دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بين بغداد أو اسطنبول حارت الدول العظمى مع طهران, هل تتجرع السم في عاصمة بلاد الرافدين وهي التي خرجت منها للتو تجر ذيول هزيمتها تحت جنح الظلام تلاحقها صواريخ الكرار وذو الفقار ؟!
أم تتوسل تسوية تحفظ لها بعض ماء وجهها في عاصمة احتضنت لتوها معارضة مشتتة زعمت أنها قادرة على توحيدها بالإغراء لإخراج حليف الإيرانيين من عرينه فخاب ظنها وتبعثرت مساعيها وعادت منها بخفي حنين ؟!
لكن السؤال الأهم الذي يلاحق المفاوضون الغربيون هو على ماذا سيفاوضون طهران سواء في بغداد أو اسطنبول بعد أن أعلنت الأخيرة وعلى لسان مساعد رئيس منظمة الطاقة الذرية بأن بلاده أنهت إنتاج الكمية اللازمة من الوقود النووي لإستمرار مفاعل أمير آباد للأغراض الطبية غرب طهران في العمل وهو ما كان موضوع التبادل الشهير برعاية تركية برازيلية قبل نحو عام ونصف؟!
ثم ماذا ستكون عليه معادلة التفاوض و العاصمة الإيرانية ذاهبة الى أبعد من ذلك ألا وهو الإستعداد لإنتاج وقود مفاعلي اراك وبوشهر الذريين على حد اعلان السيد قنادي المسؤول السالف الذكر على القناة الخامسة الإيرانية ؟!
كما في الحرب كما في السلام تبدو طهران ومعها حليفاتها الاقليمية هي من يمسك بزمام المبادرة وإن ظهرت أنياب واشنطن القوية التقليدية منها أو النووية و سواء تلك التي تعبر مضيق هرمز او تلك التي تعبر قناة السويس, اذ ما فائدة كل ذلك الكم الهائل من الحديد والتكنولوجيا المتطورة إذا ما تحول الى مجرد حديد خردة في لحظة اجراء المفاوضات او اتخاذ القرارات الصعبة ؟!
أليست القصة كلها إنما تكمن في معركة صراع الإرادات، الإرادات والقدرة على تحمل الوجع، ومن الأقدر على الاستمرار في عض الأصابع ؟!.
اليس الحق مع نتن ياهو عندما يلوم الغرب بأن كل أنواع الحصار الذي فرضتموه على إيران لم يؤثر فيها قيد أنملة, بل إنه جعلها تصبح أقوى وأقوى ؟!
لكن من جهة أخرى أليس الحق الأكبر والأهم هو مع غونتر غراس عميد أدباء ألمانيا والحائز على جائزة نوبل للسلام عندما يكسر الصمت الدولي ويقول بصراحة في قصيدته الغراء بأن الخطر الداهم والحقيقي هو القادم من اسرائيل المدججة بالقنابل النووية وليس إيران التي تزعمون أنها تتلمس طريقها الى ذلك من دون أن تقدموا اثباتاً واحداً ؟!
اما نحن العرب والمسلمون فأعتقد أن علينا واجب هو الأخطر في هذه اللحظة الناريخية ألا وهو الدفاع عن هناء الشلبي ومروان البرغوثي والآلاف من أسرى الحرب الصهيونية القذرة على أمة يصر المنتصرون في الحرب العالمية الثانية أن يدفعونها أثمان جريمة مزعومة أن صحت فهي من صناعتهم هم وإن ثبت كذبها فالمصيبة اعظم !
وأما تلك الفئة البائسة واليائسة من نخبنا ومنها الذي لا يزال منبهراً بالرجل الابيض ذو العينين الزرقاويين فإننا نقول لها : الم يأن الأوان لتخرجي من تيهك وتعودي إلى أهلك وعشيرتك وقومك وناسك الذين اكتشفوا الفخ الأكبر ألا وهو مخطط صناعة الحروب الفتنوية المتنقلة على ساحاتنا وبأيدٍ محلية وبمال نفطي يصرف من جيب المواطن المسكين تحت يافطة الربيع العربي ؟!
ألم يأن الأوان لتصحو هذه الفئة المتهالكة على السلطة من غفوتها أو تشبع من شهوة الجاه وتنزل ماشية على الأقدام بين الناس لترى بأم أعينها بأن ما يعد لهذه الامة ما هو إلا الفصل الاخير من مخطط إسدال الستار على قضية فلسطين باسم هذا الربيع الزائف فيما الأمة مصممة على المضي بثورتها تحت علم اليقظة العربية والإسلامية وهي تجذر شعاراتها يوماً بعد يوم وتستعد لخوض انتفاضاتها الثانية والثالثة ولكن هذه المرة ضد من سرقوا أو يكادون هباتها وحراكها الطاهر والحميم بغطاء الناتو مرة وبغطاء "غترة"عربية زائفة مرة أخرى وبراية إسلام أمريكي ثالثة والهدف واحد ألا وهو إعادة الثائر العربي إلى المربع الأول ؟!
ليست المسألة إذاً أن تعقد المحادثات حول النووي في بغداد أو اسطنبول, ولا في البنود الستة لكوفي أنان حول المسالة السورية, ولا في الحل المقامر بثورة اليمن ولا بتقرير البسيوني حول ثورة البحرين المظلومة والمهمشة في وجدان العرب, ولا في الحلول السحرية لإخراج المفاوض الفلسطيني من التيه الصهيوني بقدر ما هي أن نكون أمة تقرر مصيرها بأيدي ناسها الحقيقيين القابضين على دينهم وعزتهم وكرامتهم وحريتهم وتحررهم كالقابض على الجمر وهم مصممون رغم الصعاب وطول الطريق وشدة المعاناة على استقلالية قرارهم وصناعة مستقبلهم بأيديهم وليس بأيد صافحت جلاديهم أو وقعت على صكوك الذل والهزيمة في الغرف السوداء بعيداً عن أعين أهل الدار الحقيقيين وأصحاب الجلالة والفخامة الحقيقيين من شهداء أو جرحى أو معوقين أو شهود على النصر المؤزر مصممين وما ذلك على الله بعزيز!
المصدر :
محمد صادق الحسيني
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة