دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ما تزال الأقلام الغربية الواقفة على حقيقة المطامع الأمريكية في المنطقة وما تبذله واشنطن من مساع مشبوهة لتحقيقها تنبري معرية حقيقة ما يحاك ضد الدول الرافضة للانخراط في ركب التبعية الأمريكية من أجل كسر صمودها ففي مقال بعنوان /أخرس المنتقدين/ يطالب بإسكات الولايات المتحدة عن التبجح بالديمقراطية كتب الكاتب الأمريكي بول غريك روبرتس: إن الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة بلد ديمقراطي رغم غياب هيئة مستقلة تراقب الإعلام فيها مضحكة.
وانتقد الكاتب الذي عمل سابقا محررا في صحيفة وول ستريت جورنال في مقالته المنشورة على موقع المعهد الاقتصادي السياسي الأمريكي الدور الذي تمارسه وسائل الإعلام الأمريكية موضحا أنها كاذبة كما الحكومة الأمريكية فهي في كل مرة تفتح فمها أو تكتب حول موضوع معين تسوق لكذبة ما إذ تدفعها الحكومة لاختلاق الأكاذيب حتى باتت تلك مهنتها.
وفي سياق الكذب الذي اعتادته هذه الوسائل يضع روبرتس الحملة الإعلامية التي تخوضها الولايات المتحدة اليوم ضد سورية مبينا أن من تصفهم بمتظاهرين سلميين هم في الحقيقة مقاتلون مسلحون تمولهم واشنطن التي تعمل على زرع الحرب الأهلية في سورية.
ويسخر روبرتس من الحكومة الأمريكية الكاذبة مسميا إياها "وزارة الصدق الأمريكية" حيث تدعي اليوم أنها تسعى لإنقاذ المدنيين السوريين كما ادعت سابقا أنها حمت الشعب الليبي الذي وقع بسببها اليوم ضحية لميليشيات مسلحة محذرا من أن الهدف تدمير سورية كما كان الحال في ليبيا.
ويلفت الكاتب إلى أن كل ما يقال عن الاتهامات حول انتهاكات ارتكبتها القوات السورية بحق المدنيين يأتي من المتمردين أنفسهم الذين يتمنون من الغرب أن يتدخل ليسلمهم مقاليد الحكم في سورية مشيرا إلى التغاضي الأمريكي عن الانتهاكات الحاصلة بحق المواطنين البحرينيين على يد حكومتهم المدعومة أمريكيا وسعوديا حيث تغيب الانتقادات لها في الصحافة الغربية الأمر الذي يفسره روبرتس على أنه عائد إلى كون الحكومات الخليجية عبارة عن دمى بيد الولايات المتحدة فمن الطبيعي أن تدعمها ولو ارتكبت انتهاكات بحق مواطنيها.
ويضيف روبرتس: إن واشنطن دفعت دميتها الجامعة العربية ضد سورية لتعزلها عن محيطها الطبيعي لأنها رأت ذلك أفضل من مهاجمتها مباشرة ولقد واجه الرئيس بشار الأسد المحاولات الأمريكية لتدمير سورية عن طريق وضعه دستورا جديدا سيجري التصويت عليه في السادس والعشرين من الشهر الجاري والذي ألغى بموجبه سيطرة حزب البعث فاتحا المجال لأحزاب أخرى كي تشارك في الحياة السياسية فلو كانت واشنطن تريد حقا الديمقراطية في سورية لأخذت تلك المبادرة على أنها مؤشر لنوايا حسنة وشجعت على المشاركة فيها.
ويبين روبرتس أن واشنطن لا تريد حكومة ديمقراطية في سورية بل دولة تكون دمية في يدها وهو الأمر الذي واجهه الأسد فكان أكثر ذكاء من واشنطن بإقدامه على وضع دستور جديد يقود سورية باتجاه الديمقراطية قبل أن تحولها الولايات المتحدة إلى لعبة بيدها وهو الأمر الذي استفز أوباما.
ويعتبر روبرتس أن أوباما ومن ورائه المحافظون الجدد والحكومة الإسرائيلية في حالة ثمل فهم إن استطاعوا إيجاد طريقة ما للتحايل على موقف الحكومتين الروسية والصينية من أجل تنفيذ مطامعهما في إسقاط النظام السوري سيحاولون العمل من أجل محاكمة الرئيس الأسد بجريمة حرب لتقديمه مسودة دستور ديمقراطي فعداء الولايات المتحدة وإسرائيل للرئيس الأسد يعود لرفضه أن يكون دميتهما.
ويشير روبرتس إلى محاولات واشنطن استهداف أصدقاء سورية وداعميها أيضا مبينا أن واشنطن تسعى يائسة إلى جعل البحر المتوسط جزيرة أمريكية وكذلك إلى خلق ثورة في الداخل الروسي فهي لا تتوقع أن تواجهها الحكومة الروسية رغم أنها جاهزة لمثل تلك الخطوة أما الصين فتحاربها واشنطن بالسعي إلى قطع موارد الطاقة عنها في خطوة متقدمة لاستهداف إيران التي تشتري منها الصين 20 بالمئة من مواردها النفطية.
ويؤكد الكاتب على أنه وكموقع على اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي فإن لإيران كامل الحق في تطوير الطاقة الذرية للاستخدام السلمي ولكن رغم تقارير وكالة الطاقة الذرية والمخابرات الأمريكية بأن إيران لا تطور سلاحا نوويا فإن الرئيس الأمريكي باراك أوباما فرض عقوبات غير شرعية واستمر في تهديد إيران مستندا في ذلك إلى ادعاءات لا دلائل عليها.
ويوضح الكاتب أن واشنطن لم تعد قادرة على تمرير ألاعيبها على العالم ولاسيما الدول التي قررت أن تعيد للمؤسسات الدولية هيبتها وتضع حدا لسياسة القطب الواحد فروسيا والصين تعلمتا من التجربة الليبية حين حولت واشنطن ودميتها حلف الناتو قرار الأمم المتحدة بفرض منطقة عازلة فوق ليبيا إلى عدوان مباشر على الجيش الليبي واليوم هما تعرفان أنه لا يمكن الوثوق بالولايات المتحدة ولذلك لن تقعا في الفخ ومن هنا صوتتا ضد قرار أممي يمهد للهجوم على سورية ولهذا يتعين على الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين لا يعرف المرء من بينهما دمية بيد الأخرى أن تقررا إذا ما كانتا تريدان الاستمرار في مواجهة روسيا والصين.
وفي إشارة إلى رداءة الأوضاع الاجتماعية التي يواجهها الشعب الأمريكي بسبب سياسة إدارته القائمة على الحروب يؤكد الكاتب أن هذه الحروب اللانهائية في العالم كلفت الحكومة الأمريكية مئات التريليونات من الدولارات جاءت على حساب 50 مليون أميركي لا يتمتعون بالضمان الصحي و5ر1 مليون طفل أميركي مشرد لا يجد مأوى وأكثر من ذلك لا صحافة حرة في أمريكا بل إعلام يدفع له ليختلق الأكاذيب التي تحقق من خلالها الحكومة الأمريكية مكاسب غير مشروعة وغير أخلاقية لذا تحولت إلى أكثر الدول فسادا في التاريخ الإنساني وعلى الرغم من هذا يتحدث أوباما وكأنه ينبوع الأخلاقية الإنسانية.
وقال الكاتب: إن الحكومة الأمريكية لا تمثل الشعب الأمريكي بل المصالح الخاصة والقوى الأجنبية فالمواطنون الأمريكيون حالهم حال سكان العراق وأفغانستان والصومال واليمن وسورية ليسوا مهمين بالنسبة لهذه الحكومة التي تعتبر القيم الإنسانية كالصدق والعدالة والرحمة مضحكة وأن كل ما يهم هو المال والقوة والسيطرة التي تحققها بمساعدة كذب وسائل الإعلام.
ويرى روبرتس أن المشكلة تكمن في أن وسائل الإعلام الغربية تكذب بشكل مستمر وفي مرات نادرة جدا تصدق فيأتي هذا الصدق إن وجد بعد وقوع الأحداث بفترة طويلة ولكن الجرائم التي سهلت وقوعها وسائل الإعلام تلك تكون قد أنجزت.
كما يذكر الكاتب بالانتهاكات التي ارتكبتها أمريكا في العراق وأفغانستان واليمن وباكستان وليبيا والصومال وأبو غريب وسجن غوانتانامو والسجون السرية لـ سي آي إيه متسائلا ما الذي جعل ما سماها "وزارة الصدق الأمريكية" تصمت عن كل تلك الانتهاكات غير المسبوقة والضخمة لحقوق الإنسان في تجربة تعاد وتكرر كثيرا دون رقيب كما الحال مع التقرير الذي صدر حول انتهاكات حقوق الإنسان في كوسوفو والذي استخدمته في حينها كل من الولايات المتحدة وألمانيا لتبرير قصف الناتو للمواطنين الصرب ولكن الآن وبعد 13 عاما يكشف تلفزيون ألماني أن الصور التي أشعلت تلك الحملة الواسعة لحماية المدنيين من الانتهاكات كانت مفبركة بالكامل ولم تكن لانتهاكات ارتكبها الصرب بل لأشخاص ألبان قتلوا أثناء تبادل إطلاق نار بينهم وبين الصرب .
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة