دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
"وحدة أي جيش وانضباطيته وعقيدته هي التي تحدد مسار أي معركة سلباً او ايجاباً، وفي اي عملية تغيير او استهداف لبلد، تتوجه الأنظار الى الجيش باعتبار ان دوره طليعي وحاسم في الوصول الى النتائج المرجوّة"، فهل صحيح ما قاله مصدر غربي من ان "الحديث عن "انشقاقات" وعمليات"فرار" واسعة من الجيش السوري كذبة كبيرة؟"،
يجيب تقرير دبلوماسي ورد الى بيروت بأن "وحدة الجيش السوري وانضباطه وقوة العقيدة لديه اذهلت الاميركيين وأجبرتهم على تغيير الاستراتيجية المتبعة ازاء الوضع في سوريا".
واللافت للانتباه أن التقرير الذي ورد الى مراجع لبنانية قبل عشرة ايام من اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة، تضمن اشارات الى استياء غربي وعربي من مسار بعثة المراقبين العرب في سوريا، وتضمن أيضاً اشارة واضحة الى الخطة السياسية المتدحرجة التي قرر القطريون والسعوديون السير بها وتتضمن أفكاراً أقرها الاجتماع الوزاري العربي الأخير.
يضيف التقرير الذي نشرت صحيفة السفير الجزء الأول منه امس، وتضمن التحديات التي واجهها الرئيس بشار الأسد منذ العام ألفين حتى الآن، أنه "يمكن الاستدلال على هذه حقيقة تماسك المؤسسة العسكرية والأمنية، من خلال فشل التحالف الغربي ـ العربي بقيادة الولايات المتحدة في فرض حظر جوي في المجال السوري، أو إقامة منطقة عازلة داخل الاراضي السورية، لا بل على العكس، قابل هذا الفشل، سيطرة روسية على المنطقة البحرية، ما منع اي قوات اطلسية او غيرها من التفكير بإقامة رأس جسر بحري بري لإقامة منطقة عازلة او للإسناد اللوجستي والتسليحي".
وفي إجراء له دلالات كبيرة في ظل الاحتدام الذي تشهده الازمة السورية، عمدت روسيا ايضا الى تزويد سوريا بصواريخ ارض سطح لضرب اي محاولة انزال في البر السوري، وذلك في توقيت يحمل معاني كبيرة، وقابل ذلك، فشل اميركي ـ غربي في تأمين الغطاء القانوني لتوجيه ضربات جوية لبنك أهداف في سوريا من شأنه ان يزعزع استقرار النظام، وهذا الفشل سببه "الفيتو" الروسي والصيني في مجلس الأمن كما اصبح معروفاً".
في ظل هذا الواقع، يوضح التقرير "واستناداً الى تجارب سابقة في دول اخرى مثل ليبيا، تم التركيز على "شق" الجيش السوري، فكان الاصطدام بالحقيقة المرة من أن سوريا ليست ليبيا. أما حالة العقيد رياض الاسعد، قائد ما يطلق عليه قائد "الجيش السوري الحر" فإن تسمية جيشه تذكر بتجربة قادها ضابط لبناني (سعد حداد) حين انشق عن الجيش اللبناني في العام 1977 وشكل "جيش لبنان الحر" وكانت النهاية دراماتيكية يعرفها الجميع بالصوت والصورة يوم تخلى الاسرائيليون عن وريثه انطوان لحد، في العام ألفين. ويضيف التقرير "هذا العقيد المنشق ليس الا قائداً لجيش وهمي تماماً على طريقة جيوش الـ"بلاي ستايشن"، علماً ان التفجيرات الارهابية الدموية التي تستهدف العاصمة السورية دمشق ومرافق أخرى وضعته في موقف سيئ جداً امام الشعب السوري والرأي العام العربي والدولي سواء أكان مسؤولاً عنها أم لا".
ولعل الفشل في الرهان على انقسام الجيش السوري، يضيف التقرير "دفع الادارة الاميركية الى ادخال الجامعة العربية للمرة الأولى في تاريخها، في عملية شراء الوقت، لأن الادارة الاميركية وفي زحمة الاستحقاقات الخارجية والداخلية، اضحت في مرحلة ضياع وتشتت وارباك، ما يدفع الى الاستنتاج ان اي تطور نوعي على صعيد المنطقة لن يبصر النور قبل الانتخابات الاميركية المقبلة في تشرين الثاني 2012. وما يزيد في الإحراج الاميركي، تقارير لجنة المراقبين العرب المنصفة بحق السلطة السورية الأمر الذي دفع الأميركيين والفرنسيين، وقبل تقديم المراقبين تقريرهم الى الجامعة العربية، الى اتهام هؤلاء المراقبين بقلة الخبرة وبطرح مسألة تدريب المراقبين على يد خبراء أمميين مقدّمة للتأثير على مضامين التقارير المقبلة".
اي خيارات محتملة ستنتهجها الإدارة الاميركية بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية؟
يقول التقرير "إن واشنطن ستتجه الى لعب الورقة "الطائفية" لإرباك النظام السوري وزيادة منسوب تدفق السلاح الى المجموعات المسلحة عبر تركيا والعراق ولبنان والاردن". ويضيف "إن واشنطن ستلجأ الى هذا الخيار بعدما فشلت محاولات دفع الجيش السوري للقيام بدور على الطريقة الليبية، ولأن الاستطلاعات التي أجريت من قبل جهات غربية وظلت نتائج معظمها سرية اظهرت ان أغلبية كبيرة ووازنة من الشعب السوري تؤيد النظام في مساره الإصلاحي".
ويشير التقرير الى ان "هذه المعطيات دفعت الأميركي للانتقال الى دق الباب الايراني ولكن باليد العراقية، وما شجع واشنطن على سلوك هذا التوجه، ادراك الادارة الاميركية ان هالة النظام السوري وهيبته التي هي أهم عنصر جوهري للنظام قد تضررت وتعرّضت لضربة قاسية، الأمر الذي يتطلب استخدام عنصر الوقت من خلال خطوات ومبادرات تبادر اليها الجامعة العربية".
ويشير التقرير الى ان قوة العقيدة لدى الجيش السوري وتماسكه وانضباطه لعبت ايضاً دوراً كبيراً باستقبال نوري المالكي في البيت الابيض والقبول بتدخل عراقي في سوريا عبر ما سمي بالمبادرة العراقية. وفي موازاة ذلك استمر حلف الناتو بتقديم مساعدات ودعم لوجستي وتسليحي للجماعات المسلحة عبر عمليات سرية تنطلق من الاراضي التركية وهذا ما دفع وزير خارجية سوريا وليد المعلم الى توجيه الاتهام الى انقرة بأنها تلعب دوراً عدائياً ضد سوريا".
ولكن ماذا في الكواليس؟ يجيب التقرير "ان الأميركيين يسعون الى تسويق النموذج اليمني في سوريا اي صياغة مبادرة يتنازل فيها الاسد عن صلاحياته لنائبه فاروق الشرع، وهذا يعني بروز مخاوف من احتمال تعرض الرئيس الاسد لمحاولة "اغتيال"، لأن الفشل الاميركي سيعني ردود فعل جديدة من قبل الادارة الاميركية، ولكنها مؤجلة الى ما بعد الانتخابات الاميركية التي هي في صلب اهتمامات الرئيس باراك اوباما".
اذاً "قطب الرحى" حسب التقرير الدبلوماسي "هو الجيش السوري المبني على عقيدة وطنية وقومية كما على قناعة بأن الغرب لا يريد جيوشاً عربية قوية، وبالتالي لا ثقة له بالغرب. لذلك تتوضح صورة المعادلة القائمة راهناً، اذ ما بين شرعية النظام ومشروعية الحراك السلمي في مطالبه المحقة التي استغلها الخارج بتعميم نموذج المجموعات المسلحة، يبرز دور الجيش السوري بحماية الحراك السلمي وشرعية النظام بما يؤدي الى الإصلاح المنشود".
وفي حال قبول واشنطن بهذا الدور، يختم التقرير "يعني ذلك قبولها بالرئيس بشار الاسد رئيساً وبحكومة يقودها تنظيم "الأخوان"، في حين ان الرئيس الاسد لا يقبل الا بشخصية مستقلة وهذا يعيدنا الى ازمة الدور، وهنا تبرز حقيقة الدور الإيراني والصفقة التي قد تنضج بين واشنطن وطهران في عصر نوري المالكي".
السفير
المصدر :
داود رمال
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة