قسّم الفيتو الروسي ـ الصيني ضد مشروع القرار العربي حول سورية، المحللين الأميركيين والبريطانيين بين غاضب، ومستغرب، ولائم، ومطمئن، ومصعِّد. الغاضبون كثر، ممن رأوا في الفيتو الأخير «ضربة قاضية لكل الجهود التي بذلت في الاشهر الاخيرة باتجاه الضغط على النظام السوري». المستغربون، هم من تساءلوا عن فائدة أن تخسر روسيا والصين الغرب والعرب والولايات المتحدة الاميركية وبلدان «الربيع العربي»...

وتربحا سورية؟ واللائمون وجّهوا عتبهم للادارة الاميركية لأنها «حيّدت الخيار العسكري وأعلنت تخلّيها عنه في وقت مبكر». أما المطمئنون فيرون أن ردّ الفعل الاخير للدولتين العملاقتين لا يدلّ سوى على «ازدياد عزلتهما وضعفهما على الصعيد الدولي». من جهتهم، استمر دعاة التدخل العسكري المباشر بالتصعيد وطلب العون من الدول العربية الاخرى لحلّ الأزمة السورية عسكرياً والانتهاء من الكابوس الروسي ـ الصيني.

فلماذا تعاند روسيا العالم وتصر على دعم النظام السوري؟ وما الذي يدفع الصين للقيام بالمثل؟ بعض الصحافيين والباحثين الأميركيين حاولوا فهم الموقفين اللذين يشلّان تقدم الجهود الغربية ـ العربية باتجاه إسقاط نظام بشار الاسد.

أجمع معظم المحللين على وجود مصالح كبيرة لروسيا في الجمهورية السورية وأبرزها: أن سوريا هي الحليف الوحيد المتبقي لها في المنطقة، عقود السلاح المبرمة بين الدولتين، القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، مشاريع تبادل النووي المستقبلية...

ديمتري ترينين، في مجلة «فورين أفيرز»، يعود الى العلاقات الروسية ـ السوفياتية مع سوريا، فيذكّر بأن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد «كان من بين الرؤساء الذين اعتمد عليهم السوفيات في المنطقة لجهة ضمان عدم ارتمائه في أحضان واشنطن، على خلاف الرئيس المصري أنور السادات مثلاً». ويضيف ترينين «جهز الاتحاد السوفياتي الجيش السوري ودرّب عناصره في حربه ضد الامبريالية والولايات المتحدة واسرائيل خلال الحرب الباردة». المحلل الروسي يردف «وفيما خسرت روسيا ما بعد الحرب الباردة، دولة مصر في المنطقة، أبقى النظام السوري علاقاته مع روسيا بسبب حاجة سوريا للسلاح وأيضاً بسبب عدم ثقة الأسد بالولايات المتحدة». إضافة الى العلاقات التاريخية، يقول ترينين إن هناك سبباً آخر يدفع موسكو لاستخدام الفيتو وهو: التجربة الليبية. الباحث، يشرح أن «موسكو تعلمت الدرس جيداً من التدخل العسكري الاخير في ليبيا. إذ إنها غير راضية عما آلت اليه الامور بعدما امتنعت عن التصويت في جلسة مجلس الامن الخاصة بالحظر الجوي على ليبيا. فالحظر تحول حربا للأطلسي للقضاء على معمر القذافي أدت الى سقوط عدد كبير من المدنيين، وتحمّل موسكو قوات حلف الأطلسي مسؤولية ذلك». لذا، يضيف ترينين، «تشكك روسيا اليوم في نوايا الولايات المتحدة بشأن سوريا، كما تخشى حرباً أميركية ـ إيرانية تبدو قريبة». لكن الكاتب يلوم روسيا على «تضييع الوقت بمراقبة الآخرين وانتقادهم من دون انتهاج أي دور فاعل خاص بها في المنطقة». والكاتب يستشهد بدعوة موسكو النظام السوري والمعارضة للحوار نهاية الشهر الماضي، «فات الأوان، إذ إن المعارضة السورية باتت تريد شنق الرئيس وليس الحوار معه. ربما كانت الدعوة قد أثمرت لو وجهت قبل سنة».

عن فشل «الأطلسي» والغرب في ليبيا، يقول أيضاً جوشوا فاوست في «ذي أتلانتيك» إن «روسيا والصين تدلان على الوضع الكارثي في ليبيا بعد التدخل العسكري وتقولان لا نريد تكرار ذلك في سوريا». «روسيا لا تريد أيضاً أن تتيح المجال للغرب بالتصرف في سوريا كما يفعلون، عكس رغباتها، في ليبيا بعد سقوط القذافي»، يردف فاوست.

 

انتصار مزدوج

 

«إذا كانت روسيا والصين تكرهان أن يدعو طرف ثالث الى تغيير النظام في سوريا، فما تبغضانه أكثر هو أن يتمّ تغيير النظام من خلال تدخل عسكري»، يشرح روبرت ساتلوف في مقال في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى». لذا، يقول ساتلوف «كان من الخطأ إزالة التهديد الاميركي بالتدخل من المعادلة السورية». المدير التنفيذي للمعهد الاميركي، يصف ما جرى في مجلس الأمن بـ«الانتصار المزدوج لموسكو وبكين. فهما لم تنجحا فقط بمنع قرار لا يروق لهما، بل تمكنتا من انتزاع تعهد أميركي بعدم التدخل عسكرياً في سوريا، وهو الأمر الذي كان يخيفهما».

ماذا عن الصين؟ تحت عنوان «لماذا تصوّت بكين مع موسكو؟» كتب مينكسين باي، في صحيفة «نيويورك تايمز»، شارحاً أن سبب الفيتو الصيني الأخير «لا يرتبط بالعلاقات الصينية مع دمشق، لكنه مرتبط مباشرة بالتعاون الدبلوماسي مع موسكو». باي يشير الى أن الصين «ومنذ انضمامها الى مجلس الامن عام ١٩٧١ لم تستخدم حق الفيتو سوى ثماني مرّات، معظمها في قضايا ذات أهمية لمصالحها الوطنية»، فلماذا من بين المرات الثماني تلك، فيتوان حول الأزمة في سوريا؟ «يبدو أن هناك تفاهماً استراتيجياً بين روسيا والصين يقول: سنعمل معاً على تحدي الغرب، تجنباً للانعزال»، يخلص الكاتب، ويردف «الصين ستذعن لموسكو في الامور التي تهمّ الأخيرة (مثل سوريا) وموسكو ستقوم بالمثل في القضايا الحساسة بالنسبة للصين (مثل بورما وزيمبابوي)».

«تقارب العلاقات الروسية ـ الصينية هو إحدى ثمار الربيع العربي الذي فشلت عقود من الحكم السوفياتي في تحقيقه»، تعلّق مجلة «ذي إيكونوميست» على مدونتها «نيوزبوك». ثم «تطمئن» المجلة قرّاءها قائلة «إن الفيتو الروسي ـ الصيني الاخير هو دليل واضح على عزلة الدولتين الكلية على الصعيد الدولي. وقرارهما لم يساهم فقط بحشرهما في زاوية الدفاع عن نظام قمعي بل هو قوّى التحالف الذي نشأ خلال الثورة الليبية بين الديموقراطيات الغربية والتحركات الديموقراطية العربية والجامعة العربية».

ومن بين المتفائلين والمطمئنين أيضاً، بول يونيتشيلي في مجلة «فورين بوليسي»، الذي وصف القرار الثنائي في مجلس الأمن بأنه دليل على «يأس روسيا وجمود الصين». بونيتشيلي يقول إن «دعوة الروس إلى أن يكون هناك توازن في القرار الاممي، قد يكون صالحاً وضرورياً في أيام الحرب الباردة. لكن الحرب الباردة انتهت. واليوم شعوب الشرق الأوسط ثارت على أنظمتها القمعية وأسقطتها ولن يردعها حتى الموت. لذا، فالدعوة الى التوازن تعني الوقوف الى جانب من يقتل مواطنيه ويرتكب المجازر بحقهم». فـ«جنيّ الديموقراطية خرج من القمقم» يردف الكاتب.

أرييل كوهين، في «ذي ناشيونال إنترست»، يرى من جهته أن الفيتو الروسي ـ الصيني الاخير «هو صفعة جديدة لسياسة إعادة التشغيل التي أطلقها الرئيس باراك أوباما مع روسيا»، لذا يدعو كوهين الرئيس الاميركي الى «محاسبة روسيا لقيامها بأفعال تهدد المصالح الاميركية». الكاتب ينقل عن محللين روس قولهم إنه «إذا سقط الأسد، فإن الكرملين سيكتسب سمعة جيدة بأنه يحافظ على حلفائه ويدعمهم حتى النهاية، بعكس الولايات المتحدة التي تخلت عن حليفها حسني مبارك بسرعة».

 

ماذا بعد الفيتو؟

 

يعرض روبرت ساتلوف في مقاله، خطوات «قوية» يقول إن على الادارة الاميركية اعتمادها في سوريا الآن وهي: دعم المجموعات المسلحة المعادية للنظام لوجستياً ومادياً وإقامة مناطق دفاعية إنسانية على طول الحدود السورية.

مجلة «ذي إيكونوميست» تقول بدورها، إنه إذا لم تنجح الجهود في إقناع روسيا بأن ترعى مرحلة انتقالية يسلّم فيها الأسد السلطة وتحتفظ هي بمصالحها في البلد، واذا استمر القتل، فإن ذلك سيتبعه حتماً تدخل خارجي في سوريا.

 

لتبقَ الولايات المتحدة خارج سوريا

 

من بين الأصوات القليلة التي تدعو الى عدم التدخل الأميركي بالشؤون السورية، برز مقال للكاتب والمدون روبرت دريفوس في صحيفة «ذي نايشن» الاميركية، بعنوان «لتبقَ الولايات المتحدة خارج سوريا». دريفوس يشرح في مقاله أن «الذين يريدون تغيير النظام في سوريا اليوم هم: القوى السنية البارزة في العالم العربي مثل المملكة السعودية وتركيا، كما جماعة الاخوان المسلمين، لكن بطريقة أقلّ علانية. ومن يدعم كل هؤلاء، هم «حلف شمالي الأطلسي» والولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها الذين أغضبهم بشدة قرار الفيتو الروسي ـ الصيني». وعن المعارضة السورية يقول دريفوس إنها «في أحسن الاحوال شديدة الضبابية». الكاتب يشير الى أن «صقور اليمين في السياسة الاميركية والمحافظين الجدد والموالين لإسرائيل هم من يدعون الى التدخل العسكري في سوريا والى تسليح المتمردين». أما بالنسبة إلى السعودية ودول الخليج وتركيا، فالأمر ليس سوى «بناء تحالف سني معاد للشيعة بوجه إيران»، يخلص الكاتب.

 

 

  • فريق ماسة
  • 2012-02-10
  • 12674
  • من الأرشيف

غضب أميركي على روسيا: «أخـبروها أن الحرب الباردة انتهت»

قسّم الفيتو الروسي ـ الصيني ضد مشروع القرار العربي حول سورية، المحللين الأميركيين والبريطانيين بين غاضب، ومستغرب، ولائم، ومطمئن، ومصعِّد. الغاضبون كثر، ممن رأوا في الفيتو الأخير «ضربة قاضية لكل الجهود التي بذلت في الاشهر الاخيرة باتجاه الضغط على النظام السوري». المستغربون، هم من تساءلوا عن فائدة أن تخسر روسيا والصين الغرب والعرب والولايات المتحدة الاميركية وبلدان «الربيع العربي»... وتربحا سورية؟ واللائمون وجّهوا عتبهم للادارة الاميركية لأنها «حيّدت الخيار العسكري وأعلنت تخلّيها عنه في وقت مبكر». أما المطمئنون فيرون أن ردّ الفعل الاخير للدولتين العملاقتين لا يدلّ سوى على «ازدياد عزلتهما وضعفهما على الصعيد الدولي». من جهتهم، استمر دعاة التدخل العسكري المباشر بالتصعيد وطلب العون من الدول العربية الاخرى لحلّ الأزمة السورية عسكرياً والانتهاء من الكابوس الروسي ـ الصيني. فلماذا تعاند روسيا العالم وتصر على دعم النظام السوري؟ وما الذي يدفع الصين للقيام بالمثل؟ بعض الصحافيين والباحثين الأميركيين حاولوا فهم الموقفين اللذين يشلّان تقدم الجهود الغربية ـ العربية باتجاه إسقاط نظام بشار الاسد. أجمع معظم المحللين على وجود مصالح كبيرة لروسيا في الجمهورية السورية وأبرزها: أن سوريا هي الحليف الوحيد المتبقي لها في المنطقة، عقود السلاح المبرمة بين الدولتين، القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، مشاريع تبادل النووي المستقبلية... ديمتري ترينين، في مجلة «فورين أفيرز»، يعود الى العلاقات الروسية ـ السوفياتية مع سوريا، فيذكّر بأن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد «كان من بين الرؤساء الذين اعتمد عليهم السوفيات في المنطقة لجهة ضمان عدم ارتمائه في أحضان واشنطن، على خلاف الرئيس المصري أنور السادات مثلاً». ويضيف ترينين «جهز الاتحاد السوفياتي الجيش السوري ودرّب عناصره في حربه ضد الامبريالية والولايات المتحدة واسرائيل خلال الحرب الباردة». المحلل الروسي يردف «وفيما خسرت روسيا ما بعد الحرب الباردة، دولة مصر في المنطقة، أبقى النظام السوري علاقاته مع روسيا بسبب حاجة سوريا للسلاح وأيضاً بسبب عدم ثقة الأسد بالولايات المتحدة». إضافة الى العلاقات التاريخية، يقول ترينين إن هناك سبباً آخر يدفع موسكو لاستخدام الفيتو وهو: التجربة الليبية. الباحث، يشرح أن «موسكو تعلمت الدرس جيداً من التدخل العسكري الاخير في ليبيا. إذ إنها غير راضية عما آلت اليه الامور بعدما امتنعت عن التصويت في جلسة مجلس الامن الخاصة بالحظر الجوي على ليبيا. فالحظر تحول حربا للأطلسي للقضاء على معمر القذافي أدت الى سقوط عدد كبير من المدنيين، وتحمّل موسكو قوات حلف الأطلسي مسؤولية ذلك». لذا، يضيف ترينين، «تشكك روسيا اليوم في نوايا الولايات المتحدة بشأن سوريا، كما تخشى حرباً أميركية ـ إيرانية تبدو قريبة». لكن الكاتب يلوم روسيا على «تضييع الوقت بمراقبة الآخرين وانتقادهم من دون انتهاج أي دور فاعل خاص بها في المنطقة». والكاتب يستشهد بدعوة موسكو النظام السوري والمعارضة للحوار نهاية الشهر الماضي، «فات الأوان، إذ إن المعارضة السورية باتت تريد شنق الرئيس وليس الحوار معه. ربما كانت الدعوة قد أثمرت لو وجهت قبل سنة». عن فشل «الأطلسي» والغرب في ليبيا، يقول أيضاً جوشوا فاوست في «ذي أتلانتيك» إن «روسيا والصين تدلان على الوضع الكارثي في ليبيا بعد التدخل العسكري وتقولان لا نريد تكرار ذلك في سوريا». «روسيا لا تريد أيضاً أن تتيح المجال للغرب بالتصرف في سوريا كما يفعلون، عكس رغباتها، في ليبيا بعد سقوط القذافي»، يردف فاوست.   انتصار مزدوج   «إذا كانت روسيا والصين تكرهان أن يدعو طرف ثالث الى تغيير النظام في سوريا، فما تبغضانه أكثر هو أن يتمّ تغيير النظام من خلال تدخل عسكري»، يشرح روبرت ساتلوف في مقال في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى». لذا، يقول ساتلوف «كان من الخطأ إزالة التهديد الاميركي بالتدخل من المعادلة السورية». المدير التنفيذي للمعهد الاميركي، يصف ما جرى في مجلس الأمن بـ«الانتصار المزدوج لموسكو وبكين. فهما لم تنجحا فقط بمنع قرار لا يروق لهما، بل تمكنتا من انتزاع تعهد أميركي بعدم التدخل عسكرياً في سوريا، وهو الأمر الذي كان يخيفهما». ماذا عن الصين؟ تحت عنوان «لماذا تصوّت بكين مع موسكو؟» كتب مينكسين باي، في صحيفة «نيويورك تايمز»، شارحاً أن سبب الفيتو الصيني الأخير «لا يرتبط بالعلاقات الصينية مع دمشق، لكنه مرتبط مباشرة بالتعاون الدبلوماسي مع موسكو». باي يشير الى أن الصين «ومنذ انضمامها الى مجلس الامن عام ١٩٧١ لم تستخدم حق الفيتو سوى ثماني مرّات، معظمها في قضايا ذات أهمية لمصالحها الوطنية»، فلماذا من بين المرات الثماني تلك، فيتوان حول الأزمة في سوريا؟ «يبدو أن هناك تفاهماً استراتيجياً بين روسيا والصين يقول: سنعمل معاً على تحدي الغرب، تجنباً للانعزال»، يخلص الكاتب، ويردف «الصين ستذعن لموسكو في الامور التي تهمّ الأخيرة (مثل سوريا) وموسكو ستقوم بالمثل في القضايا الحساسة بالنسبة للصين (مثل بورما وزيمبابوي)». «تقارب العلاقات الروسية ـ الصينية هو إحدى ثمار الربيع العربي الذي فشلت عقود من الحكم السوفياتي في تحقيقه»، تعلّق مجلة «ذي إيكونوميست» على مدونتها «نيوزبوك». ثم «تطمئن» المجلة قرّاءها قائلة «إن الفيتو الروسي ـ الصيني الاخير هو دليل واضح على عزلة الدولتين الكلية على الصعيد الدولي. وقرارهما لم يساهم فقط بحشرهما في زاوية الدفاع عن نظام قمعي بل هو قوّى التحالف الذي نشأ خلال الثورة الليبية بين الديموقراطيات الغربية والتحركات الديموقراطية العربية والجامعة العربية». ومن بين المتفائلين والمطمئنين أيضاً، بول يونيتشيلي في مجلة «فورين بوليسي»، الذي وصف القرار الثنائي في مجلس الأمن بأنه دليل على «يأس روسيا وجمود الصين». بونيتشيلي يقول إن «دعوة الروس إلى أن يكون هناك توازن في القرار الاممي، قد يكون صالحاً وضرورياً في أيام الحرب الباردة. لكن الحرب الباردة انتهت. واليوم شعوب الشرق الأوسط ثارت على أنظمتها القمعية وأسقطتها ولن يردعها حتى الموت. لذا، فالدعوة الى التوازن تعني الوقوف الى جانب من يقتل مواطنيه ويرتكب المجازر بحقهم». فـ«جنيّ الديموقراطية خرج من القمقم» يردف الكاتب. أرييل كوهين، في «ذي ناشيونال إنترست»، يرى من جهته أن الفيتو الروسي ـ الصيني الاخير «هو صفعة جديدة لسياسة إعادة التشغيل التي أطلقها الرئيس باراك أوباما مع روسيا»، لذا يدعو كوهين الرئيس الاميركي الى «محاسبة روسيا لقيامها بأفعال تهدد المصالح الاميركية». الكاتب ينقل عن محللين روس قولهم إنه «إذا سقط الأسد، فإن الكرملين سيكتسب سمعة جيدة بأنه يحافظ على حلفائه ويدعمهم حتى النهاية، بعكس الولايات المتحدة التي تخلت عن حليفها حسني مبارك بسرعة».   ماذا بعد الفيتو؟   يعرض روبرت ساتلوف في مقاله، خطوات «قوية» يقول إن على الادارة الاميركية اعتمادها في سوريا الآن وهي: دعم المجموعات المسلحة المعادية للنظام لوجستياً ومادياً وإقامة مناطق دفاعية إنسانية على طول الحدود السورية. مجلة «ذي إيكونوميست» تقول بدورها، إنه إذا لم تنجح الجهود في إقناع روسيا بأن ترعى مرحلة انتقالية يسلّم فيها الأسد السلطة وتحتفظ هي بمصالحها في البلد، واذا استمر القتل، فإن ذلك سيتبعه حتماً تدخل خارجي في سوريا.   لتبقَ الولايات المتحدة خارج سوريا   من بين الأصوات القليلة التي تدعو الى عدم التدخل الأميركي بالشؤون السورية، برز مقال للكاتب والمدون روبرت دريفوس في صحيفة «ذي نايشن» الاميركية، بعنوان «لتبقَ الولايات المتحدة خارج سوريا». دريفوس يشرح في مقاله أن «الذين يريدون تغيير النظام في سوريا اليوم هم: القوى السنية البارزة في العالم العربي مثل المملكة السعودية وتركيا، كما جماعة الاخوان المسلمين، لكن بطريقة أقلّ علانية. ومن يدعم كل هؤلاء، هم «حلف شمالي الأطلسي» والولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها الذين أغضبهم بشدة قرار الفيتو الروسي ـ الصيني». وعن المعارضة السورية يقول دريفوس إنها «في أحسن الاحوال شديدة الضبابية». الكاتب يشير الى أن «صقور اليمين في السياسة الاميركية والمحافظين الجدد والموالين لإسرائيل هم من يدعون الى التدخل العسكري في سوريا والى تسليح المتمردين». أما بالنسبة إلى السعودية ودول الخليج وتركيا، فالأمر ليس سوى «بناء تحالف سني معاد للشيعة بوجه إيران»، يخلص الكاتب.    

المصدر : الاخبار /صباح أيوب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة