دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يوم دام عاشته مدينة حلب حاضرة سيف الدولة الحمداني لم تشهده في تاريخها منذ مجزرة مدرسة المدفعية التي نفذتها جماعة الإخوان المسلمين وراح ضحيتها عشرات طلاب الضابط ، فقد وصلت ضحية قتلى وجرحى التفجيرين الانتحاريين إلى 263 بين قتيل وجريح وبينهم أطفال، في محاولة فاشلة لزعزعة الاستقرار في المدينة الثانية وعاصمة البلاد الاقتصادية ، التي شهدت أكبر تظاهرة تأييد للرئيس السوري بشار الأسد في تاريخ سورية فاق عدد المشاركين فيها نظراؤهم الذين خرجوا في عاصمة الأمويين.
حلب وعزمي بشارة
كان لافتاً تكرار عزمي بشارة بعد طول غياب ضرورة أن تلتحق دمشق وحلب بالثورة متوقعاً ذلك ، في الوقت الذي كانت فيه الجهات المخططة تعمل على تهيئة أنصارها في حلب.
ولئن كان بشارة يهزأ بطلب " الثوار " تدخل الناتو طالباً منهم أن يخاطبوا حلب ودمشق بدلاً من الناتو فإن توقعات بشارة بدخول حلب بقوة على خط الاحتجاجات لا يمكن عزلها عن الخطة التي تنفذها قطر عبر أذرعة مخابراتية دولية للفرنسيين و الأتراك الدور الأكبر فيها وفق مصدر مطلع مقرب من دوائر القرار في حلب .
الخطة التي تحدث عنها لعربي برس مصدر أميركي مخابراتي سابق من واشنطن ومصدر مقرب من تنسيقية تل رفعت تقاطعت في جوانب كثيرة مع المصدر المقرب من السلطات في حلب.
وذكر مصدر تنسيقية تل رفعت أن الخطة كانت تعتمد على التفجيرين الانتحاريين لتوجيه ضربة شديدة على الرأس الأمني تفقده صوابه لساعات و استغلال ذلك للخروج بمظاهرات غاضبة بالاشتراك مع مسلحي ما يسمى الجيش السوري الحر تتوجه إلى أقسام الشرطة وتحرقها بالتزامن مع هجمات طيارة على فروع الأمن و إشغالها أكثر.
و أضاف المصدر : تقوم العناصر الإعلامية في التنسيقيات بتصوير وتوثيق حرقها بعد الاستيلاء على السلاح الموجود فيها وبث ذلك في القنوات الفضائية كدليل على بدء الانتفاضة الشعبية في حلب و تشجيع مؤيدي الثورة على الخروج للتظاهر و تأمين زخم عددي بعد إشاعة سقوط العشرات خلال الاشتباكات والتوجه فوراً إلى ساحة سعد الله الجابري لاحتلالها .
وأكد المصدر أن " خلافات حادة وقعت بين قادة المسلحين في تلرفعت ومارع وعندان إثر بث التلفزيون السوري لمشاهد عن التفجيرين و شعور أبناء الريف بأن الخوف تسرب إلى نفوس زعماء التنسيقيات في أحياء حلب وخشيتهم من ردة فعل أمنية عنيفة على المتظاهرين و إبلاغهم أن انتشاراً امنيا مكثفاً شهدته حلب و كأن التفجيرين لم يؤثرا في قدرة الأجهزة الأمنية على الانتشار بالأخص مع استنفار مفاجىء لعناصر عشائرية وشعبية مساندة للأمن " وجزم المصدر بأسف " تردد الكثيرين من المسلحين وزعماء تنسيقيات الريف الذين اجتمعوا في تلرفعت في التوجه إلى حلب بعد التفجيرات ، و أبدوا خشيتهم على عناصرهم الذين توجهوا قبل يومين للمبيت في شقق خلاياهم النائمة ".
وتابع المصدر مؤكداً أن " عدداً من المسلحين قرر التوجه إلى حلب بعد ظهور العقيد عارف محمود على قناة فرانس 24 وذكره أن هجوماً على المركزين الأمنيين سبق التفجير ، إلا أن المسلحين عادوا أدراجهم بسبب الحضور الأمني المكثف عند البلليرمون وحتى مجمع كارفور " .
و ذهب المصدر إلى القول إن " الأمر يشبه يوم الزحف إلى حلب إبان قدوم المراقبين العرب و الذي مني بالفشل الذريع بسبب خلافات بين زعماء التنسيقيات الذين قدروا أن التوجه من حريتان إلى حلب بتظاهرة لا تضم أكثر من 2500 شخص سيتم تفريقها فور سيرها على الاوتوستراد ولعلمهم بأن مظاهرات باب النيرب وصلاح الدين و سيف الدولة والصاخور فشلت في جمع أكثر من بضع مئات " .
خطة محكمة وتنفيذ سيء
و في المعلومات التي حصل عليها عربي برس فإن نحو 50 مسلحاً قدموا من محافظة إدلب حاولوا اقتحام كتيبة حفظ النظام التابعة لقيادة شرطة محافظة حلب لتصفية المجندين والعناصر الموجودين فيها إثر التفجير الانتحاري واستغلال الصدمة والارتباك الحاصلين، بالتزامن مع تحرك عشرات المسلحين في المرجة و الفردوس وصلاح الدين للسيطرة على تلك الأحياء وقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة و الحجارة .
وحال القدوم السريع للتعزيزات الأمنية إلى مقر كتيبة حفظ النظام دون البدء بالعملية وفرار المسلحين إلى مقبرة جبل العظام وباتجاه شارع ميسلون حيث اختفوا في ما يبدو أنه ملاذات آمنة .
و أكد المصدر المطلع لعربي برس أن المسلحين الذين مكثوا في مقبرة جبل العظام حتى صلاة الظهر قام أربعة منهم بالاستيلاء على سيارة لمواطن وتوجهوا بها نحو دوار التليفون الهوائي حيث تبادلوا إطلاق النار مع العناصر المنتشرين بكثافة على الدوار ليقعوا في قبضة الأمن والمواطنين الذين أحاطوا بهم .
و أضاف أن القوى الأمنية حاصرت مقبرة جبل العظام ونشرت عناصرها على الأبنية المطلة على المنطقة ، وشرعت بتمشيط المنطقة حيث ألقي القبض على أربعة من الإرهابيين و استمرت الاشتباكات في المقبرة ومحيطها حتى الساعة السادسة مساء ، حيث سقط ثلاثة من المسلحين و تم اعتقال أربعة بعد إصابتهم حيث نقول التلقي العلاج في أحد مشافي المنطقة الخاصة .
و دارت اشتباكات في حي المرجة إثر قطع الاوتوستراد عند منطقة الحاووظ ، فيما تسلل مسلحون و أطلقوا النار على دوريات شرطة بالقرب من المكان ، وفي سيف الدولة حاولت إحدى المظاهرات التي شارك بها مسلحون التقدم باتجاه قسمي شرطة السكري و الأنصاري إلا أن القوى الأمنية تصدت لهم وأجبرتهم على التفرق وسط إطلاق نار، وهذا ما تكرر في الفردوس و صلاح الدين .
حصيلة الاشتباكات كانت سقوط أربعة قتلى و أكثر من ثلاثين جريحاً ، و استمر تعقب المسلحين الذين هاموا على وجوههم في المدينة حتى الليل و ألقي القبض على أربعة مسلحين في شارع الفيللات .
الاشتباكات التي اعقبت التفجيرات جعلت سكان المدينة يتحسرون على الأمن الذي لاحت بوادر اضطرابه في المدينة التي أصبحت اشكالية خاصة في سورية ، فهي قلعة سابقة للاخوان إبان مواجهاتهم الدموية مع سلطة البعث
واجهات إعلامية
المصدر المطلع ذهب إلى القول لدى الجهات المعنية تفاصيل الخطة التي فرضت من قبل المخابرات التركية على زعماء التنسيقيات في حلب وريفها و تفاصيل الخلافات التي وقعت فيما بينهم حيث ألح الناشطون في مخيمات لواء اسكندرون الذين يتلقون التعليمات من المخابرات التركية منسوبة للعقيد الفار رياض الأسعد عبر شخص يدعى محمد الحلبي ، على تنسيقيات حلب وريفها على تنفيذ الخطة في حين كان رأي تنسيقيات الداخل التريث حتى بداية آذار لتفجير حلب .
و أكد المصدر أن خلافات بين التنسيقيات وقعت و جعلت قسماً يحجم عن المشاركة في حين كانت حجة الطرف المتشدد في وجوب المشاركة هو تخفيف الضغط عن حمص .
و أشار المصدر إلى أن الخلافات تعززت بين الطرفين إثر ظهور العقيد رياض الأسعد نافياً مسؤولية" الجيش الحر " عن تفجير مقري الأمن وحفظ النظام ومكذبا ما قاله العقيد عارف محمود عن مسوؤلية الجيش الحر عن العملية .
و أشار المصدر إلى أن بعض المثقفين و أصحاب الشهادات المنضوين في التنسيقيات بدأوا يشعرون بالعجز عن تحريك المظاهرات في مدينة حلب مما أفسح مجالاً للمتشددين بفرض خطة التفجير في جمعة النفير العام باعتبارها الفرصة الوحيدة لكسر هيبة السلطة في مدينة حلب و وللاستفادة من الزخم المتوقع للمظاهرات في جمعة اطلقت عليها تسمية جمعة النفير العام و تم التحضير لها إعلامياً بإعلان الجهاد في سورية وجوب النصرة للجيش السوري الحر من قبل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ( القرضاوي ) و هيئة علماء سوريا الذي يعد واجهة للإخوان المسلمين السوريين .
و أكد المصدر أن المخابرات الفرنسية جهزت فرقة خاصة من القناصة المرتزقة من بلدان عربية و إسلامية موجودة في لواء اسكندرون كان سيتم إدخالها إلى حلب بعد أيام من اضطراب الأمن فيها و مهمتها العمل في المناطق التي يتم إخراجها من سيطرة السلطة وضرب الحواجز الأمنية التي سينصبها الأمن على مداخل الأحياء المسيطر عليها لزرع الرعب في قلوب العناصر و جر السلطات لإدخال الجيش و زيادة عدد حواجز التفتيش بما يرهق المواطنين ويزيد من النقمة .
فشلت خطط جر حلب للحراك السوري فلا المدينة خرجت في رمضان حيث صلاة التروايح هي كصلاة الجمعة التي كان الثوار ينتظرونها كل سبعة أيام ، ولا ثارت في يوم بركان حلب ولا اهتزت في يوم زلزال الشهباء .
فهل الدم و التفجيرات وتنبؤات عزمي بشارة قادرة على تحويل هذه المدينة من مؤيدة وصامتة إلى ثائرة و مسلحة ؟
المصدر: محمد أحمد سعيد - ماهر العظمة - عربي برس
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة