يحيي أهلنا في الجولان العربي السوري في الرابع عشر من شباط من كل عام ذكرى الإضراب الوطني الكبير ومعركة الهوية كمحطة من محطات نضالهم المشرف ضد الاحتلال الإسرائيلي مجددين الإرث النضالي الكبير للثورة السورية الكبرى التي أضاءت شمس الحرية والاستقلال على ربا وطننا الحبيب .

 

لقد أراد حكام الكيان الإرهابي الصهيوني منذ اليوم الأول لاحتلال الجولان سلخه أرضاً وشعباً وهوية عن انتمائه العريق إلى عروبته وسوريته وإنسانيته، وقد شكل قانون ضم الجولان وما سبقه من ممارسات قمعية إسرائيلية بحق سكانه ، بهدف سلخ انتمائه وتشويهه، واستبدال الجنسية السورية المتوارثة جيلاً بعد جيل بجنسية إسرائيلية، السبب المباشر لانتفاضة شباط التاريخية التي خاضها السكان العزل من أبناء الجولان السوري المحتل، فلم يكن غريباً أن تقوم إسرائيل بضم الجولان إلى كيانها، متحدية القوانين والمواثيق الدولية، ورغبات وطموح السكان الأصليين، الذين رفضوا وما زالوا يرفضون الاحتلال الإسرائيلي.‏‏

 

هذا الرفض الذي تجلى في شعبيته وجماهيريته وفرديته، فإن تحاول اغتيال شعب أو مجتمع أو فرد سياسياً فهذه جريمة إنسانية، وأن تحاول تجريد شعب من انتمائه وجذوره وتاريخه، واستبداله بانتماء هش جديد لا يحمل تاريخاً وماضياً وذكريات وجذوراً، فهذه مأساة مظلمة في الأعراف الإنسانية، وأن تحاصر شعباً بنسائه وشيوخه وشبابه، وتمارس أبشع وسائل القمع والقتل والتعذيب، فهذه جريمة حرب بحق الإنسان والإنسانية.‏‏

 

في الرابع عشر من كانون الأول عام 1981 طرح مجدداً قانون ضم الجولان وتم في اليوم ذاته تمرير مشروع القانون ليصبح ساري المفعول في سابقة لا مثيل لها في تاريخ الكنيست ، وقد أدرك أبناء الجولان خطورة السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى سلخهم عن انتمائهم الوطني والقومي وتجريدهم من جنسيتهم العربية السورية الموروثة من الآباء والأجداد, وأعلنوا رفضهم القاطع استلام الهوية الإسرائيلية مهما كلفهم ذلك من تضحيات ودعا مواطنو الجولان إلى اجتماع عام يطالب حكومة الاحتلال باحترام مشاعر السكان الوطنية والقومية والكف عن الممارسات الإرهابية والإجرامية والتي تطول أبناء الجولان والإفراج عن كافة المعتقلين السوريين في سجون الاحتلال , وإلغاء قرار الضم والإلحاق, والكف عن محاولات تطبيق القانون الإسرائيلي وفرض الجنسية الإسرائيلية ،  إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفضت مطالب الأهل في الجولان وردت عليها بمزيد من الاعتقالات وتشديد القبضة على المواطنين .‏

 

أمام هذا الوضع الجديد الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أرض الجولان كان لا بد لمواطني الجولان من تجنيد قواهم ، والدفاع عن وجودهم  وانتمائهم التاريخي والحضاري لأمتهم وشعبهم ، كما يحتمه الواجب الوطني والقومي والإنساني ، فكانت وقفتهم الجماهيرية والشعبية الواحدة نبراساً لانتزاع حقوقهم التي تستلب منهم ، وتصادر عنوة ، فكان إعلانهم خوض الإضراب العام والمفتوح احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية التي تبتلعهم مع أرضهم  وتاريخهم (بتاريخ 13/2/1982 اتخذنا قراراً بالإضراب العام والشامل وغير المحدود ، لم نتخذ هذا القرار تعسفاً ، ولا حباً بالإضراب ، بل يجب أن يعلم القاصي والداني أنه لم يكن لدينا أي خيار سوى الوقوف بصلابة في سبيل كرامتنا وأخلاقنا الوطنية ، غير القابلة لأي تغيير أو تبديل ، لا يسعنا إلا أن نؤكد من جديد ، وأن نعلن للملأ أنه مهما طال ليل الاحتلال علينا، فلن نتنازل عن هويتنا، وعن كوننا عرباً سوريين.‏ كما التزم أبناء الجولان بقرارات الوثيقة الوطنية الصادرة عن مواطني الجولان في 25/3/1981 والتي تعتبر دستوراً وطنياً ملزماً ، وجاء فيها: (نحن المواطنين السوريين في المرتفعات السورية المحتلة، نرى لزاماً علينا أن نعلن لكل الجهات الرسمية والشعبية في العالم أجمع، ولمنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وللرأي العام العالمي والإسرائيلي، ومن أجل الحقيقة والتاريخ وبصراحة ووضوح تامين عن حقيقة موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي، ودأبه المستمر لابتلاع شخصيتنا الوطنية، ومحاولته ضم الهضبة السورية المحتلة حيناً، وتطبيق القانون الإسرائيلي علينا حيناً آخر، وجرنا بطرق مختلفة للاندماج بالكيان الإسرائيلي، والانصهار في بوتقته، ولتجريدنا من جنسيتنا العربية السورية، التي نعتز ونتشرف بالانتساب إليها، ولا نريد بديلاً عنها، والتي ورثناها عن أجدادنا الكرام، الذين تحدرنا من أصلابهم، وأخذنا عنهم لغتنا العربية التي نتكلمها بكل فخر واعتزاز، وليست لنا لغة قومية سواها، وأخذنا عنهم أراضينا الغالية على قلوبنا وورثناها أباً عن جد منذ وجد الإنسان العربي في هذه البلاد قبل آلاف السنين، أراضينا المجبولة بعرقنا وبدماء أهلنا وأسلافنا، حيث لم يقصروا يوماً في الذود عنها وتحريرها من كل الغزاة والغاصبين على مر التاريخ، والتي نقطع العهد على أنفسنا أن نبقى ما حيينا أوفياء ومخلصين لما خلفوه لنا، وألا نفرط بشيء منه مهما طال زمن الاحتلال الإسرائيلي، ومهما قويت الضغوط علينا من قبل السلطة المحتلة لإكراهنا أو إغرائنا لسلب جنسيتنا، ولو كلفنا ذلك أغلى التضحيات، وهذا موقف بديهي وطبيعي جداً أن نقفه، وهو موقف كل شعب يتعرض كله أو جزء منه للاحتلال، وانطلاقا من شعورنا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا تجاه أنفسنا وأبنائنا وأجيالنا القادمة أصدرنا هذه الوثيقة.‏‏

 

إن قضية الجولان السوري حاضرة في المحافل الدولية بقوة, والشعب العربي السوري بكل قوة سواء في الجولان المحتل أو الوطن الأم يعمل على استعادة الجولان المحتل بكل السبل المتاحة بما فيها المقاومة أسلوباً كفيلاً لاستعادة الحق ودفع قضية الجولان إلى مركز الاهتمام العالمي والدولي, ومهما كانت الظروف والضغوط إلا أن ذلك لن يزيد سورية  إلا تصميماً وإصراراً على تحرير الجولان من رجس الاحتلال الصهيوني.‏‏

  • فريق ماسة
  • 2012-02-13
  • 12207
  • من الأرشيف

في ذكرى إعلان الإضراب العام و المفتوح .. السوريون أكثر تمسكاً بالوطن وتصميماً على تحرير الجولان

يحيي أهلنا في الجولان العربي السوري في الرابع عشر من شباط من كل عام ذكرى الإضراب الوطني الكبير ومعركة الهوية كمحطة من محطات نضالهم المشرف ضد الاحتلال الإسرائيلي مجددين الإرث النضالي الكبير للثورة السورية الكبرى التي أضاءت شمس الحرية والاستقلال على ربا وطننا الحبيب .   لقد أراد حكام الكيان الإرهابي الصهيوني منذ اليوم الأول لاحتلال الجولان سلخه أرضاً وشعباً وهوية عن انتمائه العريق إلى عروبته وسوريته وإنسانيته، وقد شكل قانون ضم الجولان وما سبقه من ممارسات قمعية إسرائيلية بحق سكانه ، بهدف سلخ انتمائه وتشويهه، واستبدال الجنسية السورية المتوارثة جيلاً بعد جيل بجنسية إسرائيلية، السبب المباشر لانتفاضة شباط التاريخية التي خاضها السكان العزل من أبناء الجولان السوري المحتل، فلم يكن غريباً أن تقوم إسرائيل بضم الجولان إلى كيانها، متحدية القوانين والمواثيق الدولية، ورغبات وطموح السكان الأصليين، الذين رفضوا وما زالوا يرفضون الاحتلال الإسرائيلي.‏‏   هذا الرفض الذي تجلى في شعبيته وجماهيريته وفرديته، فإن تحاول اغتيال شعب أو مجتمع أو فرد سياسياً فهذه جريمة إنسانية، وأن تحاول تجريد شعب من انتمائه وجذوره وتاريخه، واستبداله بانتماء هش جديد لا يحمل تاريخاً وماضياً وذكريات وجذوراً، فهذه مأساة مظلمة في الأعراف الإنسانية، وأن تحاصر شعباً بنسائه وشيوخه وشبابه، وتمارس أبشع وسائل القمع والقتل والتعذيب، فهذه جريمة حرب بحق الإنسان والإنسانية.‏‏   في الرابع عشر من كانون الأول عام 1981 طرح مجدداً قانون ضم الجولان وتم في اليوم ذاته تمرير مشروع القانون ليصبح ساري المفعول في سابقة لا مثيل لها في تاريخ الكنيست ، وقد أدرك أبناء الجولان خطورة السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى سلخهم عن انتمائهم الوطني والقومي وتجريدهم من جنسيتهم العربية السورية الموروثة من الآباء والأجداد, وأعلنوا رفضهم القاطع استلام الهوية الإسرائيلية مهما كلفهم ذلك من تضحيات ودعا مواطنو الجولان إلى اجتماع عام يطالب حكومة الاحتلال باحترام مشاعر السكان الوطنية والقومية والكف عن الممارسات الإرهابية والإجرامية والتي تطول أبناء الجولان والإفراج عن كافة المعتقلين السوريين في سجون الاحتلال , وإلغاء قرار الضم والإلحاق, والكف عن محاولات تطبيق القانون الإسرائيلي وفرض الجنسية الإسرائيلية ،  إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفضت مطالب الأهل في الجولان وردت عليها بمزيد من الاعتقالات وتشديد القبضة على المواطنين .‏   أمام هذا الوضع الجديد الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أرض الجولان كان لا بد لمواطني الجولان من تجنيد قواهم ، والدفاع عن وجودهم  وانتمائهم التاريخي والحضاري لأمتهم وشعبهم ، كما يحتمه الواجب الوطني والقومي والإنساني ، فكانت وقفتهم الجماهيرية والشعبية الواحدة نبراساً لانتزاع حقوقهم التي تستلب منهم ، وتصادر عنوة ، فكان إعلانهم خوض الإضراب العام والمفتوح احتجاجاً على الممارسات الإسرائيلية التي تبتلعهم مع أرضهم  وتاريخهم (بتاريخ 13/2/1982 اتخذنا قراراً بالإضراب العام والشامل وغير المحدود ، لم نتخذ هذا القرار تعسفاً ، ولا حباً بالإضراب ، بل يجب أن يعلم القاصي والداني أنه لم يكن لدينا أي خيار سوى الوقوف بصلابة في سبيل كرامتنا وأخلاقنا الوطنية ، غير القابلة لأي تغيير أو تبديل ، لا يسعنا إلا أن نؤكد من جديد ، وأن نعلن للملأ أنه مهما طال ليل الاحتلال علينا، فلن نتنازل عن هويتنا، وعن كوننا عرباً سوريين.‏ كما التزم أبناء الجولان بقرارات الوثيقة الوطنية الصادرة عن مواطني الجولان في 25/3/1981 والتي تعتبر دستوراً وطنياً ملزماً ، وجاء فيها: (نحن المواطنين السوريين في المرتفعات السورية المحتلة، نرى لزاماً علينا أن نعلن لكل الجهات الرسمية والشعبية في العالم أجمع، ولمنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وللرأي العام العالمي والإسرائيلي، ومن أجل الحقيقة والتاريخ وبصراحة ووضوح تامين عن حقيقة موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي، ودأبه المستمر لابتلاع شخصيتنا الوطنية، ومحاولته ضم الهضبة السورية المحتلة حيناً، وتطبيق القانون الإسرائيلي علينا حيناً آخر، وجرنا بطرق مختلفة للاندماج بالكيان الإسرائيلي، والانصهار في بوتقته، ولتجريدنا من جنسيتنا العربية السورية، التي نعتز ونتشرف بالانتساب إليها، ولا نريد بديلاً عنها، والتي ورثناها عن أجدادنا الكرام، الذين تحدرنا من أصلابهم، وأخذنا عنهم لغتنا العربية التي نتكلمها بكل فخر واعتزاز، وليست لنا لغة قومية سواها، وأخذنا عنهم أراضينا الغالية على قلوبنا وورثناها أباً عن جد منذ وجد الإنسان العربي في هذه البلاد قبل آلاف السنين، أراضينا المجبولة بعرقنا وبدماء أهلنا وأسلافنا، حيث لم يقصروا يوماً في الذود عنها وتحريرها من كل الغزاة والغاصبين على مر التاريخ، والتي نقطع العهد على أنفسنا أن نبقى ما حيينا أوفياء ومخلصين لما خلفوه لنا، وألا نفرط بشيء منه مهما طال زمن الاحتلال الإسرائيلي، ومهما قويت الضغوط علينا من قبل السلطة المحتلة لإكراهنا أو إغرائنا لسلب جنسيتنا، ولو كلفنا ذلك أغلى التضحيات، وهذا موقف بديهي وطبيعي جداً أن نقفه، وهو موقف كل شعب يتعرض كله أو جزء منه للاحتلال، وانطلاقا من شعورنا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا تجاه أنفسنا وأبنائنا وأجيالنا القادمة أصدرنا هذه الوثيقة.‏‏   إن قضية الجولان السوري حاضرة في المحافل الدولية بقوة, والشعب العربي السوري بكل قوة سواء في الجولان المحتل أو الوطن الأم يعمل على استعادة الجولان المحتل بكل السبل المتاحة بما فيها المقاومة أسلوباً كفيلاً لاستعادة الحق ودفع قضية الجولان إلى مركز الاهتمام العالمي والدولي, ومهما كانت الظروف والضغوط إلا أن ذلك لن يزيد سورية  إلا تصميماً وإصراراً على تحرير الجولان من رجس الاحتلال الصهيوني.‏‏

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة