مرة ً أخرى , يعود الرئيس الأميركي « أوباما » في سياق حملته الانتخابية للرئاسة الأميركية , ليعلن من جديد ولاءه المطلق لإسرائيل, والأكثر من ذلك , فهو يُسْبِغ على دعم بلاده لإسرائيل صفة «القداسة», مؤكدا ً على ضرورة مساعدة هذا البلد في الحفاظ على تفوقه العسكري؛هذا جرى قبل لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي « نتنياهو » بأيام قليلة مؤخرا ً .

إنَّ تقديس « أوباما» لأمن إسرائيل تجسَّد على أرض الواقع في سلسلة من المواقف والتصريحات التوراتيَّة التي تعلن الولاء المطلق لإسرائيل وأمنها .‏

 

_ فبعد يوم واحد فقط من خطابه التوراتيّ المنحاز لإسرائيل , والذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة , والذي وصفته صحيفة « يديعوت أحرنوت» بالخطاب الصهيوني , سارع /أوباما/ إلى عقد لقاء عاجلٍ مع نحو /900/ من كبار الحاخامات اليهود , التزم أمامهم (( بأنْ يكون التحالف بين واشنطن وتل أبيب أقوى من أي وقت مضى )) وأضاف قائلا ً (( إن رئيس الحكومة الإسرائيلية “ نتنياهو « يعلم أنه يستطيع أنْ يعتمد على الولايات المتحدة , وأنَّ التصويت في الأمم المتحدة لن ينتج حلّ الدولتين , وأن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يمكن أن تتزعزع , وأن التزام الولايات المتحدة تجاه امن إسرائيل صلب». ومما قاله أيضا ً :‏

 

«أنه منذ أن تسلم الرئاسة الأميركية لم يتحدث فقط وإنما نفَّذ , وأنه لم تكن علاقات الأمن بين إسرائيل والولايات المتحدة وطيدة بالشكل الذي هي عليه اليوم وأنه يفخر بهذا السجل ».‏

 

وهكذا فمن خلال التدقيق في هذه الأقوال ل / أوباما / تبرز عدة أسئلة هامة منها على سبيل المثال :‏

 

ما الذي جرى للرئيس « أوباما » حتى كشف عن وجهه السافر على هذا النحو الفاضح ؟‏

 

ما الذي يُميّزه بعد مثل هذه الأقوال عن « بوش » التوراتيّ ..؟‏

 

وهل بقي في جعبته شيء من المصداقية التي قد يراهن عليها الفلسطينيون والعرب ؟!‏

 

والسؤال الأهم , ماذا يفعل العرب أمام هذا الجبروت الأميركي الصهيوني ..؟‏

 

من المعروف أن الرئيس السابق « بوش » قد تبنَّى الأجندة الإسرائيلية السياسية والتوراتية تبنياً كاملا ً , حتى أنه في آخر ولايته , وفي الذكرى الستين لاغتصاب فلسطين وقيام إسرائيل , ألقى في القدس خطابا ً توراتيّا ً اعترف فيه بحقائق الأمر الواقع الاستيطانّي وبالقدس عاصمة لها إلى الأبد , ولدرجة جعلت بعض أعضاء الكنيست من اليهود يقولون :‏

 

((إن/ بوش/ يبدو صهيونيا ً أكثر من أولمرت , وهو يحقق أحلام الصهيونية )) كما أجمع محللون ومراقبون سياسيون آنذاك على أنَّ خطاب بوش في القدس كان بمثابة إعلان حرب , وأخطر من رسالة الضمانات لشارون , وأن / بوش / منح إسرائيل شيكا ً على بياض لتهديد الأمن العربيّ والإقليميّ .‏

 

إن الشَبَه واضح جدا ً بين / بوش و أوباما / فيما يتعلق بإسرائيل, فكما كان الرئيس بوش يقدّم مجرّد الكلام للعرب والفلسطينيين في خطاباته , في حين يقدّم لإسرائيل بالمقابل الوعود والفيتوات والضمانات ودعم الاستيطان والاحتلال , كذلك يفعل / أوباما / , إذ أنه يحمل تركة / بوش / بكل ما فيها من مضامين وأجندة إسرائيلية وصهيونية معادية للحقوق العربية .‏

 

ومن أجندة / بوش / ذات المضامين الإسرائيلية , كما نذكر جميعا ً ما يلي :‏

 

- إعلان أنَّ الأمم المتحدة لم تنجح في حل الصراع , مُلْغيا ً بذلك وبشكلٍ عمليّ جميع القرارات الدولية التي تشكل مرجعية للعمل .‏

 

- أنه أسقط حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم حسب قرار الأمم المتحدة بهذا الشأن ليستبدله بالتعويضات للاجئين الفلسطينيين .‏

 

- أقرَّ بأنَّ أي تسوية قد تتم ستكون على أساس حقائق الأمر الواقع الاستيطاني.‏

 

- اعترف بأنَّ إسرائيل هي البيت القوميّ لليهود في جميع أنحاء العالم .‏

 

- أقرَّ واعترف بأنه لن يمارس أي ضغوط على إسرائيل.‏

 

- أقرَّ بأنه يتفهّم وجود الحواجز في الضفة الغربية .‏

 

- يتفهّم بأنَّ إسرائيل ترفض أن تقام على حدودها منصَّة لانطلاق ما أسماه بالأعمال الإرهابية .‏

 

- أعلنت مصادر إعلامية إسرائيلية نقلا ً عن بوش أنه «يحترم شارون لأنه أنفق عمره في ضرب العرب »!‏

 

هذه هي رؤية بوش وخريطة طريقه محل الصراع .‏

 

وإذا عدنا إلى خطاب الرئيس / أوباما / في القاهرة عام /2010 /, وما جرى بعده من تراجعات إضافية قدَّمها / أوباما / لإسرائيل نجد أنَّ / أوباما /‏

 

فشل فشلاً ذريعاً في إيجاد صيغة حلّ سياسيّ أميركي جديد لمشكلة الشرق الأوسط مخالفة ولو قليلا ً للمضامين والأجندة السياسية التي كان قد صاغها وكرّسها الرئيس الأميركي السابق / بوش / , بل أخذ / أوباما / يتراجع إلى الوراء وينكفئ , كما تراجع , على سبيل المثال عن شرط بسيط طالب إسرائيل بتلبيته تمهيدا ً لإنجاح مهمته السياسية عبر تجميد الاستيطان ولو لفترة محدودة .‏

 

إذا ً , الخلاصة أنَّ الرئيس « أوباما » تراجع عن وعوده التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية الرئاسية الأولى وبعدها , وأصبحنا أمام رئيس يسعى بكل جهد ونشاط لإرضاء إسرائيل على حساب العرب والفلسطينيين وهذا ما يعيدنا إلى الأجندة الأميركية ذات المضامين الإسرائيلية , وبالتالي يمكن أَنْ نسأل :‏

 

ما الذي يُميّز الرئيس/ أوباما / اليوم في أعقاب تنازلاته التي قدَّمها لإسرائيل وتأكيده على الالتزام بأمنها وبأن هذا الأمر مقدس عنده, وفي أعقاب اعترافه بيهوديّة دولة إسرائيل , ما الذي يُميّزه عن « بوش » أو حتى عن بلفور صاحب الوعد المشؤوم لليهود بإقامة وطن قوميّ لهم في فلسطين ؟؟‏

 

ويبقى الأمر الجوهري و الذي يتجسد بالسؤال التالي :‏

 

ماذا يفعل العرب أمام ذلك ؟ مع كل أسف هم غائبون أو مُغيّبون عما يجري بل تعمد العديد من الأنظمة العربية المعروفة إلى المزيد من الإذعان لمخططات واشنطن وتل أبيب , وتمتين العلاقات مع دوائرها , والتطوع مجانا ً لتنفيذ أجندتها التي تتمحور حول الهيمنة على المنطقة العربية لنهب ثرواتها وحماية أمن إسرائيل .‏

 

 

 

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-03-27
  • 7606
  • من الأرشيف

أوباما ..تقديس أمن إسرائيل منصّة عبور إلى البيت الأبيض

مرة ً أخرى , يعود الرئيس الأميركي « أوباما » في سياق حملته الانتخابية للرئاسة الأميركية , ليعلن من جديد ولاءه المطلق لإسرائيل, والأكثر من ذلك , فهو يُسْبِغ على دعم بلاده لإسرائيل صفة «القداسة», مؤكدا ً على ضرورة مساعدة هذا البلد في الحفاظ على تفوقه العسكري؛هذا جرى قبل لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي « نتنياهو » بأيام قليلة مؤخرا ً . إنَّ تقديس « أوباما» لأمن إسرائيل تجسَّد على أرض الواقع في سلسلة من المواقف والتصريحات التوراتيَّة التي تعلن الولاء المطلق لإسرائيل وأمنها .‏   _ فبعد يوم واحد فقط من خطابه التوراتيّ المنحاز لإسرائيل , والذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة , والذي وصفته صحيفة « يديعوت أحرنوت» بالخطاب الصهيوني , سارع /أوباما/ إلى عقد لقاء عاجلٍ مع نحو /900/ من كبار الحاخامات اليهود , التزم أمامهم (( بأنْ يكون التحالف بين واشنطن وتل أبيب أقوى من أي وقت مضى )) وأضاف قائلا ً (( إن رئيس الحكومة الإسرائيلية “ نتنياهو « يعلم أنه يستطيع أنْ يعتمد على الولايات المتحدة , وأنَّ التصويت في الأمم المتحدة لن ينتج حلّ الدولتين , وأن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا يمكن أن تتزعزع , وأن التزام الولايات المتحدة تجاه امن إسرائيل صلب». ومما قاله أيضا ً :‏   «أنه منذ أن تسلم الرئاسة الأميركية لم يتحدث فقط وإنما نفَّذ , وأنه لم تكن علاقات الأمن بين إسرائيل والولايات المتحدة وطيدة بالشكل الذي هي عليه اليوم وأنه يفخر بهذا السجل ».‏   وهكذا فمن خلال التدقيق في هذه الأقوال ل / أوباما / تبرز عدة أسئلة هامة منها على سبيل المثال :‏   ما الذي جرى للرئيس « أوباما » حتى كشف عن وجهه السافر على هذا النحو الفاضح ؟‏   ما الذي يُميّزه بعد مثل هذه الأقوال عن « بوش » التوراتيّ ..؟‏   وهل بقي في جعبته شيء من المصداقية التي قد يراهن عليها الفلسطينيون والعرب ؟!‏   والسؤال الأهم , ماذا يفعل العرب أمام هذا الجبروت الأميركي الصهيوني ..؟‏   من المعروف أن الرئيس السابق « بوش » قد تبنَّى الأجندة الإسرائيلية السياسية والتوراتية تبنياً كاملا ً , حتى أنه في آخر ولايته , وفي الذكرى الستين لاغتصاب فلسطين وقيام إسرائيل , ألقى في القدس خطابا ً توراتيّا ً اعترف فيه بحقائق الأمر الواقع الاستيطانّي وبالقدس عاصمة لها إلى الأبد , ولدرجة جعلت بعض أعضاء الكنيست من اليهود يقولون :‏   ((إن/ بوش/ يبدو صهيونيا ً أكثر من أولمرت , وهو يحقق أحلام الصهيونية )) كما أجمع محللون ومراقبون سياسيون آنذاك على أنَّ خطاب بوش في القدس كان بمثابة إعلان حرب , وأخطر من رسالة الضمانات لشارون , وأن / بوش / منح إسرائيل شيكا ً على بياض لتهديد الأمن العربيّ والإقليميّ .‏   إن الشَبَه واضح جدا ً بين / بوش و أوباما / فيما يتعلق بإسرائيل, فكما كان الرئيس بوش يقدّم مجرّد الكلام للعرب والفلسطينيين في خطاباته , في حين يقدّم لإسرائيل بالمقابل الوعود والفيتوات والضمانات ودعم الاستيطان والاحتلال , كذلك يفعل / أوباما / , إذ أنه يحمل تركة / بوش / بكل ما فيها من مضامين وأجندة إسرائيلية وصهيونية معادية للحقوق العربية .‏   ومن أجندة / بوش / ذات المضامين الإسرائيلية , كما نذكر جميعا ً ما يلي :‏   - إعلان أنَّ الأمم المتحدة لم تنجح في حل الصراع , مُلْغيا ً بذلك وبشكلٍ عمليّ جميع القرارات الدولية التي تشكل مرجعية للعمل .‏   - أنه أسقط حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم حسب قرار الأمم المتحدة بهذا الشأن ليستبدله بالتعويضات للاجئين الفلسطينيين .‏   - أقرَّ بأنَّ أي تسوية قد تتم ستكون على أساس حقائق الأمر الواقع الاستيطاني.‏   - اعترف بأنَّ إسرائيل هي البيت القوميّ لليهود في جميع أنحاء العالم .‏   - أقرَّ واعترف بأنه لن يمارس أي ضغوط على إسرائيل.‏   - أقرَّ بأنه يتفهّم وجود الحواجز في الضفة الغربية .‏   - يتفهّم بأنَّ إسرائيل ترفض أن تقام على حدودها منصَّة لانطلاق ما أسماه بالأعمال الإرهابية .‏   - أعلنت مصادر إعلامية إسرائيلية نقلا ً عن بوش أنه «يحترم شارون لأنه أنفق عمره في ضرب العرب »!‏   هذه هي رؤية بوش وخريطة طريقه محل الصراع .‏   وإذا عدنا إلى خطاب الرئيس / أوباما / في القاهرة عام /2010 /, وما جرى بعده من تراجعات إضافية قدَّمها / أوباما / لإسرائيل نجد أنَّ / أوباما /‏   فشل فشلاً ذريعاً في إيجاد صيغة حلّ سياسيّ أميركي جديد لمشكلة الشرق الأوسط مخالفة ولو قليلا ً للمضامين والأجندة السياسية التي كان قد صاغها وكرّسها الرئيس الأميركي السابق / بوش / , بل أخذ / أوباما / يتراجع إلى الوراء وينكفئ , كما تراجع , على سبيل المثال عن شرط بسيط طالب إسرائيل بتلبيته تمهيدا ً لإنجاح مهمته السياسية عبر تجميد الاستيطان ولو لفترة محدودة .‏   إذا ً , الخلاصة أنَّ الرئيس « أوباما » تراجع عن وعوده التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية الرئاسية الأولى وبعدها , وأصبحنا أمام رئيس يسعى بكل جهد ونشاط لإرضاء إسرائيل على حساب العرب والفلسطينيين وهذا ما يعيدنا إلى الأجندة الأميركية ذات المضامين الإسرائيلية , وبالتالي يمكن أَنْ نسأل :‏   ما الذي يُميّز الرئيس/ أوباما / اليوم في أعقاب تنازلاته التي قدَّمها لإسرائيل وتأكيده على الالتزام بأمنها وبأن هذا الأمر مقدس عنده, وفي أعقاب اعترافه بيهوديّة دولة إسرائيل , ما الذي يُميّزه عن « بوش » أو حتى عن بلفور صاحب الوعد المشؤوم لليهود بإقامة وطن قوميّ لهم في فلسطين ؟؟‏   ويبقى الأمر الجوهري و الذي يتجسد بالسؤال التالي :‏   ماذا يفعل العرب أمام ذلك ؟ مع كل أسف هم غائبون أو مُغيّبون عما يجري بل تعمد العديد من الأنظمة العربية المعروفة إلى المزيد من الإذعان لمخططات واشنطن وتل أبيب , وتمتين العلاقات مع دوائرها , والتطوع مجانا ً لتنفيذ أجندتها التي تتمحور حول الهيمنة على المنطقة العربية لنهب ثرواتها وحماية أمن إسرائيل .‏          

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة