رغم الخلاف "الأرمني" الذي يطفو على سطح العلاقات التركية الفرنسية "الحميمة"، فالعرض الفرنسي، كما كشفت التسريبات، يذهب إلى حد ملامسة "طموح" حكومة أردوغان أوغلو بالانضمام أخيراً إلى "نادي أغنياء العالم" وفتح مكاتب تركية في بروكسل حتى لو كان هذا على حساب تفجير المنطقة إقليمياً من بوابة التدخل العسكري بسورية.

ولا تزال بعض الدول التي كانت منذ زمن قريب متحالفة ومتعاونة مع النظام السوري الحالي، تحاول جاهدة فكّ هذا الارتباط من رمّته من خلال وقوفها علناً ضدّه من زاوية تغيير سياستها، وتبديل تحالفاتها في المنطقة حماية لمصالحها السياسية والاستراتيجية وغيرهما.. ومَن لحظ التغيير الكبير في نبرة الخطاب التركي، الى جانب المواقف الفرنسية، منذ بداية التظاهرات الإحتجاجية في سورية على نظام الرئيس بشّار الأسد حتى زيارة وزير الخارجية التركي داود أوغلو الى لبنان، يتساءل عن هذا التحوّل من قبل تركيا التي كانت الشقيقة والحليفة لسورية، كما من فرنسا التي وقفت وحدها الى جانب هذا النظام، عندما بدأ المجتمع الدولي بفرض عزلة دولية عليه منذ اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، واتهام هذا النظام بجريمة الاغتيال وبعدم تعاون السلطات السورية مع محقّقي المحكمة الخاصة بلبنان. فما الذي حصل، وماذا وراء هذا التغيير الذي جاء دفعة واحدة من دولتين كانتا مقربتين من النظام؟!

«يحقّ لكلّ دولة في العالم أن تحمي مصالحها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وعادة ما تقوم سياستها على هذا الأساس دون سواه، بحسب رأي مصدر ديبلوماسي مطلع، ويمكن القول انّه في ظلّ النظام العالمي الجديد، تقوم كلّ دولة بإعادة حساباتها لضمان مستقبلها كدولة قوية وفاعلة في منطقتها. وانطلاقاً من رغبة تركيا بقوة بالانضمام الى الإتحاد الأوروبي، ومواجهة الرفض لطلبها في كلّ مرة بسبب ذريعة ما، نجد أنّ فرنسا دخلت منذ أكثر من سنة على خطّها نقطة الضعف التركية هذه، في محاولة منها لتطمينها بأنّها ستصبح عضواً في هذا الاتحاد، شرط أن تتعاون مع فرنسا، وتتقاسم معها الغنائم في سوريا والمنطقة».

وكشف المصدر أنّه من أجل إنشاء هذا التحالف الجديد وقّع كلّ من وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه، ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان اتفاقاً ثنائياً، عُقد في كلوني في 2-11-2010 وحمل اسم «اتفاق جوبيه- أردوغان»، تقرّر خلاله تسهيل فرنسا الخطوات الآيلة الى دخول تركيا الى الإتحاد الأوروبي، مقابل أن تقوم هذه الأخيرة بالضغط على نظام الأسد بهدف إسقاطه، الى جانب دعم المعارضة السورية واستضافتها في بلادها، وذلك بهدف تقاسمهما للمحافظات السورية بحيث تكون محافظتا إدلب وحلب من حصّة تركيا، على أن تسيطر كلّ من فرنسا وبريطانيا على بقية المحافظات السورية.

وينصّ هذا الاتفاق المترجم من اللغة الفرنسية التي وقّع فيها، والذي يجب قراءته حالياً بتمعّن، على ما شدّد عليه المصدر نفسه، من أجل فهم أوسع لكلّ من المواقف التركية والفرنسية التي اتخذت سابقاً، وتتخذ في الوقت الراهن: «إنّ فرنسا عبر وزير خارجيتها آلان جوبيه تنظر بالاهتمام لتركيا بخصوص طلبها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ونظراً للدور المهم لها في الشرق الأوسط فقد قرّرت فرنسا تقديم الدعم اللازم لدخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي بعد تعهّد تركيا بتنفيذ مضمون هذا الاتفاق والذي يعود بالفائدة على الاتحاد الأوروبي وتركيا وفرنسا:

1- تقدّم فرنسا الدعم اللازم لتركيا من أجل تسهيل دخولها إلى الاتحاد الأوروبي قبل نهاية عام 2012.

2- تقوم تركيا بتقديم الدعم اللازم لفرنسا بشأن مشروعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ولا سيما في لبنان وسورية وإسرائيل.

3- تسمح تركيا لإسرائيل بمتابعة نشاطاتها العسكرية في تركيا ودعم وحداتها العسكرية.

4- تقوم فرنسا في المقابل بتقديم الدعم اللازم لأردوغان في الانتخابات النيابية المقبلة من أجل تغيير الدستور التركي بما يخدم عملية دخوله في الاتحاد الأوروبي.

5- تُسهّل تركيا عمل المعارضة السورية من خلال استضافة اجتماعات المعارضة السورية في تركيا، وذلك تحت إشراف فرنسا الممثلة للإتحاد الأوروبي.

6- تقوم تركيا بفرض مجموعة من الضغوطات على النظام السوري من أجل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وإسقاط نظام الأسد الفاسد والرافض لعملية التغيير في الشرق الأوسط.

7- تُسهل تركيا عملية دخول المهجرين السوريين، وتسمح للإعلام الفرنسي أو أي إعلام متحالف بتقصّي الحقائق في منطقة لجوء السوريين المهجرين.

8- يسمح لتركيا بالسيطرة على محافظتي إدلب وحلب من الشمال السوري، مقابل السماح لفرنسا وبريطانيا بالسيطرة على باقي الأراضي السورية.

9- تلتزم تركيا بعدم ممانعة إقامة قاعدة عسكرية أميركية في منطقة دير الزور شرق سورية وتقديم الدعم اللازم لذلك.

10- تقوم فرنسا بالاستفادة من وضعها في الاتحاد الأوروبي باستصدار قرار أممي بشأن الأكراد في تركيا واقتراح حلول لهم بإنشاء دولة كردية في شمال العراق تحت إشراف مباشر من تركيا وفرنسا.

11- تلتزم فرنسا باستخدام حق النقض «الفيتو» بشأن حقوق تركيا برسم الحدود التي تراها مناسبة بينها وبين الدولة الكردية المزمع إنشاؤها في شمال العراق.

12- تسهيل العمليات التجارية عبر الأراضي التركية إلى سورية ولبنان، وعدم التدقيق بمحتويات الناقلات الفرنسية العابرة من تركيا إلى سورية ومنها إلى لبنان.

13- استمرار التزام تركيا بالاتفاقية الفرنسية- التركية بخصوص شؤون لبنان.

14- تُقدّم فرنسا الدعم اللازم لتركيا وغير المشروط بشأن القضايا العالقة بين تركيا وقبرص.

15- تمنح فرنسا لتركيا مبلغ 45 مليار يورو من حسابات الاتحاد الأوروبي لدعم عمليات التطوير في تركيا، بعد التزام تركيا ببنود هذا الاتفاق، ويتمّ صرف هذه المبالغ على دفعات بحسب التزامات تركيا ببنود هذا الاتفاق.

كلوني في 2-11-2010».

ولعلّ كلّ ما يجري حالياً في المحافظات السورية بأدقّ التفاصيل، يؤكّد أنّ تركيا ماضية في تنفيذ هذا الاتفاق كما وعدت، ولهذا وجدناها حاضرة في أحد اجتماعات مجلس الجامعة العربية، بحسب رأي المصدر، من أجل أن تستخدم الجامعة كغطاء لتحقيق بعض بنود هذا الاتفاق مثل السماح لدخول الإعلاميين الى المناطق السورية لتقصّي الحقائق، ومن بينهم الصحافيون الفرنسيون، غير أنّه مع الأسف لم يكن في حسبانها أنّ أحد الضحايا سيكون الصحافي الفرنسي جيل جاكيه، رغم وجود بعثة المراقبين العرب في سوريا.

وفيما يؤكّد هذا الاتفاق على أنّه يعود بالفائدة على الاتحاد الأوروبي وفرنسا وتركيا، نجده يخدم بالدرجة الأولى، على ما يُعقّب، مصالح الولايات المتحدة الأميركية والجانب الإسرائيلي من خلال البندين 9 و3. فموافقة تركيا على إقامة قاعدة أميركية في منطقة دير الزور ليست سوى دليل قاطع على التمهيد لأن تضع أميركا يدها العسكرية على المنطقة من البوّابة السورية من أجل أن يتمكّن الإسرائيليون من الهيمنة العسكرية عليها بشكل شامل.

أمّا تقاسم الأراضي السورية فيُظهر مبدأ «الإنتداب المتجدّد» للمنطقة، ويثير التساؤل حول إذا ما كانت هذه الأراضي سوف تصبح ملكاً لهذه الدول لكي تتقاسمها كما يحلو لها؟ والسؤال الأبرز: ماذا لو نفّذت تركيا كلّ ما تعهّدت به، ولم تفِ فرنسا بما وعدتها به، أو فشلت في تحقيقه، من إدخالها الى الاتحاد الأوروبي، ودفع مبلغ 45 مليار يورو بهدف دعم عمليات تطوير تركيا، وإنشاء الدولة الكردية، وحلّ مشاكلها مع قبرص، على ما حصل في عدم إيفائها بتعهّدها لأردوغان كي يفوز في الإنتخابات الأخيرة (أي في حزيران 2011 الماضي) بما يمكّنه من تعديل الدستور، لا سيما أنّ حزب العدالة والتنمية الذي يتزعّمه أردوغان بنفسه حصل على 326 مقعداً في حين يحتاج إلى 330 مقعداً لإجراء استفتاء لتعديل الدستور ما اضطره الى عقد اتفاقات مع أحزاب أخرى ليتمكّن من المضي قدماً في خططه لاستبدال الدستور الحالي.. وما الذي ستحويه في المقابل محتويات الناقلات الفرنسية العابرة من تركيا إلى سوريا ومنها إلى لبنان، ما دامت فرنسا طالبت بعدم التدقيق بها؟!

  • فريق ماسة
  • 2012-01-22
  • 14314
  • من الأرشيف

ادلب وحلب من حصة تركيا وباقي الأراضي السورية لفرنسا و بريطانية مع قاعدة أمريكية في دير الزور...تفاصيل الاتفاق التركي الفرنسي

رغم الخلاف "الأرمني" الذي يطفو على سطح العلاقات التركية الفرنسية "الحميمة"، فالعرض الفرنسي، كما كشفت التسريبات، يذهب إلى حد ملامسة "طموح" حكومة أردوغان أوغلو بالانضمام أخيراً إلى "نادي أغنياء العالم" وفتح مكاتب تركية في بروكسل حتى لو كان هذا على حساب تفجير المنطقة إقليمياً من بوابة التدخل العسكري بسورية. ولا تزال بعض الدول التي كانت منذ زمن قريب متحالفة ومتعاونة مع النظام السوري الحالي، تحاول جاهدة فكّ هذا الارتباط من رمّته من خلال وقوفها علناً ضدّه من زاوية تغيير سياستها، وتبديل تحالفاتها في المنطقة حماية لمصالحها السياسية والاستراتيجية وغيرهما.. ومَن لحظ التغيير الكبير في نبرة الخطاب التركي، الى جانب المواقف الفرنسية، منذ بداية التظاهرات الإحتجاجية في سورية على نظام الرئيس بشّار الأسد حتى زيارة وزير الخارجية التركي داود أوغلو الى لبنان، يتساءل عن هذا التحوّل من قبل تركيا التي كانت الشقيقة والحليفة لسورية، كما من فرنسا التي وقفت وحدها الى جانب هذا النظام، عندما بدأ المجتمع الدولي بفرض عزلة دولية عليه منذ اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في العام 2005، واتهام هذا النظام بجريمة الاغتيال وبعدم تعاون السلطات السورية مع محقّقي المحكمة الخاصة بلبنان. فما الذي حصل، وماذا وراء هذا التغيير الذي جاء دفعة واحدة من دولتين كانتا مقربتين من النظام؟! «يحقّ لكلّ دولة في العالم أن تحمي مصالحها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، وعادة ما تقوم سياستها على هذا الأساس دون سواه، بحسب رأي مصدر ديبلوماسي مطلع، ويمكن القول انّه في ظلّ النظام العالمي الجديد، تقوم كلّ دولة بإعادة حساباتها لضمان مستقبلها كدولة قوية وفاعلة في منطقتها. وانطلاقاً من رغبة تركيا بقوة بالانضمام الى الإتحاد الأوروبي، ومواجهة الرفض لطلبها في كلّ مرة بسبب ذريعة ما، نجد أنّ فرنسا دخلت منذ أكثر من سنة على خطّها نقطة الضعف التركية هذه، في محاولة منها لتطمينها بأنّها ستصبح عضواً في هذا الاتحاد، شرط أن تتعاون مع فرنسا، وتتقاسم معها الغنائم في سوريا والمنطقة». وكشف المصدر أنّه من أجل إنشاء هذا التحالف الجديد وقّع كلّ من وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه، ورئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان اتفاقاً ثنائياً، عُقد في كلوني في 2-11-2010 وحمل اسم «اتفاق جوبيه- أردوغان»، تقرّر خلاله تسهيل فرنسا الخطوات الآيلة الى دخول تركيا الى الإتحاد الأوروبي، مقابل أن تقوم هذه الأخيرة بالضغط على نظام الأسد بهدف إسقاطه، الى جانب دعم المعارضة السورية واستضافتها في بلادها، وذلك بهدف تقاسمهما للمحافظات السورية بحيث تكون محافظتا إدلب وحلب من حصّة تركيا، على أن تسيطر كلّ من فرنسا وبريطانيا على بقية المحافظات السورية. وينصّ هذا الاتفاق المترجم من اللغة الفرنسية التي وقّع فيها، والذي يجب قراءته حالياً بتمعّن، على ما شدّد عليه المصدر نفسه، من أجل فهم أوسع لكلّ من المواقف التركية والفرنسية التي اتخذت سابقاً، وتتخذ في الوقت الراهن: «إنّ فرنسا عبر وزير خارجيتها آلان جوبيه تنظر بالاهتمام لتركيا بخصوص طلبها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ونظراً للدور المهم لها في الشرق الأوسط فقد قرّرت فرنسا تقديم الدعم اللازم لدخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي بعد تعهّد تركيا بتنفيذ مضمون هذا الاتفاق والذي يعود بالفائدة على الاتحاد الأوروبي وتركيا وفرنسا: 1- تقدّم فرنسا الدعم اللازم لتركيا من أجل تسهيل دخولها إلى الاتحاد الأوروبي قبل نهاية عام 2012. 2- تقوم تركيا بتقديم الدعم اللازم لفرنسا بشأن مشروعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ولا سيما في لبنان وسورية وإسرائيل. 3- تسمح تركيا لإسرائيل بمتابعة نشاطاتها العسكرية في تركيا ودعم وحداتها العسكرية. 4- تقوم فرنسا في المقابل بتقديم الدعم اللازم لأردوغان في الانتخابات النيابية المقبلة من أجل تغيير الدستور التركي بما يخدم عملية دخوله في الاتحاد الأوروبي. 5- تُسهّل تركيا عمل المعارضة السورية من خلال استضافة اجتماعات المعارضة السورية في تركيا، وذلك تحت إشراف فرنسا الممثلة للإتحاد الأوروبي. 6- تقوم تركيا بفرض مجموعة من الضغوطات على النظام السوري من أجل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، وإسقاط نظام الأسد الفاسد والرافض لعملية التغيير في الشرق الأوسط. 7- تُسهل تركيا عملية دخول المهجرين السوريين، وتسمح للإعلام الفرنسي أو أي إعلام متحالف بتقصّي الحقائق في منطقة لجوء السوريين المهجرين. 8- يسمح لتركيا بالسيطرة على محافظتي إدلب وحلب من الشمال السوري، مقابل السماح لفرنسا وبريطانيا بالسيطرة على باقي الأراضي السورية. 9- تلتزم تركيا بعدم ممانعة إقامة قاعدة عسكرية أميركية في منطقة دير الزور شرق سورية وتقديم الدعم اللازم لذلك. 10- تقوم فرنسا بالاستفادة من وضعها في الاتحاد الأوروبي باستصدار قرار أممي بشأن الأكراد في تركيا واقتراح حلول لهم بإنشاء دولة كردية في شمال العراق تحت إشراف مباشر من تركيا وفرنسا. 11- تلتزم فرنسا باستخدام حق النقض «الفيتو» بشأن حقوق تركيا برسم الحدود التي تراها مناسبة بينها وبين الدولة الكردية المزمع إنشاؤها في شمال العراق. 12- تسهيل العمليات التجارية عبر الأراضي التركية إلى سورية ولبنان، وعدم التدقيق بمحتويات الناقلات الفرنسية العابرة من تركيا إلى سورية ومنها إلى لبنان. 13- استمرار التزام تركيا بالاتفاقية الفرنسية- التركية بخصوص شؤون لبنان. 14- تُقدّم فرنسا الدعم اللازم لتركيا وغير المشروط بشأن القضايا العالقة بين تركيا وقبرص. 15- تمنح فرنسا لتركيا مبلغ 45 مليار يورو من حسابات الاتحاد الأوروبي لدعم عمليات التطوير في تركيا، بعد التزام تركيا ببنود هذا الاتفاق، ويتمّ صرف هذه المبالغ على دفعات بحسب التزامات تركيا ببنود هذا الاتفاق. كلوني في 2-11-2010». ولعلّ كلّ ما يجري حالياً في المحافظات السورية بأدقّ التفاصيل، يؤكّد أنّ تركيا ماضية في تنفيذ هذا الاتفاق كما وعدت، ولهذا وجدناها حاضرة في أحد اجتماعات مجلس الجامعة العربية، بحسب رأي المصدر، من أجل أن تستخدم الجامعة كغطاء لتحقيق بعض بنود هذا الاتفاق مثل السماح لدخول الإعلاميين الى المناطق السورية لتقصّي الحقائق، ومن بينهم الصحافيون الفرنسيون، غير أنّه مع الأسف لم يكن في حسبانها أنّ أحد الضحايا سيكون الصحافي الفرنسي جيل جاكيه، رغم وجود بعثة المراقبين العرب في سوريا. وفيما يؤكّد هذا الاتفاق على أنّه يعود بالفائدة على الاتحاد الأوروبي وفرنسا وتركيا، نجده يخدم بالدرجة الأولى، على ما يُعقّب، مصالح الولايات المتحدة الأميركية والجانب الإسرائيلي من خلال البندين 9 و3. فموافقة تركيا على إقامة قاعدة أميركية في منطقة دير الزور ليست سوى دليل قاطع على التمهيد لأن تضع أميركا يدها العسكرية على المنطقة من البوّابة السورية من أجل أن يتمكّن الإسرائيليون من الهيمنة العسكرية عليها بشكل شامل. أمّا تقاسم الأراضي السورية فيُظهر مبدأ «الإنتداب المتجدّد» للمنطقة، ويثير التساؤل حول إذا ما كانت هذه الأراضي سوف تصبح ملكاً لهذه الدول لكي تتقاسمها كما يحلو لها؟ والسؤال الأبرز: ماذا لو نفّذت تركيا كلّ ما تعهّدت به، ولم تفِ فرنسا بما وعدتها به، أو فشلت في تحقيقه، من إدخالها الى الاتحاد الأوروبي، ودفع مبلغ 45 مليار يورو بهدف دعم عمليات تطوير تركيا، وإنشاء الدولة الكردية، وحلّ مشاكلها مع قبرص، على ما حصل في عدم إيفائها بتعهّدها لأردوغان كي يفوز في الإنتخابات الأخيرة (أي في حزيران 2011 الماضي) بما يمكّنه من تعديل الدستور، لا سيما أنّ حزب العدالة والتنمية الذي يتزعّمه أردوغان بنفسه حصل على 326 مقعداً في حين يحتاج إلى 330 مقعداً لإجراء استفتاء لتعديل الدستور ما اضطره الى عقد اتفاقات مع أحزاب أخرى ليتمكّن من المضي قدماً في خططه لاستبدال الدستور الحالي.. وما الذي ستحويه في المقابل محتويات الناقلات الفرنسية العابرة من تركيا إلى سوريا ومنها إلى لبنان، ما دامت فرنسا طالبت بعدم التدقيق بها؟!

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة