أكد المرشد الاعلى للثورة الإسلامية في ايران آية الله علي خامنئي أمس، ان بلاده لن ترضخ للضغوط الغربية وسترد التهديد بالتهديد، فيما توجّه في خطبة باللغة العربية إلى «أبناء الأمة الإسلامية»، خصّصها للتأكيد على ان الثورات العربية تحمل «مشروعا إسلاميا»، والتحذير من «ألاعيب» الغرب واسرائيل و«الدولارات النفطية»، مشددا على أن ايران ستدعم من الآن فصاعدا «أي بلد أو مجموعة تعارض الكيان الصهيوني».

إلى ذلك، أطلقت ايران قمرا اصطناعيا اسمه «نويد» وتعني بالفارسية «وعد»، وهو الثالث والأكبر الذي تضعه ايران في المدار منذ العام 2009. وقال رئيس منظمة الفضاء الايرانية حميد فاضلي «تم إطلاق القمر الصناعي نويد بنجاح... وسيوضع في مدار على ارتفاع 250 الى 370 كلم». وأوضح ان «القمر الصناعي يزن 50 كلغ». وقال فاضلي ان القمر الصناعي «نويد» الذي تقضي مهمته بـ«التقاط صور للارض» بنته جامعة العلم والصناعة ومن المتوقع أن يعمل لمدة سنة ونصف السنة ويقوم بـ«دورة حول الارض كل تسعين دقيقة». من جهته، قال وزير الدفاع أحمد وحيدي ان الصور التي يلتـقطها القمر ستنقل الى «عدد من المحطات الارضية التي أقيمت في جميع أنحاء البلاد» لمتابعة القمر والتحكم به.

إيران: الداخل والخارج

وفي الشأن الايراني قال خامنئي في خطبة الجمعة في طهران لمناسبة ذكرى «عشرة الفجر» الذكرى الـ33 لانتصار الثورة الإسلامية في ايران، إن «ايران لن

تتراجع عن مبادئها وأهدافها رغم كل المحاولات الغربية لفرض المزيد من الحظر عليها وتركيع الشعب الايراني». وأضاف «لا نكترث بالتهديدات النفطية ولنا تهديداتنا التي سنطرحها وننفذها في وقتها».

وقال خامنئي إن «المسؤولين الأميركيين يرددون أن كل الخيارات على الطاولة. هذه الجملة تعني تهديدا بالحرب، لكن الجميع يعلم أن هذا التهديد سيؤذي أميركا، لأنها إذا دخلت في حرب فستتضرر 10 مرات أكثر».

وعلى صعيد آخر دعا خامنئي إلى «المشاركة الشعبية والجماهيرية في الانتخابات المقبلة لمجلس الشورى الإسلامي» في آذار المقبل، مؤكدا أنها «تضمن مستقبل البلاد وتعزز قوتها». كما دعا إلى «منافسة سليمة في الانتخابات البرلمانية، وأخذ العبرة من الانتخابات الرئاسية السابقة في القضايا الامنية».

«المشروع الإسلامي» وإسرائيل

لكن الأبرز في إمامة خامنئي للمصلين في طهران امس، كان خطبته الثانية التي ألقاها باللغة العربية، وتوجه فيها إلى «أبناء أمتنا الإسلامية في كل مكان»، لمناسبة «الذكرى الاولى لربيع الصحوة الإسلامية، ونهضة إخوتنا العرب رجالا ونساء من مصر وتونس وليبيا حتى البحرين واليمن والأردن وبعض البقاع الإسلامية الأخرى».

وأكد خامنئي أن «المزاعم بتدخل ايران في البحرين غير صحيحة. لو تدخلنا في البحرين لكانت الامور قد اختلفت»، وأضاف «نحن نعلن بوضوح عندما نتدخل كما حصل في انتصارات حربي الـ33 يوما والـ22 يوما في لبنان وغزة، نتيجة معارضتنا للورم السرطاني المتمثل بالكيان الصهيوني. ونعلن أننا سندعم من الآن فصاعدا أي بلد أو مجموعة يعارض الكيان الصهيوني. ولا خوف لدينا من إعلان ذلك». كما أكد أن «إسرائيل زائلة لا محالة ولا ينبغي أن تبقى وسوف لا تبقى بإذن الله تعالى»، معتبرا أن «بدء الانحراف في الثورات الراهنة هو الرضوخ لبقاء الكيان الصهيوني، ومواصلة محادثات الاستسلام التي وضعت أساسها الأنظمة الساقطة».

وقال خامنئي إن «انتخابات تونس ومصر وشعارات وتوجّهات الشعوب في اليمن والبحرين وسائر البلدان العربية تدلّ بوضوح أنهم يريدون أن يكونوا مسلمين معاصرين دونما إفراط متعجرف أو تفريط متغرّب، وبشعار «الله أكبر» يريدون ضمن مشروع إسلامي وبالتأليف بين المعنوية والعدالة والتعقّل وبأسلوب السيادة الشعبية الدينية، أن يتحرّروا من قرن من التحقير والاستبداد والتخلّف والاستعمار والفساد والفقر والتمييز. وهذا هو الطريق الصحيح»، مضيفا أن «كل ادعاء آخر بشأن طبيعة هذه الثورات التي انطلقت بشعار «الله اكبر» إنما هو تجاهلٌ للواقع من أجل أهداف مبطَّنة وبالتالي لدفع هذه الثورات نحو الانحراف».

وأضاف خامنئي أن «إيران لا تستهدف نشر التوجّه الإيراني أو الشيعي بين المسلمين. إيران تنهج طريق الدفاع عن القرآن والسنة وإحياء الأمة الإسلامية. الثورة الإسلامية تعتقد أن مساعدة المجاهدين من أهل السنّة في منظمات حماس والجهاد، والمجاهدين الشيعة في حزب الله وأمل واجب شرعي وتكليف إلهي دونما تمييز بين هذا وذاك»، وتابع قائلا «حكومة إيران تعلن بصوت مرتفع قاطع أنها تؤمن بنهضة الشعوب لا بالإرهاب، وبوحدة المسلمين لا بالغلبة والتناحر المذهبي، وبالأخوة الإسلامية لا بالتعالي القومي والعنصري، وبالجهاد الإسلامي لا بالعنف تجاه الآخر، وهي ملتزمة بذلك إن شاء الله».

3 أطراف في ساحة الثورات

وقال خامنئي إن «الأطراف المختلفة الحاضرة في ساحة الثورات» ثلاثة، هي أولا «اميركا والناتو والنظام الصهيوني ومن لفه لفهم وانخرط معهم في بعض الأنظمة العربية»، وثانيا «الجماهير وعامة الشباب»، وثالثا «الأحزاب والناشطون الإسلاميون وغير الإسلاميين».

واعتبر المرشد الاعلى الايراني أن «الفريق الاول هم الخاسرون الأصليون في مصر وتونس وفي سائر البلدان الناهضة». وأكد أن «الأنظمة التابعة والمحافظة العربية أيضاً تقف إلى جانب أميركا والناتو، ولو من أجل حفظ كراسيها، وتسعى بكل قواها لإيقاف عجلة الزمن ودفع ثورات المنطقة إلى الوراء أو سوقها نحو طريق مجهول، ورأسمالهم الوحيد في هذه المساعي دولارات النفط، وهدفهم الأساس هزيمة الشعوب في مصر وتونس واليمن والبحرين وحفظ ثبات الكيان الصهيوني وضمان بقائه وإنزال الضربة بجبهة المقاومة في المنطقة».

وبخصوص «المجموعة الثانية والأصلية (التي) هي الشعوب»، أكد خامنئي أن «ميزان التوجه نحو المساجد والالتزام بالمظاهر الإسلامية ومنها الحجاب والزيّ الإسلامي للمرأة قد ازداد خلال السنوات الخمس من العام 2003 إلى العام 2008 بنسبة أربعين إلى خمسة وسبعين في المئة بين الشعوب من مصر والأردن حتى تركيا وماليزيا وغيرها من البلدان الإسلامية».

وعن مصر قال خامنئي إن الشعب «لا يريد مصر الخاضعة لأوامر أميركا والحليفة لإسرائيل»، بل «مصر الحرة العزيزة والإسلامية والمتطورة هي المطلبُ الأساس للشعب والشباب ولا يبغون اصطداماً»، وأضاف «جيشُ مصر مع الشعب، وهناك في داخل مصر وخارجها من يريد الوقيعةَ بين الجيش والشعب في المستقبل، على الجميع أن يكونوا على حذر شديد. الجيش المصري سوف لا يتحمّل نفوذ أميركا وحلفاء إسرائيل».

وقال المرشد الأعلى الايراني إن «نظام طواغيت مصر كان أول حكومة عربية خانت القضية الفلسطينية وفتحت الطريق أمام التراجع العربي، حتى أن الأنظمة العربية إلا واحداً هو سوريا باعوا فلسطين، واتجهوا إلى مصالحة الصهيونية». واعتبر أن «مصر اليوم يجب أن تستعيد دورها في الخط المتقدم للدفاع عن القضية الفلسطينية، وأن تسحق بأقدامها معاهدة كمب ديفيد الخيانية وتحرقها. مصر الثورة لم تعد تستطيع أن تغدق بالطاقة والغاز على الكيان الإسرائيلي المتدهور على حساب قوت الشعب المصري ومعاناته».

وعن «مخاطبنا الثالث» الذي هو «الاحزاب والنخب السياسية في مصر وسائر البلدان الناهضة»، قال خامنئي إن «المفكرين والمناضلين الإسلاميين في شمال أفريقيا من مصر وتونس وحتى الجزائر والمغرب، وخاصة مصر، كانوا يحتلون مكانة الأبوّة الفكرية للصحوة الإسلامية، ولدعاة وحدة الأمة وعزّتها، ثم لتحرير القدس. أنتم اليوم ترثون دماء آلاف الشهداء وعشرات الآلاف ممن عانوا زنزانات السجون والنفي والتعذيب، وما بذله المجاهدون والمناضلون ممن قدموا التضحيات خلال عقود متوالية في انتظار بزوغ فجر مثل هذه الأيام وهذه الانتصارات».

وتوجه إليهم بالقول أيضا إن «المطلب الأساس لشعوبكم العودة إلى الإسلام»، وإن مهماتهم ستكون «كيف تؤسسون الحرية والحقوق الاجتماعية بدون الليبرالية، والمساواة بدون الماركسية، والنظم والانضباط بدون الفاشية الغربية»، مضيفا «حافظوا على التزامكم بالشريعة الإسلامية التقدمية دون أن تقعوا في جمود وتحجّر، واعرفوا كيف تكونون مستقلين دون أن تنزووا، وكيف تتطورون دون أن تكونوا تابعين، وكيف تمارسون الإدارة العلمية دون أن تكونوا علمانيين ومحافظين».

وقال خامنئي إن «السلفية إذا كانت تعني العودة إلى أصول القرآن والسنة والتمسك بالقيم الأصيلة ومكافحة الخرافات والانحرافات وإحياء الشريعة ورفض التغرّب فلتكونوا جميعًا سلفيين، وإذا كانت بمعنى التعصّب والتحجّر والعنف في العلاقة بين الأديان أو المذاهب الإسلامية فإنها لا تنسجم مع روح التجديد والسماحة والعقلانية التي هي من أركان الفكر والحضارة الإسلامية، بل ستكون داعية لرواج العلمانية والتخلّي عن الدين». وشدد على القول «لا تثقوا بإسلام يتحمّل الكيان الصهيوني لكنه يواجه المذاهب الإسلامية الأخرى دونما رحمة، ويمدّ يد الصلح تجاه أميركا والناتو لكنه يعمد في الداخل إلى إشعال الحروب القبلية والمذهبية. وراء هذا الإسلام من هم أشداء على المؤمنين رحماء بالكافرين».

  • فريق ماسة
  • 2012-02-03
  • 13222
  • من الأرشيف

خامنئي يؤكّد أن طهران ستدعم «كل من يعارض» إسرائيل: لا تثقـوا بإسـلام يصالحها وأميركا ويشـعل حـروب المذاهـب

أكد المرشد الاعلى للثورة الإسلامية في ايران آية الله علي خامنئي أمس، ان بلاده لن ترضخ للضغوط الغربية وسترد التهديد بالتهديد، فيما توجّه في خطبة باللغة العربية إلى «أبناء الأمة الإسلامية»، خصّصها للتأكيد على ان الثورات العربية تحمل «مشروعا إسلاميا»، والتحذير من «ألاعيب» الغرب واسرائيل و«الدولارات النفطية»، مشددا على أن ايران ستدعم من الآن فصاعدا «أي بلد أو مجموعة تعارض الكيان الصهيوني». إلى ذلك، أطلقت ايران قمرا اصطناعيا اسمه «نويد» وتعني بالفارسية «وعد»، وهو الثالث والأكبر الذي تضعه ايران في المدار منذ العام 2009. وقال رئيس منظمة الفضاء الايرانية حميد فاضلي «تم إطلاق القمر الصناعي نويد بنجاح... وسيوضع في مدار على ارتفاع 250 الى 370 كلم». وأوضح ان «القمر الصناعي يزن 50 كلغ». وقال فاضلي ان القمر الصناعي «نويد» الذي تقضي مهمته بـ«التقاط صور للارض» بنته جامعة العلم والصناعة ومن المتوقع أن يعمل لمدة سنة ونصف السنة ويقوم بـ«دورة حول الارض كل تسعين دقيقة». من جهته، قال وزير الدفاع أحمد وحيدي ان الصور التي يلتـقطها القمر ستنقل الى «عدد من المحطات الارضية التي أقيمت في جميع أنحاء البلاد» لمتابعة القمر والتحكم به. إيران: الداخل والخارج وفي الشأن الايراني قال خامنئي في خطبة الجمعة في طهران لمناسبة ذكرى «عشرة الفجر» الذكرى الـ33 لانتصار الثورة الإسلامية في ايران، إن «ايران لن تتراجع عن مبادئها وأهدافها رغم كل المحاولات الغربية لفرض المزيد من الحظر عليها وتركيع الشعب الايراني». وأضاف «لا نكترث بالتهديدات النفطية ولنا تهديداتنا التي سنطرحها وننفذها في وقتها». وقال خامنئي إن «المسؤولين الأميركيين يرددون أن كل الخيارات على الطاولة. هذه الجملة تعني تهديدا بالحرب، لكن الجميع يعلم أن هذا التهديد سيؤذي أميركا، لأنها إذا دخلت في حرب فستتضرر 10 مرات أكثر». وعلى صعيد آخر دعا خامنئي إلى «المشاركة الشعبية والجماهيرية في الانتخابات المقبلة لمجلس الشورى الإسلامي» في آذار المقبل، مؤكدا أنها «تضمن مستقبل البلاد وتعزز قوتها». كما دعا إلى «منافسة سليمة في الانتخابات البرلمانية، وأخذ العبرة من الانتخابات الرئاسية السابقة في القضايا الامنية». «المشروع الإسلامي» وإسرائيل لكن الأبرز في إمامة خامنئي للمصلين في طهران امس، كان خطبته الثانية التي ألقاها باللغة العربية، وتوجه فيها إلى «أبناء أمتنا الإسلامية في كل مكان»، لمناسبة «الذكرى الاولى لربيع الصحوة الإسلامية، ونهضة إخوتنا العرب رجالا ونساء من مصر وتونس وليبيا حتى البحرين واليمن والأردن وبعض البقاع الإسلامية الأخرى». وأكد خامنئي أن «المزاعم بتدخل ايران في البحرين غير صحيحة. لو تدخلنا في البحرين لكانت الامور قد اختلفت»، وأضاف «نحن نعلن بوضوح عندما نتدخل كما حصل في انتصارات حربي الـ33 يوما والـ22 يوما في لبنان وغزة، نتيجة معارضتنا للورم السرطاني المتمثل بالكيان الصهيوني. ونعلن أننا سندعم من الآن فصاعدا أي بلد أو مجموعة يعارض الكيان الصهيوني. ولا خوف لدينا من إعلان ذلك». كما أكد أن «إسرائيل زائلة لا محالة ولا ينبغي أن تبقى وسوف لا تبقى بإذن الله تعالى»، معتبرا أن «بدء الانحراف في الثورات الراهنة هو الرضوخ لبقاء الكيان الصهيوني، ومواصلة محادثات الاستسلام التي وضعت أساسها الأنظمة الساقطة». وقال خامنئي إن «انتخابات تونس ومصر وشعارات وتوجّهات الشعوب في اليمن والبحرين وسائر البلدان العربية تدلّ بوضوح أنهم يريدون أن يكونوا مسلمين معاصرين دونما إفراط متعجرف أو تفريط متغرّب، وبشعار «الله أكبر» يريدون ضمن مشروع إسلامي وبالتأليف بين المعنوية والعدالة والتعقّل وبأسلوب السيادة الشعبية الدينية، أن يتحرّروا من قرن من التحقير والاستبداد والتخلّف والاستعمار والفساد والفقر والتمييز. وهذا هو الطريق الصحيح»، مضيفا أن «كل ادعاء آخر بشأن طبيعة هذه الثورات التي انطلقت بشعار «الله اكبر» إنما هو تجاهلٌ للواقع من أجل أهداف مبطَّنة وبالتالي لدفع هذه الثورات نحو الانحراف». وأضاف خامنئي أن «إيران لا تستهدف نشر التوجّه الإيراني أو الشيعي بين المسلمين. إيران تنهج طريق الدفاع عن القرآن والسنة وإحياء الأمة الإسلامية. الثورة الإسلامية تعتقد أن مساعدة المجاهدين من أهل السنّة في منظمات حماس والجهاد، والمجاهدين الشيعة في حزب الله وأمل واجب شرعي وتكليف إلهي دونما تمييز بين هذا وذاك»، وتابع قائلا «حكومة إيران تعلن بصوت مرتفع قاطع أنها تؤمن بنهضة الشعوب لا بالإرهاب، وبوحدة المسلمين لا بالغلبة والتناحر المذهبي، وبالأخوة الإسلامية لا بالتعالي القومي والعنصري، وبالجهاد الإسلامي لا بالعنف تجاه الآخر، وهي ملتزمة بذلك إن شاء الله». 3 أطراف في ساحة الثورات وقال خامنئي إن «الأطراف المختلفة الحاضرة في ساحة الثورات» ثلاثة، هي أولا «اميركا والناتو والنظام الصهيوني ومن لفه لفهم وانخرط معهم في بعض الأنظمة العربية»، وثانيا «الجماهير وعامة الشباب»، وثالثا «الأحزاب والناشطون الإسلاميون وغير الإسلاميين». واعتبر المرشد الاعلى الايراني أن «الفريق الاول هم الخاسرون الأصليون في مصر وتونس وفي سائر البلدان الناهضة». وأكد أن «الأنظمة التابعة والمحافظة العربية أيضاً تقف إلى جانب أميركا والناتو، ولو من أجل حفظ كراسيها، وتسعى بكل قواها لإيقاف عجلة الزمن ودفع ثورات المنطقة إلى الوراء أو سوقها نحو طريق مجهول، ورأسمالهم الوحيد في هذه المساعي دولارات النفط، وهدفهم الأساس هزيمة الشعوب في مصر وتونس واليمن والبحرين وحفظ ثبات الكيان الصهيوني وضمان بقائه وإنزال الضربة بجبهة المقاومة في المنطقة». وبخصوص «المجموعة الثانية والأصلية (التي) هي الشعوب»، أكد خامنئي أن «ميزان التوجه نحو المساجد والالتزام بالمظاهر الإسلامية ومنها الحجاب والزيّ الإسلامي للمرأة قد ازداد خلال السنوات الخمس من العام 2003 إلى العام 2008 بنسبة أربعين إلى خمسة وسبعين في المئة بين الشعوب من مصر والأردن حتى تركيا وماليزيا وغيرها من البلدان الإسلامية». وعن مصر قال خامنئي إن الشعب «لا يريد مصر الخاضعة لأوامر أميركا والحليفة لإسرائيل»، بل «مصر الحرة العزيزة والإسلامية والمتطورة هي المطلبُ الأساس للشعب والشباب ولا يبغون اصطداماً»، وأضاف «جيشُ مصر مع الشعب، وهناك في داخل مصر وخارجها من يريد الوقيعةَ بين الجيش والشعب في المستقبل، على الجميع أن يكونوا على حذر شديد. الجيش المصري سوف لا يتحمّل نفوذ أميركا وحلفاء إسرائيل». وقال المرشد الأعلى الايراني إن «نظام طواغيت مصر كان أول حكومة عربية خانت القضية الفلسطينية وفتحت الطريق أمام التراجع العربي، حتى أن الأنظمة العربية إلا واحداً هو سوريا باعوا فلسطين، واتجهوا إلى مصالحة الصهيونية». واعتبر أن «مصر اليوم يجب أن تستعيد دورها في الخط المتقدم للدفاع عن القضية الفلسطينية، وأن تسحق بأقدامها معاهدة كمب ديفيد الخيانية وتحرقها. مصر الثورة لم تعد تستطيع أن تغدق بالطاقة والغاز على الكيان الإسرائيلي المتدهور على حساب قوت الشعب المصري ومعاناته». وعن «مخاطبنا الثالث» الذي هو «الاحزاب والنخب السياسية في مصر وسائر البلدان الناهضة»، قال خامنئي إن «المفكرين والمناضلين الإسلاميين في شمال أفريقيا من مصر وتونس وحتى الجزائر والمغرب، وخاصة مصر، كانوا يحتلون مكانة الأبوّة الفكرية للصحوة الإسلامية، ولدعاة وحدة الأمة وعزّتها، ثم لتحرير القدس. أنتم اليوم ترثون دماء آلاف الشهداء وعشرات الآلاف ممن عانوا زنزانات السجون والنفي والتعذيب، وما بذله المجاهدون والمناضلون ممن قدموا التضحيات خلال عقود متوالية في انتظار بزوغ فجر مثل هذه الأيام وهذه الانتصارات». وتوجه إليهم بالقول أيضا إن «المطلب الأساس لشعوبكم العودة إلى الإسلام»، وإن مهماتهم ستكون «كيف تؤسسون الحرية والحقوق الاجتماعية بدون الليبرالية، والمساواة بدون الماركسية، والنظم والانضباط بدون الفاشية الغربية»، مضيفا «حافظوا على التزامكم بالشريعة الإسلامية التقدمية دون أن تقعوا في جمود وتحجّر، واعرفوا كيف تكونون مستقلين دون أن تنزووا، وكيف تتطورون دون أن تكونوا تابعين، وكيف تمارسون الإدارة العلمية دون أن تكونوا علمانيين ومحافظين». وقال خامنئي إن «السلفية إذا كانت تعني العودة إلى أصول القرآن والسنة والتمسك بالقيم الأصيلة ومكافحة الخرافات والانحرافات وإحياء الشريعة ورفض التغرّب فلتكونوا جميعًا سلفيين، وإذا كانت بمعنى التعصّب والتحجّر والعنف في العلاقة بين الأديان أو المذاهب الإسلامية فإنها لا تنسجم مع روح التجديد والسماحة والعقلانية التي هي من أركان الفكر والحضارة الإسلامية، بل ستكون داعية لرواج العلمانية والتخلّي عن الدين». وشدد على القول «لا تثقوا بإسلام يتحمّل الكيان الصهيوني لكنه يواجه المذاهب الإسلامية الأخرى دونما رحمة، ويمدّ يد الصلح تجاه أميركا والناتو لكنه يعمد في الداخل إلى إشعال الحروب القبلية والمذهبية. وراء هذا الإسلام من هم أشداء على المؤمنين رحماء بالكافرين».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة