عاشت الأكثرية، حالة نكران وتجاهل لكل ما قيل من خطابات في مهرجان 14 شباط في "البيال"، حتى في "لقاء الأربعاء النيابي"، فإن من شارك فيه، من نواب الثامن من آذار، تعمّد القول، إنه "لم يتم التطرق لا من قريب ولا من بعيد لما قيل من كلمات في البيال".

هذا التعمّد بالتجاهل لا يعني أن ثمة قراراً أكثرياً بالنأي بالنفس عن المواقف التي صدرت، بقدر ما هو إيحاء بأن ما صدر "لا يستأهل الرد والتحليل"، لا سيما أنه صادر عن "المنتصر بالوهم" على ما يقول أحد نواب الأكثرية متصرفاً بعنوان الكتاب الشهير للأديب الفرنسي موليير: "مريض الوهم". هذا النائب يستغرب الحد الذي ذهبت إليه قوى 14 آذار في وهمها، حتى راحت "توزع الغنائم يميناً ويساراً"، من موقع"الرابح المتواضع وليس المستكبر"، من دون أن تتردّد في السعي إلى تخفيف هواجس حزب الله، بعد أن ظنت أنها انتصرت في معركة "إسقاط" النظام السوري.

ويرى نائب آخر في الأكثرية أنه كان على قوى 14 آذار أن تظهر القليل من التواضع حتى يصدقها جمهورها لا سيما أن الواقع وكل التوقعات تؤكد أن الأزمة في سوريا لا تبدو قريبة الحل، خاصة بعد أن صارت جزءاً من "لعبة الأمم"، كما يدعوهم للاقتداء بالمحور الغربي العربي "الذي لم يتعامل حتى الآن، مع النظام السوري بوصفه قد "سقط" أو أنه في طور "السقوط" الوشيك، وإن كان يجاهر بالرغبة في زواله". ويسأل النائب نفسه، قيادات 14 آذار عن رأيهم في الجهد المنصب حالياً على البحث عن آلية للحوار بين السلطة والمعارضة في سوريا، وهو ما تردد أنه كان أبرز ما ناقشه نائب رئيس الوزراء البلجيكي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما التقاه أمس، حيث سأله عن السبيل لإجراء حوار بين المعارضة والسلطة في سوريا.

وإذا ما أضيف ذلك إلى ما تردّده مصادر موثوقة عن أن القناة التركية الإيرانية تعمل بكل طاقتها للبحث عن حلول للموضوع السوري، تكون مقبولة من كل الأطراف، وأن الروس والصينيين دخلوا على خط المواعيد الإصلاحية بتفاصيلها الدقيقة، فقد بدا المتكلمون في 14 شباط كأنهم من كوكب آخر، على ما ردّد نائب أكثري، معتبراً أنهم "تسرعوا في فتح صفحة ما بعد النظام السوري، من دون أن يتركوا الباب موارباً لاحتمال العودة عن مواقفهم".

من هنا، يصف النائب الأكثري ما حصل بأنه "إعادة إنتاج لأخطاء وقعت بها 14 آذار مراراً منذ العام 2005"، مستحضراً عبارة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع في بداية العام 2006 أن الرئيس إميل لحود انتهى، فيما الواقع أكد أن الأخير بقي حتى آخر ساعة من ولايته. وعليه، ينصح قوى 14 آذار بعدم الانجراف وراء مبالغات في الوعود والرهانات التي ستكون هي أولى ضحاياها.

يصنف قيادي في فريق الأكثرية الكلمات التي تليت في 14 شباط، على الشكل الآتي: الصنف الأول، يضم الرئيس سعد الحريري إلى "المجلس الوطني السوري"، حيث ركز الطرفان على مرحلة ما بعد الرئيس الأسد، فيما فضّل جعجع الضرب على الحافر حيناً وعلى المسمار أحياناً، فوصف حزب الله بـ"الشركاء الأعزاء" قبل أن يعود ويصف المقاومة بـ"الاحتلال لإرادتنا". أما في المستوى الثالث فكان الرئيس أمين الجميل وسطياً في مقاربته للملف السوري مؤيداً للنأي بالنفس، ومستعجلاً العودة إلى جنة السلطة في لبنان.

كلمة "المجلس الوطني السوري" استدعت الكثير من النكات الأكثرية. اتفقت آراء أكثر من مصدر في الأكثرية على أن كاتبها لبناني من 14 آذار ومفوض من المجلس السوري (توقع البعض أن يكون فارس سعيد نفسه). واعتمد هؤلاء في تحليلهم إلى تطرق الكلمة إلى ملفات لبنانية يومية لـ 14 آذار، بدلاً من التركيز على رسم أفق عام للعلاقة بين البلدين. وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه أن سعيد لم يلتزم بحرفية الرسالة أثناء تلاوته لها، حيث أضاف من خارج النص المكتوب أن المجلس الوطني سيلغي المجلس الأعلى اللبناني السوري وذلك في معرض إشارة المجلس إلى أنه سيعدل الاتفاقيات ويرسم الحدود ويقفل ملف المعتقلين... أما من سلّم بأن هذه الرسالة هي فعلاً مرسلة من "المجلس الوطني السوري"، فقد أشار إلى أنه "فور وصوله شمعة على طوله"، مستغرباً كيف أن "المجلس" الذي يقدّم نفسه كبديل للسلطة السورية الحالية ورافض لكل أخطائها في لبنان، يقرر أن يكون جزءاً من الأزمة اللبنانية الداخلية، بدلاً من أن يسعى إلى إظهار نفسه خارج الانقسامات وحريصاً على عدم التدخل بالشؤون الداخلية، وهي النقطة التي طالما اعترض عليها فريق 14 آذار على النظام السوري الحالي!

"سلة الحريري الداخلية كانت فارغة"، يردّد نائب أكثري، مضيفاً أن "الحريري سلّم في خطابه أنه لن يستطيع إسقاط الوضع الراهن في لبنان إلا عبر الخارج. ولهذا فقد وضع كل أوراقه في سوريا آملاً أن يقطف نتيجة "سقوط" النظام السوري في الداخل اللبناني"، متناسياً أن الأرض اللبنانية "قواعدها متينة ولا يمكن الرهان على الخارج لتغييرها". يعود النائب إلى العام 1982 لإثبات نظريته، مشيراً إلى أن من راهن على الاجتياح الاسرائيلي في حينه لتغيير المعادلة الداخلية كان أول الخاسرين لاحقاً.

يخلص النائب إلى أنه "بعيداً من الموضوع السوري، فقد بدا فريق 14 آذار بلا قضية يحملها، بما يؤكد أنه ما يزال يعيش خيبة الخروج من السلطة وأحلام العودة إليها".

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-02-15
  • 11698
  • من الأرشيف

رسالة "المجلس الوطني" كتبت بقلم لبناني .. ورهانات المعارضة ستنقلب عليها ..

عاشت الأكثرية، حالة نكران وتجاهل لكل ما قيل من خطابات في مهرجان 14 شباط في "البيال"، حتى في "لقاء الأربعاء النيابي"، فإن من شارك فيه، من نواب الثامن من آذار، تعمّد القول، إنه "لم يتم التطرق لا من قريب ولا من بعيد لما قيل من كلمات في البيال". هذا التعمّد بالتجاهل لا يعني أن ثمة قراراً أكثرياً بالنأي بالنفس عن المواقف التي صدرت، بقدر ما هو إيحاء بأن ما صدر "لا يستأهل الرد والتحليل"، لا سيما أنه صادر عن "المنتصر بالوهم" على ما يقول أحد نواب الأكثرية متصرفاً بعنوان الكتاب الشهير للأديب الفرنسي موليير: "مريض الوهم". هذا النائب يستغرب الحد الذي ذهبت إليه قوى 14 آذار في وهمها، حتى راحت "توزع الغنائم يميناً ويساراً"، من موقع"الرابح المتواضع وليس المستكبر"، من دون أن تتردّد في السعي إلى تخفيف هواجس حزب الله، بعد أن ظنت أنها انتصرت في معركة "إسقاط" النظام السوري. ويرى نائب آخر في الأكثرية أنه كان على قوى 14 آذار أن تظهر القليل من التواضع حتى يصدقها جمهورها لا سيما أن الواقع وكل التوقعات تؤكد أن الأزمة في سوريا لا تبدو قريبة الحل، خاصة بعد أن صارت جزءاً من "لعبة الأمم"، كما يدعوهم للاقتداء بالمحور الغربي العربي "الذي لم يتعامل حتى الآن، مع النظام السوري بوصفه قد "سقط" أو أنه في طور "السقوط" الوشيك، وإن كان يجاهر بالرغبة في زواله". ويسأل النائب نفسه، قيادات 14 آذار عن رأيهم في الجهد المنصب حالياً على البحث عن آلية للحوار بين السلطة والمعارضة في سوريا، وهو ما تردد أنه كان أبرز ما ناقشه نائب رئيس الوزراء البلجيكي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عندما التقاه أمس، حيث سأله عن السبيل لإجراء حوار بين المعارضة والسلطة في سوريا. وإذا ما أضيف ذلك إلى ما تردّده مصادر موثوقة عن أن القناة التركية الإيرانية تعمل بكل طاقتها للبحث عن حلول للموضوع السوري، تكون مقبولة من كل الأطراف، وأن الروس والصينيين دخلوا على خط المواعيد الإصلاحية بتفاصيلها الدقيقة، فقد بدا المتكلمون في 14 شباط كأنهم من كوكب آخر، على ما ردّد نائب أكثري، معتبراً أنهم "تسرعوا في فتح صفحة ما بعد النظام السوري، من دون أن يتركوا الباب موارباً لاحتمال العودة عن مواقفهم". من هنا، يصف النائب الأكثري ما حصل بأنه "إعادة إنتاج لأخطاء وقعت بها 14 آذار مراراً منذ العام 2005"، مستحضراً عبارة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع في بداية العام 2006 أن الرئيس إميل لحود انتهى، فيما الواقع أكد أن الأخير بقي حتى آخر ساعة من ولايته. وعليه، ينصح قوى 14 آذار بعدم الانجراف وراء مبالغات في الوعود والرهانات التي ستكون هي أولى ضحاياها. يصنف قيادي في فريق الأكثرية الكلمات التي تليت في 14 شباط، على الشكل الآتي: الصنف الأول، يضم الرئيس سعد الحريري إلى "المجلس الوطني السوري"، حيث ركز الطرفان على مرحلة ما بعد الرئيس الأسد، فيما فضّل جعجع الضرب على الحافر حيناً وعلى المسمار أحياناً، فوصف حزب الله بـ"الشركاء الأعزاء" قبل أن يعود ويصف المقاومة بـ"الاحتلال لإرادتنا". أما في المستوى الثالث فكان الرئيس أمين الجميل وسطياً في مقاربته للملف السوري مؤيداً للنأي بالنفس، ومستعجلاً العودة إلى جنة السلطة في لبنان. كلمة "المجلس الوطني السوري" استدعت الكثير من النكات الأكثرية. اتفقت آراء أكثر من مصدر في الأكثرية على أن كاتبها لبناني من 14 آذار ومفوض من المجلس السوري (توقع البعض أن يكون فارس سعيد نفسه). واعتمد هؤلاء في تحليلهم إلى تطرق الكلمة إلى ملفات لبنانية يومية لـ 14 آذار، بدلاً من التركيز على رسم أفق عام للعلاقة بين البلدين. وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه أن سعيد لم يلتزم بحرفية الرسالة أثناء تلاوته لها، حيث أضاف من خارج النص المكتوب أن المجلس الوطني سيلغي المجلس الأعلى اللبناني السوري وذلك في معرض إشارة المجلس إلى أنه سيعدل الاتفاقيات ويرسم الحدود ويقفل ملف المعتقلين... أما من سلّم بأن هذه الرسالة هي فعلاً مرسلة من "المجلس الوطني السوري"، فقد أشار إلى أنه "فور وصوله شمعة على طوله"، مستغرباً كيف أن "المجلس" الذي يقدّم نفسه كبديل للسلطة السورية الحالية ورافض لكل أخطائها في لبنان، يقرر أن يكون جزءاً من الأزمة اللبنانية الداخلية، بدلاً من أن يسعى إلى إظهار نفسه خارج الانقسامات وحريصاً على عدم التدخل بالشؤون الداخلية، وهي النقطة التي طالما اعترض عليها فريق 14 آذار على النظام السوري الحالي! "سلة الحريري الداخلية كانت فارغة"، يردّد نائب أكثري، مضيفاً أن "الحريري سلّم في خطابه أنه لن يستطيع إسقاط الوضع الراهن في لبنان إلا عبر الخارج. ولهذا فقد وضع كل أوراقه في سوريا آملاً أن يقطف نتيجة "سقوط" النظام السوري في الداخل اللبناني"، متناسياً أن الأرض اللبنانية "قواعدها متينة ولا يمكن الرهان على الخارج لتغييرها". يعود النائب إلى العام 1982 لإثبات نظريته، مشيراً إلى أن من راهن على الاجتياح الاسرائيلي في حينه لتغيير المعادلة الداخلية كان أول الخاسرين لاحقاً. يخلص النائب إلى أنه "بعيداً من الموضوع السوري، فقد بدا فريق 14 آذار بلا قضية يحملها، بما يؤكد أنه ما يزال يعيش خيبة الخروج من السلطة وأحلام العودة إليها".    

المصدر : ايلي الفرزلي\ السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة