دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
ألقت التحقيقات "الداخلية" التي أطلقتها أنقرة مؤخراً في "ملابسات" إلقاء القبض على مؤسس ما يسمى "الجيش السوري الحر" الرائد الفار حسين هرموش، بظلالها على المشهد الاستخباراتي التركي "المخترق" من قبل أكثر من دولة ومجموعة بما فيها حزب العمال الكردستاني الذي تخوض أنقرة ضد "حرباً مفتوحة".
فالباب الذي فُتح على مقاضاة ومحاسبة قادة الاستخبارات التركية، بعيد عن مرحلة الإقفال قريباً؛ فقد بات واضحاً أن قصة استدعاء كبار قادة جهاز الاستخبارات للاستماع إلى شهاداتهم كمتهمين بالتورط في التعاون مع حزب العمال الكردستاني (من ناحية عدم اتخاذ إجراءات تحول دون تنفيذ عمليات كبيرة للحزب الكردي، والتواصل معه على نحو غير قانوني)، بدأت تأخذ أبعاداً خطيرة، داخلية وخارجية.
الجديد كان ما جرى في اليومين الماضيين، على صعيدين: أولاً توقيف المسؤول السابق لجهاز الاستخبارات التركية في محافظة هاتاي، المحاذية للحدود مع سورية، المدعو «و. س.» وأربعة مسؤولين من الجهاز نفسه في المحافظة المذكورة، بعدما كشفت الصحافة التركية أن الرجل وزملاءه متورطون بتسليم المقدم السوري المنشق عن الجيش السوري، حسين هرموش، الهارب إلى الأراضي التركية، للسلطات السورية مقابل مبلغ من المال يفوق الـ 100 ألف دولار. ثانياً رفض جهاز الاستخبارات إدلاء مدير الجهاز، حقان فيدان، بشهادته في ما يتعلق بقضية حزب العمال الكردستاني أمام المدعي العام لإسطنبول، على قاعدة أن هذا الأمر مخالف للقانون، وما تلى ذلك من إصدار القضاء 4 مذكرات توقيف فورية بحق كل من نائب فيدان، آفت غونيش، وسلفه في رئاسة الجهاز إمري تانر، ومسؤولَين كبيرين آخرين.
وفي ما يتعلق باحتمال تورط جهاز الاستخبارات التركية بتسليم المقدم هرموش للسلطات السورية في أيلول الماضي، فقد تحدثت مصادر عن أن المسؤول عن الجهاز في هاتاي «و.س.» سلمه إلى الجيش السوري في مقابل 100 ألف دولار، وهو ما أدّى إلى توقيفه و4 من معاونيه المعتقلين حالياً لدى النيابة العامة في هاتاي. وأكدت مصادر صحافية تركية أن هذه الشبهة لم تكن جديدة بالنسبة إلى السلطات التركية، لكن ما حصل كان أنّ الصحافة اكتشفت خيوط القضية أمس، بما أنه جرى تسريبها ليجري الربط بينها وبين قضية مساءلة وتوقيف كبار قادة جهاز الاستخبارات التركية من المقربين جداً من الحكومة، ورئيسها رجب طيب أردوغان.
أما بشأن مسألة استدعاء فيدان وتانر وغونيش وغيرهم من مسؤولي جهاز الاستخبارات للتحقيق، فكان يجدر بهؤلاء أن يدلوا أول من أمس بشهاداتهم في النيابة العام بإسطنبول، لكن الجهاز رفض تلبية مسؤوليه للدعوة، على قاعدة أن الأمر محصور بصلاحيات القضاء في العاصمة أنقرة، حيث يجدر طلب الإذن لاستدعاء مسؤول جهاز الاستخبارات من رئيس الحكومة، لكون الجهاز تابعاً مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء. ورفض القضاء الأخذ باعتبارات الجهاز، فأصدرت النيابة العامة في إسطنبول مذكرات توقيف بحق تانر وغونيش وآخرَين، بينما اكتفت بالطلب من نظيرتها في أنقرة استدعاء فيدان، لكون مقر جهازه يقع هناك، بتهم التعاون مع «اتحاد المنظمات الكردية»، التي تعدّ بمثابة الجهاز المديني لحزب العمال الكردستاني. تطورات واكبتها الحكومة التركية بحملة دفاع مطلقة عن قادة جهاز الاستخبارات، فأطلقت وزارة الدفاع، ممثلة بالوزير سعد الله إرغن، مبادرة لتعديل قانون العقوبات التركية والنظام الداخلي لجهاز الاستخبارات، ليصبح صعباً على القضاء المدني ملاحقة مسؤولي هذا الجهاز الأمني، وذلك وفق تعليمات من أردوغان، بحسب الإعلام التركي، الذي يشير إلى أن هذه الحملة المستجدة ضد جهاز الاستخبارات موجهة من أطراف مجهولة (إما الجيش أو مجموعة فتح الله غولن أو أطراف خارجية وداخلية) ضد الحكومة على نحو خاص. وقد شلّت قضية ملاحقة قادة جهاز الاستخبارات البلد على نحو كامل، وسط اجتماعات لم تهدأ طيلة اليومين الماضيين، بين كل من فيدان وأردوغان والرئيس عبد الله غول، ورئيس أركان الجيش نجدت أوزل، ومعظم الوزراء وقادة الكتل السياسية، وسط إلحاح أحزاب المعارضة على ضرورة خروج أردوغان بشرح كامل لملابسات القضية سريعاً.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة