليف المغرب، الدولة العربية التي تمثل الكتلة العربية في مجلس الأمن الدولي حالياً، بـ«الطلب من المجلس إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لتأمين الحماية للمدنيين السوريين»، قبل سحب البيان لاحقاً لشطب عبارة الفصل السابع منه.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد الاجتماع الطارئ، إن وزراء الخارجية قرّروا «دعوة مجلس الأمن للعمل على وقف القتل في سوريا وحماية المدنيين بشكل فوري»، معترفاً بأن مشروع القرار كان قد أشار إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو ما عُدِّل لاحقاً، و«لم يُقصَد به استخدام القوة، بل أن يكون القرار (الذي يصدره مجلس الأمن) ملزماً».

كذلك ناشد وزراء الخارجية، النظام السوري، السماح للمراقبين الدوليين المنتشرين على الأراضي السورية بممارسة مهامهم بلا قيود، مع تشديدهم على ضرورة تفادي «معاقبة المواطنين السوريين المدنيين الذين يتصلون بالمراقبين أو يزوّدونهم بالمعلومات». وأبرز ما جاء في النسخة المعدَّلة والنهائية لقرار الوزراء العرب «تكليف العضو العربي في مجلس الامن (المملكة المغربية) بالطلب من مجلس الامن حماية المدنيين بشكل فوري»، مع التشديد على أن «تعامل الحكومة السورية مع خطة المبعوث المشترك (كوفي انان) وقرارات مجلس الامن واستمرارها في ممارسة عمليات العنف والقتل ضد المدنيين السوريين، وسقوط العديد من الضحايا كل يوم، لا يتوافق ومهمة المبعوث المشترك واستمراريتها». وكُلف المغرب أيضاً بدعوة مجلس الامن الى «بدء العملية السياسية وفقاً لخطة جامعة الدول العربية الصادرة في 22 كانون الثاني الماضي»، التي دعت الرئيس بشار الاسد إلى أن يفوض نائبه صلاحيات كاملة فور تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها السلطة والمعارضة. وحمّل البيان «المجتمع الدولي ممثلاً في الامم المتحدة ومجلس امنها، مسؤولية ما يجري في الاراضي السورية».

تجدر الاشارة إلى أنّ أي قرار أممي يندرج تحت خانة الفصل السابع، يتيح استخدام القوة، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية بهدف تنفيذه، وهو ما كان مطلباً لـ«المجلس الوطني السوري». ومن ضمن قرارات وزراء الخارجية العرب، دعوة مختلف فصائل المعارضة السورية إلى مؤتمر جديد تحت لواء الجامعة العربية في القاهرة بهدف توحيد صفوفها حول «الحد الأدنى المطلوب لتوحيد الرؤية» على حد تعبير العربي، وهو ما سبق للأخير أن اتفق عليه مع القيادية في «المجلس الوطني السوري»، بسمة قضماني، التي كشفت أنه تم الاتفاق على «موعد مقترح لكافة أطراف المعارضة السورية في الجامعة العربية يومي 16 و17 أيار المقبل لعقد اجتماع يضم المجلس الوطني والأطراف السورية المعارضة المختلفة بهدف توحيد الرؤية ووضع خط سياسي مشترك يجمع المعارضة الوطنية السورية جميعها».

وكانت روسيا قد استبقت القرار العربي، مندّدةً بلجوء المعارضة السورية إلى «الارهاب». وفي موقف لافت، عبرت وزارة الخارجية الروسية، عن القلق إزاء ما أعلنه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أخيراً من إمكانية استعانة بلاده بحلف شمالي الأطلسي لمواجهة «التهديدات» الآتية من سوريا. واتهمت الوزارة، المعارضة السورية باللجوء الى «تكتيك الارهاب الذي يذكر بالوسائل التي تستخدمها القاعدة»، واعتبرت أن المعارضين مسؤولون عن القسم الاكبر من انتهاكات وقف اطلاق النار.

وفي السياق، حذّر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف من أن طلب استخدام القوة في سوريا بتفويض من الامم المتحدة «يعطي نتائج عكسية».

وفي أنقرة، دافع وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، عن السياسة الخارجية لحكومته تجاه سوريا، وشدد على أن تركيا «مصمّمة على قيادة موجة التغيير في الشرق الأوسط».

بدوره، دعا «المجلس الوطني السوري» إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الامن غداة تصاعد العنف في مدينة حماه. أما وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، فقد أكدت أن انفجاراً أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل في حماه، نجم عن محاولة فاشلة قام بها متشدّدون لصنع قنابل. ويتناقض البيان الذي نقل عن «مسؤول حكومي» مع تقارير نشطاء معارضين قالوا إن قوات الامن السورية أطلقت صاروخاً على مبنى في حماه، مما أسفر عن مقتل عشرات الاشخاص.

واتهم وزير الاعلام السوري عدنان محمود «المجموعات الارهابية المسلحة» بارتكاب أكثر من 1300 خرق لوقف اطلاق النار منذ 12 نيسان الجاري. وقال محمود إن «هناك دولاً مثل تركيا وقطر والسعودية متحالفة مع الارهاب الذي تتعرض له سوريا». وكشف الوزير أن «وزارة الاعلام منحت سمات دخول الى 98 وسيلة اعلامية عربية وأجنبية منذ 25 آذار 2012».

وزار عدد من فريق المراقبين الدوليين في سوريا محافظة السويداء، كما تابع فريق آخر من المراقبين عملهم في مدينة دوما في ريف دمشق. وأوضح المتحدث باسم المراقبين نير سينغ أن «بقاء المراقبين في دوما هو لأجل التخفيف من حدة التوتر، ومحاولة فض الاشتباك بين الطرفين». ميدانياً أيضاً، نفّذت القوات السورية عمليات عسكرية وأمنية في عدد من المناطق السورية، أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين بحسب «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارِض.

  • فريق ماسة
  • 2012-04-26
  • 13764
  • من الأرشيف

العرب يتراجعون عن الفصل السابع

  وزراء الخارجية العرب يقررون الطلب من مجلس الأمن اتخاذ قرار لحماية المدنيين تحت الفصل السابع، ثمّ يتراجعون عنه. هكذا يمكن اختصار الجلسة المسائية التي شهدتها القاهرة أمس، والتي قررت محاولة توحيد المعارضة مجدداً ظهر الارتباك واضحاً ليل أمس، على قرار وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ الذي عقدوه في القاهرة، حول عناوين ساخنة، أبرزها الملف السوري والحرب بين السودان وجنوب السودان، وقضية الجزر المتنازَع عليها بين إيران ودولة الامارات. الأبرز كان على الصعيد السوري، إذ إنّ البيان الختامي الذي عُمِّم على وكالات الأنباء عند منتصف الليل، أشار إلى تكليف المغرب، الدولة العربية التي تمثل الكتلة العربية في مجلس الأمن الدولي حالياً، بـ«الطلب من المجلس إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لتأمين الحماية للمدنيين السوريين»، قبل سحب البيان لاحقاً لشطب عبارة الفصل السابع منه. وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد الاجتماع الطارئ، إن وزراء الخارجية قرّروا «دعوة مجلس الأمن للعمل على وقف القتل في سوريا وحماية المدنيين بشكل فوري»، معترفاً بأن مشروع القرار كان قد أشار إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو ما عُدِّل لاحقاً، و«لم يُقصَد به استخدام القوة، بل أن يكون القرار (الذي يصدره مجلس الأمن) ملزماً». كذلك ناشد وزراء الخارجية، النظام السوري، السماح للمراقبين الدوليين المنتشرين على الأراضي السورية بممارسة مهامهم بلا قيود، مع تشديدهم على ضرورة تفادي «معاقبة المواطنين السوريين المدنيين الذين يتصلون بالمراقبين أو يزوّدونهم بالمعلومات». وأبرز ما جاء في النسخة المعدَّلة والنهائية لقرار الوزراء العرب «تكليف العضو العربي في مجلس الامن (المملكة المغربية) بالطلب من مجلس الامن حماية المدنيين بشكل فوري»، مع التشديد على أن «تعامل الحكومة السورية مع خطة المبعوث المشترك (كوفي انان) وقرارات مجلس الامن واستمرارها في ممارسة عمليات العنف والقتل ضد المدنيين السوريين، وسقوط العديد من الضحايا كل يوم، لا يتوافق ومهمة المبعوث المشترك واستمراريتها». وكُلف المغرب أيضاً بدعوة مجلس الامن الى «بدء العملية السياسية وفقاً لخطة جامعة الدول العربية الصادرة في 22 كانون الثاني الماضي»، التي دعت الرئيس بشار الاسد إلى أن يفوض نائبه صلاحيات كاملة فور تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها السلطة والمعارضة. وحمّل البيان «المجتمع الدولي ممثلاً في الامم المتحدة ومجلس امنها، مسؤولية ما يجري في الاراضي السورية». تجدر الاشارة إلى أنّ أي قرار أممي يندرج تحت خانة الفصل السابع، يتيح استخدام القوة، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية بهدف تنفيذه، وهو ما كان مطلباً لـ«المجلس الوطني السوري». ومن ضمن قرارات وزراء الخارجية العرب، دعوة مختلف فصائل المعارضة السورية إلى مؤتمر جديد تحت لواء الجامعة العربية في القاهرة بهدف توحيد صفوفها حول «الحد الأدنى المطلوب لتوحيد الرؤية» على حد تعبير العربي، وهو ما سبق للأخير أن اتفق عليه مع القيادية في «المجلس الوطني السوري»، بسمة قضماني، التي كشفت أنه تم الاتفاق على «موعد مقترح لكافة أطراف المعارضة السورية في الجامعة العربية يومي 16 و17 أيار المقبل لعقد اجتماع يضم المجلس الوطني والأطراف السورية المعارضة المختلفة بهدف توحيد الرؤية ووضع خط سياسي مشترك يجمع المعارضة الوطنية السورية جميعها». وكانت روسيا قد استبقت القرار العربي، مندّدةً بلجوء المعارضة السورية إلى «الارهاب». وفي موقف لافت، عبرت وزارة الخارجية الروسية، عن القلق إزاء ما أعلنه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان أخيراً من إمكانية استعانة بلاده بحلف شمالي الأطلسي لمواجهة «التهديدات» الآتية من سوريا. واتهمت الوزارة، المعارضة السورية باللجوء الى «تكتيك الارهاب الذي يذكر بالوسائل التي تستخدمها القاعدة»، واعتبرت أن المعارضين مسؤولون عن القسم الاكبر من انتهاكات وقف اطلاق النار. وفي السياق، حذّر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف من أن طلب استخدام القوة في سوريا بتفويض من الامم المتحدة «يعطي نتائج عكسية». وفي أنقرة، دافع وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، عن السياسة الخارجية لحكومته تجاه سوريا، وشدد على أن تركيا «مصمّمة على قيادة موجة التغيير في الشرق الأوسط». بدوره، دعا «المجلس الوطني السوري» إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الامن غداة تصاعد العنف في مدينة حماه. أما وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، فقد أكدت أن انفجاراً أسفر عن مقتل 16 شخصاً على الأقل في حماه، نجم عن محاولة فاشلة قام بها متشدّدون لصنع قنابل. ويتناقض البيان الذي نقل عن «مسؤول حكومي» مع تقارير نشطاء معارضين قالوا إن قوات الامن السورية أطلقت صاروخاً على مبنى في حماه، مما أسفر عن مقتل عشرات الاشخاص. واتهم وزير الاعلام السوري عدنان محمود «المجموعات الارهابية المسلحة» بارتكاب أكثر من 1300 خرق لوقف اطلاق النار منذ 12 نيسان الجاري. وقال محمود إن «هناك دولاً مثل تركيا وقطر والسعودية متحالفة مع الارهاب الذي تتعرض له سوريا». وكشف الوزير أن «وزارة الاعلام منحت سمات دخول الى 98 وسيلة اعلامية عربية وأجنبية منذ 25 آذار 2012». وزار عدد من فريق المراقبين الدوليين في سوريا محافظة السويداء، كما تابع فريق آخر من المراقبين عملهم في مدينة دوما في ريف دمشق. وأوضح المتحدث باسم المراقبين نير سينغ أن «بقاء المراقبين في دوما هو لأجل التخفيف من حدة التوتر، ومحاولة فض الاشتباك بين الطرفين». ميدانياً أيضاً، نفّذت القوات السورية عمليات عسكرية وأمنية في عدد من المناطق السورية، أسفرت عن مقتل عدد من المدنيين بحسب «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارِض.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة