لم يعد غريباً أن تتحوّل الجلسة الشهرية لمجلس الأمن الدولي، المخصَّصة لمعالجة القضية الفلسطينية، إلى «سوق عكاظ» للخلافات العربية ـــ العربية. المندوب الإسرائيلي رون بروزر استفاد من النزاعات العربية ليزعم من على منبر المجلس أن لا سلام بدون التنازل عن حق العودة، وأن هناك «مهجرين يهوداً» من العالم العربي يُقدَّر عددهم بـ850 ألفاً «لم تذكرهم تقارير الأمم المتحدة»، ليخلص إلى أن التهجير متبادَل.

الأمانة العامة للأمم المتحدة أسهمت بدورها في تغيير الأولويات، إذ لم يبدأ وكيل الأمين العام للشؤون السياسية، لين باسكو، إحاطته بالموضوع الأساسي، أي تطورات القضية الفلسطينية وتطبيق خطط اللجنة الرباعية للسلام وخريطة الطريق، بل انطلق من الوضع السوري، حيث طالب كلاً من الحكومة والمعارضة السوريتين بوقف النار الذي «لم يطبَّق بعد»، وبسحب السلاح الثقيل من مراكز المدن، وتطبيق بقية بنود خطة كوفي أنان ذات النقاط الست، محذراً من عواقب الأزمة السورية على المستوى الإقليمي.

أما الدول الخليجية، فقد اختارت التركيز على الشأن السوري والجزر الثلاث المتنازَع عليها بين الإمارات وإيران. ودعا القائم بالأعمال القطري يوسف سلطان لرم إلى «اتخاذ إجراءات حازمة لحماية الشعب السوري في حال عدم امتثال السلطات السورية لأحكام قرار مجلس الأمن 2043». وفي ردّه على رسالة سورية كان قد بعثها المندوب السوري الدائم للمجلس، بشار الجعفري، الأسبوع الماضي، اتهم فيها أمير قطر حمد بن جاسم آل ثاني بنقض قرارات مجلس الأمن والدعوة إلى تسليح المعارضة، أشار لرم إلى أن هذا الكلام «مجرد ادّعاءات باطلة الهدف منها تشويه الحقائق، ومحاولة بائسة لصرف أنظار المجتمع الدولي عن المجازر الفظيعة» في سوريا. واتهم الدبلوماسي القطري الحكومة السورية بالتنكر لمواقف قطر الداعمة لها.

موقف تماهى معه المندوب السعودي، عبد الله المعلمي، الذي اتهم الحكومة السورية بعدم الوفاء بالتعهدات التي قدمتها لأنان. وخاطب المعلمي القيادة السورية بالتأكيد أن «إرادة الشعوب لا تُقهر، وأنظمة القمع لم يعد لها مكان في حاضرنا المعاصر»، قبل أن يلفت إلى «ضرورة أن يمنع مجلس الأمن السلطات السورية من المماطلة والتسويف والتنصُّل من التزاماتها مثلما فعلت مع المبادرات العربية».

كذلك استنكر المعلمي زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى المتنازع عليها مع الامارات، ودعا إلى حل سلمي بين الدولتين على أساس التحكيم الدولي. وردّ عليه نائب المندوب الإيراني إسحق الحبيب بالقول إنّ «العلاقات مع دول الجوار هي علاقات مودة وأخوّة ستتعزز بالحوار الأخوي»، مستغرباً إثارة الأمر في مجلس الأمن.

وجاء ردّ الجعفري عاتباً على الدول العربية من ناحية «مشاركة الأمانة العامة في طمس الموضوع الأساس في النقاش الدولي». وأخذ على لين باسكو عدم تناوله لموضوع الجولان المحتل ولو بكلمة واحدة في تقريره الشهري، رغم مواصلة الاستيطان فيه، ومنع المزارعين من تصدير تفاح الجولان إلى سوريا.

وعاد الجعفري ليشنّ انتقاداً شديد اللهجة ضد كل من أمير قطر وحكومته، وحالة حقوق الإنسان في السعودية، و«المعايير المزدوجة التي يعتمدها الخطاب السعودي». وشدد على أن أمير قطر حكم على عمل فريق المراقبين بالفشل حتى قبل البدء بعملهم، وذلك بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2043 بيومين فقط، حين دعا من روما إلى تسليح الشعب السوري. وذكّر الجعفري بأنّ قطر «هي التي بادرت مع السعودية إلى إنهاء مهمة المراقبين العرب بعدما ثبت أن البعثة قامت بواجبها في كشف سياسات قطر والسعودية التي قامت ولا تزال بتمويل المجموعات الإرهابية المسلحة ودعم الإرهاب وسفك دماء السوريين». وختم بالإشارة إلى أن السلطات السعودية «لا تتوانى عن قتل المتظاهرين، وعن محاصرة المناطق التي تشهد تظاهرات سلمية وترهيب المدنيين فيها وملء السجون بالمعتقلين، إذ هناك ما يزيد على 30 ألف معتقل سياسي في السجون السعودية».

  • فريق ماسة
  • 2012-04-24
  • 9212
  • من الأرشيف

جلسة فلسطين... سوريّة

 لم يعد غريباً أن تتحوّل الجلسة الشهرية لمجلس الأمن الدولي، المخصَّصة لمعالجة القضية الفلسطينية، إلى «سوق عكاظ» للخلافات العربية ـــ العربية. المندوب الإسرائيلي رون بروزر استفاد من النزاعات العربية ليزعم من على منبر المجلس أن لا سلام بدون التنازل عن حق العودة، وأن هناك «مهجرين يهوداً» من العالم العربي يُقدَّر عددهم بـ850 ألفاً «لم تذكرهم تقارير الأمم المتحدة»، ليخلص إلى أن التهجير متبادَل. الأمانة العامة للأمم المتحدة أسهمت بدورها في تغيير الأولويات، إذ لم يبدأ وكيل الأمين العام للشؤون السياسية، لين باسكو، إحاطته بالموضوع الأساسي، أي تطورات القضية الفلسطينية وتطبيق خطط اللجنة الرباعية للسلام وخريطة الطريق، بل انطلق من الوضع السوري، حيث طالب كلاً من الحكومة والمعارضة السوريتين بوقف النار الذي «لم يطبَّق بعد»، وبسحب السلاح الثقيل من مراكز المدن، وتطبيق بقية بنود خطة كوفي أنان ذات النقاط الست، محذراً من عواقب الأزمة السورية على المستوى الإقليمي. أما الدول الخليجية، فقد اختارت التركيز على الشأن السوري والجزر الثلاث المتنازَع عليها بين الإمارات وإيران. ودعا القائم بالأعمال القطري يوسف سلطان لرم إلى «اتخاذ إجراءات حازمة لحماية الشعب السوري في حال عدم امتثال السلطات السورية لأحكام قرار مجلس الأمن 2043». وفي ردّه على رسالة سورية كان قد بعثها المندوب السوري الدائم للمجلس، بشار الجعفري، الأسبوع الماضي، اتهم فيها أمير قطر حمد بن جاسم آل ثاني بنقض قرارات مجلس الأمن والدعوة إلى تسليح المعارضة، أشار لرم إلى أن هذا الكلام «مجرد ادّعاءات باطلة الهدف منها تشويه الحقائق، ومحاولة بائسة لصرف أنظار المجتمع الدولي عن المجازر الفظيعة» في سوريا. واتهم الدبلوماسي القطري الحكومة السورية بالتنكر لمواقف قطر الداعمة لها. موقف تماهى معه المندوب السعودي، عبد الله المعلمي، الذي اتهم الحكومة السورية بعدم الوفاء بالتعهدات التي قدمتها لأنان. وخاطب المعلمي القيادة السورية بالتأكيد أن «إرادة الشعوب لا تُقهر، وأنظمة القمع لم يعد لها مكان في حاضرنا المعاصر»، قبل أن يلفت إلى «ضرورة أن يمنع مجلس الأمن السلطات السورية من المماطلة والتسويف والتنصُّل من التزاماتها مثلما فعلت مع المبادرات العربية». كذلك استنكر المعلمي زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى المتنازع عليها مع الامارات، ودعا إلى حل سلمي بين الدولتين على أساس التحكيم الدولي. وردّ عليه نائب المندوب الإيراني إسحق الحبيب بالقول إنّ «العلاقات مع دول الجوار هي علاقات مودة وأخوّة ستتعزز بالحوار الأخوي»، مستغرباً إثارة الأمر في مجلس الأمن. وجاء ردّ الجعفري عاتباً على الدول العربية من ناحية «مشاركة الأمانة العامة في طمس الموضوع الأساس في النقاش الدولي». وأخذ على لين باسكو عدم تناوله لموضوع الجولان المحتل ولو بكلمة واحدة في تقريره الشهري، رغم مواصلة الاستيطان فيه، ومنع المزارعين من تصدير تفاح الجولان إلى سوريا. وعاد الجعفري ليشنّ انتقاداً شديد اللهجة ضد كل من أمير قطر وحكومته، وحالة حقوق الإنسان في السعودية، و«المعايير المزدوجة التي يعتمدها الخطاب السعودي». وشدد على أن أمير قطر حكم على عمل فريق المراقبين بالفشل حتى قبل البدء بعملهم، وذلك بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2043 بيومين فقط، حين دعا من روما إلى تسليح الشعب السوري. وذكّر الجعفري بأنّ قطر «هي التي بادرت مع السعودية إلى إنهاء مهمة المراقبين العرب بعدما ثبت أن البعثة قامت بواجبها في كشف سياسات قطر والسعودية التي قامت ولا تزال بتمويل المجموعات الإرهابية المسلحة ودعم الإرهاب وسفك دماء السوريين». وختم بالإشارة إلى أن السلطات السعودية «لا تتوانى عن قتل المتظاهرين، وعن محاصرة المناطق التي تشهد تظاهرات سلمية وترهيب المدنيين فيها وملء السجون بالمعتقلين، إذ هناك ما يزيد على 30 ألف معتقل سياسي في السجون السعودية».

المصدر : الأخبار\ نزار عبود


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة