يبدو واضحاً أن جميع المتورطين في الأزمة السورية يبحثون عن «مخرج لائق» لأنفسهم بعد أن يئسوا من إيجاد مخارج لمشاريعهم وللأزمة التي صدَّروها إلى سورية ومنها إلى العالم العربي من المحيط إلى الخليج.

فقد فشلوا في اعتماد سياسة ونهج وتكتيك موحد حيال هذه الأزمة. فكلهم بنى معطياته وقراراته على مجموعة من الأكاذيب والتخيلات التي صنعوها وكالوثنيين عبدوها وصدقوها وتعاملوا معها كأنها حقائق لا يرقى إليها الشك.

وفشلوا في تصنيع معارضة حقيقية تستطيع أن تخاطب السوريين وتروي ظمأهم وتمثل طموحاتهم وتطلعاتهم وكلما أغدقوا عليها المال زادوها تفتيتاً وكلما أغدقوا السلاح زادوها اقتتالاً ودموية. فثبتوا بذلك شرعية ومشروعية السلطة والمعارضة الوطنية معاً فخسروا الشارع والمواطن والمعارضة السورية الفاعلة على الأرض. على حين تفتت «الموعودون الجدد» بعدما افتضح هزال الوعد وعاره.

وإذ بالدولة التي أرادوا تقويضها تخرج بحلة جديدة عصرية وديمقراطية وبعقد اجتماعي جديد يسمى دستوراً. دستور قد لا يرضي في بعض تفاصيله بعض السوريين لكنه يرضي بوجوده كل السوريين التائقين إلى التجديد. دستور بحده الأدنى أطلق ورشة تغيير وتطوير مستدامة وفتح باب السلطة مشرعاً لكل السوريين على قواعد واضحة.

والمراقب للوضع الدولي اليوم، بعد مهزلة تونس، يرى واضحاً مدى التفكك في المعسكر الغربي وتوابعه وملحقاته ومدى التوحد في المعسكر السوري بسلطته ومعارضيها وأصدقائه.

المعسكر الغربي يبدو مفتتاً لا يجمعه سوى العداء بالمفهوم النفسي واللا أخلاقي والمصالح المادية الضيقة التي عادة ما تكون المصدر الأساسي للخلافات الكبرى.

المعسكر الغربي يجمعه الخوف. الخوف من كل شيء والخوف على كل شيء، المعسكر الغربي يبحث عن مخرج يخرجه من مأزق هزائمه الدولية والداخلية.

بينما يبدو المعسكر السوري وأصدقاؤه، بمن فيهم المعارضة السورية، موحد الرؤية والنظرة حول طبيعة الصراع وطبيعة الحل فطبيعة الصراع الحقيقي هو مع الكيان الغاصب والعاملين لأمنه واستقراره وازدهاره في خاصرة سورية الجنوبية الذين يعتبرونه حاجة وضرورة.

والمعسكر السوري موحد حول الإصلاح والتطوير وتعزيز الوحدة الوطنية والقومية باعتبارها أموراً أساسية لتطور أي دولة تحترم تاريخها وتطلعات أبنائها وتحترم تعاقداتها الاجتماعية والسياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً.

المعسكر السوري يسير بخطوات مبرمجة ودقيقة في عملية الإصلاح على حين يسير المعسكر الغربي بخطوات وئيدة في عمليات تدمير البنى الاجتماعية للمجتمعات.

المعسكر السوري يسير باتجاه تأسيس وتعزيز مجتمع دولي قائم على العدل والتنوع البناء ونظام مبني على الحقائق لا الأحلام والأوهام والأطماع ومسلسل من دماء لا تنتهي. على حين يسير المعسكر الغربي نحو تعزيز الدكتاتوريات داخل الدكتاتورية الواحدة التي يقودها مؤمنون بأنهم مصطفون ومختارون ومحظوظون ليحكموا آخرين عبيداً.

إذا كان المعسكر السوري، حكومات وشعوباً ومعارضات، قد حقق خطوات واسعة في طريق الإصلاح وإعادة تأسيس وإنتاج الحراك السياسي رغم الدماء والدموع والآلام التي تلاحقه، فهل يستطيع عاقل أن يرصد أي منجز للمعسكر الغربي وتوابعه؟

ولكن ما يجعل التفاؤل سيداً هو أن مفاتيح الحل والربط ليست في أيدي أحد منهم لا في أوروبا ولا في الولايات المتحدة الأميركية ولا في مجالس إدارة آبار النفط. كما أن من الصعب جداً إيجاد نقاط تلاق إستراتيجي أو تكتيكي بين الدول المتورطة في الأزمة وتوابعها. بل إن مفاتيح الحل هي بيد المعسكر السوري الذي عليه أن يعرف كيف يستخدمها وبمرحل خطواتها. حتى لا تطول رحلة الألف ميل الإصلاحية المعمدة بدماء السوريين شهداء وضحايا.

فأي حل للأزمة الاقتصادية الدولية وخاصة ما تعانيه دول المعسكر الغربي وتوابعه لا يمكن أن يحصل دون شراكة كاملة لروسيا والصين ودول الجنوب الأميركي.

وأي أمن للمناطق الملتهبة لن يكون من دون من هم معنيون مباشرة بالشراكة الدولية والإقليمية.

فرنسا تعرف أن روسيا اختارت بوتين وبانتظار الرابع من آذار للإعلان وتعرف أن عليها أن تلاقيها إلى منتصف الطريق بإرادة طيبة.

وأوروبا تعرف أن الصين خرجت من وراء الجدار ومن المدينة الممنوعة وأنها مخرج أزمتها وعليها أيضاً أن تلاقيها إلى منتصف الطريق.

ومعظم العرب يعرف أن لا أحد يبدل سورية بغليون.

  • فريق ماسة
  • 2012-02-29
  • 9646
  • من الأرشيف

من جديد دمشق بوابة الحل

يبدو واضحاً أن جميع المتورطين في الأزمة السورية يبحثون عن «مخرج لائق» لأنفسهم بعد أن يئسوا من إيجاد مخارج لمشاريعهم وللأزمة التي صدَّروها إلى سورية ومنها إلى العالم العربي من المحيط إلى الخليج. فقد فشلوا في اعتماد سياسة ونهج وتكتيك موحد حيال هذه الأزمة. فكلهم بنى معطياته وقراراته على مجموعة من الأكاذيب والتخيلات التي صنعوها وكالوثنيين عبدوها وصدقوها وتعاملوا معها كأنها حقائق لا يرقى إليها الشك. وفشلوا في تصنيع معارضة حقيقية تستطيع أن تخاطب السوريين وتروي ظمأهم وتمثل طموحاتهم وتطلعاتهم وكلما أغدقوا عليها المال زادوها تفتيتاً وكلما أغدقوا السلاح زادوها اقتتالاً ودموية. فثبتوا بذلك شرعية ومشروعية السلطة والمعارضة الوطنية معاً فخسروا الشارع والمواطن والمعارضة السورية الفاعلة على الأرض. على حين تفتت «الموعودون الجدد» بعدما افتضح هزال الوعد وعاره. وإذ بالدولة التي أرادوا تقويضها تخرج بحلة جديدة عصرية وديمقراطية وبعقد اجتماعي جديد يسمى دستوراً. دستور قد لا يرضي في بعض تفاصيله بعض السوريين لكنه يرضي بوجوده كل السوريين التائقين إلى التجديد. دستور بحده الأدنى أطلق ورشة تغيير وتطوير مستدامة وفتح باب السلطة مشرعاً لكل السوريين على قواعد واضحة. والمراقب للوضع الدولي اليوم، بعد مهزلة تونس، يرى واضحاً مدى التفكك في المعسكر الغربي وتوابعه وملحقاته ومدى التوحد في المعسكر السوري بسلطته ومعارضيها وأصدقائه. المعسكر الغربي يبدو مفتتاً لا يجمعه سوى العداء بالمفهوم النفسي واللا أخلاقي والمصالح المادية الضيقة التي عادة ما تكون المصدر الأساسي للخلافات الكبرى. المعسكر الغربي يجمعه الخوف. الخوف من كل شيء والخوف على كل شيء، المعسكر الغربي يبحث عن مخرج يخرجه من مأزق هزائمه الدولية والداخلية. بينما يبدو المعسكر السوري وأصدقاؤه، بمن فيهم المعارضة السورية، موحد الرؤية والنظرة حول طبيعة الصراع وطبيعة الحل فطبيعة الصراع الحقيقي هو مع الكيان الغاصب والعاملين لأمنه واستقراره وازدهاره في خاصرة سورية الجنوبية الذين يعتبرونه حاجة وضرورة. والمعسكر السوري موحد حول الإصلاح والتطوير وتعزيز الوحدة الوطنية والقومية باعتبارها أموراً أساسية لتطور أي دولة تحترم تاريخها وتطلعات أبنائها وتحترم تعاقداتها الاجتماعية والسياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً. المعسكر السوري يسير بخطوات مبرمجة ودقيقة في عملية الإصلاح على حين يسير المعسكر الغربي بخطوات وئيدة في عمليات تدمير البنى الاجتماعية للمجتمعات. المعسكر السوري يسير باتجاه تأسيس وتعزيز مجتمع دولي قائم على العدل والتنوع البناء ونظام مبني على الحقائق لا الأحلام والأوهام والأطماع ومسلسل من دماء لا تنتهي. على حين يسير المعسكر الغربي نحو تعزيز الدكتاتوريات داخل الدكتاتورية الواحدة التي يقودها مؤمنون بأنهم مصطفون ومختارون ومحظوظون ليحكموا آخرين عبيداً. إذا كان المعسكر السوري، حكومات وشعوباً ومعارضات، قد حقق خطوات واسعة في طريق الإصلاح وإعادة تأسيس وإنتاج الحراك السياسي رغم الدماء والدموع والآلام التي تلاحقه، فهل يستطيع عاقل أن يرصد أي منجز للمعسكر الغربي وتوابعه؟ ولكن ما يجعل التفاؤل سيداً هو أن مفاتيح الحل والربط ليست في أيدي أحد منهم لا في أوروبا ولا في الولايات المتحدة الأميركية ولا في مجالس إدارة آبار النفط. كما أن من الصعب جداً إيجاد نقاط تلاق إستراتيجي أو تكتيكي بين الدول المتورطة في الأزمة وتوابعها. بل إن مفاتيح الحل هي بيد المعسكر السوري الذي عليه أن يعرف كيف يستخدمها وبمرحل خطواتها. حتى لا تطول رحلة الألف ميل الإصلاحية المعمدة بدماء السوريين شهداء وضحايا. فأي حل للأزمة الاقتصادية الدولية وخاصة ما تعانيه دول المعسكر الغربي وتوابعه لا يمكن أن يحصل دون شراكة كاملة لروسيا والصين ودول الجنوب الأميركي. وأي أمن للمناطق الملتهبة لن يكون من دون من هم معنيون مباشرة بالشراكة الدولية والإقليمية. فرنسا تعرف أن روسيا اختارت بوتين وبانتظار الرابع من آذار للإعلان وتعرف أن عليها أن تلاقيها إلى منتصف الطريق بإرادة طيبة. وأوروبا تعرف أن الصين خرجت من وراء الجدار ومن المدينة الممنوعة وأنها مخرج أزمتها وعليها أيضاً أن تلاقيها إلى منتصف الطريق. ومعظم العرب يعرف أن لا أحد يبدل سورية بغليون.

المصدر : الوطن /عيسى الأيوبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة